الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الأحتجاجية و المطلبية في العراق، شعاراتها وآفاقها

شاكر الناصري

2011 / 2 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا شك إن النتائج التي تحققت بفعل الثورتين ،التونسية والمصرية ، قد ولدت دافعا قويا لكل من يسعى للمطالبة بالاصلاح والتغيير أو بأسقاط الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة في معظم دول العالم العربي . فما حدث هو أن القوى الأجتماعية التي برزت وكانت المحرك الأساسي لكل الأنشطة السياسية والأجتماعية المختلفة التي تتوجت باسقاط انظمة مقيتتة يشكل وجودها وأستمرارها عقبة في مسار التطلعات الأنسانية والتحررية للخاضعين لحكمها ، قد تمكنت من تغيير أنماط العمل السياسي وحطمت الأليات التقليدية التي تنتهجها مجاميع من الأحزاب في كل من تونس ومصر وأوجدت أساليب عمل جديدة تلائم وقائع ومتطلبات الزمن الذي نحن فيه .

رياح التغيير وتزايد جرعة المطالبة بالحقوق والحريات المدنية وكذلك التصدي للقوى القابضة على السلطة وتسعى الى فرض نظام حكم معين ، بدأت تنتج ثمارها في العراق فما نلمسه ونشاهده أن ثمة مجاميع من العراقيين ومن طبقات وشرائح اجتماعية مختلفة بدأت تعلن مطالبها وتمارس فعاليات مختلفة من أجل تحقيق تلك المطالب . وأذا كانت هناك حركات وقوى سياسية وأجتماعية تعمل على الارض منذ وقت ليس بالقصير وتسعى الى تنظيم صفوف الفئات الاجتماعية المختلفة فان ثمة مجاميع وحركات مختلفة أخرى بدأت تتفاعل وتنظم صفوفها عبر موقع التواصل الأجتماعي الفيس بوك ووسائل الأتصال الحديثة مدعومة من عراقيي الخارج الذين يتطلعون لأن يتمتع الأنسان في العراق بكامل حقوقه وحرياته المشروعة ، لكنها أنتقلت من عالمها الأفتراضي وبدأت تتجمع وتتظاهر وتعتصم وتنطلق من ساحة التحرير في بغداد في دلالة لاتحتاج الى كثير من التعقيد حتى يتم فهم تماهيها وتشبهها بميدان التحرير في العاصمة المصرية والذي اصبح رمزا ليس للمصريين وحدهم ، بل وللكثير من الشباب والحركات المطالبة بالتغيير الجذري في مناطق واسعة من العالم .

من هناك من تلك الساحة البغدادية الشهيرة بدأت معالم الحركات احتجاجية تزداد وضوحا يوما بعد آخر ، حركات تطالب بالأصلاح والتغيير وبتوفير الخدمات الأساسية للمواطن العراقي ، الكهرباء والماء الصالح للاستخدام البشري ، فرص عمل للعاطلين او ضمان البطالة ، الرعاية الصحية ومحاربة الفساد والتصدي لعمليات نهب المال العام التي تتم من قبل قوى سياسية معروفة ومن قبل شخصيات نافذة في السلطة القائمة حاليا . ثمة شعارات تطالب باقالة اشخاص بعينهم كأمين العاصمة أو رئيس مجلس محافظة بغداد .

لم تكن هذه الحركات وليدة الصدفة او إنها جاءت بتأثير التجربتين التونسية والمصرية . فثمة حركات أحتجاجية ومطلبية سبق وأن أنطلقت في العديد من المدن العراقية كالبصرة والناصرية والديوانية والسماوة وديالى وغيرها ، كانت تطالب بتوفيرخدمات أساسية ومشروعة ووصلت حدتها الى مستوى من التصادم مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة وراح ضحيتها العديد من العراقيين . غير أن ما يحدث الان يأتي بمستوى واليات مختلفة رغم أن المطالب ذاتها لم تتغير الا في مواقع معينة وفي شعارات معينة أيضا ، الأختلاف هنا هو التحول الذي بدأ يطرأ على وعي العراقيين بحقوقهم وأستشعارهم بالمديات الخطيرة والفاضحة التي وصلت اليها نسب الفساد و الأستئثار بالسلطة من قبل الأحزاب والقوى السياسية المتشاركة والمتحاصصة في الحكم وثروات البلاد وأحتكار الوضائف العامة وخصوصا الفئات التي أخذت على عاتقها تنظيم هذه الحركات الأحتجاية . وعي ينم عن قدرات كبيرة يمكنها ان تحقق الكثير وتفرض تراجعات وتنازلات مستمرة على السلطة الحاكمة وأحزابها والتي بدأت تتخبط في ردود أفعالها عبر قرارات وتصريحات مبهمة وغير واضحة المعالم لاتهدف في النهاية سوى لأمتصاص غضب ونقمة الشارع العراقي والحركات الأحتجاجية التي تتواصل في .

توفير الخدمات الأساسية وتمتع العراقيون بها يشكل حقا اساسيا يجب أن تلتزم به الحكومة ووزاراتها والمؤسسات التنفيذية في البلاد وفي نفس الوقت فإن المطالبة بتوفير هذه الخدمات حق مشروع هو الآخر وان من يسعى للتصدي لهذه المطالب او تشويه حقيقتها بذريعة أنها مطالب مسيسة لابد وان يقابل برد صريح وواضح المعالم . فكل ما تمارسونه من سرقة وتطاول وأنتهاكات للحقوق والحريات ونهب مقدرات البلاد هو سياسة واضحة ومفضوحة في نفس الوقت .

المشاكل الأساسية التي تواجه العراق الأن ليس نقص الخدمات أو الفساد والمحاصصة الطائفية والقومية فقط ، المشكلة الحقيقية هي في مجمل النظام السياسي القائم في العراق بكل تفرعاته وممارسات القوى السياسية المشاركة فيه ، في أسس هذا النظام والتشريعات الدستورية التي يستند اليها . وكذلك في نهج القوى السياسية التي تدير السلطة ومطامحها وتوجهاتها السياسية . فنحن أزاء نظام سياسي يقوم على أسس أفقدت المواطن مجمل حقوقه وصادرت الكثير من حرياته الاساسية تحت مسميات مختلفة كالدين والطائفة والقومية . أحزاب وقوى الاسلام السياسي التي تدير السلطة تمارس نهجا لايؤدي في النهاية الا لقيام دولة دينية في العراق ، وقد قامت خلال الأشهر القليلة الماضية ، مدعومة بفتاوى وتوجيهات صريحة ومباشرة من رجال الدين أو ما يسمى بالمرجعيات الدينية الشيعية ، بالكثير من الممارسات والأجراءات التنفيذية التي تهدف في نهاية المطاف الى التضييق على مظاهر المدنية والتحضر في المجتمع والتضييق السافرعلى الحريات المدنية والفردية وأعلان حربها الصريحة على العلمانية وتشويه صورة القوى العلمانية في المجتمع ما يدلل على إنها جادة في نهجها هذا وتريد الوصول به الى خاتمته المبتغاة .

الحركات الأحتجاجية والمطلبية التي بدأت منذ عدة أيام وينتظر أن تتوج بمظاهرات وتجمعات حاشدة في يوم 25 شباط الجاري لابد وان تعي حقيقة الوضع الذي يحيط بها ونقصد هنا حقيقة المخاطر التي تواجه المجتمع العراقي أذا ما واصلت قوى الاسلام السياسي نهجها الذي أشرنا اليه وأذا ما واصلت مجمل الأحزاب المشاركة في السلطة أستغلالها البشع للسلطة وأمتيازاتها . لم تكن أحلام العراقيين وهم يخضعون لسلطة النظام البعثي الفاشي تتلخص في توفير الخدمات وفرص العمل والخروج من مطحنة الجوع والحصار الأجرامي ، بل في الحرية والأنعتاق من قبضة الاستبداد والقمع ومصادرة الحريات السياسية . حين أسقط هذا النظام الأجرامي فإن العيش بحرية وكرامة كانت المطامح والآمال الاقرب والأكثر الحاحا بالنسبة للأنسان في العراق . ولذلك فإن رفع مجموعة من الشعارات التي تعبر عن أحتياجات المواطن العراقي من خدمات لايجعلها تقارب البؤس الذي يواجهه الكثير من فاقدي السكن والعمل ، الايتام والارامل ، الذين هجروا قسرا . النساء المرغمات على الحجاب ، الشباب الذين تتم محاسبتهم بسبب ملابسهم أو حبهم للموسيقى ، الطلاب الذين يتم منعهم من الأختلاط بدواعي الأعراف والقيم الأجتماعية والدينية ، العمال الذين يواجهون الأخراج من الوضائف أو قلة الاجور ، الموسيقي والفنان والكاتب الذي عليه ان يعطل كل حواسه أحتراما لسلطة الدين والشريعة وأنصياعا لممارسات المؤسسة الدينية وأحزابها ، كلها قضايا أساسية مصيرية يجب ان يعاد النظر فيها بالنسبة للحركات الأحتجاجية . نحن بحاجة الى أهداف وشعارات جدية تلامس أو تمس حقيقة النظام السياسي القائم في العراق وأنه سبب كل المصائب التي تعترض حياة الأنسان وتحيلها الى جحيم في الكثير من مفاصلها .

الدفاع عن وجود الدولة المدنية في العراق التي تم تشويهها نتيجة الانقلابات والأحتلال والأستفراد بالسلطة وسيادة الحزب الواحد ، الدفاع عن الحريات المدنية والفردية ، فصل الدين عن الدولة ، تعزيز المواطنة والشعور بالانتماء للعراق قبل كل الأنتماءات العنصرية الأخرى كالطائفية والقومية والعشائرية ، تغيير الدستور بكل تناقضاته واشكالاته الخطيرة ، أنهاء المحاصصة و التوافقات السياسية التي شوهت الأوضاع السياسية في العراق وجعلتنا أمام وضع يثير السخرية فكل من يصل الى البرلمان العراقي سيكون شريكا في السلطة بدوافع واقعية وعقلانية أم بدوافع أخرى مثل ضرورة مشاركة الجميع في السلطة والعمل السياسي ، هي الأهداف الحقيقية التي يفترض أن نقف خلفها جميعا ما دمنا نجد ان ما يحدث في العراق هو تهديد خطير لحياتنا وحرياتنا وكرامتنا الأنسانية وإن تحقق هذه الأهداف ووجود دولة مدنية ديمقراطية حقيقية كفيل بتحقيق الكثير والكثير من المطالب الخدمية التي تمس الحياة اليومية للأنسان في العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قيام مظهارات لمنع الملمة العربية في معرض بغدا
حميد كركوكي ( 2011 / 2 / 17 - 04:43 )
بغداد سوف تستقبل دول الخزي والتعاسة في القمة العربشية المشينة وفي داخل حضانة الأطفال { المنطقة الخضراء } ولك مو عيب و خزي ، كافي من هذه القمم الجارحة للشعور الأنسانية ، ولشعور معداننا{ فقرأنا } في العراق ! شوية ماي الوجه يا مالكي -المملوك الأيراني- والنجيفي الجايف السعودي ، و مام جلال المخرّف الدجاّل على رگبة الكورد الشهيد في حلبچه و باليسان و برزان و گرميان ! هاي شلون جوقة موسيقية للسلام -الجمهوملكي- العربي و بأشراف إمام السمفونية الزعطوط القميّ مقتّدى { لاسمح الله من أقتدى به } الصدر ، ياحيف على {نوري السعيد} مو الرجال چان يگول آني -أنگريزي- و گواد سمسار رسمي ، لكن هل الشلة الشيالة للعار والزربة بعدهم يگولون إحنا حامي الحريّة و الديقرماطية الضراطية ، رئيسهم رجلهم اليمين في بغداد و رجلهم اليسار في واشنطن للعلاج من مرض السكر والكرش المنفوخ عبالك قحطت و ماكو دختور و حكيم عراگي .!!. عمت عيون الحسود و تفگس عل الملاحم والمزاعم .هذا وشكرايا أخ شاكر لمنحي المداخلتة الساخرة هذه.


2 - ألنظام زائل سواء أبى ألمصلحون أم لا
طلال ألربيعي ( 2011 / 2 / 17 - 10:17 )
هنالك تقارير مقلقة جدا وأن كانت غير مستبعدة أبدا مفادها أن هنالك توجها لدى الحكومة العراقية يقضي بإفساح المجال امام العمليات الأرهابية وذلك للحيلولة دون حدوث مظاهرات‏, وبذلك تسقط هذه ألحكومة حتى ورقة ألتوت ألأخيرة ألتي تغطي عورتها.
و لذلك يصعب بألمرة فهم ما يقوله ألبعض مثل ألسيد جاسم ألحلفي
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=246524
لكننا هنا نريد إصلاح النظام-.
لماذا أذن لم يقم هو أو رفاقه من وزراء ألذين بقوا كأعضاء في أالحكومة ألسابقة حتى اللحظة ألأخيرة (أو نواب وزراء حتى هذ ه أللحظة) بذلك طوال ألسنوات ألماضية بألرغم من فشلها و فسادها ألمدقع? وما ألدي يجعله يعتقد بأن ألحكومة ألحالية أكثر أنفتاحا و كفاءة وقدرة على ألأصلاح من سابقتها? ثم لماذا أستخدامه , نحن نريد, ألأبوية و ألتسلطية?
أن ألنظام نفسه هو ألذي يحفر قبره بيديه وما لنا ألا ان نساعد في قبره بأسرع وقت ممكن سواء أبى ألمصلحون أم لا

اخر الافلام

.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق


.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م




.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا


.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان




.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر