الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدجين ضد التغيير

جمال الدين بوزيان

2011 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في بداية مقالي هذا تتبادر إلى ذهني فورا العبارة المصرية التي قيلت في مسرحية "شاهد ما شافش حاجة" و هي تنطبق إلى حد بعيد على السلطة الجزائرية التي تعتبر و بجدارة "متعودة دايما" على تدجين الشعب و ابتكار أساليب مختلفة و جديدة للتدجين و لامتصاص الغضب أكثر من أي دولة عربية أخرى، فالنظام الجزائري يتفوق في هذا الجانب على كل نظراءه الظالمين لشعوبهم.
و لا مانع عندي من بداية مقالي بمثل مصري مقتبس من مسرحية مصرية، ففي الوقت الحالي غيّر الجميع النغمة و تخلوا عن عقدة مصر و أصبح من المسموح مشاهدة الفن المصري و الحديث عن دولة اسمها مصر، بينما في العام الماضي و بسبب الوطنية الزائفة من الطرفين، وقع ما وقع من فتنة كروية، ففوت النظام المصري فرصة التوريث بينما نجح نظيره الجزائري في حقن المخدر الكروي و ضمان الهدوء لعام على الأقل....
زال مفعول المخدر الآن، و زال سعار الكرة و فقدت أخبار الفريق الوطني تلك الهالة و الكاريزما التي كانت تحيط بها، و تحول نظر الشعب نحو ما حصل في تونس و مصر و ما يحصل في اليمن و ليبيا و البحرين، فكان ابتكار طرق جديدة للتخدير بمثابة واجب و فرض على السلطة الجزائرية لكي تستمر متفوقة على مثيلاتها في تخدير الشعب و صرف نظره عن ما يجب أن يتغير.
و قبل سقوط الرئيسين التونسي و المصري، كانت بالجزائر قد قامت أعمال احتجاج ميزها التخريب و الفوضى وسماها البعض باحتجاجات الزيت و السكر، و خلالها باشر النظام الجزائري فورا و بفضل الخزائن التي تفيض من الخيرات إلى تخفيض الأسعار بدون إيجاد حل حقيقي و منطقي للمشكل، من له الحق في استيراد الزيت و السكر، و من له الحق في إنتاجهما، و من يحدد الأسعار؟
لكن مشكل الشباب الجزائري ليس مجرد زيت و سكر، و لامتصاص الغضب و تدارك الوضع قبل أن ينفجر، بدت الحكومة الجزائرية و كأنها في سباق مع الزمن و حطمت الرقم القياسي في إطلاق الوعود بقتل البطالة و امتصاصها و شفطها كما تشفط الدهون من المرأة البدينة....
سارع الوزراء إلى إطلاق الوعود بتغييرات قادمة في قوانين تقضي على البطالة و تجعل من الجزائر جنة العمل المنتظرة، و أمروا المدراء المحليين و رؤساء البلديات بأن يمتصوا غضب الشارع و يقبلوا بأن يكونوا الإسفنجة التي تمارس الامتصاص و يقبلوا كل مظاهر الغضب و الشتم من المواطنين بكل صدر رحب، و ما شهدته بلديتي منذ أيام مثال مصغر عن ما يحدث في الجزائر، مدير التشغيل يستقبل المواطنين في مكان عام و يقبل من الجميع الإهانات و المعايرات، و هو الذي كان يرفض حتى الكلام الطيب منهم.
هم مأمورون لكي يكونوا كباش الفداء من أجل استمرار النظام و تفادي الوضع الحاصل في باقي الدول العربية.
الحوار بين المواطن و المسؤول هو مطلب نبيل و مشروع، لكن ليس على طريقة المسرحيات التي يجيد النظام التخطيط لها و تأليفها، تحاوروا معنا لكي تساعدوننا فعلا و ليس لكي تضمنوا استمرار النظام، و اجعلوا الحوار سنة مؤكدة في عملكم و ليس مظهرا مزيفا و مؤقتا لتجاوز هذه الفترة، من حق كل مواطن استقبال المسؤول المحلي، و لا يحتاج المواطن لتهديدكم بعود كبريت و إناء البنزين لكي تتنازلوا له و تتحاورون معه.
وسيلة أخرى استخدمها النظام الجزائري لتفادي نموذج تونس و مصر، و هي السماح للجميع بأن يقوم بما عجز البوعزيزي عن القيام به، البيع في الطريق بدون مانع أو حاجز، و في أي مكان حتى على طريق السيارات، أصبح الأمر فوضى و كأن الشعب فعلا يفعل ما يشاء، هكذا يتوهم الشباب الذي وجد نفسه منذ أكثر من شهر قادرا على بيع أي شيء و في أي مكان يريد.
و استخدم كذلك نظام التدجين الإلغاء المؤقت للمخالفات المرورية و لقانون المرور تفاديا لصدام الشرطة مع الشعب، حيث أصبح الوضع في الطريق أحيانا و كأننا في أفلام المغامرات الأمريكية، أين يسمح للبطل أن يسوق سيارته كما يشاء.
لكن، إلى متى يستمر هذا الوضع؟؟؟
من المستحيل أن تقضي الدولة على البطالة فقط بفتح خزائنها و تدعيم برامج تشغيل الشباب، الأمر يحتاج لتخطيط واعي و لإشراك الخواص أيضا و فتح باب الاستثمار النزيه بدون أن يضطر المستثمر مرغما لقبول الجنرال الفلاني أو الوزير العلاني كشريك في أرباح استثماره.
كما أن الأسواق العشوائية ليست هي الحل، و لا إلغاء قانون المرور أيضا، و لا يمكن إرضاء الشعب على حساب نزع الهيبة عن الشرطة، و هذه الأخيرة فقدت هيبتها منذ قدوم بوتفليقة إلى الحكم، أصبحت السجون أكثر رفاهية من المستشفيات، فقدت الشرطة هيبتها يوم بدأ بوتفليقة يحلم بجائزة نوبل للسلام و تساهل مع كل اللصوص و المجرمين على حساب الشرطة و على حساب المواطن الصالح نفسه.
كما أننا بدأنا نسمع في الفترة الأخيرة عودة أخبار الإرهاب، و هي أهم وسيلة للتدجين و التخدير استخدمها النظام الجزائري لصرف نظر المواطن عن ما يجب أن يراه فعلا و يطالب به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي