الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


احذروا الثورة المضادة

إكرام يوسف

2011 / 2 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لم تكن ثورة المصريين في الخامس والعشرين من يناير.. سوى خطوة بداية جبارة أذهلت العالم كله.. ولا بد أنها ستواجه ـ مثلها مثل جميع الثورات ضد نظام وطد أركانه عبر العقود ـ ثورة مضادة من أنصار النظام القديم الذن مازالوا يسيطرون على سياسة البلاد وأمنها.. ومن بقاياه الذين مازالوا يسيطرون على اقتصاد البلاد.. فلن يستسلم هؤلاء بسهولة مضحين بمصالح قامت على نهب الشعب وقمعه.. ومازال هناك حتى الآن شباب مختفين لا يعلم طريقهم أحد.. ومازال معتقلون سياسيون بلا تهمة..وما زالت السجون تضم مسجونين سياسيين انتهت مدة عقوبتهم.. ومازال قانون الطوارئ قائمًا.
وسوف تعمل هذه الثورة المضادة على الالتفاف على مكتسبات الثورة محاولة تفريغها من مضمونها.. وربما تنجح في استقطاب بعض شباب الثورة غير الواعي سياسيا لتلويثهم.. بل إنها قد تستطيع استمالة بعض رموزهم ودفعهم في محاول توجيه زملائهم إلى الوجهة التي تحقق أهداف الثورة المضادة.. وهي أمور طبيعية تحدث في جميع الثورات على أي حال.

وكما قلت من قبل إن الإفراط في التوقعات أقصر الطرق للإحباط.. ومن كان ينتظر أن تتغير الأحوال بين يوم وآخر، فهو في أحسن الأحوال شخص حسن النية، ليس لديه وعي سياسي ولم يقرأ التاريخ .. وفي أسوأها حاقد على الثورة معاد لها راغب في إحباط القائمين عليها..فالثورة حتى الأن لم تحقق الثورة سوى ثلاثة أهداف رئيسية:
• إزالة الطاغية وسحق سيناريو التوريث، الذي كان ينذر في حال تحقيقه بأن تظل البلاد رهنا لأسرة فاسدة عقودا قادمة.
• القضاء على الترويع والذل اللذين جسدهما جهاز الشرطة طوال عقود.. وإجبار جهاز الشرطة على إعادة شعاره القديم "الشرطة في خدة الشعب" بما يحمل ذلك من معاني عودة الشرطة إلى مفهومها الأصلي كجهاز لحماية أمن الوطن والمواطن، وليس ترويع المواطنين وإذلالهم حماية للطغمة الحاكمة.
• استعادة الشعب المصري ثقته بنفسه .. وعودة احترام العالم له بعدما أهانه نظام الطاغية في الداخل والخارج.
ولا شك أنها خطوة جبارة.. لكنها ستظل بداية.. فمازال أمام شعبنا المزيد من النضال من أجل بناء أركان دولة ديمقراطية حقيقية.. وعدالة اجتماعية حقيقية.. تطبيقًا للشعار الذي عبر بصدق وفي إيجاز عن مطالب الثورة:

"تغيير.. حرية.. عدالة اجتماعية".
وها قد تحقق مطلب التغيير.. ومازال أمامنا نضال شاق لتحقق الحرية والعدالة الاجتماعية.. عبر بناء الدولة المدنية الديمقراطية القائمة على مبدأ المساواة في المواطنة.. وإرساء أسس العدالة في توزيع الدخل القومي.. وهو ما ستقاومه قوى الثورة المضادة من بقايا النظام البائد ومنتفعيه مقاومة شرسة.. فها قد أصبح الأمر بالنسبة لها معركة حياة أو موت .. وسوف تساندها في ذلك قوى خارجية تخشى حتى الآن من قيام نظام وطني حقيقي يهدد مصالحها في السيطرة على مقدرات البلاد وفرض سيادتها على مصر لضمان سيادتها على المنطقة بأسرها.

فلم تنته الثورة بعد.. ولم تنجز كافة أهداف الشعب.. ولا يتوقع عاقل أن ينتهي في ثمانية عشر يومًا، نظام استقر عقودا.. ولنراجع معا تاريخ ثورت الشعوب.. ونرى أي ثورة حققت تغييرا في وقت قصير كهذا؟.. ومازال أمامنا النضال الأصعب المتمثل في القضاء على تراث قمعي فاسد وطد أركانه في جميع مناحي الاقتصاد والسياسة والثقافة .. وبناء نظام ديمقراطي عادل.

لقد خطونا الخطوة الأولى وهي جبارة بحق.. وعلينا أن نستعد لخطوات قادمة.. مازالت تستحق تعبا وتضحيات.. وعلى من يحلم بحياة أفضل أن يشمر عن ساعديه بعدما فتحت ثورة يناير الطريق وعلمته كيف يكون انتزاع الحقوق..على يكون مستعدا للتضحية من أجلها.. أما من لايجيدون سوى التقاعس والتنظير..وتقديم تعليمات للثوار بما يجب عليهم أن يعملوه.. فلن يجدوا من يستمعون إليهم.. وأقول لهم انفضوا عنكم استعلاء يزين لكم أنكم تستحقون حياة أفضل يحققها لكم الآخرون بدمائهم من دون أن تدفعوا ثمنا... المناضلون من أجل تحقيق الحقوق والمستعدون لدفع الثمن هم وحدهم من يستحقون الاستماع إليهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لديك كل الحق
ابراهيم المصرى ( 2011 / 2 / 16 - 08:57 )
نعلم جميعا ان الحزب البائد نخر بفساده فى المجتمع المصرى..لذا فأن لديك كل الحق فى كل ما تكتبيه


2 - خطوة أولى فقط
مريم نجمه ( 2011 / 2 / 16 - 09:03 )
صباح الحرية يا أخت إكرام ..

ثورة مصر الشعبية السلمية الكبرى ( مفخرة الشعوب في هذا العصر ) , لكن هي الخطوة الأولى فقط في طريق المسيرة الكبرى كما عبرّت أيتها الكاتبة الواعية , وهذا صحيح تماماً , ومظاهر الإلتفاف على أهدافها وتجذيرها بدأت تظهر بكل الصور , الرحمة والخلود لشهدائها والتوفيق لكم بتكملة المشوار الطويل والوعي الأعمق .. تحيتي واحترامي للسيدة الكاتبة الفاضلة إكرام يوسف


3 - الخوف الخوف
شاكر الخياط ( 2011 / 2 / 16 - 09:33 )
العزيزة الكاتبة المبدعة اكرام المحترمة
تحية لك ولك قلم حر يصبو الى الشمس على الدوام لا تمنعه غيوم مهما تلبدت بالسواد وبالظلالة...ايتها العزيزة مبروك عليكم الثورة...ومبروك عليكم نتاجها...الا ان الخوف كل الخوف من سرّاقها وكما حدث في كثير من مواقع الدنيا الشاسعة...فلنستفد من تجارب الاخرين ونعتبر
مودتي
القاك على خير


4 - العدالة الجتماعية ونظام الضرائب
فرياد إبراهيم ( الزبرجد) ( 2011 / 2 / 16 - 20:48 )
الغبن والظلم الجتماعي كان من اهم اسباب الثورات في العالم والعدالة الاجتماعية يجب ان تكون اولى ثمارها وهذه العدالة لن تتحقق الا بازالة الفروق في الدخل والمستوى المعيشي بين السكان وازالة او تخفيف الفروق هذه لن تتم الا ببند في الدستور يقر قانون الضرائب فقانون الضرائب هذا هو الوحيد الذي بامكانه ضمان العدالة الاجتماعية وضمان الاستقرار وبناء مجتمع ديمقراطي متقدم مترابط خالي من الضغائن والاحقاد . لذلك اقترح ان تتخذ الشعوب المتحررة من الدستور الاوربي نموذجا للاستفادة منها في صياغة قانون فرض الضرائب وتوفير فرص العمل. فاوربا مرت في القرون الوسطى بنفس المعضلات والثورات التي يمر بها الشرق الاوسط الآن وسجلها حافل بالحروب الاهلية والمذهبية والطائفية كما حدث بين البروتستانت والكاثوليك وبين الهكنوت والكاثوليك وبين الملكية والجمهورية في فرنسا مثلا والملكية المطلقة والمقيدة بدستور وثورة تحرير والغاء العبيد في امريكا والاستقلال وما الى ذلك ، الحركات والثورات طالبت اولا بتوفير حياة حرة آمنة والمساواة في الدخل وازالة الهوة بين الغني والفقير فتحققت مطالب الشعب وذلك باضافة نظام الضرائب الي الدستور


5 - ماذا يضمن لي
مارينا حنا يونان ( 2011 / 2 / 19 - 14:05 )
مساء الحرية يا اخت اكرام عندي سؤال يحيرني :ماذا يضمن لي ان لاعانات الخارجية سوف ينتفع بها الشعب و ما يمكن فعلة للتصدي الي عمليات نهب الاعانات لكي يستفيد بها الشعب


6 - ماذا يضمن لي
مارينا حنا يونان ( 2011 / 2 / 19 - 14:07 )
مساء الحرية كيف نتصدي الي نهب الاعانات الخارجية


7 - مساء الحرية ماذا يضمن لي
مارينا حنا يونان ( 2011 / 2 / 19 - 14:18 )
ماذا يضمن للشعب المصري بان الاعانات سوف توصل للشعب و لا يتم نهبها

اخر الافلام

.. جهود إيجاد -بديل- لحماس في غزة.. إلى أين وصلت؟| المسائية


.. السباق الرئاسي الأميركي.. تاريخ المناظرات منذ عام 1960




.. مع اشتعال جبهة الشمال.. إلى أين سيصل التصعيد بين حزب الله وإ


.. سرايا القدس: استهداف التمركزات الإسرائيلية في محيط معبر رفح




.. اندلاع حريق قرب قاعدة عوفريت الإسرائيلية في القدس