الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يجب ألا تنطفئ شعلة الثورة المصرية

شريف مليكة

2011 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



انتصر الشعب أخيرا على الإطاحة بنظام طاغ ومستبد جثم فوق صدره لمدة طويلة، لن أقصرها على الثلاثين عام الأخيرة ولكن أمدها عامدا إلى بداية حكم العسكر لمصر منذ عام 1952. أقول هذا لسبب هام وهو تشابه ـ بل أقول تطابق ـ أسلوب حكم الفرد الواحد منذ قيام ثورة 1952 وما يستتبعه من استبداد بالرأي، مع تعضيد دستوري وقانوني تتسع معه سلطات الرئيس والسلطة التنفيذية ككل، على حساب السلطات التشريعية والقضائية، مع تهميش دور الشعب، صاحب البلد الأصيل، إلى دور المتفرج مع قصر وظيفته على تشجيع اللعبة الحلوة، كما في التعبير الكروي الشهير.
وقبل استيلاء الضباط على الحكم كانت هناك ديموقراطية حقيقية تسري في الحياة السياسية المصرية، وإن قلل من درجة نجاحها موجات من الفساد والمحسوبية تعلو وتهبط مع مرور الزمن، فتعيق مسار السفينة أحيانا، ولكن مع ذلك كانت الديموقراطية المصرية رائدة في الشرق الأوسط، بل وفي باقي قارات العالم لو استثنينا أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا. كان لدينا دستور برلماني وانتخابات تغلب عليها النزاهة والشفافية، وتمثل في الغالب إرادة الشعب الحقيقية، ولذلك فقد كانت هناك ثقافة المشاركة السياسية لدى الشعب الذي آمن بقدرته على تغيير النظام أو حتى الحدث السياسي أو الاقتصادي وقتها. فلا ننسى ثورة 1919 وانتخاب الوفد لتشكيل الوزارة مرات عديدة، ومظاهرات المعاهدة التي أدت إلى معاهدة 1936 التي أجبرت الإنجليز على الجلاء، ثم مظاهرات عام 1951 التي أنهت المعاهدة لسبب بقاء الجيش الإنجليزي حول قناة السويس.
وفي خضم ذلك التاريخ السياسي المضئ تمسك الشعب والدستور والحاكم بقيم وتقاليد الدولة المدنية. لذلك لم يكن غريبا أو شاذا أن يكون على رأس الوزارة، أو أن يتبوأ أهم الوزارات السيادية مصري مسيحي أو يهودي، ولم تشهد مصر ـ حتى قيام حركة الإخوان المسلمين عام 1928 ـ أية محاولة لتدخل مؤسسات الدولة الدينية الممثلة في الأزهر أو الكنيسة في اللعبة السياسية، وحتى أن مصطفى النحاس باشا، المشهود له بتدينه القوي، لم يتورع عن التدخل الشخصي ليمنع الشيخ حسن البنا من محاولة خوض الإخوان في العملية السياسية والانتخابات لأنها جماعة دينية لا محل لها في الساحة السياسية المدنية.
وقد انشرح صدري حينما رأيت وسمعت الشعب المصري اليوم وهو يصرخ في ميدان التحرير "سلمية.. سلمية" و"مدنية.. مدنية". نعم، إختار الشعب من جديد أن يعيد تاريخ الأجداد، وأن يشارك في صنع الدولة المدنية وسياساتها ودستورها مجددا. وأرفع القبعة احتراما للمؤسسة العسكرية التي حمت الإرادة الشعبية واختارت الوقوف بينها وبين السلطة لحمايتها أولا، ثم معها وضد السلطة لنصرتها ثانيا، وأخيرا إرتضت أن تبقى لتحمي المرحلة الانتقالية نحو الدولة المدنية التي حددت مدتها بستة أشهر، وذلك لتأمين وصول تلك الإرادة الشعبية إلى أول الطريق الصحيح.
وأريد هنا أن أكرر ما قاله الكثيرون من قبلي، وهو أن الدولة المدنية ليست دولة لادينية أو ملحدة، ولكنها دولة تفصل من خلال دستورها وحكمها بين المدني والديني. بمعنى أن الديني لايحكم أو يتلوث بالعملية السياسية المراوغة والمداهنة، والتى تعلو غلبة أحزابها أحيانا وتهبط أحيانا، والتي تتصارع فيما بينها، والتي تهادن قوى خارجية أو تعاديها ليس لأسباب أخلاقية سامية ـ كما تنادي الأديان بصفة عامة ـ ولكن لحسابات المصلحة والمنفعة من جانب، أو الخسارة والضعف على الجانب الآخر. وها نحن نبصر بعيوننا كيف تشوه صورة الله والدين على أيدي من يدعون التحدث باسمه ويتحزبون له في ناحية، ويقترفون خطيئة السياسة وألاعيبها من ناحية أخرى، والأمثلة عديدة في لبنان وغزة وعند الظواهري وبن لادن، وفي أيرلاندا وإسبانيا حتى عهد قريب.
إذن ففي الدولة المدنية خلاصا من تلك السقطات، وهي أيضا تقبل التجديد والتغيير. فقانون الله ودستوره ثابت دائم لا يتبدل أو يتغير، ولكن القوانين والدساتير الوضعية قابلة للتغيير والتعديل والإضافة والحذف. وفي مقدورنا أن نصنع كل هذا من خلال خبراء وقانونيين يكلفوا بالتعديل أو التبديل أو حتى خلق مواد لم تكن موجودة أصلا. وهذا يختلف عن موقف علماء الدين الذين يقفون أمام نص ديني، فإذا بهم يخرجون علينا بفتاو تبيح إرضاع الكبير وشرب بول الإبل وما إلى ذلك من صراعات فكرية تقحمها مجابهة النص المقدس ومحاولة تشريعه أو فلسفته. أما عن الدين وتعاليمه فأنا أكرر بل وأصر أنه يجب أن يبقى وسطنا لأننا شعب متدين بالفطرة حتى قبل أن تأتينا الرسالات السمائية، فهو إذن جزء لا يتجزأ من ميراثنا الثقافي والحضاري، نسعى دائما للإستزادة منه والسباحة في بحوره لنعلو به، ونسمو من خلاله أخلاقيا وروحيا.
تعلو هذه الأيام نداءات بالإستفادة من التجارب الإنسانية والشعوبية الأخرى، وتلاحقنا بالذات التجربتين التركية والماليزية. وبالرغم من احترامي لهاتين التجربتين، إلا إن التجربة التركية جاءت بعد سقوط الإبراطورية العثمانية في أوائل القرن الماضي وحلول الدولة الأتاتوركية بما لها وما عليها، وهي على أي حال مختلفة تاريخيا مع التجربة المصرية، وهي تجربة في طريقها للتغيير عن مسارها الأول على أي حال، في خطوات تبدو محسوبة، تهدف للإبتعاد رويدا عن مبادئ المدنية الخالصة بوصول حزب التنمية والعدالة الإسلامي للحكم، وسقوط مبدأ محافظة الجيش على الدستور ومبادئ الحكم المدني العلماني هناك، ولذلك نري تغير سياسات الحكومة التركية وتبدلها بعيدا عن الاقتراب من اللحاق بركب الإتحاد الأوروبي، والتصاقها بسياسة الجمهورية الإيرانية الإسلامية في الشرق الأوسط، وعقد اتفاقات إقتصادية وتحالفات عسكرية معها. أما عن التجربة الماليزية، فأنا لا أحبذها لأنها تتميز بالطائفية، فيحكم الإسلاميون البلاد لأنهم أكبر الطوائف الثلاثة (الإسلامية والصينية والهندوس) عددا، وإن كانوا لا يمثلون أغلبية عددية بها (أي لا يمثلون 51% من السكان). كما إن شعب ماليزيا مختلف عنا كمصريين تمام الإختلاف بسبب البعد الجغرافي والحضاري، ولا يربطنا به سوى الشق الديني، بينما نتحدث عن الدولة المدنية.
وهنا أريد أن أطرح التجربة الإسبانية كمثال أقرب لشعبنا وتجربته. فقد كتب مفكرنا وأديبنا الراحل طه حسين ـ أبو الليبرالية المصرية ـ في كتابه القيّم "مستقبل الثقافة في مصر" عن اقتراب ثقافة الشعب المصري من ثقافة حوض البحر المتوسط عن باقي الثقافات الأخرى القريبة منا جغرافيا أو البعيدة، بل إنه كتب إنها أقوى أثرا وأكثر اقترابا إلينا من الثقافة العربية. وأنا لا أريد أن أخوض في نقاش هذا الكلام الآن، ولكن لنفحص التجربة الإسبانية معا لنرى مدى قربها أو بعدها عن تجربتنا اليوم. لقد جاءها الحكم العسكري المستبد على يد الجنرال فرانكو عام 1936 الذي تربع فوق كرسي السلطة حتى وفاته عام 1975. وهنا أخذ الملك كارلوس بمقاليد الحكم ولكنه أرسى قواعد الحياة الديموقراطية التي اكتملت بانتخابات شعبية نزيهة عام 1977 وبوضع دستور برلماني جديد عام 1978 وبدأت إسبانيا تدخل حقبة الديموقراطية حتى صارت اليوم ملكية دستورية تحكمها الحكومة الحاصلة على أغلبية الأصوات في الانتخابات التشريعية وتتغير كل أربع سنوات. وصار الإقتصاد الإسباني رقم 12 عالميا والسادس أوروبيا وثالث مستثمر اقتصادي خارجي في العالم. وهنا أود أن أشير إنه بالإضافة لكونها دولة صناعية وزراعية ـ كما نتمنى أن تصير مصر ـ إلا أن العائد السنوي من السياحة عام 2006 وصل إلى 40 مليار يورو وهي تمثل نحو 5% من الدخل القومي. كما أود أن أضيف أن الغالبية العظمى من السكان (76%) من الكاثوليك المتدينين، ولكننا لا نجد أي تداخل ما بين الدين والحكم. ومن الناحية الثقافية والحضارية نجد تقاربا بين الموسيقى والطعام والأعمال السينمائية والأدب الإسباني والمصري لا تخطئه العين. ومعروف طبعا شغف الإسبان بكرة القدم وعظمة وعراقة أندية كرة القدم بها، مثل بارشلونا وريال مدريد الإسبانيين.
لقد نادى الشباب أصحاب الشعلة التي أوقدت الثورة الشعبية المصرية بالدولة المدنية منذ اليوم الأول لهذه الثورة. ولكني أرى الشباب وقد أزاحوا الطريق للقوات المسلحة المصرية لتحمي عملية التحول السلمي نحو ذاك الهدف. وحمل الشعلة ـ مؤقتا ـ الجيش المصري ليتيح التحول السلمي للسلطة. نعم أؤمن بأن عملية التحول تحتاج إلى وقت، وصبر، وإصرار لئلا تنطفئ الشعلة، ولكننا الآن ـ وبينما نصبر مع كل المصريين ـ من حقنا أن ننظر للأمام، وأن نحلم لمصر بتحقيق تجربة شبيهة بالتجربة الإسبانية، وأكثر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل كان في مصر ديمقراطية قبل 1952
سامي المصري ( 2011 / 2 / 17 - 22:49 )
سيدي الفاضل لم يكن هناك أي شكل من الديموقراطية في مصر قبل عام 52 بل كانت هناك مجموعة أحزاب فاسدة بعضها يخدم ملك فاسد والآخر يخدم الاستعمار الأكثر جرما. والشعب المصري ضائع تماما، حيث تتركز ثروة مصر في يد الإقطاعين الذين يشكلون نصف في المائة من الشعب، بينما بقية الشعب المصري في حالة مذرية بالغة الضنك والعوز. كانت الانتخابات البرلمانية مهزلةلا تقل فسادا عن عصر مبارك الأسود عشتها بنفسي، يشترك فيها البلطجية والدهماء، لا يمكن أنسى الطابور الطويل من عربات الكارو الذي سار لؤيد أحد المرشحين لمجلس النواب وما تخلله من عرض بزيئ. لست أعرف لمصلحة من تشويه تاريخ مصر الحقيقي ونتاقل هذا التشويه من شخص لآخر دون أي محاولة لتحري الحقيقة, أخي الفاضل من فضلك اقرا مقالي بالحوار على الرابط التالي؛
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=246373


2 - تعليق من الكاتب
شريف مليكة ( 2011 / 2 / 18 - 01:42 )
عزيزي الأستاذ سامي، من خلال مقالك القيم أطلعتنا سيادتك على تاريخ ديموقراطي مشرف للشعب المصري -أقامها الإنجليز لمحاربة حزب الوفد الممثل للحركة الوطنية والحائز على الأغلبية الشعبية نتيجة لتاريخه العريق- وإن كان قد فسد ـ كما قلت ـ خلال المرحلة التي سبقت الحركة المباركة كما أطلق على أنفسهم الضباط الأحرار. سؤال واحد: هل كانت نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات وقتها أعلى أم أقل منها اليوم؟. وأنا لم أنكر الفساد الذي شاب العملية الديموقراطية حينذاك. ولكن سياق المقال ـ وهو الأهم في نظري ـ يكمن في إضفاء روح الأمل في مستقبل ديموقراطي أفضل، في ظل دولة مدنية تقدمية تستطيع أن تثبت أقدامها على الأرض في حين تعلو برأسها عاليا لتنافس أعتى الديموقراطيات العالمية. وأظن إنه من الواضح أن ذلك في صالح مصر أولا وأخيرا ولست أدري كيف أجيبك عن تساؤلك -في صالح من؟- أكتب هذه الكلمات بأكثر من هذا. وفي النهاية أشكر لك قراءة كلماتي هذه.


3 - التاريخ وعبد الناصر 1
سامي المصري ( 2011 / 2 / 18 - 05:49 )
أخي العزيز الأستاذ شريف من المؤكد أني أتفق مع الأهداف والمبادئ النبيلة لمقالك الهام. المشكلة أنه منذ عصر السادات الأسود وهو يقوم بتشويه التاريخ لحساب الوهابية البشعة، ليخفي الإنجازات الوطنية العملاقة التي قام بها عبد الناصر. التاريخ الحقيقي لمصر لم يكتب بعد، وكثير ممن نضعهم فوق عرش البطولة هم أقزام وخونة بينما الأبطال الحقيقيون أخفوا هم وأعمالهم تماما. أمجاد ثورة 1919 العظيمة ودستور 1923 كان معطلا معظم الوقت وحزب الوفد لم يبلغ إلى السلطة إلا لأوقات قصيرة جدا وتحت ظروف قاهرة خلال عصر الملك فؤاد وفاروق بسبب فساد وتزوير الانتخابات المستمر، بينما ظهرت شخصيات عميلة للملك أو للإنجليز أو لكليهما اعتلت الوزارات أمثال محمد محمود وعلى ماهر وإسماعيل صدقي. أتذكر أن الانتخابات أيام الملك لم تكن آمنة مما كان سببا في إحجام الكثيرون عن الاشتراك فيها. أول انتخابات آمنة اتسمت بعدم أي تدخل حكومي واشترك فيها أغلبية الشعب المصري كانت انتخابات 1957 بعد أن صدر دستور جمال عبد الناصر العظيم والذي وضعته لجنة من أساطين القانون تحت إشراف السنهوري، ليماثل أعظم الدساتير الأوربية؛
للحديث بقية


4 - التاريخ وعبد الناصر 2
سامي المصري ( 2011 / 2 / 18 - 06:55 )
يقولون كانت الانتخابات حرة بعد أن تم حل الأحزاب، وأقول وهل كانت الأحزاب تمثل الشعب أو تعني الديمقراطية وهي تعمل على تأكيد وجود الاستعمار البريطاني؟!!! إن حل الأحزاب كان الضربة القوية للاستعمار، فعندما لم يعد له ركيزة قرر الرحيل عن مصر وتم توقيع اتفاقية الجلاء عام 1954. هل أحزاب عصر مبارك وحرية الصحافة تعني أي شكل من الديمقراطية بينما الدستور سلطوي فاسد تماما (دستور السادات 1971 الذي شوه دستور عبد الناصر)؛
المشكلة إن أكثر من أسيء لهم بسبب هذا التشويه المتعمد للتاريخ هم الأقباط الذين تعرضوا للعدوان الوهابي الصهيوني المشترك في عصر السادات ومبارك، والإرهاب الإخواني المدعم من الاستعمار في عصر الملك حين كانت الكنائس تحرق والأقباط أحياء بداخلها (كنيستي الزقازيق والسويس الذي عايشته). في نفس الوقت كان عصر عبد الناصر هو عصر سيادة القانون حيث كان أكثر العصور آمانا للأقباط، ومع ذلك فأكثر من يردد أبواق الدعاية الوهابية الصهيونية ضد عبد الناصر هم الأقباط بدون وعي. إن ما يحزني جدا هو التراجع الثقافي الحضاري للمجتمع القبطي في الأربعة عقود الماضية التي ساهمت فيه إدارة الكنيسة بقدر كبير؛
للحديث بقية


5 - التاريخ وعبد الناصر 3
سامي المصري ( 2011 / 2 / 18 - 07:07 )
كما قلت إن ما يحزني جدا هو التراجع الثقافي الحضاري للمجتمع القبطي في الأربعة عقود الماضية والتي ساهمت فيها إدارة الكنيسة بقدر كبير، كما ساهمت المنظمات القبطية خارج مصر، والتي تردد نفس العبارات الوهابية الصهيونية لتشويه حقائق التاريخ المدني والكنسي. ومن المؤسف أن الحقائق المشوهة علقت بالثقافة القبطية حتى صارت مسلمات. أنا أؤمن بأهمية التاريخ القصوى في تحضر الإنسان وتشويه التاريخ معناه تعويق العمل الحضاري أمام إنسان الحضارة المصري الرائع. أخي العزيز إن ذلك يثير اقسي ألمي ولذلك سأظل اكتب مع التركيز على التاريخ الذي رأيته بعيني وعايشته من موقع المسئولية، وحتى آخر نسمة من عمري. لم أقصد بحديثي أن أعترض على رأيك الذي اتفق معه بقدر ما أقصد تصحيح الرؤية التاريخية التي تشوهت بسبب كثرة المنظريين ؛
مع كامل إعزازي ومحبتي؛


6 - تعليق من الكاتب2
شريف مليكة ( 2011 / 2 / 18 - 13:42 )
الأستاذ سامي: أرى أن سيادتك من أشد المعجبين بالعصر الناصري حتى أنك فقدت موضوعيتك. أنا آسف على قولي هذا ولكن موضوع المقال لا يفاضل من قريب أو من بعيد بين رؤساء مصر العسكريين الثلاثة منذ عام 52، ولكنك مصمم على إقحام عهد عبد الناصر وكأنه عهد الديموقراطية والحرية الحقيقي بعكس قول أكثر الناصريين تشددا مثل هيكل ورشدي سعيد. ولكنك ذهبت بعيدا لتقول: -إن حل الأحزاب كان الضربة القوية للاستعمار- وهنا أرجو أن نقف قليلا ونتفق أن الديموقراطية والحرية هما السبيل الوحيد للتقدم والتحرر الحقيقي والنمو، ومع احترامي لشعبية المشروع الناصري بعد الثورة فقد أدت رعونته وديكتاتوريته إلى دمار مصر عسكريا واقتصاديا ومعنويا، ثم جاء السادات من بعده ليدمر المجتمع المدني وما بقى من الاقتصاد، ثم أتم مبارك التخريب بتغليب فساد نخر في الجسد المصري لثلاثة عقود حتى تحولت مصر إلى عملاق من الفخار الهش. الآن علينا صنع الدولة المصرية من جديد، فلننظر للأمام ونترك الآلهة والأصنام وراءنا لأن الوقت مقصر.


7 - عبد الناصر ليس الملك أو السادات أو مبارك
سامي المصري ( 2011 / 2 / 18 - 20:38 )
الأستاذ شريف: هناك فرق ضخم جدا بين هيكل ورشدي سعيد، هيكل كذاب ومن أكثر من شوه عصر عبد الناصر بالتعتيم على الجرائم التي ارتكبها الروس ضد مصر بتدمير عبد الناصر. أما كتاب رشدي سعيد «رحلة عمر» فأشعر أن ما به من أحداث يتماثل مع قصة حياتي ومع كل ما تعرضت له أنا شخصيا من مشاكل كقبطي في عصر عبد الناصر وفي عصر السادات، والفرق الشاسع بين العصرين المختلفين تماما في كلي شيئ. عصر عبد الناصر لم يكن يخلو من مشاكل وتعصب وفساد ليس مصدرها عبد الناصر بل الخونة القابعين وراء شخصيات متدنية من الثورة وبالتحديد كمال الدين حسين والشافعي والسادات. أما في عهد السادات فاستشرى الفساد والتعصب والمصائب ضد مصر والأقباط بالذات يقودها السادات بنفسه حيث الشعراوي والحجاب والنقاب. أيضا الحزب الناصري يسيئ لعبد الناصر. إن الإساءة لمنجزات عبد الناصر جريمة قومية شنعاء قام بها السادات والإخوان المسلمين لحساب الوهابية والصهيونية التي أرساها هنري كسنجر في مصر، وسار حسني مبارك على دربه في اتجاه معادي للوطنية المصرية، والعودة بمصر لعصر الملك الفاسد والاستعمارالبغيض؛
سأظل أكتب التاريخ الصحيح لعل الأقباط يفيقون؛
مع تحياتي


8 - رد الكاتب3
شريف مليكة ( 2011 / 2 / 18 - 21:11 )
الأستاذ المحترم سامي المصري، مرة أخرى أرجو من حضرتك الوقوف على الغرض من المقال في الدعوة لحياة ديموقراطية حقيقية ترتفع بمصر من موقعها الحالي كبلد من العالم الثالث الذي يعتمد في وجوده على المنح والهبات والقروض الخارجية في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية وحتى الثقافية لتصير بلد رائد وغني كما نتمنى له. ولن يتأتى لنا أن نصل لهذا الهدف لو تمزقنا وتباعدنا بسبب اختلافات أيديولوجية وتحزبات سياسية أو دينية. لقد كتبت أن مصر عريقة في الممارسات الديموقراطية لأكثر من مائة عام، وتستطيع بالتالي لأن تستعيد مسارها الديموقراطي وتسمو به وترتفع لتكون إسبانيا الجديدة. ألا تتفق معي على أنه يجب علينا أن نتفق حول شعلة الثورة المتقدة ونرمي من ورائنا تلك الخلافات الأيديولوجية التي من شأنها أن تقسم صفوفنا وتشغلنا عن الهدف الذي ينبغي أن نسعى نحوه؟


9 - رد أخير
سامي المصري ( 2011 / 2 / 19 - 03:35 )
أخي العزيز الفاضل: المشكلة أنه أصبح تقليدا قبطيا من طقوس الكنيسة أن كل قبطي يتكلم في السياسة يبدأ بالبسملة والهجوم على عبد الناصر، غير المستند لأي حقيقة أو معرفة أو أساس تاريخي علمي، وذلك يسيء للحقيقة ولنا كأقباط. مصر لا يمكن مقارنتها بأسبانيا لآن مصر أهم بلد على الأرض. مصر عبد الناصر أسقطت حكومة إنجلترا وفرنسا وإسرائيل بل وسقطت الحكومة الروسية بالتبعية. شارل ديجول يعترف أن ما جاء به إلى الحكم هو الدور المتحضر لمصر عام 1956 الذي أعاد للعالم شكل تحضره بعد السقوط الرجعى الذي حدث نتيجة للحرب العالمية الثانية. أحرار العالم وقياداته المفكرة مثل نهرو وتيتو ونكروما وسوكارنو والأسقف مكاريوس كانوا يسيرون في هدي عبد الناصر وتوجيهه وراء مصر أم الحضارات. الهند كانت أقل تحضرا من مصر تسير خلفها. لذلك تحالفت كل قوى الشر والاستعمار في العالم ضد عبد الناصر. وجاء عصر العبيد السادات ومبارك ليقدما للاستعمار كل ما يريده فتوقفت الحروب مع توقف العطاء المصري المتحضر. متى يعود الأقباط للكتاب والقراءة ليتمسكوا بالمعرفة والعلم لا بترديد أكاذيب الاستعمار الوهابي الصهيوني التافه؛
شكرا لاحتمالك ما أقوله

اخر الافلام

.. هل ينتزع الحراك الطلابي عبر العالم -إرادة سياسية- لوقف الحرب


.. دمر المنازل واقتلع ما بطريقه.. فيديو يُظهر إعصارًا هائلًا يض




.. عين بوتين على خاركيف وسومي .. فكيف انهارت الجبهة الشرقية لأو


.. إسرائيل.. تسريبات عن خطة نتنياهو بشأن مستقبل القطاع |#غرفة_ا




.. قطر.. البنتاغون ينقل مسيرات ومقاتلات إلى قاعدة العديد |#غرفة