الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدعوة الى ثورة لتطهير دواخلنا وتصحيح وعينا قبل الثورة على النظام والسلطة

حيدر نواف المسعودي

2011 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


الدعوة الى ثورة تطهير دواخلنا وتصحيح وعينا
قبل الثورة على النظام والسلطة
نفتخر نحن العراقيون بأننا بلد الحضارات وإننا أول من سن القوانين والتشريعات وإننا بلد الأبطال والمثقفين والثورات والثائرين، ولكن منذ عقود وللأسف لم يبقى من هذه المسميات أو الميزات إلا حروفها ورسومها وفقدت تماما جوهرها الحقيقي وفعلها الواقعي والمؤثر.
العراقي منذ عقود يمتهن ويسرق ويقمع بإشكال ووسائل ومسميات مختلفة مرة باسم القومية العربية ومرة باسم خيانة الثورة والمبادئ ومرة باسم التأمر على الحزب والثورة وأخرى باسم حماية الطائفة والمذهب وأخرى باسم محاربة الإرهاب وفلول النظام السابق ومرة باسم الفتنة الطائفية ، ثم بدا يذبح الشعب بسرقة رزقه ونهب حقوقه وأمواله وثرواته وخيراته .
واستطاعت السلطات المتعاقبة طيلة هذه العقود من تدجين الشعب العراقي وسلبه شجاعته وعزته وكرامته وتحويله الى مسخ منزوع الإرادة والتفكير وتشويه وعيه وثقافته وسلبه الانتماء والولاء والروح الوطنية وتأطيره ضمن إطارات ضيقة مجوفة منزوع الفهم والإرادة والوعي موكل تفكيره الى عقول مجذوبة خاوية مسمومة تفكر عنه وتوجه مساراته وإرادته نحو خدمة ثنائية عقدت زواجا تكافليا يخدم مصلحتها ثنائية من مقدس يشرع وسلطوي يحكم وينفذ ويسلب الواقع وهذا الزواج المقدس المبارك تكافلي تكاملي لاغنى لأحدهما عن الأخر من اجل ديمومة ونمو المال والسلطة والقوة واستنزاف الأخر من كل مافيه من قوة وإرادة ومادة ،
وهكذا انقسم العراقي بين إرادتين متحدتين تحققان نفس الغاية بوسائل مختلفة البعض مستلب بإرادته من قبل مقدس لايقبل المساس به والأخر مستلب من قبل قوة سلطوية تبهره بسطوتها ونفوذها وأموالها علما انه يجري ورائها كالسراب وهي لاتروي عطش سوى تلك النخبة من الطبقة السرية التي اغتصبتها على حين غفلة تحت جناح ظلام دامس من ليل العراق الطويل ، إما اؤلئك الأذيال فيبقون يسبحون ويهللون باسم السلطة وأركانها عسى أن ينالوا نفحة من نفحاتها أو يصيبهم شيئا من رضى السلطان أو بركاته أو قد ينالون ركنا قصيا هنا أو هناك من بلاط السلطة اللامتناهي .
الخلاصة استطاع زواج المؤسسة الدينية ومؤسسة السلطة في العراق منذ 2003من إنتاج شعب مسلوب الإرادة والتفكير والوعي والقوة كما قلنا مؤطر بأطر مبتدعة طائفية أو قومية أو حزبية .
وبدا العراقيون يبدون وكأنهم أدنى الشعوب وطنية وحبا للوطن فالولاء للحزب أو المذهب أو القومية أو للسلطة كمؤسسة تمتلك المال والقوة هذه الولاءات أزاحت الولاء الوطني الى أماكن بعيدة عن الوعي والثقافة العراقية ، ولعل هذا الأمر كان حاضرا قبل 2003 ولكن بمفهوم أخر وهو أن العراق كان مسلوبا من قبل قائد أوحد وحزب واحد وحكم اقتصر على عائلة ضيقة الحدود جدا فكان يقال عراق صدام حسين أو إذا قال صدام قال العراق( فاختزل معنى الوطن والوطنية وحب الوطن في الولاء لصدام وحب صدام) ، وهذا ما أدى الى توليد مفهوم كريه ومنبوذ لحب الوطن والوطنية والولاء والانتماء الى حد قتل الروح الوطنية العراقية زمن النظام السابق ، وهذا ما أدى الى عجز العراقيين عن إزاحة النظام السابق بأيديهم واستعانتهم بأمريكا والقوى السياسية المتحالفة معها لإسقاط نظام صدام ، وكان متوقعا انه وبعد انتباه العراقيين الى أن أمريكا بسبب سياساتها المتخطبة وأخطائها الفادحة التي أودت بالعراق وشعبه الى الهاوية والخراب والدمار أن يؤدي ذلك الى تنامي وعودة الحياة الى الروح الوطنية ، ولكن ماجرى وللأسف الشديد وقوع العراقيين في فخاخ الولاءات المشتتة للوحدة الوطنية أو وحدة الصف الوطني والقضاء مرة أخرى على الروح الوطنية التي وللأسف الشديد لم تعد للحياة أبدا .
يقال أن الاعتراف بالخطأ فضيلة ويقال انه ليس كافيا أن يعرف الانسان خطاه فالاهم هو عدم العودة الى نفس الخطا وامتلاك القدرة على تصحيح هذا الخطا .
ينتقد البعض ويلوم ويقول لماذا يثور العراقيون اليوم على سلطة وأشخاص وحكومة هم انتخبوها وأوصلوها الى الحكم ؟ ولماذا أعاد العراقيون انتخاب نفس هذه السلطة والأشخاص لمرتين متتاليتين علما أنهم قد جربوا فساد وانحراف وأخطاء هذه السلطة وأشخاصها ؟
ولماذا لم يستمع العراقيون الى نصح وتوجيه القوى والشخصيات التي وجهتهم نحو الحذر من إعادة انتخاب نفس هذه السلطة ونفس الشخصيات وتقديم الأدلة والوثائق عن مساوئ وأخطاء وفساد هذه السلطة ورموزها؟
لست بصدد التبرير أو الإجابة عن هذه الأسئلة بدلا عن احد أو عن العراقيين عموما وأنا كنت من بين الذين وقفوا دوما ولازالوا يقفون موقفا معارضا على طول الخط ضد هذه السلطة والوضع السياسي والسلطوي المتردي ، وكنت من المحاولين دوما تصحيح وعي الجماهير واطلاعها على الكثير من الحقائق والوقائع .
ولكن أقول أن الشعوب قد تخطا أحيانا في تقديراتها وقراءاتها للوقائع والحقائق برغم أن أخطاء الشعوب قد تكون أحيانا كارثية تودي بالكثير من مقومات المجتمع والبلاد وحتى بمسارات التاريخ وتشكيل الحضارة والوعي , وهو ماحدث مع العراقيين حين اساؤا واخطاؤا في قراة الأوضاع والتقديرات والوقائع ووعي وفهم أحداث ومعطيات الواقع العراقي بشكل خاطئ وخطر جدا مثال ذلك عدم استطاعة الوعي الشعبي العراقي من فهم حقيقة الفتنة والمؤامرة الطائفية التي غذتها وأشعلتها قوى عجزت عن إضعاف العراق وتمزيق وحدة صفه وتآخيه بشتى الوسائل فلم تجد غير هذه المؤامرة والفتنة التي انطلت ولازالت تنطلي على الوعي الشعبي أو أن البعض اسلم فهمه ووعيه لآخرين يفكرون عنه برغم علمه أن مايحدث تآمر وفتنة من قبل قوى خارجية لإضعاف العراق وتدميره وفي مقدمة هذه القوى إيران التي أثارت وتثير وتغذي هذه الفتنة ولاسيما النعرة الطائفية الشيعية مع وجود قوى سياسية عراقية أصبحت أدوات تنفيذية لهذه الفتنة فهي من جانب تحقق أجندة خارجية اشرنا إليها آنفا ومن جانب أخر تحقق أجندة للقوى السياسية الدينية التي لم ولن تستطع تحقيق المكاسب وكسب القواعد والجماهير والوصول الى السلطة والحكم إلا بإدامة التناحر والتنازع والفتنة المذهبية ، واضفاء المقدس على كينوناتها .
والآن هل إن الشعب العراقي قد عاد الى تشكيل وعيه بشكل صحيح وموضوعي والفهم إن كل ماجرى ويجرى القصد منه إضعاف وتشويه ومسخ الإنسان والعقل والفهم والوعي العراقي وتدمير القيمة الأقوى في كل المعادلة وهو الإنسان فحين يتم تخريب وتفريغ الإنسان فكريا وثقافيا ونفسيا ووعيا يصبح من المستحيل بناء مجتمع سوي اوحضارة اوثقافة اودولة , ويأتي ضمن هذا المنهج التخريبي ماتحاول القوى الدينية فرضه من كبت وقمع ثقافي وفكري وحضاري يتمثل في محاربة الثقافة والفكر والفن والعلم من خلال فرض منع وحظر ومحاربة المنتديات الثقافية والاجتماعية ومؤسسات الأدباء والفنانين والمثقفين ومنع الفعاليات الثقافية والفنية والفكرية أو إفراغها من محتواها ومضمونها الحقيقي والمجدي إلا ما يتفق بالمطلق مع منهج هذه القوى وتفكيرها واملاءاتها ويخدم أهدافها وتوجهاتها التي تريد إرجاع البلاد الى أزمنة التخلف والظلام .
والآن اعتقد مرة أخرى الى أن الإنسان العراقي بدا يشكل وعيا وفهما وثقافة أخرى جديدة ، تحتم أولا أن يبدأ العراقي عملية اعادة بناء و اصلاح للذات وعملية تطهير داخلي وتنقية من الشوائب الخطيرة الدخيلة على وعيه وقيمه وتصحيح للفهم والوعي وفي الأخير الى عملية توبة عن كل الأخطاء والإساءات والذنوب بحق أنفسنا ووعينا وبلادنا .
من هنا يمكن القول أن الثورة حين تنهض لإصلاح أو لتغيير سلطة وواقع فاسد ستكون ثورة صادقة ومؤثرة وفاعلة وناجحة في الوصول الى أهدافها ومبتغاها .
إما بدون خوض هذه العملية من التطهير والتوبةو التجديد والتحديث للإنسان والوعي والإرادة تصبح الثورة ضربا من الفوضى وزيادة في الخراب والمأساة ، فمع استمرار نمو أمراض الماضي داخل عقولنا ووعينا وقلوبنا وضعف إرادتنا ووحدتنا لن يكون هناك تغيير حقيقي بمعنى الكلمة مطلقا لان ماسينتج عن أي محاولة من هذا النوع هو استنساخ طبق الأصل لما هو قائم وموجود من واقع متردي في كل مفردات حياتنا كعراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - صحوة بعد الممات
كوكب الحجامي ( 2011 / 2 / 18 - 04:59 )
نعم استاذي العزيز وان هذا المنهج والتصحيح والتفات الى الخطا الفادح الذي وقعت به الامه بعد ما غرر بها وخدعت وبعدة طرق ومسميات اضنها واضحه لكل عاقل لبيب فمنها دينيه ومنها علمانيه ومنها طائفية وبضغط من الدول الخارجيه المرتبطه بتلك الاحزاب بمصالح متبادلة اعتقد ان الشعب بدا يلتفت الى الشراك التي وقع بها وان التغير قادم ولكن على قاعدة قرئانية لا يغير الله ما بقوم حتى يغيرو ما بانفسهم ويطيحو يتلك الاصنام التي خدعتهم

اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع