الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة بقية الدول العربية بين الإجتماعي السياسي والطائفي

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ما الذي يجعل معمّر القذافي يتحدث عن المقاومة في فلسطين ولبنان بهذه اللهجة الودودة؟ وما الذي يجعله يتحدّث عن مآثره في معاندة الأميركيين؟ وما الذي يدفع ملك البحرين إلى توزيع الأموال على الشيعة في مملكته؟ وما الذي يجعل علي عبد الله صالح قبل الجميع يعلن عن عدم ترشحه للإنتخابات الرئاسية القادمة أو توريث الحكم لنجله؟ وما الذي يجعل ملك الأردن يعلن حكومة جديدة؟

هو بالتأكيد الخوف على المناصب والمكاسب، ومحاولات المناورة، الصعبة هذه المرّة، في استدرار الدعم الأميركي البائس تثبيتاً للحكم، أو غضّ نظر واشنطن عمّا تنوي الأنظمة العربية فعله بشعوبها.

تلك نظرة لا بدّ يحللها وينطق بها الكثير من السياسيين والإعلاميين على امتداد العالم، لا العالم العربي فحسب، لكنّهم لم يتوصلوا إلى نتائج كاملة أو متطابقة حول مستقبل الحكّام العرب لا سيّما العائلات العربية الحاكمة ملكاً أو مشيخة أو رئاسة.

الثورة المصرية الأخيرة ومن قبلها التونسية جعلت الشارع العربي أكبر قدرة وتصميماً على القيام بالفعل الثوري، ورأينا هذا الإمتداد في العديد من الدول رغم أنّ بعض التحرّكات تمّ قمعها أو احتواؤها كما في سوريا وليبيا والسعودية والكويت. لكنّ بعض التحركات تعد بالمزيد والمزيد وصولاً حتى تحقيق التغيير الكامل كما هو الحال في الجزائر واليمن والبحرين والأردن.

لا يجب أن نتحدث عن البلاد العربية كوحدة سياسية، فالإختلافات بين كلّ دولة واقعة وأساسية، وتتصّل بكثير من الفوارق؛ أهمّها الطائفي، والعشائري، والدستوري، والسياسي، والإستراتيجي. وكما يعلم الجميع فقد حققت الثورة الشعبية حتى اليوم نتائجها المجيدة في بلدين لا طائفيين من جهة الدستور، فالشعبان المصري والتونسي قاما بخلع النظام ورئيسه بغضّ النظر الكامل عن أيّ طائفة ينتمي إليها، أو أيّ عائلة، وكذلك كانت المعارضة للنظامين طيلة أيّام حكمهما.

أمّا في البحرين والكويت والسعودية على سبيل المثال وبغضّ النظر قليلاً عن أيّ أجنحة معارضة داخل كلّ عائلة حاكمة خاصة في السعودية، فالمعارضة الشعبية الأكبر متمثّلة في الشيعة الذين يشكّلون مجموعات كبيرة من المواطنين الذين لا يتمذهبون بمذهب الدولة والعائلة الحاكمة، ممّا يترك انطباعاً مباشراً بأنّ أيّ تحرّك في هذه البلاد سيتّخذ شكلاً طائفياً مباشراً. الأمر الذي يختلف عنه في لبنان على وجه التحديد، فالنظام طوائفي بالشراكة وتقسيم المناصب والمكاسب السياسية، مما يضع أيّ شخص يتخذ الثورة على رئيس الجمهورية مثلاً في مواجهة ضدّ الطائفة المسيحية المارونية، وكذلك الأمر بالنسبة للمنتفضين ضدّ رئيس المجلس النيابي الشيعيّ ورئيس الحكومة السنّي. فلا بدّ بهذه الحالة أن يتخذ النضال أو اتجاه الثورة طريقاً سياسياً إجتماعياً تمثّله فئات يسارية مهمّشة، من الممنوع بشكل كامل وصول صوتها لأنّها خارج التقسيمة الطوائفية من الناحية الخارجية، أمّا ذاتياً فهي غير قادرة على حلّ خلافاتها تمهيداً للوصولة إلى هدف مشترك يضع إسقاط النظام والدستور الطائفيين في لبنان كأولوية نضالية لا تغرق في تفاصيل التسويات السياسية والنقابية.

في الأردن لا بدّ من الإتجاه العشائري، تجاه العائلة الحاكمة، في ظلّ انكفاء الإسلاميين واليساريين عن المعارضة المطلوبة والثورة الواجبة. ورأينا في الفترة الأخيرة اندفاع الملك إلى حلّ الحكومة وإنشاء حكومة جديدة لا تغيير فيها أو تبديل سوى في الأسماء. والخطورة الأكبر تمثلت في تحرّك العشائر بشكل مباشر في طريق المعارضة، بما تمثله من ثقل على صعيد التشكيلات السياسية الأساسية في المملكة.

وفي اليمن وهو بلد الثورات التاريخية المعهودة منذ أيام السلطنة العثمانية، فالإتجاه الأكبر سياسي يتمثّل في الحراك الجنوبي الذي لم يعتد سطوة الشمال على بلده. والإتجاهات الأخرى فئوية تتخذ مساراً أكثر استراتيجية في الشمال بانتشار القاعدة ووقوع اليمن في ما تسميه الولايات المتحدة "مراكز الإرهاب" كباكستان والصومال وغيرهما، ومن جهة أخرى عبر ما يسمّى بالتمرّد الحوثي على الحدود مع المملكة العربية السعودية الذي قيل الكثير عنه كشكل من أشكال الإختراق الإيراني الشيعي لجزيرة العرب.

أمّا في فلسطين المحتلة فالتحرّك يتخذ اتجاهين اثنين، الأوّل يمهّد لإنهاء عصر المفاوضات مع العدوّ الصهيوني بالكامل، ولحلّ السلطة الفلسطينية وإبعاد كلّ المهادنين من حركة فتح، لا سيّما من نجح منهم بامتياز في امتحان التآمر على الشعب الفلسطيني. اتجاه يمهد لإعادة تشكيل المقاومة مجدداً في الضفة الغربية وإلغاء كلّ أشكال السلطة الحالية ورموزها، مما يؤسس لجبهة رفض أخرى داخل الخطّ الأخضر. أمّا الإتجاه الثاني فيتعلّق بالمقاومة أيضاً، لكن من خلال إسقاط سيطرة حماس عليها في قطاع غزّة وإعادة فتح الجبهات بالكامل مع العدوّ الصهيوني من خلال الفصائل الأخرى وبينها حماس أيضاً التي يدعو موقفها من السلام الواهي الذي تعيشه متسلّطة على قطاع غزة، غريباً بالنسبة لتاريخها المقاومة وقدراتها العسكرية الميدانية المميزة.

الشعبان التونسي والمصري حققا النصر، والصومال واقع في أتون الحرب، وموريتانيا تعيش مراحل الإنقلابات، والسودان يقسّم، ويعمد شماله إلى قمع كلّ أشكال المعارضة للبشير، والمغرب تسكن معارضاته الإسلامية واليسارية في المعتقلات والسجون أبد الدهر، وليبيا تتخّذ كافة أشكال الطوارئ على مختلف الصعد العسكرية والمدنية والمخابراتية والإستراتيجية، والعراق يبني دولته بتوليفة طائفية عرقية مشابهة للبنان، واليمن والجزائر تتسارع الأحداث فيهما، وسوريا والأردن تتحرّك معارضاتهما ببطء شديد، والسعودية والكويت والبحرين على وشك أن تقع جميعاً في المطبّ الطائفي، لكنّنا لم نسمع أبداً بسلطنة عمان، كما لم نسمع يوماً!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة