الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكمة يا حكماء كردستان

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2011 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


مع ان حق التظاهرالسلمي حق مشروع ومكفول دستوريا ، وهو حق شرعي من حقوق الانسان ، ويعد في بعض الاحيان وسيلة لتحقيق اهداف مشروعة ، الا انني لم اكن اتمنى ان تحدث مظاهرة اليوم 17 فبراير في محافظة السليمانية ، ليس لان الخدمات في كردستان مرضية او ان النظام السياسي متكامل ولا يحتاج الى تعديلات واصلاحات ، انما لان المنطقة تشهد ثورات شعبية ضد الانظمة الاستبدادية ، ولان حركة التغيير الكردستانية قد طالبت بتغييرات شاملة قبل ايام سببت في ازمة حادة بين سلطة الاقليم والحركة التي تعلن عن معارضتها بشكل رسمي ، فكنت اخشى ان يظن البعض من المتظاهرين ، ونظرا لحداثتنا في ممارسة الديمقاطية وادواتها ، ان هدف كل مظاهرة هو اسقاط النظام والدخول في صراع معه اسوة بما يحدث حاليا في اليمن وليبيا والجزائر وايران وما حدث في تونس ومصر ، او كما خرجنا في مظاهرات عام 1991 ضد النظام السابق ،كما كنت اخشى ان يظن البعض ان حركة التغيير شرعت في سلوك طريق التظاهر لاجبار السلطة على الاستجابة لمطاليبها ، او احراجها على الاقل ،وبالتالي يكون رد فعلها قويا .
لحد الان تنفي حركة التغيير رسميا اي دور لها في المظاهرة ، ولكن لا يخفى ان هذه الحركة تشجع التظاهرات والمطالبات السلمية بتحسين الخدمات والقضاء على ما تسميه الفساد المستشري في كردستان واصلاح النظام السياسي .
على اية حال ، تظاهرت جموع من جماهير محافظة السليمانية ، ولم تختتم المظاهرة كما كنا نتمنى بخاتمة طبيعية كاصدار بيان مثلا او رفع مذكرة بمطاليب المحتجين كما هو الاصول ، انما سالت عند نهايتها دماء كردية ماكان يفترض ان تسيل .
لسنا في موقع ولا نملك المعلومات للتحدث عن الاسباب والمسببين او عن الجهة المسؤولة ، وليست مهمتنا نحن المثقفين الكرد ،في الوقت الحاضر على الاقل، ان ننصب انفسنا حكما فيما جرى او توزيع الاتهامات او البحث عن التبريرات ولا حتى القاء النصائح لقوى سياسية ، هكذا اعتقد . كل ما يمكننا هو التعبير عن اسفنا والابداء عن قلقنا من اراقة الدماء .ومهمتنا ان نبلغ صوتنا لجميع الاطراف بان ما جرى وما يمكن ان يجري مستقبلا ليس الطريقة المثلى ولا الطريقة الصحيحة للحراك السياسي في الاقليم .
مهمتنا هو الاعراب عن خشيتنا من تفاقم الاوضاع وخسارة شعبنا لمزيد من الدماء وتعرض وطننا الى عمليات هدم وتخريب منظمة وواسعة .
مهمتنا ان نقول للقوى السياسية ، ليس هناك طرف لا يعترف بتردي اوضاع الاقليم او ان عملية الاصلاح غير مجدية ، وامام هذا الاتفاق ليس هناك بد من الشروع في الاصلاح ، وان ما حدث اليوم لا يحقق الاصلاح المطلوب ، انما هناك اساليب حضارية يمكن الاحتكام اليها .
وان عملية الاصلاح لا تأتي بثمارها الا من خلال حوار وطني بين جميع القوى السياسية دون استثناء وبمشاركة منظمات المجتمع المدني والمثقفين والحقوقيين من محامين ورجال قضاء .
عملية الاصلاح التي تتفق السلطة مع المعارضة على ضرورتها ، قد لا يستطيع البرلمان الكردستاني وحده التوصل الى صيغتها المثلى ، كما ان كل القوى السياسية قد لا يكون بمقدورها اتمامها ، هكذا يتوجب مشاركة اوسع قطاعات الشعب في بلورتها .
قلت في مقال سابق وعندما اصدرت حركة التغيير بيانها الاخير ، ان المرحلة تتطلب وقوف المثقفين الكرد في صف واحد لتطويق الازمة ومنح الاحتراب الداخلي وليس التفرق لمجموعات متنوعة سياسيا تدعم هذا الطرف او تعارض ذلك الطرف . والان تكبر المهمة ، فمن واجبهم تقريب وجهات النظر وانقاذ الاقليم من اخطار تبدو حقيقية .
اننا نتفق جميعا او على الاغلب ، ان السلطة في كردستان لازالت سلطة شرعية منتخبة من الشعب ، وليس هناك اشارات على ان الشعب الكردستاني قد سحب الشرعية من هذه السلطة ، ولم اسمع حتى اليوم ان هناك قوة سياسية معروفة تدعو الى اسقاط النظام حتى نكون في مفترق طرق، ويتخذ كل منا الموقع والموقف الذي يلائمه ، واعني اننا ، المثقفين الكرد ، لا زلنا على وفاق يمنحنا الفرصة للتوحد وممارسة دور من الحياد الايجابي باتجاه اجراء حوار سلمي بين القوى السياسية ، والدعوة من حكمائنا التحلي بالحلم والحكمة .
مهمة المثقفين ايضا ، توعية جماهير الشعب وافهامها الاسلوب الحضاري في ممارسة حق التظاهر السلمي واجتناب الشغب والتخريب للممتلكات الخاصة والعامة ، والضغط على القوى الامنية للتعامل مع المتظاهرين باعتبارهم ابناء هذا الوطن ، اما من يسئ سواءا كان متظاهرا او من القوى الامنية وينتهك القوانين فيجب ان يحاسب عن اسائته . فليس كل تحرك جماهيري يحمل بالضرورة طابع الشرعية او يتسم بالصواب ، ان استفزاز السلطات بشعارات سوقية او رجم قوى الامن او حرق الدوائر ومقرات الاحزاب السياسية تخرج عن الشرعية ويجب عدم السماح بها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسوأ الفساد فساد الافضل
اسماعيل ميرشم ( 2011 / 2 / 18 - 08:45 )
اعتقد التي حصلت كانت عنف من الجانبين-المتظاهرين- والحراس- و من العدالة ان تحاسب كل طرف وبحجم تسببه بالنزيف الدم النفيس وتشويه صورة الانسان الكوردي محليا واقليميا ودوليا واما التغيير نحو الافضل وهي سنة الحياة وحق الجميع في الامور السياسية والاقتصادية وكذلك الاجتماعية في اقليم كوردستان تحتاج الى اهداف نبيلة تصب في المصلحة العليا للشعب وللوطن والى نفس طويل وعمل مثابر وتحمل المسئولية من قبل الجميع وفي المقدمة القادة قبل القواعد والشعب واعتقد بعدم حصول تغيير جذري وايجابي في اقليم كوردستان بمجرد تقليد شكلي لشباب مصر-رفع الاحذية- فوضع مصر وتونس وغيرها تختلف عن الوضع في الاقليم من جوانب كثيرة رغم تشابه في وجود الفساد والمحسوبية وسوء الخدمات فلكوردستان ظروفها فليبدع شبابها في ايجاد وسائل حضارية تشرفهم وتناسب كورد
نضم صوتنا الى صوت الكاتب بان تسود الحكمة ومصلحة العليا للشعب في ضمائر القادة ويترجمونها في اعمالهم وكذلك الشعب والاطراف جميعا مطلوبين بالحكمة والعمل الواعي المختار وليس رود الفعل العشوائية والانتقام فتكون الجميع من الخاسرين

اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24