الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية والتغيير الفلسطيني المأمول

مهند عبد الحميد

2011 / 2 / 15
القضية الفلسطينية


مصر اليوم حرة بكل المقاييس، حرة بفعل ثورة عظيمة حطّمت الأغلال والقيود، ورفضت الاستبداد والفساد. مصر اليوم في أيدّ أمينة مخلصة أخرجتها من الظلام وأدخلتها فضاء الحرية الحقيقية. حقائق كثيرة ومدهشة وجديدة تحتل المشهد المصري، الشعب الحر يتولى الآن بنفسه التغيير وإعادة البناء ومكافحة الفساد والنهب. الشعب يغير قواعد اللعبة الداخلية، يشطب ثوابتها المتعفنة، ويضع مكانها ثوابت جديدة بتوقيع شباب وشابات التحرير الشجعان المتفانين والأذكياء. الشعب المصري يستحضر أثناء الثورة كل عناصر القوة في حضارته العظيمة، ويستعيد كل العقول المبدعة كي ينهض من جديد، وكي تعود مصر إلى مكانتها اللائقة في حقول التقدم والازدهار والإبداع والتحرر والعدالة. بدأت ثورة مصر تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، حققت الكثير وما زال أمامها الكثير، ومن المنطقي أن نثق بقدرة الشعب المصري وقواه الحية المبدعة على مواصلة التغيير والبناء ومواصلة التغلّب على كل أشكال رفض التغيير.
خبرات هائلة غنية قدمتها الثورة المصرية تحتاج إلى دراسة واستخلاص الدروس، تحتاج إلى وقت طويل للتأمل والمقارنة وإعادة النظر. ولكن ما يهم الآن هو وقفة جادة ومسؤولة عند التأثير المباشر للثورة المصرية على الشعب الفلسطيني وقضيته.
مصر ــ ومن قبلها تونس ــ فتحت أبواب التغيير على مصراعيه في العالم العربي وبلدان أخرى. فقد انتهى عهد إقصاء الشعوب وفرض علاقات تبعية مذلة ومجحفة من طرف واحد. الآن بمجرد دخول مصر إلى فضاء الحرية وقبل أن تلتفت لدورها الخارجي وتعيد ترتيب أولوياتها، لن تقبل باستمرار الاستهتار بمصالح الشعب المصري أولاً وبمصالح الشعوب العربية ثانياً. ومن المنطقي أن تلغي صفقة مقايضة مصالح النظام الأنانية الضيقة بتبعية سياسية واقتصادية، أن تشطب صفقة الصمت الأميركي على فساد وقمع واستبداد النظام مقابل تبعيته والحفاظ عليه ودعمه بمليار دولار يعود ثلثاها للأميركيين مقابل خبراء وثمن أجهزة وخدمات.
نعم، عندما تعود الشعوب إلى المسرح، سيتم التعامل بطريقة مغايرة تماماً، طريقة لكل شيء ثمن مساو له بالمقدار. لقد عاد شعب مصر إلى المسرح وكان شعب تونس السبّاق للصعود. أما الشعب الفلسطيني الذي لم يغب عن المسرح طويلاً فسيعود هذه المرة بقوة أشد. تعلّم الشباب الفلسطيني الدرس. كما انحاز النظام الدولي حتى اللحظات ما قبل الأخيرة مع النظام التونسي ضد الشعب التونسي، وكما انحاز النظام الدولي حتى اللحظات ما قبل الأخيرة مع النظام المصري ضد الشعب المصري، فإن النظام الدولي انحاز طوال العشرين عاماً مع النظام الإسرائيلي الذي داس على القانون والشرعية الدولية وكل المعاهدات ذات الصلة ضد الشعب الفلسطيني، وسيبقى النظام الدولي منحازاً ما لم يتدخل الشعب الفلسطيني ويطرح قضية الاحتلال على بساط البحث بلا هوادة ويرفع شعار: الشعب يريد إنهاء الاحتلال فوراً، ولن يكون الشعب الفلسطيني وحيداً في هذه المعركة كما حدث في المرات السابقة؛ لأن منطقتنا دخلت عهد تدخل الشعوب عهد انتصار إرادة الشعوب.
من المنطقي أن يتوحد الشعب الفلسطيني بكل قواه في معركة إنهاء الاحتلال، معركة رفض التجديد للاحتلال ودخوله العام 45. ومن الطبيعي أن يتفق الجميع على إستراتيجية الخلاص من الاحتلال. أولاً: مقاطعة دولة الاحتلال مقاطعة اقتصادية رسمية وشعبية باستثناء السلع الضرورية. ثانياً: الامتناع التام عن العمل في المستوطنات وداخل الخط الأخضر. ثالثاً: تفعيل وتوسيع المقاطعة الأكاديمية لإسرائيل. رابعاً: تنظيم احتجاجات شعبية سلمية مفتوحة ودائمة ضد جدار الفصل والمستوطنات والإدارة المدنية وضد الاحتلال. خامساً: وقف التنسيق الأمني وإلغاء بطاقات الشخصيات المهمة والمهمة جداً. سادساً: رفع دعاوى ضد كل المتهمين الإسرائيليين بارتكاب جرائم الحرب. سابعاً: تنظيم حملات دبلوماسية للاعتراف بدولة فلسطين في حدود الرابع من حزيران. ثامناً: مطالبة لجنة القدس ومنظمة المؤتمر الإسلامي والقمم العربية بتطبيق القرارات السابقة وتشكيل لجان المتابعة. تاسعاً: استمرار طرح قضية الاحتلال على مجلس الأمن والجمعية العامة والمحكمة الدولية. عاشراً: احترام الاتفاقات المبرمة إلى أن يبت بها المجلس الوطني.
إن الاتفاق على الهدف المركزي وعلى أسلوب النضال الشعبي السلمي يسهل الاتفاق على البنود الأخرى. وتحديداً على أدوات النضال وهي:
أولاً: منظمة التحرير التي هي بيت الشرعية الفلسطينية في كل الأحوال، تحتاج إلى تفعيل وإصلاح، فالشرعية تتعزز بالإصلاح والتغيير وخاصة أن مؤسساتها شاخت وأصبحت شبه مشلولة. لا نريد ثنائية مؤسسات شائخة مشلولة في القطب الأول وخطر سيطرة الإسلام السياسي الإقصائي في القطب الثاني. نريد مؤسسات متجددة بالشباب الواعي الديناميكي كخيار حي وقطب ثالث، نريد الحياة المفعمة بالنشاط والحيوية للشرعية الفلسطينية. لا مناص من دخول الجميع للبيت الفلسطيني أولاً والذهاب إلى إصلاحه بوضع المشاريع والمقترحات والآليات دون إبطاء أو تأجيل. تشكيل لجنة تنفيذية جديدة تضم كل الفصائل والتنظيمات والشخصيات المستقلة وفقاً للنظام باعتبارها قيادة الشعب الفلسطيني.
ثانياً: تشكيل حكومة طوارئ من الكفاءات الفعلية لتطبيق برنامج الخلاص من الاحتلال، تكون مرجعيتها اللجنة التنفيذية التي تضم الجميع.
ثالثاً: تطوير لجنة الكسب غير المشروع ومحاربة الفساد ودعمها بكوادر الاختصاص وفتح ملفات الفساد في إطار السلطة والمنظمة دون إبطاء وبأثر رجعي.
رابعاً: تشكيل فريق من الخبراء لمراجعة وتقييم تجربة المفاوضات ووضع إستراتيجية تفاوض.
خامساً: إعادة تشكيل لجنة الانتخابات المركزية والتحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية جديدة على ضوء التطورات.
سادساً: تشكيل فريق ولجان مصالحة تضع المعايير والأسس لتجاوز حالة الانقسام والعداء، والتأسيس لثقافة التعدد والتسامح والمحاججة والنقد والإقناع والاقتناع.
إن الذهاب للانتخابات بمعزل عن وجود معطيات جديدة سواء على الصعيد الوطني والسياسي أو على الصعيد الديمقراطي – إصلاح وتصويب المؤسسة - ومكافحة الفساد. لن يكون خطوة إلى الأمام. هذا لا يعني منح حماس حق النقض- الفيتو – حول إجراء الانتخابات. الانتخابات دون إنضاج المقومات تؤدي إلى نتائج عكسية. نحن بحاجة إلى تمحيص الجدوى في شروط التحولات القادمة من تونس ومصر. لماذا تم اتخاذ القرار دون مقدمات. لماذا لم يشرح الموضوع ولم يتم إشراك جهات مختلفة. يستحضرني آلية اتخاذ القرار في ميدان التحرير. لقد طلب من الشباب تقديم أفكار بعد إسقاط الرئيس مبارك، وخلال 4 ساعات قدم الشباب 5 آلاف فكرة، استخرج من بينها 10 أفكار. 5 آلاف عقل شاركوا في تقديم مقترح وفي اليوم التالي تضاعف العدد، كم قائداً شارك في قرار الانتخابات عندنا؟.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو