الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل نسي المواطن السوري الفرح ؟؟؟

معتز حيسو

2011 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


لم يشذ المواطن السوري عن باقي مواطني العالم العربي الذين رابضوا أمام شاشات التلفاز، فقد تابع بدقة أحداث ثورتي تونس الحرية ومصر الكرامة، في ذات اللحظة التي كان يتملكه فيها شعور الخوف من إجهاض ثورة الشعب المقهور، مما يعني فقدان الأمل في تحقيق حرية الإنسان وذاته التي حولتها أدوات الفساد والقمع السياسي .. إلى مجرد أشياء وسلع تُستخدم حين الطلب. وفي هذا قمة الهدر لكينونة الإنسان وذاته التي يجب أن تكون فوق كافة الاعتبارات والمصالح.و في هذا السياق يجب التنويه بأن واقع المواطن العربي متشابه يصل في بعض الجوانب لحد التماثل، فهو يعاني من الاستبداد السياسي وسياسات الإفقار والاغتراب والفساد ،وقمع الحريات السياسية والمدنية والتضييق على إنشاء الجمعيات وتحديداً المدنية والحقوقية، تغييب القانون المدني المستقل نتيجة لسيطرة قانون الطوارئ,قمع حرية التعبير،محاربة كافة النشاطات والممارسات السياسية والمدنية المستقلة حتى لو كانت تتقاطع في بعض اللحظات مع التوجهات الرسمية. ويجب التأكيد على أن من أسباب منع أو قمع الحريات السياسية والمدنية والتضييق على النشاطات المستقلة، هو أن النظام العربي المسيطر يرى بأن نهايته تبدأ في لحظة إدراك الإنسان لضرورة تحقيق حريته وتحرير ذاته وطاقاته الكامنة للتحكم في مصيره و المشاركة في صنع القرار الوطني ..؟؟؟ وقد بات واضحاً بأن القمع وتعميق ثقافة الخوف،لا ينتج إلا مزيداً من الاحتقان الاجتماعي، فإذا كانت فرائص رموز السلط السياسية ترتعد من مجرد تفكير الإنسان بضرورة الإنعتاق والتحرر، فكيف سيكون رد فعلها عندما تنهض الجماهير دفاعاً عن مصالحها ضد سياسات الفساد والإفقار و مطالبة بتحقيق الديمقراطية ... وبذات اللحظة فإن الإنسان العربي حتى الآن ورغم تجاوزه للخوف نسبياً بعد ما حققه الشعبين التونسي والمصري، لكنه يرتعب من هذه السلط كونها تمتلك أدوات القمع التي يمكن أن تُستخدم ضده في أي لحظة. وبالتأكيد فإن ذاكرة الإنسان العربي تفيض بصور من القمع العاري التي ساهمت في تحويل الإحساس بالخوف إلى وعي وثقافة سائدة اجتماعياً، مما يعني بأن تحول الخوف إلى ثقافة مسيطرة تشل أحياناً قدرة الإنسان على التفكير بإيجاد آليات تساعده على الخروج من واقعه الراهن...لكنه يحافظ بشكل دائم في داخله على عوامل قوته الكامنة التي يمكن أن تتحول في لحظة محددة إلى فعل بالقوة يتعين واقعياً. وكلما ازدادت شدة الاستبداد و تعمق تأثيره في بنية الوعي والتفكير الجمعي،كلما كانت إمكانيات تجلي القوة الكامنة كقوة فاعلة أكثر قوة ومنعة واتساعاً.(أي ترتبط حدة التحولات الاجتماعية وشدتها بأشكال الاستبداد ومستوياته) وهذا التحول يتحقق لحظة إدراك الإنسان لقدرته على التغيير،كونه يمتلك القوة والإرادة التي لا يمكن أن تقهر أو تدفن بفعل الاستبداد والاستغلال .. ومع انتشار أشكال القمع المستتر والعاري فإنه يمكن أن تتجلى التحولات الاجتماعية الثورية بأشكال سلمية،وبهذه الحالة بالذات تكون تجلياتها تعبيراً عن قوة وإرادة الحياة التي من الصعب أن يقهرها القمع،وهذا ما لاحظناه في ثورتي تونس ومصر اللتان تعبّران صراحة عن واقع ومستقبل البلدان العربية، ومن المرجح أننا سنلاحظه في الجزائر و اليمن و البحرين... والمستقبل كفيل بأن يوضح ويكشف ما تخبئه باقي النظم السياسية من أشكال القمع التي يمكن أن تستخدمها ضد شعوبها التي تزداد احتقاناً وتوقاً للحرية في آن واحد.ويجب التأكيد بأنه ليس فقط المواطن العربي يتعلم من التجارب الثورية الراهنة، بل أن النظم السياسية العربية تراقب وتتعلم وتدرس كيفية قمع الحركات الاجتماعية الاحتجاجية في مهدها.
لقد تابع المواطن السوري بدقة ما يحققه الشعب التونسي والمصري من انتصارات، وكان بالتأكيد يجري مقارنة مشروعة بين واقعه وواقع المواطن العربي في الدول الثائرة، فهو ليس أقل من الشعوب العربية الأخرى توقاً للديمقراطية والعدالة والمساواة والتحرر لتحقيق كينونته وذاته الإنسانية...، وليس أقل من أي مواطن عربي آخر من جهة شعوره ووعيه وتفكيره بضرورة التضامن مع انتفاضتي تونس ومصر ... وأيضاً فإنه بالتأكيد كان فرحاً وسعيداً لانتصارهما، لكن فرحه بقي ذاتياً وداخلياً لم يتجرأ أن يعبّر عنه بالشكل الذي يريد. وهذا يدلل على أنه يعاني خوفاً يحدّد تركيبته الداخلية ويتحكم بتجلياتها. لكن يجب أن نؤكد بأن تجاوز الخوف والقطع معه ليس مستحيلاً، لكنه يحتاج إلى وقت ليدرك فيه الإنسان أنه يمتلك داخله قوة خلّاقة قادر من خلالها على تحقيق أهدافه السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سياق إنجاز مشروع التغيير الوطني الديمقراطي السلمي الذي يشكّل مدخلاً فعلياً لتجاوز كافة التناقضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الراهنة. لهذا يجب التأكيد على أن المواطن السوري ليس أقل من غيره شعوراً بالفرح والسعادة لنجاح ثورتي تونس ومصر ....، وهو يدرك بذات الوقت ضرورة التعبير عن تضامنه مع انتفاضة أشقائه العرب، وهذا نابع من كونه يحمل بداخله و في ذاته شعوراً فياضاً بحب الحياة والفرح، وهو بذات اللحظة يتمتع بالوطنية وقادراً على أن يكون ديمقراطياً وأن يعبر عن ذاته سلمياً بأشكال حضارية وإنسانية، لكن هذه المعاني الإنسانية وغيرها لم تزل كامنة لأسباب كثيرة.لكنه بالتأكيد بات يتحسس مواطن قوته وقدرته على التعبير عن ذاته لكونه إنسان ويجب أن يعيش كإنسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الــجــواب
ناريمان رستم ( 2011 / 2 / 18 - 10:31 )
هل نسي المواطن السوري الفرح ؟؟؟
جوابي على سؤالك الحزين هذا : نعم, وألف مرة نعم.
نسي المواطن السوري, الذي يعاني من ستين سنة حتى هذا اليوم حالة الطوارئ المستمرة. حالة الطوارئ ضد من ؟ ضد الشعب السوري بكامله. هذا الشعب الذي يعاني من الفقر وغلاء المعيشة والنقص الكامل لأية عناية صحية سليمة, ولجميع أصول التعليم.
بينما أنصار السلطة وعائلات السلطة تنعم بكل خيرات الأرض بلا حدود.
هل هناك أمل بانتفاضة ضد الفقر؟ ومن أجل الحرية؟
نأمل. نأمل. نأمل.


2 - قطيع الدجاج
بلال محمد ( 2011 / 2 / 18 - 16:46 )
أخي معتز
جلاوزة البعث حولوا الشعب السوري الأشم إلى قطيع من الدجاج
عبور حاجز الخوف لا يحتاج إلى وقت بل العكس هو الصحيح. ستون عاماً أنستكم الحياة الحرة والديموقراطية
تخشون نقد جلاوزة البعث لكن لماذا لا تنتقدون البردعة؟ لماذا لا تنتقدون حزب يوسف فيصل وحزب وصال فرحه اللذين باعا الشعب السوري بفتاة المائدة. هذان الحزبان يلزم محاكمتهما قبل البعثيين إذ لا بد أنهما يعيان مشاركتهما في جلد الشعب السوري بثمن بخس
أنا بانتظار مقالة لمعتز في هذا النحو
مع خالص التحية


3 - قلق بشار من نوع آخر
فرياد إبراهيم ( الزبرجد) ( 2011 / 2 / 19 - 19:09 )
انه يشعر لاول مرة بالحرج امام العالم. فكل الشعوب العربية انتفضت ضد حكامها الا الشعب السوري: ليتأكد للعالم ان بشار الأسد هو أخطر رجل في العالم
!!!

اخر الافلام

.. ضباط إسرائيليون لا يريدون مواصلة الخدمة العسكرية


.. سقوط صاروخ على قاعدة في كريات شمونة




.. مشاهد لغارة إسرائيلية على بعلبك في البقاع شرقي لبنان‌


.. صحيفة إيرانية : التيار المتطرف في إيران يخشى وجود لاريجاني




.. بعد صدور الحكم النهائي .. 30 يوما أمام الرئيس الأميركي الساب