الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحل مبارك..ماذا بعد؟

غسان المفلح

2011 / 2 / 16
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


ما ميز الثورة في مصــر وفي تونس أنها لم تطرح بديلا شخصيا أو فرديا، وهذا الأمر ربما ازعج الحكام العرب، وأزعج الغرب وإسرائيل، لأنهم في خانة ممنوع التفكير فيها أن تكون في بلاد العــــرب دولة قانون ومؤسسات ديمقراطية قــــادرة وقوية ، لهذا كلمة يخلف هذه لها مدلولات كثيـــرة في منطقــــتنا النفطية الإسرائيلية، فعند الإسلام تحيل للخلافة، وعند الغرب التقليدي تحيل للخلافة الفرديــــة الاستبدادية لســهولة التعاطي معها، وعند محظيتنا جميعا إسرائيل كما صرح شمعون بيرس ديكتاتور أفضل من متطرف .
لفظة يخلف تشير أيضا إلى الوراثة التي تمت في سورية كجمهورية اقتفت أثر كوريا الشمالية، كما تشير الى ما كان يعده مبارك وبن علي والقذافي وصالح من أجل توريث الحكم للخلف العائلي لكي يكون خير خلف لخير سلف ، وتشير إلى العائلات الملكية الأميرية العربية، لكون كل ملك أو أمير لبلاد لا يتعدى عدد سكانها الأصليين أكثر من مئات الألوف هو قائد للمسلمين وللأمة كلها، والأمة هنا تتراوح بين الإسلامية والعربية، ومن معها أحيانا.
في مقالات كتاب الصحف العربية نجد أن هذا السؤال هو أكثر ما يتردد وما يكتب عنه قبل رحيل مبارك، هو من سيخلف حسني مبارك؟ وكأن الدولة والديمقراطية والمؤسسات وعمليات الانتخاب لا مكان لها لا في الوعي ولا في اللاوعي الجمعي لنا جميعا، كمثقفين وإعلاميين، مع أن الشعبين التونسي والمصري، مطلقا لم يهتفا لبديل شخصي في الشوارع، وعندما أحرق البوعزيزي نفسه في شوارع تونس، لم يحرق روحه لأنه كان يتبنى فردا لكي يصبح خلفا لابن علي، هذا التضليل المرعب الذي يحاول الجميع التشارك فيها طواعية وعلنا، هو من أجل ترسيخ الممنوع التفكير فيه شرق أوسطيا بالطبع ماعدا إسرائيل، يجب ألا تكون هنالك دولة مؤسسات وقانون، وهي التي تحكم بموجب عقدها الاجتماعي، أيا يكن بعدها من ستجلبه الانتخابات النزيهة لكي يصبح رئيسا يأتي لينفذ ويساهم في تقوية هذه الدولة لفترة حكم واحدة، أو أثنتين ويذهب إلى مزرعته في تكساس كما يفعل رؤساء أمريكا.
كان سؤال من سيخلف مبارك يشير إلى أنهم يريدون أن يقولوا التالي إما ان ما يجري هو لاعادة إنتاج الديكتاتورية والفساد، أو أن هذه الثورات لا قيمة ولا وزن لها لأنها أعادت إنتاج ما ثارت ضده، وهذه قضية يلصقونها في شعوب الشرق الأوسط، باعتبارها ان لها خصوصيات دينية أو ثقافية، من دون المرور على النفط ومتطلبات إسرائيل بالطبع.
نحن، الشعوب، لا نصلح لأن نعيش في دول لدى مواطنها إحساس عال بالانتماء لها، ولديه إحساس بأن الهجرة منها لا يساوره أبدا، ولا نستطيع بعقولنا أن نتعايش مع دولة طبيعية، دولة يسود فيها القانون وحقوق الإنسان، نحن شعوب بحاجة لوصاية غربية لو تركنا سننتج خلافة إسلامية متطرفة، هكذا الحال، أفهم هذه النظرة عند الغرب التقليدي نتيجة مصالحه وذاكرته الاستعمارية، ولكن ما لم أفهمه هو تكرار السؤال من سيخلف مبارك؟ عند غالبية الإعلاميين والكتاب العرب؟ خاصة من يدعي منهم أنه ينتمي للفكر الليبرالي والديمقراطي.
حيث لايزال الكثير من كتابنا في سورية، يتحدثون عن خوف الأقليات السورية من صعود إسلامي، وكأني بهم يقولون بشكل ليس غير مباشر، بل مباشر اأن الأقليات تفضل هذا النظام، وبالتالي هي متحالفة معه هل هذا صحيح؟
الأسئلة التي يجب ان تطرح ليس من سيخلف مبارك، بل ما هي الاصلاحات على الدستور من أجل ان يتحول إلى دستور مواطني بكل معنى الكلمة، دستور لا يميز بين المسلم والقبطي في أي موقع، دستور يصون الحقوق، ويضع القانون فوق الجميع، ما هو المطلوب من دولة مصر داخليا وإقليميا ودوليا؟
ما هو تصور الشعب في ميدان التحرير عن مستقبل بلدهم؟ ما هو مستقبل النساء اللواتي علت أصوات زغاريدهن من شرفات بيوتــــهن ونوافذها، فرحا برحيل الرئيس السابق محمد حسني مبارك، النـــاس نزلت الشوارع لكي تصبح مصر دولة كفرنسا أو ألمانيا، والناس تهاجر إليها وليس العكس، أما ســــؤال من سيخلف مبارك؟ فقد كان ســــؤال التآمر على هذه الثورة، هكذا بصريح العبارة.. ثم هذا التداخل المهين للناس ومطالبهم بين سؤال من سيخلف الفرعون أو الخليفة؟
وربطه بالخوف من مجيء الإسلاميين، وهذا ما كذبه الواقع الفعلي للثورة المصرية التي أعطت درسا لا يصدق للشعوب العربية، لا بل لكل العالم لأنها أرخت لتاريخ يكذب كل ادعاءات الغرب وإسرائيل وأنظمتنا بأن هذه الشعوب لا تريد حرية وديمقراطية. الأشخاص يرحلون ويموتون والدول هي التي تبقى، الدول كمنتج تاريخي ووفق ما توصلت إليه تجربة البشر في صون حقوقهم والإحساس بمستقبلهم، وبقي أن نقول كلمة لا بد من تكرارها دوما: خاصة لنا كسوريين: البشر لا تتعلم الحرية وممارستها في ظل نظام طائفي قمعي واستثنائي وفاسد، الناس تتعلم الحرية في ظل نظام مفتوح كما كان حال نظام الرئيس السابق حسني مبارك، كي لا نكذب على أنفسنا ولا نكذب على شعوبنا.. الحرية تمارس وتعاش، تعاش وتمارس، أما غير ذلك فتبقى حلما لا يمارس...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي