الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريوهات صورية 10 .......... صعوبة التهجي وكتابة الألم

صلاح القصب

2011 / 2 / 14
الادب والفن


المشهد الأول
(فجيعة الذاكرة)
جسد زجاجي خاوي ممتد وسط رمال صحراوية, تحيطه النيران المتأججة من كل جانب, صهيل حصن هائجة كسرت معالفها وانطلقت تقارع الطاعة, كأنها تريد ابتلاع ظلام الليل قاهراً, الأرض حمت وزلزلت أطياف تخيط كفنها لرحلة غامضة.
الموسيقيون يحتفلون بملابس كريستالية يحملون آلاتهم الموسيقية الهرمة التي أصابها الضجر والشلل, يعزفون في مصطلحات الذاكرة, مجهدون مغبرة ملابسهم بغبار القرون الغابرة, بهدوء عجيب يتركوننا في النهاية مع فجيعة الذاكرة التي لا تعرفهم.

المشهد الثاني
(هاوية اليم)
في هزيع الليل, أطياف تخترق أعماق الأرض وهاويات اليم بأثداء كالقرب, ينزف منها, قار ملتهب, مخطوفة اللون, شاحبة تملأها القسوة, ومن قطبي الجمجمة وأخمص القدم, ينساب الدم العاصف كما البحر, متسربلة باحلك ما في جهنم من دخان, مصابة بالضمور والنحول والهزال, المغني فزع يهرب داخل ذلك الجسد الزجاجي الخاوي, تمتطيه زوبعة الخوف, تحاصره صورته من كل جانب, يا للهول, انه الخوف الذي يأكله بسرعة مرعبة, كل جزء منه ينشل ويتوقف, تتقدم نحوه وتلقي كفنها على جسده المسجى, الجسد الخاوي هو هاوية التي لا قرار له.

المشهد الثالث
(الطقوس الحالكة)
السحرة يختلفون بطقوس كالحة, تنطفئ الآجام وطيور البوم كالشموع السحرة, ينزلون إلى القبر ويعانقون وجود الموتى السري الغريب الأطياف, عراة موحدون تغرقهم عظامهم في اليم, مجموعة من العجائز ذوات شعر أحمر يتطلعن في ناظور الزهور إلى السماء, أشكال آتية من أزمنة لم تأت بعد, يغتسلون بماء ملون أجسادهم الهندسية الملتوية الأضلاع.

المشهد الرابع
(مصحات الذاكرة)
تمتمة استيقاظ الأطياف, يستيقظون من أوكار المصحات مجهدين, يدونون مذاكراتهم لتلك الرحلة التي فقدوا فيها ذاكرتهم, أنهم يتذكرون بصعوبة يهمهمون, يتعذبون, يتعلمون كتابة التهجي بصعوبة, يا للألم, رياح عاتية غاضبة تعصف بأرديتهم الوردية المطرزة, أرواح هائمة ملونة, يتثاءبون بكسل وضجر, ينتحبون, يتنادون واحداً لواحد عبر الليل الطويل, ليروا ما يتذكرونه وما يستشعرونه في التيه المضمور, والقليل الظاهر من الذهن, وما يحسون ارتعاشه في أعصاب كل عصب وما يعرفونه عن تلك الرحلة التي لا يتذكرونها بصعوبة وألم, الأرواح الملونة تسير بجهد, وهدوء, تدخل مصحات الذاكرة المعطوبة.

المشهد الخامس
(الساعات الحجرية)
تنفجر من عمق الأرض ساعات حجرية وأطياف شاهقة, تملأ كل مساحة الفضاء المغني متأملة ساعة, تبدو الطبيعة في نصف العالم ميتة الأطياف, تستيقظ ثانية بكسل من اللغز, لقد نسوا كل شيء, كل ما يتذكرونه هو غوصهم في يم الظلام ورحلة صمت لا تتعبهم يهمهمون بألم يحدث في العالم جرحاً نفسياً ويسبب للشعراء أنفسهم إغراقا مخيفاً إنها احتفالية مريضة تماماً.

المشهد السادس
(التوابيت الماسية)
توابيت ماسية تبدو كغابة ثلجية تنتظر أشارة كي ترحل داخل زمن الخطيئة الوحشي, أطياف يحيطون بالجسد الزجاجي في فلاة ممطرة بالصواعق, أشكال غريبة آتية من أكوان لا نعرف عنها شيئاً, كأنهم آتون من هاويات اليم, يخترقون أعماق الأرض, حمم وبراكين يكسرون ملابسهم البلورية, أنهم مصابون بلوثة العذاب الجسدي وجوههم متجذرة ذاوية متشظية, الجنون قد عفنها وفجرها, تلاشوا جميعاً معاً, تحت كتل التوابيت الماسية, يتكهنون مع أنفسهم في الظلمة المالحة كالدموع, أي كوكب, أي دور من دورهم السابحة حتى تلك الساحة من الفضاء قد انقضى إلى الأبد؟ الثلج لا يكف عن التلويح بالمهابة القدسية.

المشهد السابع
(الحزن ينسحب إلى أسفل الحافات)
زئير الليل الطويل والحزن ينسحب إلى أنفاس أسفل الحافات الواسعة الكئيبة وسقوف العالم العارية, أبراج نحاسية تحيط الأطياف الحزينة, أنها ليلة من العتمة والأمواج, والسماء تلقي أطناناً من الخطايا, مجموعة من القطط متوحدة مع ذلك الاستيقاظ الحزين لتلك الأطياف المرتعشة, تنظر إلى تلك الليلة مرتعدة من ذلك الليل المتوحش.

المشهد الثامن
(شبق النواح)
عربات حديدية تحمل أطياف ملونة, تطوق طرقات الجسد الوعرة, تقودها جياد ذات عيون متورقة, أبخرة نارية تخرج من مناخيرها, تلبد السماء في ليلة تلتقي الريح أرواحاً شاخت وهرمت.
فزع وحشي يصيب نزلاء أوكار المصحات العقلية المزروعة داخل ذلك الجسد المسجى, العجوز الملتحية يلفها شبق النواح, تنظر ذات اليمين وذات الشمال لزمن الخطيئة الوحشي وهي ترضع هرتها النارية.

المشهد التاسع
(حشد في جنون الحزن)
حشد في جنون الحزن, يرتدي ملابس الوقاية النووية, أطباء..ممرضات, موسيقيون, مهرجون, أطياف نزلاء. أوكار المصحات العقلية, كلهم هرعون مرتعدون كحشد من الجياد المجنونة, مجهدون متعبون يتصببون عرقا, كأنهم يمخرون الضباب والغيوم, يركضون إلى حيث لا تستطيع اللحاق بهم, أنهم يريدون أن يكسروا مغلفات الطبيعة ليفتحوها, لا للنداءات التي تأتي, يدمدمون لنداءات الروح كي يتوحدوا معها بهدوء عجيب.

المشهد العاشر
(صعوبة التهجي وكتابة الألم)
ليلة كالحة, الموسيقيون ينظرون متوحدين مع الروح القلقة, وتعذبهم تلك الليلة الوحشة, كائنات بشرية آتية من أزمنة لم تأت بعد, متسربلين بملابس بلورية.. أنهم الرمزيون, آتون على دراجاتهم النارية التي يختلط صوتها الناري بصوت الريح الوحشي, تتوقف دراجاتهم. لا يستطيعون اقتحام تلك الرمال وظلام الليلة الكالحة يتبعهم بهدوء, يتوقف كل شيء الهرة تنظر إليهم بألم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي