الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترجمات المحلية لتبدل التوازن الاقليمي

محمد سيد رصاص

2011 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


نال مير حسين موسوي ربع الأصوات في انتخابات الرئاسة الايرانية بحزيران2009،وأغلبية أصوات مدن طهران وأصفهان وتبريز،وفق النتائج الرسمية المعلنة من وزارة الداخلية،وهناك الكثير من المؤشرات على أنه حصل على أصوات أعلى من ذلك بكثير. مع هذا،ورغم كل الدعم الدولي الغربي،فإن مظاهرات صيف ذلك العام،التي اندلعت في شوارع المدن الايرانية الكبرى، لم تستطع أن تهز أوتقلقل النظام القائم في طهران.
لايمكن أن يعزى هذا فقط إلى تماسك مؤسستي(الحرس الثوري)و(الجيش) وراء النظام،ولاحتى إلى القاعدة الاجتماعية للحاكمين في طهران التي أظهرت تلك الانتخابات مدى قوتها ضمن الأرياف والمدن الصغرى والأحياء الفقيرة في المدن الكبرى:هناك أنظمة سقطت بقوة اجتماعية كانت أقل مماامتلكته تلك الحركة التي قادها السيد موسوي في ذلك الصيف من عام2009،ولكن عبر وجود مناخ خارجي مؤات،اقليمي ودولي،ساعد على أن يقلع المركب المحلي بقوة دفع رياح ولدَها ذلك المناخ الخارجي.
هنا،كان المناخ الخارجي مؤاتياً للنظام الايراني،حيث شكلَت انتصاراته ومكاسبه الاقليمية في المنطقة الممتدة بين كابول والشاطىء الشرقي للبحر المتوسط عاملاً مساعداً له،ايرانياً،على مجابهة تلك العاصفة المحلية،فيماكان الدعم الغربي الأميركي- الأوروبي المعلن ل"الثورة الخضراء" عاملاً سلبياً ضدها،والذي على مايبدو كان يهدف من خلال محاولة تغيير(أوزعزعة) المشهد المحلي الايراني إلى استعادة الولايات المتحدة لزمام المبادرة الاقليمية التي امتلكتها مع احتلال العراق عام2003وحتى صيف2006الذي أدت فيه حرب تموز،مع تطورات أفغانية وعراقية كانت لغير صالح واشنطن آنذاك،إلى تبدل التوازن الاقليمي لصالح (القوة الاقليمية الرباعية:طهران- دمشق- حزب الله - حماس)ضد (العامل الدولي الذي أصبح قوة اقليمية مع احتلال العراق:واشنطن).
كانت أولى محاولات الترجمة المحلية لهذا التبدل في التوازن الاقليمي قد جرت في بيروت مع تحركات(1كانون أول2006ومابعده)،التي هدفت إلى انشاء مشهد لبناني جديد يقلب معادلات(مابعد14آذار2005)عبر قوة دفع أتت من انتصار حزب الله في تلك الحرب ،التي وصفتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليسا رايس بأنها"آلام مخاض ضرورية لولادة الشرق الأوسط الجديد".كان الإضطراب اللبناني اللاحق ناتجاً عن مفاعلات تلك الترجمة التي حاولها حزب الله وحلفائه عبر الشارع اللبناني،حتى قاد استعصاء تلك المحاولة إلى تجريبه لوسائل الحسم العسكرية من خلال ماجرى بيوم(7أيار2008)،الذي قاد عبر( اتفاق الدوحة)إلى توازن محلي لبناني بين (14آذار)و(8آذار) نسبياً لصالح معسكر الأخيرين قبل أن يزداد في عامي 2009و2010 الميل المتزايد لميزان القوى في منطقة الشرق الأوسط لصالح(الاقليمي)على حساب(الدولي).
أتت المحاولة الثانية في غزة 14حزيران2007 من حماس ضد فتح ، فيماكانت حكومة نوري المالكي في بغداد(منذ أيار2006)تمثل عبر تركيبتها توازناً متعادلاً للقوى بين واشنطن وطهران:خلال عام 2010جرت محاولة ،برعاية دولية من واشنطن وحلفائها،لانشاء وقائع عراقية جديدة يمكن أن تستخدم لتحجيم النفوذ الايراني في بلاد الرافدين،الذي كان منذ عام2003 وحتى آب 2005عبرالتحالف مع واشنطن في العراق المغزو والمحتل،هو المفتاح للإمتداد الايراني في كامل اقليم الشرق الأوسط عبر تلك "البوابة الشرقية".لم تستطع"القائمة العراقية"،بقيادة أياد علاوي،أن تقوم بهذا الدور رغم حصولها في انتخابات برلمان7آذار2010على أكبر عدد من المقاعد بين القوائم الفائزة ،ليفضي كباش دولي – اقليمي حول تشكيل الحكومة العراقية استغرق سبعة أشهر،كانت فيه المحليات العراقية مجرد انعكاس للعوامل الخارجية،إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة المالكي وضح فيها رجحان النفوذ الايراني على حساب الأميركي في بلاد الرافدين.بالمقابل،فإن الكباش اللبناني القوي حول(شهود الزور)و(المحكمة الدولية)،منذ تموز2010ولستة أشهر لاحقة،قد قاد إلى ترجمات محلية لبنانية لصالح(8آذار)،جعلها تنهي توازن(الدوحة) القلق إلى رجحان لها هو بالتأكيد يعكس بدقة سنتمترية مدى التراجع المتزايد لنفوذ واشنطن وحلفائها في المنطقة لصالح (الاقليمي).
هذا التراجع لقوة واشنطن، التي أتت عام2003عبر البوبة العراقية حاملةً لمشروع "إعادة صياغة المنطقة"وفق تعبير الوزير كولن باول قبيل أسابيع من غزو العراق، لم يعد مداه،على مايبدو من خلال مؤشرات عديدة بعضها وارد أعلاه، مقتصراً أومحصوراً في حدود مرحلة التعثر أوالإنسداد كماكان خلال فترة2007-2009،وإنما ربما وصل إلى حافة الفشل والهزيمة: بدون هذا لايمكن تفسير محليات مابعد17ديسمبر2010التونسية ولامحليات مابعد25يناير2011المصرية،حيث أن سقوط بن علي،واهتزاز نظام حسني مبارك،لايمكن حصولهما ،حتى مع عوامل محلية مؤاتية وقوية الدفع باتجاه ذلك،لوكانت المظلة الأميركية،التي ظلَلت نظامهما طوال تاريخهما،مازالت قوية وفي حالة مد بالمنطقة،تماماً كماأدى فشل لندن في حرب1956،وبدء انحسار النفوذ البريطاني في الشرق الأوسط، إلى تسريع سقوط نوري السعيد في صباح14تموز1958ببغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلم الدولة الكردية.. بين واقعٍ معقّد ووعود لم تتحقق


.. ا?لعاب ا?ولمبية باريس 2024: سباح فلسطيني يمثل ب?ده ويأمل في




.. منيرة الصلح تمثل لبنان في بينالي البندقية مع -رقصة من حكايته


.. البحث عن الجذور بأي ثمن.. برازيليون يبحثون عن أصولهم الأفريق




.. إجلاء اثنين من الحيتان البيضاء من منطقة حرب في أوكرانيا إلى