الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شالوم (12) שלום

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2011 / 2 / 13
الادب والفن


( البستان )
تجلس هدى تحت شجرة زيتون سامقة ، تتفيأ ظلالها الوارفة، تقلب بهدوء صفحات كتاب تحمله بين راحتيها، صمت عميق يخيم على المكان، تقطعه خطوات أقدام بعيدة، يدخل شالوم بثياب مدنية، يتسمر في منتصف الطريق، يختلس النظر صوب هدى، ومن ثم يتقدم نحوها بخطى واثقة وهادئة
شالوم ( باستحياء شديد ) : السلام عليك .
هدى ( ترمقه على استحياء وكأنها لا تعرفه )
شالوم ( مطرقاً برأسه ) : يسرني التعرف إليك ( يقدم نفسه ) شالوم بن عزرا .
هدى ( تضع الكتاب جانباً ) : أنت ...
شالوم ( مقاطعاً ) : أجل أنا إنسان .
هدى ( تقف ) : ظنتك من سكان المجدل .
شالوم : ليتني من سكانه ( صمت قصير) من الآن فصاعداً سأكون أحد أبناءه .
هدى : هذا يعني أنك هنا ...
شالوم ( مقاطعاً ) : أنا هنا بفعل القدر ، ولقاءنا هذا ، أيضاً هو بفعل القدر .
هدى ( ممتعضة ) : سيد شالوم، لماذا تقاطعني ولا تدعني أكمل ما أود قوله ؟.
شالوم ( مرتبكاً ) : أنا .. لا لا أبداً ، تفضلي .
هدى : حسناً ، أتسمح لي بالسؤال ؟.
شالوم ( مستغرباً ) : أي سؤالٍ ( مبتسماً ) آه ، بكل سرور .
هدى : من أي بلد منشأك ؟.
شالوم : مَن هنا ( مرتبكاً) لِمَ هذا السؤال ؟.
هدى : مجرد فضول شخصي ، أيعقل أن تكون من سكان الجولان كما تدعي ، وقبل قليل تمنيت لو أنك كنت من سكانه ؟.
شالوم : المكان بالنسبة لي واحد ، سواء كنت هنا ( يشير بيده ) أو هناك ، والاختلاف عندي في الزمان فقط .
هدى : على كل حال، تشرفت بمعرفتك ( تهم بالمغادرة ) والآن ...
شالوم ( مقاطعاً ) : أرجوك .
هدى ( متعجبة ) : شالوم ! .
شالوم : هلا أصغيت إلي ؟.
هدى ( تطبق أجفانها ): حسناً، كلي آذان صاغية .. تفضل .
شالوم : هدى ...
هدى ( مستغربة ): أتعلم اسمي أيضاً ؟.
شالوم ( يومئ برأسه ) : أجل ، أعرفك جيداً ، وأنت لا تعرفني ، لكنك عرفتني الآن ( صمت قصير ) عزيزتي هدى ، صحيح أنني عسكري في جيش الدفاع ...
هدى ( مقاطعة ) : أعرف هذا جيداً .
شالوم ( تنبسط أساريره ) : إذن تعرفينني ، كما أعرفك .
هدى ( باستحياء ) : أجل ولكن ليس كثيراً .
شالوم ( مخاطباً نفسه ) : صدقت ظنوني ، ولم تخب .
هدى : ماذا تقول ؟.
شالوم ( مبتسماً ) : قلت إن ذاكرتك قوية بما يكفي لتذكر ما تراه عيناك .
هدى : الحمد لله .
شالوم : ما كنت أود قوله ، إن حياتي العسكرية ، لم تكن من اختياري الشخصي .
هدى : لا دخل لي في حياتك الخاصة ، ثم ما علاقتي بالأمر .
شالوم ( مرتبكاً ) : حقاً .. حقاً ( مستعيداً توازنه ) حقاً إنها حياتي الخاصة .
هدى : أشكرك على صراحتك ، وأتشرف بمعرفتك .
( يدخل شاؤول فجأة ، من دون أن يراه شالوم ، يختبئ خلف شجرة زيتون مقابلة )
شالوم : هدى .. ( يصمت برهة ) .
هدى : ما الأمر ؟.
شالوم : أتحبين الصراحة ؟.
هدى ( مستغربة ) : آه .. ومَن لا يحبها في زمننا هذا الذي انعدمت فيه الصراحة .
شالوم : لأكن صريحاً وأقول، إن لقائي بك تحت ظل هذه الشجرة ، لم يكن عابراً ، ولا بفعل الأقدار، رغم الأخطار الجسيمة التي قد تحدق بي من قيادتي العسكرية ، إذا ما علمت بخبر هذا اللقاء .
( يستمر شاؤول باختلاس النظر )
هدى : بفعل ماذا كان إذن ؟.
شالوم ( يتلعثم ) : بببفعل ( يصمت ).
هدى ( تحدق بشالوم ) .
شالوم ( يحدق بهدى ) : بفعل إعجابي الكبير .. ( يصمت برهة ) و.. و.. و.. حـ ...
هدى ( مقاطعة ) : شالوم ، أنسيت أنك ...
شالوم ( مقاطعاً ) : كلا لم أنسَ أنني إنسان ، انتمي لهذا العالم .
هدى : ليتنا نعيش على وقع إنسانيتنا ، لكننا وللأسف الشديد ، نعيش بدلاً من ذلك على إيقاع صراعاتنا العقيمة .
شالوم : لن نعيش إنسانيتنا على هذه الأرض الثكلى إلا بالحب والسلام .
هدى : ما تقوله يبرق ذهباً ، لكن أين الحب ، كي يبزغ السلام ؟.
شالوم ( يشير إلى قلبه ) : إنه هنا .. هنا ينبض الحب ، وهنا ينبض السلام .
هدى ( تضع يدها على قلبها ) : حقاً إنه ينبض ، لكن لا أدري بماذا ينبض ؟.
شالوم ( بفرح غامر ) : دعيه ينبض .. دعيه .
هدى ( مضطربة ) : يا إلهي إنه قادم ...
شالوم ( يلتفت حوله ) : مَن القادم ؟.
هدى : إنه أخي سمير .. ( تجلس تحت الشجرة ) أرجو أن تغادر على عجل قبل أن يدركك .
شالوم : حسناً ، سنلتقي لاحقاً عند هذه الشجرة ( يخرج شالوم .. يعقبه شاؤول ) .
( يدخل سمير )
سمير : هدى .
هدى ( مضطربة ) : هذا أنت ، أهلاً سمير .
سمير ( متجهماً ) : مع مَن كنت تتحدثين قبل قليل ؟.
هدى ( مرتبكة ) : إنه .. إنه أحد الجنود الإسرائيليين .
سمير : وماذا كان يريد ؟.
هدى : لا شيء .. كان يقوم بجولة استطلاع، سألني عن سبب وجودي هنا، فأجبته بأنني أهوى مطالعة الكتب في البستان .
سمير : وهل عرفت اسمه ؟.
هدى : كلا .. لم يقل اسمه ، ماذا يعنينا اسمه ؟.
سمير ( يهز برأسه ) : يعنينا الكثير .. أمي تنتظرك في البيت ( يخرج ).
هدى : حسناً ( تقف حاملة كتابها .. تخرج ) .
* * *
إظلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي