الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-لا صوت يعلو فوق صوت البندقية-

محمد حسين الأطرش

2011 / 2 / 13
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


"لا صوت يعلو فوق صوت البندقية"
ردا على مقالتي السابقة بعنوان " متى يستآصل الأسد وأمثاله" وردت إلى بريدي الإلكتروني رسالة من صديق يعلق فيها على ما كتبت. ومما جاء فيها:
"لو كنت في مكانك يا أستاذ محمد، لوجهت كل طاقاتي الثورية للإطاحة بطغمة الفساد والإفساد والسمسرة والمقامرة بكل شيء ...التي اختطفت بلدك الذي نحب لبنان قبل ست سنوات، وجعلته رهينة بائسة في لعبة الأمم و"الفوضى الخلاقة" ودهاليز "العدالة الدولية"...
وعناوين تلك الطغمة معروفة .. في وادي أبوجميل و"الوسخ التجاري"، ومعراب و"الصيفي" وقرنة شهوان ودار الفسوى وفرع المعلومات .. وغيرها من أوكار الجاسوسية واللصوصية والدعارة السياسية. هذه الطغمة التي تريد تحويل لبنان إلى صاعق لتفجير المنطقة كلها طائفياً بما يقطع الطريق على الثورات الديمقراطية الوطنية التي تهلل لها في مقالك، ويريح إسرائيل من كوابيس حزب الله والنووي الإيراني والعثمانية الجديدة .. والتي تتقاطع جميعاً، وليس مصادفة، في ساحة الأمويين.
نعم، السوريون يعانون كغيرهم من أشقائهم من الفساد والإفقار وغياب الديمقراطية، ولكن غالبيتهم الساحقة تدعم الخيارات الوطنية والإقليمية للنظام، وهي خيارات يدعمها أيضاً ثوار ميدان التحرير وتونس وغيرها من الساحات...
أتمنى أن يلقى جميع الحكام العرب مصير مبارك وبن علي، وأن يستوعب حكام سوريا الدروس فيبادرون إلى الاصلاح قبل فوات الآوان، لأن اهتزاز سوريا لن يكون خبراً طيباً لأي وطني غيور ملم بالخارطة السياسية لهذا البلد والبدائل المطروحة أمامه في الوقت الحاضر."
وددت مشاركتكم في ما كتبت إليه على اعتبار أن وجهة نظره تستحق الإهتمام:
عزيزي علي،
تحية طيبة وبعد،
قبل أن أجيبك تفصيلا عن رأيك في ما كتبت إسمح لي أن أستبعد مباشرة بعض النقاط قبل الخوض في لب الموضوع مباشرة.
أولا: في ما يتعلق بدرجة الأستاذية التي منحتني إياها هذه المرة دون غيرها من المرات والتي من المفترض إذا أن تدل على السخرية يهمني أن تعرف أن هذا الشرف لم أدعيه يوما بل كنت كثيرا من الأحيان سعيدا بأميتي أمام مواقف الكثير من الأساتذة والمثقفين العرب.
الثاني: إستعمالك لعبارة "دار الفسوى" بقصد الرد على مواقف مؤسسة دينية لم ترق لك مواقفها لا يستفزني شخصيا لأنني مقتنع، ويعرف الجميع رأيي، بأن المؤسسة الدينية في الدول العربية كانت دوما دكان فرمانات السلطان لكن ذلك لا يمنع مطلقا أن نسمح لأنفسنا بإطلاق العبارات البذيئة. ألا ترى أن مثل هذه العبارات تسيء لمطلقها وتشبه شتائم الأطفال الصغار في أزقة بعض المدن العربية.
ثالثا: فيما يتعلق بطاقاتي الثورية، لم أشعر يوما بوجودها خصوصا وأنك تعلم بأن من يهجر وطنه لا يكون عنده القدر الكافي من الطاقة الثورية فيرحل مستسهلا الحياة. ألست مثلي تركت الوطن والعائلة وموارد الرزق وارتحلت إلى المنافي الباردة بحثا عن مكان للبشر فيه حقوق افتقدتها حيث كنت.
رابعا: لا أدري إذا ما كانت مقدمة رأيك تشي بأنه لا يحق لي الكتابة إلا عن شبه الوطن الذي أنتمي إليه دون أن يكون لي الحق بالكتابة عن وضع أي بلد عربي آخر. بالمناسبة، وأشعر أنك تشاطرني الرأي، أنا ما زلت أنتمي للوطن العربي الكبير. الآن يمكن الذهاب في تحليل ردك.
عزيزي علي،
إنطلاقا من موقفك الموضح في الرسالة يمكن القول أنك من المثقفين الذين أحسن النظام تربيتهم وباتوا مقتنعين بالفعل بمقولة "لا صوت يعلو فوق صوت البندقية ". لا بد أنك تذكر جيدا هذه العبارة التي طحنت شعوبنا لأكثر من أربعة عقود وسمحت للنظام بالعمل تحتها على إستئصال كل من تسول له نفسه انتقاد الأوضاع الداخلية في بلده. تحت هذه العبارة، يا صديقي، سُجن الآلاف وعذبوا وأحيانا كثيرة مثلوا أمام القاضي بتهمة تهديد الأمن القومي. تحت هذه العبارة مشت أجهزة المخابرات تعيث فسادا في كل شيء، البشر والحجر. عبارة أدخلت الرعب إلى قلوب الجميع، صنفت الناس خونة متمردين وأنعام مطيعين. "لا صوت يعلو فوق صوت البندقية". لم يعد هنالك أصوات، صمتت الحناجر. لم يعد أمامك سوى خيارين: خائن تطالب بالتغيير أو معدم تقبل التأجيل. الزمن زمن البندقية لا زمن الحقوق والآدمية.
في ردك على رسالتي تثبت يقينا بأنك تتحدث كما النظام فأنت مع إعلانك بأن " السوريون يعانون كغيرهم من أشقائهم من الفساد والإفقار وغياب الديمقراطية" إلا أنك تعتبر من المعيب المطالبة بتغيير النظام إستنادا إلى مواقفه من الخيارات الوطنية والإقليمية. فما زلت ترى بأنه لا تجوز الثورة في وجه الحاكم الظالم لمواطني دولته ما دامت البندقية في كتفه ويتأهب لساحات القتال. بالمناسبة، ألا يذكرك ذلك بفتاوي أئمة السنة عندما حرموا الثورة على الحاكم الظالم. إزدواجية غريبة استعملتها الآنظمة الدكتاتورية لقهر شعوبها رغم المفارقة بأن بنادق تلك الآنظمة قد علاها الصدأ منذ عقود.
إزدواجية غريبة لم تفلح أنت أيضا في الخروج منها فتمنيت " أن يلقى جميع الحكام العرب مصير مبارك وبن علي" لتستثني مباشرة حكام سوريا داعيا لهم كما خطباء الجمعة على المنابر"أن يستوعب حكام سوريا الدروس فيبادرون إلى الاصلاح قبل فوات الآوان". لتذهب الثورات بكل الآنظمة الآخرى إلا النظام السوري ليس مطلوب منه سوى الإصلاح. هل ينبع موقفك هذا من عدم ثقة بالمواطنين السوريين الذين لن يستطيعوا في حال سقوط النظام الإتيان بنظام ديمقراطي يحترم خياراتهم الوطنية والإقليمية. في هذه الحال لا أشاطرك الرآي مطلقا لآني ما زلت أؤمن باستثنائية المواطن السوري.
بالعودة إلى لبنان وما طلبت مني الإهتمام به وهو تذكير أشكرك عليه جدا. أود فقط لفت نظرك إلى آمر متعارف عليه بأن لبنان هو مرآة الوطن العربي وأحواله وأن الإنظمة كافة إنما تخوض حروبها ونزاعاتها فيه وآن ما آل إليه هو صورة لما هم عليه. بالتالي فإن عودة الآنظمة الديمقراطية إلى أشقائه العرب تنعكس عليه مباشرة. إذا أمر تفكيك الصاعق أو تفجيره لا يأتي من لبنان بل من أماكن آخرى.
الديمقراطية تستطيع أن تعيد لكافة الدول العربية توازنها الداخلي والخارجي لأنها الوضع الآمثل لتطلعات الشعوب العربية.
لتبقى البندقية وصوتها لكن شرط أن لا تطغى على أصواتنا ولا يوجهها النظام إلى صدورنا لتبقى لأصواتنا القدرة على التغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: فوز رئيس المجلس العسكري محمد ديبي إتنو بالانتخابات الر


.. قطاع غزة: محادثات الهدنة تنتهي دون اتفاق بين إسرائيل وحركة




.. مظاهرة في سوريا تساند الشعب الفلسطيني في مقاومته ضد إسرائيل


.. أم فلسطينية تودع بمرارة ابنها الذي استشهد جراء قصف إسرائيلي




.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع الإسرائيلية بتل أبيب للمطالبة بصفقة