الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الشعب المصري أغلى من القدس

زينب رشيد

2011 / 2 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم تكن ثورة الشعب المصري في سبيل القدس ولا من أجل تحريرها، ولا من أجل نصرة الشعب الفلسطيني، كما يردد هذه الايام الذين تظاهروا ابتهاجا من أبناء الشعب الفلسطيني وفلول الحالمين من أتباع ساطع الحصري وميشيل عفلق الى ما تبقى من المخدرين بشعارات البيكباشي عبد الناصر، وان أبدى الشعب المصري العظيم والكريم دوما كرما حاتميا لا مثيل له تجلى بتقديم المصريين للفلسطينيين وقضيتهم قوتهم اليومي المجبول بالقهر من نظام سقط أخيرا بفعل ثورتهم الباهرة.

لم تكن ثورة الشعب المصري ضد اتفاقية كامب ديفيد كما يصرح هذه الايام اعلام النظام الأسدي الاجرامي الذي ينتظر دوره حاله حال نظام حسني مبارك في مصر ونظام زين العابدين بن علي في تونس، والنظام السوري يدرك هو قبل غيره انه أعتى ديكتاتورية وأكثر اجراما من كل الانظمة المتسلطة على رقاب شعوبها في هذه المنطقة من العالم. وان الذل الذي تعرض له من اسرائيل وما زال عبر الطلعات المتكررة للطيران الاسرائيلي فوق قصره، وقصف مفاعل ذري قيد البناء في عمق الاراضي السورية، وتصفية عدد من اتباعه سوريا ولبنانيا في عاصمة سوريا وعلى ساحلها، هذا الذل لم تتعرض مصر لما يشبهه في ظل اتفاقيات كامب ديفيد التي أعادت لمصر أرضها المحتلة على الاقل، بينما تؤكد كل الانباء انك كنت ذاهب قبل الثورة المصرية الى مفاوضات مباشرة لن ينتج عنها إلا اتفاقا مذلا في ظل موازين القوى الحالية وسياسة احتفاظك بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين. يكفي ما جاء في بيان المجلس العسكري الاعلى المكلف ادارة شؤون مصر بالاقرار ان الدولة المصرية تحترم كل الاتفاقيات الاقليمية والدولية.

لم تكن ثورة الشعب المصري من أجل وحدة عربية مزعومة آن آوان تحقيقها كما بدأ يحلم ويصرح بأحلامه فلول القومجيون العروبيون في هذه اللحظات التاريخية، ولا من أجل اعادة الوحدة القسرية للسودان ولا من أجل الوقوف ضد ما يسموه بالاحتلال الامريكي للعراق ولا من أجل اعلان الحرب الى جانب سوريا لاستعادة الجولان ولا الى جانب الفلسطينيين لتحرير دولتهم التي أضحت لأسباب فلسطينية بحتة دولتان لا دولة واحدة.

لم نشاهد علما فلسطينيا واحدا خلال الثورة المصرية ولا علما سوريا ولا سودانيا أو غيرها من الأعلام، وحده علم مصر الذي استعاد قيمته التي لم يتذكرها المصريون إلا في مباريات كرة القدم طيلة عقود بسبب انشغالهم بقوت يومهم وبالقهر الواقع عليهم والعمل المنظم من قبل النظام المخلوع على سلخ شعب مصر من انتمائه المصري والمصري فقط ولا أقول العربي ولا الاسلامي. ربما شاهدنا في مرات قليلة علم تونس يرفرف الى جانب العلم المصري وهو تعبير عن تلاقي انساني جميل ورسالة شكر لابناء تونس الذين سبقوهم بالثورة على نظامهم واسقاطه.

لم نشاهد خلال العشرة أيام الاولى من انطلاق الثورة المصرية شعارات ضد امريكا واسرائيل، وما كنا لنشاهد هذه الشعارات في الايام الاخيرة على قلتها لولا غباء الامريكيين المستفحل وترددهم في الوقوف الواضح والصريح الى جانب مصر وشعبها بدلا من الجلوس في المنطقة الرمادية والاقتراب كثيرا من الديكتاتور المخلوع وما يعنيه بالنتيجة من ابتعاد امريكي وغربي عن شعب مصر.

لو سألنا أي مصري هل هو مستعد لاستبدال ذرة من تراب حواري حي "بولاق" بكل القدس وما تحويه من مقدسات فهو سيرفض بكل تأكيد وهذا ليس انتقاصا وعيبا بل هو أعلى درجات الوطنية التي يريد أن يمسخها العروبيون في اطار قومي خيالي لا وجود حقيقي له، كما انني كفلسطينية أرى بأن أزقة مخيمات غزة الغارقة بمياه الصرف الصحي أغلى من مكة والمدينة، وعليه فان شعب مصر لم يثر من أجل كل تلك القضايا المذكورة أعلاه، وانما ثار من أجل مصر ومصر فقط، وثار ضد الطغيان وضد الديكتاتورية وضد من نهب وطنه وقتل المواطنين، وثار من أجل الحرية والحق في الحياة حاله حال غيره من الشعوب، وثار من أجل استعادة كرامته وكرامة وطنه التي أهانها على مدار قرون مجموعة طغاة كان اخرهم حسني مبارك وأجهزته القمعية والبوليسية، وقد تحقق لشعب مصر اليوم ما أراد فانتزع حريته وهو يجهز نفسه الان للبدء بالعمل من أجل بناء دولة مدنية يسود قانونها على الجميع وتتكافئ فيها الفرص للجميع وتتوزع ثرواتها على الجميع، وتصون كرامة الجميع، فألف مبروك لكم يا شعب مصر و"عقبال" عند البقية في سوريا والسودان واليمن وفلسطين والجزائر وليبيا وبقية ديكتاتوريات بني يعرب.

الى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
هشام حتاته ( 2011 / 2 / 14 - 06:51 )
ارجو ان تقرأى مقالى المنشور اليوم على الحوار ( عفوا استاذى سيد القمنى : مالفرق بين المفكرين والعوام ) خصوصا الجزء المتعلق بالمطالبةبالغاء اتفاقية كامب ديفيد ، فهو يتناغم تماما مع مقالك اليوم . مع خالص تمنياتى لبقية الشعوب العربية بالحرية والديمقراطية والعداله والتى ثار من اجلها الشعبين التونسى والمصرى ، والبقية تاتى . خالص تحياتى على التحليل المنطقى والمتوازن .


2 - ملاحظة عابره
ماجدي ماجد ( 2011 / 2 / 14 - 07:02 )
تقولين أن ((وانما ثار من أجل مصر ومصر فقط، وثار ضد الطغيان وضد الديكتاتورية وضد من نهب وطنه وقتل المواطنين، وثار من أجل الحرية والحق في الحياة حاله حال غيره من الشعوب، وثار من أجل استعادة كرامته وكرامة وطنه )) ,,

أولا يجب أن أحيي وبصدق ثورة الشعب المصري، فهو أثبت بانه شعب ذو حضارة. لكن وللتاريخ أقول -وحسب وجة نظري- أنه لو كان بمقدور الاخوة من شعب مصر شراء كيلوا اللحمة بسعر في متناول اليد، لما حدثت هذه الثورة من الاساس. فهي ثورة الجياع وهذا أصح إسم لها.

ورغم ذلك فهذا لا يقلل من قيمتها، ولكن باعتقادي الشخصي ان الفقر هو السبب الرئيسي وغلاء الحياة هذا كان الشرارة. وهذا لاحظته من تعليقات الكثير من المتظاهرين في ميدان التحرير.


3 - الى الاخ ماجدى ماجد
هشام حتاته ( 2011 / 2 / 14 - 07:41 )
ثورة 25 يناير لم تكن ثورة الجياع والا لكان الآن على رأس السلطة مرشد الاخوان وليس القوات المسلحة، ولكنها ثورة الطبقة الوسطى التى ضاقت بها الظروف الاقتصادية ، لو كانت ثورة جياع لما وجدت التنظيم والهتافات السلمية وعدم التخريب ، لوكانت ثورة جياع لوجدتها على نمط الثورة الفرنسية ، ثورة 25 يناير كانت ثورة حضارية اشاد بها العالم كله وسوف تدرس فى الجامعات والمعاهد كثورة نظيفة محترمة ، ولاننسى ايضا ثورة تونس العظيمة حيث كانت ايضا ثورة الطبقة الوسطى ، فالجياع فى ثورتهم يحطمون كل شئ ويخربون كل شئ نتيجة الحقد الطبقى . تحياتى


4 - الاخ/ هشام حتاته
ماجدي ماجد ( 2011 / 2 / 14 - 07:50 )
أشكرك على التعليق على مداخلتي .. وأؤكد هنا بانني فخور بالشعب المصري وبثورته العظيمة والتي فعلا تستحق ان تكون مثالا يحتدى به على مستوى العالم كله.

ربما في بداية الاعلان عن الثورة والتي قادها شباب متنور، كانت مجرد تعبير عن القهر والظلم الذي يعيشه المواطن ولكن سرعان ما إنظم اليها الطبقة التي تسميها الوسطى والتي قادرها الفقر وضيق الحال للتظاهر، وبالتدريج إنظم إليها اصحاب الايدلوجيات سواء كانت دينية او حزبية، لذلك قيل ان الثورة لم يكن بها قائد وانما شعبية.

أظن ان كل مظلوم سواء كان مظلوما سياسيا او فكريا او مقهورا او مسحوقا ماديا شارك بها. فاجتمعت كل الطبقات بها باستثناء طبعا الطبقة المنتفعة من النظام السابق.

وبشكل عام اتفق على ما جئت به من تحليل. ولا اراه بعيدا عن فكرتي
لك التحية


5 - بعدكم صغار على منطق الثورات
جبريل محمد ( 2011 / 2 / 14 - 09:01 )
اولا انا فلسطيني وعربي وافتخر، واقول لك كم كوفية كانت في ميدان التحرير وهي عنوان فلسطين، وسأكون صغيرا مثلك واقول لك انني شاهدت العلم الفلسطيني اكثر من مرة في ميدان التحرير.
ثانيا من قال لك ان سيناء حرة وتعداد سكانها لا يزيد عن 350 الف نسمة ولا يسمح للدبابات التي ملأت ميدجان التحرير بالاقتراب منها؟ وهناك تقسيمات لمناطقها (آ،ب، ج) على غرار تقسيمات الضفة حيث ان الضفة بتقسيماتها هي صورة عن تقسيم سيناء.
ثالثا ان منطق الثورة من اجل حرية مصر والشعب المصري تتضمن مركبات تتعلق بدور مصر الاقليمي واستعادته، وهذا يعني حرية مصر من قيود امريكو صهيونية كثيرة، بشكل موضوعي وهو امر يتعلق بعملية غير متاحة الان ولكنها ستحصل في المستقبل.
رابعا انت والجبان القمني الذي تراجع عن افكاره في لحظة سطوة اصولية، تقيمون فكركم على ردة الافعال لا الافعال، وهنا من سيحكم على صدقية ما تدعون اليه هو صيرورة الثورة ما بعد انتهاء حكم العسكر.
خامسا اثبت التاريخ ان مصر العزولة عن محيطها العربي، هي ذليلة، ضعيفة، ومستباحة، ومصر المندمجة مع المشرق، قائدة وقادرة، اما تخاريف انيس منصور وعلي سالم سيد قمني وسيد بدوي وغيرهم


6 - رائع ما كتبتِ
مارا الصفار ( 2011 / 2 / 14 - 09:46 )
شبعنا حتى المرض من شعارات القومية الكاذبة
وضحينا بأرواح كثيرة من اجل اوطان اخرى

وعند الحساب والتاريخ
نكتشف اننا لم نقدم شيئا
واننا خونة للامة العربية وللقضية الفلسطينية بالذات

انتفاضة مصر هذه
غيرت الكثير من مفاهيم القومية العربية لدى المصريين انفسهم
فبدأوا يفكرون بالامة المصرية فقط
وهذا من حقهم ومن حق اية امة اخرى
ان تفكر بنفسها فقط

ثروات بلدي من حقي ومن حق اولادي ومستقبل اولادي
ان زادت علي واصبح عندي فائض من الدخل القومي
بالتأكيد سوف اساعد من يحتاج لمساعدتي من باقي الدول

اما عن الاحتلال في اي بلد
فالتحرير يقع على عاتق ابناء البلد انفسهم
انا عراقية وبلدي محتل
سوف لن انتظر من شعب ليبيا ان يحرر بلدي
او شعب مصر
او شعب البحرين
بلدي لي .... ومن حقي انا فقط

شجاعة انت يا زينب
دمت بكل خير


7 - بالصراحة راحة
آمال صقر مدني ( 2011 / 2 / 14 - 19:18 )
الكاتبة الفاضلة : واقعيتك و صراحتك و قوة حجتك وكتاباتك العفوية ، التي تعبًري عنها بطريقة مريحة ، تريًح من يقرأ مقالاتك الرائعة ، بدون لف و دوران ، روعتها تتمثل بقول الحق و ما تؤمنين به يحترم....و حال لسانك يقول للاعور أنت أعور بعينك ...ترضى تزعل أنت حر... أكرر عنوان تعليق كتبه لك السيد بشارة في مقال سابق : يسعد رام الله و البطن اللي حملك... كل المحبة و التقدير و الاحترام مع الشكر

اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل