الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكنيسة والأزهر وجهان لعملة واحدة رديئة

زينب رشيد

2011 / 2 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أخيرا وبعد التأكد والتيقن والتثبت، والانتظار بغرض المزيد من التأكد والتيقن والتثبت ان ديكتاتور مصر حسني مبارك ولي نعمة الكنيسة والأزهر على السواء قد ولى بغير رجعة بفعل ثورة أبناء مصر، أخيرا رأت الكنيسة أن تصدر بيانا يبارك الثورة ويحيي شهدائها وأبطالها ويفرح بنتائجها، ويشد على أيدي ضباط المجلس العسكري الأعلى الذين يتولون مقاليد الأمور بصفة مؤقتة، ويدعو البيان الكنسي كذلك الى اقامة دولة ديمقراطية مدنية يختار فيها الشعب المصري برلمانه بانتخابات حرة نزيهة، ولم ينسى البيان الكنسي في التشديد على ضرورة محاربة الفقر والفساد والبطالة والفوضى.

شيخ الازهر بدوره سيعقد مؤتمرا صحفيا اليوم لكي يوضح موقف الازهر من الثورة، ومن المتوقع أن يكون نسخة طبق الاصل من بيان الكنيسة، أي أن شيخ الازهر غدا سيعلن تأييده المطلق للثورة وسيمنحها بركاته، وربما يدعو لصلاة عامة على أرواح شهدائها، ولأن رجال الدين - أي دين - مشهورين بالتبدل والتلون حسب مقتضيات الظروف واتجاهات ريح أولياء نعمتهم، فلربما يذهب بعيدا شيخ الازهر ويزايد على شهداء الثورة وأبطالها، وربما أيضا يسرد للعالم تفاصيل صلوات كان يؤديها ليل نهار ويتخللها بكاء وأدعية بأن ينصر الله الثورة وأبطالها.

من المعروف للجميع أن "بابا" الكنيسة المصرية و "امام" الأزهر، الحالي والمغفور له، تقدموا على الدوام صفوف سدنة الديكتاتور والدفاع عنه وتبرير كل جرائمه وصولا الى ممارسة دورهم ونفوذهم الديني في صفوف المؤمنين من كلا الطرفين بدعوتهم الى انتخابه وانتخاب ازلامه والخروج في مسيرات ومظاهرات مؤيدة للديكتاتور ولنجله جمال الذي كان من المؤمل أن يرث "العزبة المصرية" من أبيه بمباركة ديمقراطية شكلية من جهة ومباركة دينية صريحة من قطبي المسلمين والمسيحيين أحمد الطيب وشنودة من جهة اخرى، ولم يعجز رجال الدين على الدوام من الاتيان بنصوص دينية تدعم دعواهم وفتاويهم. على مدار التاريخ الديني كله استطاع رجل الدين أن يجد لولي نعمته الحاكم ما يريد من النصوص المقدسة حتى يُمكًنه من احكام سيطرته على الشعب، فهناك حلف تاريخي غير مقدس ربط دائما رجل الدين بالحاكم في النظم غير المدنية، الأول يفتي للثاني والثاني يرخي للاول نفوذا كبيرا ومالا وفيرا لن يحصل عليهما إلا اذا جعل السماء وكتبها في خدمة بقاء الحاكم.

ولأن رأس الدولة هو من يخلع البابا ان أراد وهو من يصدر مرسوما بتعيين شيخا جديدا للازهر، فان هذا بحد ذاته يجعل من هؤلاء تحت تصرف الديكتاتور في كل شيء، وامعانا في التزلف والنفاق للديكتاتور فان كليهما يبدع أحيانا من "بنات أفكاره" في تقديم الخدمات الكبيرة والنوعية للديكتاتور، فنرى شنودة يروج للديكتاتور الصغير في كل مجلس واجتماع ولقاء وبدون حتى ان يطلب منه احد ذلك، وقبيل الثورة بايام كان شنودة يطلب من تابعيه ضرورة الالتزام وعدم الخروج على الشرعية والمشاركة في التظاهرات، كما حذر في "عظته" في الكاتدرائية الكبرى في العباسية من الانتحار الذي هو قتل للنفس التي هي أمانة من الله للانسان، وقد سبق الازهر شنودة وذهب الى أبعد من اصدار فتوى بتحريم الانتحار وخصوصا حرقا، بأن اتهم كل من يحاول حرق نفسه احتجاجا على الديكتاتورية والفساد وغياب العدالة الاجتماعية بانهم " مصابون بحالة من الاضطراب العقلي والضيق النفسي وهم في غير كامل قواهم العقلية".

بكل الاحوال لم يلتزم إلا القلة النادرة بما أفتى به شيخ الازهر وبما دعا له البابا، وقد رأينا ومعنا العالم كيف ان شباب مصر من المسلمين والمسيحييين والبهائيين، ومن المؤمنين والملحدين، قد عقدوا العزم على السير بثورتهم حتى النهاية السعيدة لها وتحقق لهم ما أرادوا بأن خلعوا الديكتاتور في طريقهم لبناء دولتهم الديمقراطية المدنية التي أقاموا نموذجا مصغرا ورائعا لها في ميدان التحرير حيث مركز الثورة، فرأينا كيف صلى المسلمين بحراسة المسيحيين وغيرهم، وكيف أقام المسيحيين قداسهم بحراسة المسلمين وغيرهم وكيف مارس كليهما شعائره بحراسة من لايؤمن بدين، وهذا النموذج الرائع هو ما أراده ويريده شباب مصر لدولتهم المستقبلية، حيث تكون دولة لا دين لها كما حال الدولة في عهد الأنظمة البائدة، دولة لجميع مواطنيها يتساوى فيها الجميع ولا يُكفر فيها أو يُخرج من الملة شابا مسلما رأى أن يعبر عن حبه لاخيه المسيحي في الوطن برفع صليبه الى جانب قرآنه، أو يُشلح "قسا" لانه رفع قرآنا بجانب الصليب.

أما قطبي الازهر والكنيسة، الذين كانت فتاويهم ودعواهم نوعا من "البلطجة الدينية"، فالى جانب العار الذي لحقهم من خلال دعاويهم وفتاويهم التي تُحرم الاشتراك بالتظاهرات ولاحقا بالثورة، فان عارا آخرا قد لحق بهم وهو عار التخلي السريع عن ولي نعمتهم المخلوع.

الى اللقاء








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ثورتنا اجمل من ان نسيء اليها هكذا
شريف يسري ( 2011 / 2 / 16 - 10:24 )
الى كاتبة الرسالة السابقة اسأل :- اولا اين الديموقراطية التى تنادون بها فهل اذا وصلتم الى الحكم لن استطيع ان اختلف معكم فى الرأى وهل هذا الاسلوب المحترم للتحدث مع من هم اكبر منا سنا ومقاما . عيب ان نسوء صورة الثورة بهذه الطريقة انا مختلف مع الكاتبة تماما لانها كلها ضد الحرية والديموقراطية والكرامة


2 - تجار الأديان لم يعد لهم مكان بيننا
سامي المصري ( 2011 / 2 / 16 - 11:14 )
أحييك على هذا المقال المهم نحن في حاجة ماسة إلى الحديث في هذا الموضوع لتفتيت الفساد الديني الذي جال وعبث كثيرا بمبادئنا الجميلة وحريتنا وتحضرنا الموروث عن أمنا الجميلة مصر. إن العبث الديني لم يعد له مكان بيننا بعد اليوم، علما بأني مسيحي وأؤمن تمام بتعالم المسيح السامية، وديني لنفسي ليس للاتجار به وليس للتجار الذين يتاجرون فينا وبنا باسم الله والدين. أخي شريف ما أحوجنا لفهم أوسع للديمقراطية فهي لا تعني السذاجة لكنها قبول الآخر بوعي ليس على حساب المجتمع ليفتته باسم الدين. يلزم أن نحمي حريتنا من المستغليين والفاسدين ممن يسيسون الدين لحساب مطامعهم وعلى حساب حقنا في الحرية؛
تحياتي للكاتبة على مقالك مع إعزازي ومحبتي؛


3 - كلمة ضرورية
محمد البدري ( 2011 / 2 / 16 - 11:23 )
أشكرك يا استاذة زينب علي اجمل لفظ جاء بالمقال. انها لفظة البلطجة الدينية. فليس هناك رجل دين في مصر الا وهو اصلا بلطجي لصالح مبارك، الذي يروج لبلطجي اكبر يكمن في يختبئ ولم يعلن عن نفسه ابدا في السماء، ربما لانه غير موجود اصلا. هذه الفرضية تجعل ان الحكام اللصوص وكل من ادعي صلته بهذا البلطجي الاكبر الوهمي هو بلطجي ناقص الاهلية فيدعي ضرورة الايمان حتي يمارس هو بلطجته. لقد كشفت ثورة اللوتس حقائق كثيرة سيقاومها حكام الخليج والعرب عامة الذين لم يكن لهم من وجود الا عبر البلطجة الدينية منذ 1400 عام. تحياتي وتقديري


4 - توقير الدين هام
شريف يسري ( 2011 / 2 / 16 - 11:44 )
انا رافض لفظة البلطجة الدينية لانها تلصق الدين اى كان بلفظ مكروه وهو البلطجة اى اذ ما ليس له حق فيه سواء كان مادى او معنوى وشكرا


5 - إلى صوت العقل وصوت الضمير الأستاذة زينب
عيسى ابراهيم ( 2011 / 2 / 16 - 21:35 )
بالفعل أنك تثبتين يوما بعد يوم
أنك صوت العقل
وصوت الإنسانية
وصوت الثورة
وصوت المفقود
فأنت رائعة بحق ،وشجاعة في أرائك
فأنا أوافقك تماماً بأن الكثير من رجال الدين هم بلطجية عند هؤلاء المحنطين في كل الدول
العربية والإسلامية...
فشكرا لك ودمتي صاحبة القلم وكلمة الحق
مع التحية وتصبحين على الخير


6 - تحية إلى . زينب رشـيـد
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 2 / 17 - 10:57 )
كلامك الصادق الجريء واضح كالحقيقة الحقيقية, رغم صعوبة قبوله أو فهمه من تجار الغيبيات الذين تدوم تجارتهم السوداء من مئات السنين حتى اليوم. لا خلاص لنا ولا أي تطور حضاري, ولا مستقبل لنا ولأولادنا إذا لم نفصل الدين نهائيا وكليا عن الدولة والسياسة. نترك لهم جوامعهم وكنائسهم, يبتهلون ويصلون لمن يشاءون. ولكن ليتركوا لنا تطوير الحياة الدنيا حسب المبادئ الإنسانية والتآخي بين الشعوب واحترام الحريات العامة وهناء الإنسان وسعيه لحياة أفضل له وللأجيال القادمة..وخاصة مساواة المرأة كاملة وبلا أي تجزيء بين المرأة والرجل.
أرفع لك قبعتي احتراما وتأييدا على مقالك الجريء...
ولك مني أطيب تحية مهذبة.
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


7 - تحيه للاخت زينب
سهى عزيز الضاحى ( 2011 / 2 / 17 - 16:43 )
شكرا ياخت زينب على مقالك الجرى وبارك الله فيكى والى الامام


8 - هذا ليس انصاف
وليد حنا بيداويد ( 2011 / 2 / 17 - 16:53 )
تحية للكاتبة، تمنيت ان لا اجد بين المصرين دجالا سواء بين النسوة او الرجال من مسلمى مصر شاربو دم مسيحيها وها ان الكاتبة زينب رشيد المسلمة الكارهة تثبت صحة كلامى هذا.
انا اسآل الكاتبة ومن يؤيدها بطرحها الهابط هذا ،بما انعم النظام المصرى على ابناء وعلى الكنيسة المصرية؟ هل بقتلهم وتفجير كنائسهم مثلما حدت فى نجع حمادى والاسكندرية وصعيد مصر والفيوم وما يحدث لمسيحى مصر كل يوم من عدوان تقوم به الاجهزة الامنية بالتواطئ مع الاسلامين الرعاع ام بمنع مسيحى مصر من بناء او ترميم كنيسة واحدة مقابل السماح ببناء جامع فى كل زاوية من زوايا العمارات؟ بماذا انعم النظام المصرى هل بالسماح للرعاع الاسلاميين من سب الرموز المسيحية واختطاف بنات القبطيات واحراق منازلهم وعدم السماح لهم بالعمل الوظيفى والانخراط فى الجيش والشرطة؟ اهذا هو نعمة النظام؟ماذا واين هى ولى نعمة الاقباط؟ هل عندما تم اختيار الاعضاء لتعديل الدستور من دون الاقباط واهمال اكثر من اثنا عشر مليون قبطى وكانهم ليسوا بشعب مصر؟
انا لم يعجبنى هذا الطرح العنصرى من قبل الكاتبة التى تتهم الكنيسة المصرية وليس هناك من له الفضل على هذه الكنيسه يا سيدتى


9 - الدين ممكن أن يكون نظيفاً وليس بلطجة
منصور المنسي ( 2011 / 2 / 17 - 17:05 )
الأستاذة بحق زينب رشيد المتميزة
أشهد أنك تحملين من الثقافة والبصيرة الثاقبة الشي المهول . ومن خلال متابعتي لكل ما تكتبين وجدتك شعلة وضاءة تنير الفكر العربي المسلم المختوم بالظلام الأزهري والقمي وكذلك الظلام الكنسي الشنوديفي مصروغيرها .فهؤلاء المتلونين من وعاظ السلاطين هم أحد أسباب نكبة الأمة وأرى أنهم يجب أن يوضعوا في قفص واحد مع المطرود حسني الرخم .لذا أؤيد كل كلمة تفضلت بها وبكل أدب ولم تتجاوزي .
وللسيد شريف أقول يا عزيزي إذا كنت خائفاً على الدين أقول لك أطمئن فالدين أقوى من أن ينال منه أحد وهو وجد كما تعرف أحسن مني لحماية البشر وسمح ربك للشيطان كبير الملائكة أن يحاول تدمير الدين والبشر فهل تراك أحرص من الله على دينه ؟
ثم دعني أعلمك بأن الدين لا يظام إلّا على أيدي من يتاجرون به وهم يا عزيزي لا قدسية لهم وإن أي مهندس أو طبيب لهو أفضل للناس مليون مرة من هؤلاء الجهلة قليلي المنفعة بل والمسيئين وأؤكد لك أن لاقدسية لبشر والنبي قال يا قوم إني بشر مثلكم أم تراك تريد أن ترفع هؤلاء التجار فوق النبي منزلة .
لتعش ثورة مصر الشبابية بعيداً عن تجار الدين ولتعش التكنولوجيا محررة الشعوب .
إحتراماتي


10 - الدولة المدنية هى الحل
سرسبيندار السندي ( 2011 / 2 / 17 - 17:13 )
تحياتي لك سيدتي ودعيني أقول أن الدولة المدنية هى الحل ... لخلاص أوطاننا والنجاة بما تبقى من فروات رؤوسنا كما يحدث اليوم في العراق ... وقد ذكرت أن الأثنان وجهان لعملة واحدة ولك الحق في ذالك ولكن الحق يقال أن أحد الوجوه مجبر على التزلف والنفاق ... والأخر يغرد في بلاد الواق واق ... ويضن أن شباب مصر سيضحك عليهم بكعكة الدين أو بحور عين في رواق .. وكما يغرد الإخوان المسلمين أهل التخلف والشقاق ... وكأن شعب مصر ساذج وشبابهم قد نسو أنهم أصل كل فتنة في بلداننا وأنهم ليسو أهل تقية ولصوص وسراق !؟


11 - دولة مدنية ودون ما أو آآآآ
عدلي جندي ( 2011 / 2 / 17 - 17:27 )
بالطبع سينال رجل الدين وأقسي مما كتبته الكاتبة لو لم يلتزم حدود معبده فقط كي نحترمه ونحترم معتقداته عليه أن يلتفت فقط إلي عمله أما إذا تدخل فيما لا يعنيه ينال ما لا يرضي حتي تابعيه


12 - عجبي على الكتب المقدسة
عباس حبيب ( 2011 / 2 / 17 - 20:15 )
الاستاذة المبدعة زينب الرئعة .
انا فعلا اقول عجبي على هذه الكتب التي تسمى بالمقدسة فهي تصلح لمدح وهجاء نفس الشخص فقد راينا بلطجية الدين في العراق مارسوا نفس الشيء مع طاغية العراق ( صدام ) فكانوا يجزلون عليه بالمدح من ايات القران وبمجرد السقوط اصبحت الايات التي كانت تمدح وكانها قد نسخت ( ناسخ ومنسوخ ) ولم نرى اية واحدة تليق بمدح هذا الرجل .....
واكررها ... عجبي .... بل وا عجبي

اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل