الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس من أجل توسيع حالة الفراغ من حول حكومة الغنوشي من أجل إعلان حكومة مؤقتة

بشير الحامدي

2011 / 2 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


حكومة الغنوشي المبزع حكومة مرفوضة شعبيا

منذ إسقاط الدكتاتور بن على في 14 جانفي 2011 وبقايا نظامه الدكتاتوري وفي عملية تكامل في الأدوار بين مختلف أجهزته ـ حزب التجمع الدستوري ـ جهاز البوليس ـ حكومة الغنوشي المبزع ـ وكذلك بتنسيق مع الأمريكان والفرنسيين تعمل وبشتى الطرق على الإلتفاف على الثورة وتوقيف مسارها عند تاريخ 14 جانفي.
محاولة الإلتفاف هذه تمثلت في العمل على ضمان تواصل نظام بن بعلى بدون بن على في محاولة أولى عند تولي الغنوشي الرئاسة بوصفه نائبا للدكتاتور بصفة مؤقتة وهي محاولة أولى لم تعمر طويلا وسرعان ما سقطت لطابعها المفضوح وفي محاولة ثانية وهي المتواصلة إلى حدّ اليوم والمتمثلة في إعتماد دستور 59 كقاعدة للمرحلة الإنتقالية وهي محاولة للتأسيس لشرعية لفؤاد المبزع في جهاز الرئاسة وللغنوشي في رئاسة الحكومة وهي في الحقيقة شرعية غائبة لسقوط القاعدة الدستورية التي إنبنت عليها بإعتبار أن الدستور المعتمد كقاعدة لنظام الحكم ما بعد بن علي هو نفسه قد فقد شرعيته بسقوط بن علي الذي كان حوله كما الدكتاتور بورقيبة قبله إلى وثيقة تشرع لحكم فردي بوليسي تنتفي فيه أية ديمقراطية ولرفض الشعب لوجود صنائع الدكتاتورية في الحكومة .
إن سعي حكومة الغنوشي المبزع المتواصل للظهور بمظهر المنقذ للبلاد والحارس على مكاسب الثورة والضامن لفترة إنتقالية تستجيب لمطالب الجماهير الشعبية بعد إسقاط بن علي محاولة يتكشّف زيفها وتتعرى كل يوم أكثر فأكثر وتصدم بمعارضة جماهيرية جذرية.
إن الجماهير لم تنخدع بما تقوله الحكومة عن نفسها أو بما يردده حولها مساندوها من اللبيراليين والإصلاحيين والإنتهازيين والبيروقراطية النقابية الفاسدة والإعلام المنذيّل لبقايا النظام فطابع الحكومة المشكلة من بقايا التجمع الدستوري والمملاة من الأمريكان والفرنسيين ليس خافيا على الجماهير التي مازالت متشبثة بمهمة حل التجمع وحل كل أجهزة النظام السابق.
إن رفض الجماهير لبقايا الدكتاتورية وإيمانها بأن مهمتها لم تنته عند خلع الدكتاتور خلق حالة من الفراغ حول هذه الحكومة. فراغ تتوسع دائرته وتكبركل يوم برفض الجماهير لجل القرارات التي أصدرتها هذه الحكومة وكذلك للجان التي كونتها هذا الرفض الذي تجلى في طرد الجماهير للولاة التجمعيين الذين وقع تعيينهم وفي الحملات المتواصلة المنظمة لطرد المسؤولين التجمعيين من بعض الإدارات محليا وجهويا ومركزيا ومن الوزارات وهي حملات وإن لم تتعمم بعد لتشمل كل المصالح الإدارية والوزارات و لم ينشأ عنها خط عام منظم وممركز يمارس مثل هذه الفعل ويقدم بدائل كأن تنتخب الجماهير الولاة والمعتمدين مثلا أو تشكل مجالس للتسيير الذاتي في البلديات فإنها مؤشر بالغ الدلالة على تصميم الجماهير على استكمال كنس نظام بن علي وأجهزته بما في ذلك الحكومة الحالية.
إن حالة الفراغ التي تتوسع حاليا حول هذه الحكومة اللاشرعية هي حالة لاشك تؤشر على أن الوضع مازال وضعا ثوريا برغم حالة الكمون النسبي للنشاط الجماهيري مقارنة بالأيام الأولى التي أدت إلى خلع الدكتاتور بن علي أو تلك التي أنتجها إعتصام ساحة القصبة .
إن حالة الكمون هذه ليست إلا حالة مؤقتة فسرعان ما ستعود الجماهير إلى النشاط حالما تكتشف زيف الوعود التي تطلقها الحكومة وعجزها عن تلبية مطالبها .
إن مؤشرات هبة نظالية شعبية جماهيرية مؤشرات عديدة وواضحة للعيان في الواقع وإنها لتبدو اليوم في تواصل المظاهرات وخصوصا في قطاع الشباب ـ التلاميذ والطلبة والمعطلين ـ وفي الإعتصامات والوقفات الإحتجاجية المتعددة أمام الوزارات والإدرات الجهوية وإن بدت متقطعة وفي حركة الإضرابات التي تتطورا يوما بعد يوما من أجل مطالب مهنية وأغلبها مؤطر من هياكل نقابية قاعدية ووسطى والمقترنة يتنديد بالبيروقراطية النقابية وبتجاوز لها.
إن عديد المؤشرات تدل على أن الثورة مستمرة وأن الوضع مازال ثوريا ووعي الجماهير لم يتراجع للقبول ببقايا الدكتاتورية كما أن إرادة الجماهير مازالت صلبة وقوية وستتخطى وعبر تجربتها الخاصة مسألة تنظمها الذاتي وهو العامل الذي يبدو اليوم مفتاح كل تقدم في إنجاز مطالبها.
ستكتشف الجماهير بنفسها وعبر تجربتها الخاصة وأمام عجز حكومة الغنوشي المبزع والتي ليس لها في الحقيقة ما تنجز أو تقدم للجماهير غير القمع أن وضع الحريات المفتك لابد أن يوازيه تطور مطرد للتنظم الذاتي العمالي والشعبي والقطاعي على أرضية مطالب سياسية وإقتصادية إجتماعية ليست أدنى من تلك التي نادت بها الجماهير الثائرة بهذا فقط ستظهر البرجوازية التابعة وأداتها حكومة الغنوشي المبزع حكومة "فيلتمان"عجزها عن تلبية مطالب الجماهير التي ستندفع وقتها بتصميم لإسقاطها من أجل إرساء سلطة عمالية شعبية تتجاوزالأفق البرجوازي تقرن بين ماهو سياسي بما هو إجتماعي وإقتصادي متجاوزة كل الأطروحات الإصلاحية والبرجوازية الصغيرة التي تكبلها اليوم ومن خارجها و التي تريد أن توقف الثورة عند المنجز الآن.
حكومة الغنوشي ومسانديها من داخلها أو خارجها يخشون أن يتطور الوضع نحو وضع إزدواجية للسلطة سلطة الجماهير القاعدية العمالية الشعبية الشرعية المرتبطة بمطالب الثورة والمتمسكة بإنجازها وسلطة البرجوازية التابعة سلطتها هي المستندة على قاعدة دستورية ساقطة وعلى بقايا نظام بن علي وجهاز البوليس وحلفائها من الإمبرياليين. لذلك نرى هذه الحكومة اللاشرعية تسعى وبمعية حلفائها والمشاركين فيها وعبرعديد المناورات والأحابيبل لوقف هذا المسار وتفكيكه قبل تصلب عوده. ولعل المبادرة الأخيرة والتي قامت بها بيروقراطية الإتحاد بإتفاق مع الحكومة اللاشرعية والمتمثلة في تنظيم مشاورات مع كل الأحزاب والمنظمات السياسية والجمعيات والهيئات التي عارضت نظام بن علي لتقديم تصور لتشكيل مجلس لحماية الثورة تتنزل في مسعى المناورة الذي ذكرنا وهي خطوة ليس الغاية منها غير دفع الحركة السياسية وبكل مكوناتها إلى التسليم بالتعامل مع هذه الحكومة اللاشرعية بإعتبارها أمرا واقعا وسحب البساط من المكون السياسي الأكثر على اليسار والوحيد الذي أعلن مبادرة سياسية متكاملة ومعبرة عن مطالب الثورة وهو جبهة 14 جانقي وإسقاط مبادرته وتفكيكها .
مكونات جبهة 14 جانفي والتي كان مطروحا عليها وبحكم انها تعتبر أن حكومة الغنوشي حكومة لاشرعية وهي مواصلة لنظام بن علي وبحكم أن أرضيتها متعارضة كليا مع كل دعوة تؤسس لشرعية هذه الحكومة كان عليها أن لا تنخرط في مثل هذه المبادرة وتعارضها وهو الحد الأدنى المطلوب والذي يحتمه إلتزام هذه المكونات بالأرضية التي أعلنت بإسم الجبهة .
لكن للأسف هرعت كل مكونات الجبهة إلى المشاركة في الجلسات التمهيدية التي دعت لها بيروقراطية الإتحاد العام التونسي للشغل وهيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وأمضت كلها في بلاغ ملزم ورد فيه موقف غير واضح من الحكومة كما نص على مهمات المجلس المقترح وتركيبته والتي إستثنيت منها اللجان الشعبية المواطنية. وبرغم تعارض المقترح الصريح مع مطلب الجماهير الواضح في إسقاط حكومة الغنوشي المبزع وموقف أغلبية الممضين المساند للحكومة فإن الحكومة لم تقبله وسارع كل من نجيب الشابي وأحمد إبراهيم برفضه وإعتباره مشروعا للسطو على إرادة الجماهير.
إن رفض الحكومة للمقترح ليؤكد أنها تناور لمزيد الحصول على تنازلات ولا أعتقد أن رفضها للمشروع ليس مقترنا بمقترحات لتعديله وإفراغه أكثر فأكثرمن كل محتوى خصوصا حول صبغته التقريرية وتقنينه بمرسوم إضافة لهدفها غير المعلن والمتمثل في الدفع ببعض الأطراف إلى الإرتباط بها أكثر فاكثرومعارضة كل محاولة للإستمرار في الثورة.

من أجل توسيع حالة الفراغ من حول حكومة الغنوشي من أجل إعلان حكومة مؤقتة

يبدو أن التردد الذي كانت عليه مختلف مكونات الحركة الديمقراطية والتقدمية بما في ذلك مكوناتها اليسارية إبان بداية الثورة وقبل سقوط الدكتاتور بن علي في الإلتحام بالحركة الشعبية نظرا لعدم إنغراسها في صفوف الشعب ولضعفها الذاتي المتعدد الأسباب وتقدم الحركة الشعبية عليها شعارا وممارسة مازال متواصلا إلى اليوم حيث لم تتمكن هذه الجبهة المعارضة الواسعة من إستيعاب الدروس التي قدمتها الثورة وبقيت تراوح في دائرة بعيدة عن الإلتحام الحقيقي بالجماهير والإنخراط في صلبها والنضال معها على نفس القاعدة .
لئن كان تكون حبهة 14 جانفي خطوة هامة في مسار الثورة بإعتبار أهمية توحد الجبهة اليسارية التقدمية على برنامج سياسي بديل لحكم الدكتاتورية فإن المنجز إلى حد الآن وفي إطار هذه الجبهة لا يرقى بالمرة إلى المأمول حيث بقيت هذه الجبهة ومنذ إعلان تأسيسها بعيدة عن تمثل مهماتها الحقيقية والتي يفرضها عليها الواقع إرتباطا بالبرنامج الذي طرحته على نفسها.
جبهة 14 جانفي والتي طرحت على نفسها مهمة إسقاط حكومة الغنوشي وتكوين مجلس وطني لحماية الثورة يعين حكومة مؤقتة تحظى بثقة الشعب ويحظر لإنتخاب مجلس تأسيسي تنبثق عنه حكومة تعكس سلطة الشعب ونادت بحل حزب التجمع ومصادرة ممتلكاته ومقراته وأرصدته المالية وكافة الهيئات الصورية القائمة والمجلس الأعلى للقضاء وتفكيك البنية السياسية للنظام السابق وحل مجلس النواب والمستشارين وحل جهاز البوليس السياسي ومحاسبة كل من ثبت نهبه لأموال الشعب وارتكابه جرائم في حقه ومصادرة أملاك العائلة الحاكمة السابقة والمقربين منها والمرتبطين بها ها اننا نراها وإلى حدّ اليوم عاجزة عن تفعيل برنامجها هذا والتحول إلى هيئة أركان حقيقية لمواصلة الثورة وقيادتها.
إن المطلوب من جبهة 14 جانفي اليوم هو إستيعاب الدرس والتخلي عن نهج التردد والمساومات والإنطلاق في التعبئة والعودة للممارسة الضغط الجماهيري على الحكومة والتنسيق مع اللجان الشعبية ومجالس جماية الثورة والنقابات وتنظيم المعطلين عن العمل والدفع في إتجاه إنضاج الظروف لإنجاز المهمات المطروحة عليها والتي على رأسها إسقاط حكومة الغنوشي المبزع اللاشرعية.
إن المطروح اليوم على حبهة 14 جانفي الإلتحام بالحركة الشعبية وإعادة رفع مطالبها والمساعدة على تنظيمها من أجل الوصول إلى إنجاز المؤتمر الوطني لحماية الثورة وإعلان حكومة مؤقتة وبدء التحظير لأنتخاب مجلس تأسيسي.
إن مستقبل هذه الجبهة مرهون بتجاوز الإكتفاء بإصدار المواقف إنها مطالبة بإنجاز المهمات التي طرحتها على نفسها والتي ليست إلا إستكمال الثورة. هذا هو طريقها الذي سيكسبها مصداقية نضالية وسيلف حولها الجماهير و سيحول دون تحولها إلى تحالف سياسي متردد عاجز و فاقد لأي إمكانية للفعل والتأثير في الواقع .
ـــــــــــــــ
بشير الحامدي
تونس في 18 فيفري 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى