الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإرهاب ومستقبل العرب والمسلمين في الغرب

باتر محمد علي وردم

2004 / 10 / 8
الارهاب, الحرب والسلام


معظم المؤشرات في علاقة العرب والمسلمين بالغرب تتجه نحو السلبية هذه الأيام، كنتيجة مباشرة لحملة "الحرب على الإرهاب" التي تقودها الولايات المتحدة ا وحملة "الاختطاف وقطع الرؤوس والتفجيرات والإرهاب" التي تقودها جماعات متطرفة دينيا وقوميا وتسبب تشويها هائلا لعلاقة المسلمين بالغرب.
ونحن عندما نتحدث عن الغرب فإن هذا لا يعني كيانا متميزا متناسقا من الدول، فالأوضاع في الولايات المتحدة مختلفة تماما عنها في أوروبا وكذلك تختلف في أوروبا نفسها ما بين جنوب أوروبا (ايطاليا وإسبانيا واليونان والبرتغال) ودول شمال أوروبا ( هولندا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وسويسرا) والدول الإسكندنافية مثل السويد والدنمرك والنرويج.
قطع رؤوس الأوروبيين تحت صيحات الله أكبر وتفجير القطارات والطائرات وهذه الحرب الطويلة ضد الإرهاب والتي هي في الواقع حرب ضد عدو مجهول لا يعرف منه إلا دينه وعرقه، أي أنه عربي ومسلم تؤدي حاليا إلى نمط جديد من الحياة والتشريعات لدى الحكومات والمجتمعات الغربية تنعكس سلبيا على حياة الملايين من العرب والمسلمين في الغرب والذين سيصبحون موضع شبهة وتقل أمامهم فرص النجاح في الحياة، بالإضافة إلى المضايقات اليومية التي قد يتعرضون لها.
لقد ركزت وسائل الإعلام الأميركية التي أثبتت سخفا مذهلا في دعمها لحرب المحافظين الجدد على العرب والمسلمين الذين يعيشون في الغرب ووصفتهم بأنهم مصدر تهديد دائم، واستخدمت أوصافا تستعمل عادة في أفلام الرعب الأميركية وهي " النائمون Sleepers " والمقصود بها مجرمون وقتلة ينتظرون تنفيذ الأوامر. وتذهب وسائل الإعلام أبعد من ذلك في وصفها لهؤلاء الإرهابيين الخطرين أنهم عادة ما يكونون مثقفين ومهرة ومهذبين أي أنهم قد يكونوا السكان في البيت المجاور-حسب التعبير الأميركي- وهذا ما يجعل نسبة الشك لدى الأميركيين عالية جدا وهم، كما أثبتت الأحداث الحالية شعب في غالبيته يبني قناعاته وأفكاره كما يتناول غذائه، سريعا ومن خلال وسائل الإعلام. وقد ساهم ذلك في انتشار موجة عداء شديدة ضد العرب والمسلمين.
ولكن في أوروبا تم التعامل بطريقة أكثر هدوءا مع تبعات 11 أيلول، وحتى بعد تفجيرات مدريد لم تكن هناك حملة كراهية ضد المسلمين، وتمكن النظام الديمقراطي الأوروبي والمعتمد على التعايش والتسامح وحوار الثقافات من استيعاب أزمة الثقة، وحتى التصريحات المتطرفة التي كان يطلقها قادة اليمين الأوروبي والتنظيمات الإسلامية المتعصبة لم تلق رواجا لدى الطائفة الأوسع من المجتمعات الأوروبية. ومع ذلك فإن نظرة الشك تبقى موجودة في مواجهة العرب والمسلمين، وأن كانت قد نشأت بفعل أبعاد اقتصادية وثقافية فقد اصبحت سياسية وأمنية الآن.
هذا التوجه في التعامل مع العرب والمسلمين ستكون له أيضا تأثيرات كبيرة على فرص الدراسة بالنسبة للعديد من الشباب العربي الموهوب وخاصة في التخصصات الفنية الحديثة مثل الطاقة النووية وبرمجة الحاسوب والهندسة الوراثية وتقنيات الحياة الدقيقة والتي قد تستخدم لاكتساب مهارات " إرهابية". وهذا من شأنه بطبيعة الحال أن يعطل كثيرا من فرص اكتساب المعرفة الحديثة من قبل الباحثين العرب الذين سيصبحون في نظر أساتذتهم وجامعاتهم الغربية متهمين بالإرهاب إلى أن يثبت العكس، وقد لا يثبت ذلك أبدا.
هناك الآن الكثير من الجدال بين المجتمعات العربية في الغرب حول استراتيجية تواجدها في هذه الدول، وقد يكون ذلك مفيدا في حال بدأ العرب يقتنعون بضرورة بذل المزيد من الجهود في الارتباط بدولهم الأصلية وترك خيارات بديلة للعمل والاستثمار في الدول العربية والإسلامية، وربما يكون التوجه هو المزيد من الاندماج في المجتمعات الغربية إذا لم تقدم لهم دولهم العربية مناخا مغريا للحياة والعمل وهم المعتادين على نمط من الحرية والتنافسية لا يتوفر في الدول العربية أما الخيار الثالث والأكثر سوءا فهو التوجه نحو المزيد من العزلة مع المجتمعات الغربية.
على كل حال، لا تزال توجد تحت سطح بروباجاندا الإعلام الغربي وسذاجة تصريحات الكثير من السمؤولين عقلانية بين نسبة عالية من النخبة المثقفة في الغرب والتي يمكن بناء جسور التعاون معها لحماية الإسلام من تشويه سمعته إما بواسطة بعض قنوات الإعلام الغربي أو على يد بعض أتباعه للأسف، وسوف يكون المستقبل امتحانا صعبا أمام المجتمعات العربية والإسلامية في الغرب للخروج بأقل الأضرار وعلى هذه المجتمعات أن تثبت الكثير من الوعي والتفهم لإدارة حياتها في جنة الديمقراطية الأوروبية بشكل صحيح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض ضغوط عضو مجلس الحرب بيني غانتس لتقديم خطة واضحة


.. ولي العهد السعودي يستقبل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سو




.. جامعة أمريكية تفرض رسائل اعتذار على الطلاب الحراك المؤيد لفل


.. سعيد زياد: الخلافات الداخلية في إسرائيل تعمقها ضربات المقاوم




.. مخيم تضامني مع غزة في حرم جامعة بون الألمانية