الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين لله والوطن للجميع، وماذا بعد؟

مجدي مهني أمين

2011 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


نعم سالت دماء شبابنا تروي الثورة، نعم نادى الثوار "الشعب يريد تغيير النظام" ، الذي يتردد الآن في باقي العواصم الثائرة الباحثة عن المساواة والحرية ، ولا شك انه سيردده بالفارسية ثوار ايران ضد الحكم الديني، نعم تنهمر دموعنا سخينة كلما شاهدنا صور شهدائا المشرقة ، كل صورهم مشرقة ، نعم تغص حلوقنا شجنا مع قصة كل مصاب، مع كل شاب فتح صدره لرصاص الأمن، فتح صدره فعلا لا مجازا، والامن ببلادة اطلق الرصاص على هذه الصدور المفتوحة ، "حد يجرؤ يقتل فارس؟... ولكن هذا ما حدث."
ورحل مبارك وشكل لجنة لتعديل الدستور، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمر البلاد، ولكن وللمفاجأة تم ضم المجلس المستشار طارق البشري المفكر الاسلامي رئيسا للجنة الدستورية، والمحامي صبحي صالح عضو الأخوان المسلمين ، وهكذا سلمت القوات المسلحة امر الدستور إلى لجنة بها أعضاء لهم توجههم الإسلامي، إلى لجنة أقل ما يقال أنها ستبقي على المادة الثانية من الدستور والتي تقضي ان الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، مادة كان قد أضافها السادات للدستور خطبا لود الاسلاميين ، سياسة مش تقوى، حتى السادات اطلق على نفسه "الرئيس المؤمن" إلقاءً لظل ديني على الحاكم، يضمن به الولاء. وليس هذا ما تريده أو ما قامت من أجله الثورة،
أن الثورة بنقائها لم تكن تسعى لحكم ديني . هي ثورة قامت ضد الاستبداد، والحكم الديني شكل من اشكال الاستبداد ، والصورة ماثلة في إيران التي تقتل شعبها عندما يثور، لذا يقلقنا تشكيل اللجنة المنحاز بعض اعضائها للإسلام السياسي، هذا الاسلام الذي يدعو لحاكم مطلق يحكم باسم الدين له وحده الكلمة والغلبة والسمع والطاعة ، لا هذا قانون الرعايا، نحن مواطنون لا رعايا (ولن نورث بعد اليوم) لا نريد الحاكم المؤمن لان ايمانه يخصه،هذه مساحته بينه وبين ربه، عليه ان يأخذ بالدين كرسالة موجهة له هو، يعيشها هو مع نفس ويجني هو ثمارها ، لا ان يراقب العباد من خلال هذه الرسالة، لأنه ببساطة لا أحد يستطيع ولا يصح أن يراقب أحد ضمائرالناس.
لسنا في حاجة لحاكم مطلق يحكم بالامر الإلهي ، فكيف يجرؤ احد ان يتحدث نيابة عن الله ، يمكن لنا جميعا ان نقول هكذا نفهم أو هكذا نفسر ما يقوله الله ، لا ان يتطوع احدنا كي يعتبر ان فهمه لله هو الحق المطلق ، والناس تخشاه، ثم يتطوع ويسن قوانين يحكم بها الناس على ضوء هذا الفهم أو التفسير، فيعطي لنفسه ولما يقول صفة الإطلاق، ولا تستطيع المعارضة لأنك وقتها تعارض المولى والدين ، هذا خلط لا يعطي الناس اي شعور بالأمان ، هم مهددون بالتكفير لو اعترضوا، ومههدون بالقتل لو انزلقت منهم العبارة، وهذا ليس كلام نظري ، بل قد تطوع بعض الاسلاميين بقتل فرج فودة ومحاولة قتل نجيب محفوظ دون ان تكون هناك اي دولة دينية في البلاد، فماذا لو وصل هؤلاء أو وصلت أفكارهم إلى سدة الحكم؟
الحكم الديني لن يساعدنا على تحقيق التقدم المنشود المبني على الأخذ بالمساواة والمواطنة واسباب العلم، ونحن لا نريد ثلاثين عاما آخر كي نخرج بثورة جديدة على حكم ديني اثبت فشله، أو أن نقضي ثلاثون عاما قادما بعيدا عن ركب الحضارة والتقدم ، فإيران خلال الثلاثون عاما الماضية التي قضتها تحت حكم ديني لم تشارك ركب الحضارة الانسانية، بل شاركت في استعداء العالم ضدها، وهو استعداء ضروري للأنظمة المستبدة كي تبقى في الحكم اطول فترة ممكنة أذ لا تملك ما تقدمه فعلا لشعوبها، كما أنه استعداء يستهلك موارد شعوبها في الصراع بدلا من ان تستثمر في التنمية والبناء.
نحن شعوب متدينه، هذا جيد، فيعش كل منا الدين بينه وبين ربه ، ينهل كما يشاء من هذا المطلق اللانهائي، الضابط الكل ، ينهل لنفسه وعلى طريقته ما يشاء ، هذا لتقواه لكنه لا يفرض من قريب أو بعيد قناعاته على العباد فلكل طريقته في الحياة. أما الحياة المدنية فتحكمها قوانيها الوضعية التي يتعامل معها الناس بحرية دون حساسيات أو حسابات إلا ما يفرضه الصالح العام، لذا يلزم ضمان حيادية اللجنة ، ويجب تنحية رئيس اللجنة الدستورية والاعضاء المنحازين للتيار الاسلامي، وإلغاء المادة الثانية من الدستور لأنها تميز بين المواطنين على أساس الدين، وتمهد إن آجلا أو عاجلا لدولة دينية على طريقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طريق الديمقراطيه
كرم عدلى حنا ( 2011 / 2 / 17 - 22:15 )
لقد رأيت اليوم شيخ الأزهر, يتحدث عن ألماده ألثانيه من الدستور أنها خارج نطاق المناقشة
كيف نكون على أول طريق الديمقراطية, و نجد أشخاص يقولون إن هناك موضوع غير قابل للمناقشة؟
على شيخ الأزهر أن يصمت, فهو من مخلفات النظام السابق, ولا يجب أن ينسى انه جاء بالتعيين و ليس بالانتخاب, و انه كان من معارضين الثورة
إذا كنا نريد أن نقود مصر إلى طريق النجاح, فلا يجب أن نسمح للدين, أي دين, أن يحكم دستور مصر
فلم تفلح الكنيسة في قياده أوروبا سابقا, كما لم يفلح الإسلام في قياده إيران و باكستان و أفغانستان
و إذا كان شيخ الأزهر استشهد بوجود أحزاب مسيحية في أوروبا, فهذا ليس معناه أن الدستور يجب أن ينحاز إلى أي دين
هذا يسمح فقط لجماعه الإخوان بإنشاء حزب سياسي, و لكن لا يسمح أو يشرع أن يكون الدستور إسلامي
و إذا كان شيخ الأزهر مقتنع أن الإسلام قادر على إدارة الدولة, و إن المسيحيين لا يجب أن ينزعجوا من هذا. و إن الإسلام سيضمن حقهم, فأنا أيضا على قناعه أن المسيحية قادرة على إدارة الدولة, و إن المسيحية تضمن للمسلمين حقهم و لا يجب أن ينزعجوا
لذلك و لتجنب هذا الجدال, يجب أن يكون الدين لله و الوطن للجميع

اخر الافلام

.. شاهد ما حدث لناطحات سحاب عندما ضربت عاصفة قوية ولاية تكساس


.. المسيرات الإسرائيلية تقصف فلسطينيين يحاولون العودة إلى منازل




.. ساري عرابي: الجيش الإسرائيلي فشل في تفكيك قدرات حماس


.. مصادر لـ-هيئة البث الإسرائيلية-: مفاوضات إطلاق سراح المحتجزي




.. حماس ترد على الرئيس عباس: جلب الدمار للفلسطينيين على مدى 30