الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشتركات الثورات العربية

صالح سليمان عبدالعظيم

2011 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أكثر ما يلفت النظر بين الثورات العربية الحالية هو وجود جوانب مشتركة فيما بينها. فعلى ما يبدو أن السياق العربي السياسي والاجتماعي متشابه بدرجة أو بأخرى رغم بعض الاختلافات بين دوله المختلفة. فالوضعية السياسية القائمة على احتكار السلطة من قبل الحزب السياسي الواحد أو من قبل أقلية محدودة تبدو هي الأرضية الشاملة التي انطلقت منها الثورات الحالية والتي من المؤكد أنها سوف يعقبها العديد من الثورات في الكثير من الدول العربية الأخرى. كما أن هذه الوضعية السياسية المتدنية ارتبطت هي الأخرى بسياق متخلف اقتصاديا واجتماعيا وهو أمر أدى بلا شك لتكريس التفاوتات المادية بين شريحة ثرية تحتكر الثروة وأخرى عريضة تحتكر الكفاف. وهي مسائل وحدت من السياقات التي يعاني منها المواطن العربي في معظم الدول العربية.
ويلفت النظر أن أسلوب مواجهة السلطة للأحداث في مصر وتونس وغيرهما من الثورات الأخرى، التي سوف تحقق إن عاجلا أو آجلا ما تريد، جاء متشابها. فالسلطة لا تفكر سوى في المواجهة الأمنية فقط لا غير؛ لم نعثر على رئيس عربي يفكر في المظاهرات ويمنح القائمين عليها المشروعية المرتبطة بها. لم نعثر على رئيس عربي يعترف بالخطأ علنا، ويترك مكانه للآخرين. البداية دائما ما تكون أمنية، حيث لابد أن يسقط الضحايا، ولا بد أن تراق الدماء. فالرؤساء العرب تصيبهم حالة من الصدمة لما يروه من شعوبهم، فتاريخهم الطويل في الحكم يؤكد أنهم أصبحوا مؤلهين لا يتصورون إمكانية الثورة عليهم ومطاردتهم وملاحقتهم. لا يقف الأمر فقط عند المواجهة الأمنية لكنه يتعداه إلى مسألة توجيه الاتهامات للثوار بالخيانة والعمالة وتنفيذ أجندات محلية وإقليمية وأجنبية. ومما يساعد على ذلك تلك الهيمنة الإعلامية من جانب النظام بما في ذلك قافلة المستفيدين الذين يقاتلون حتى الرمق الأخير دفاعا عن النظام، وبشكل أكثر دقة، دفاعا عن أنفسهم ووجودهم المهدد بالكنس أمام جحافل الثوار وحركة التاريخ.
يلفت النظر أيضا تلك الاستماتة من جانب تلك النظم الديكتاتورية والقائمين عليها في البقاء في الحكم والمناورة يمينا ويسارا من أجل الاستمرار. ولا أعلم كيف يشعر أي حاكم عربي وهو يرى شعبه يرفضه تماما ويريد البقاء رغم أنفه وإرادته. لكنها تلك العقلية الديكتاتورية التي تجعل الحاكم لا يرى سوى نفسه وأبناءه والمستفيدين من حوله. أغلب الظن أن هذه النوعية من الحكام تحتاج بدرجة أو بأخرى للعلاج النفسي؛ فهم مصابون بأمراض العزلة عن شعوبهم التي تعمقها الأجهزة الأمنية المحيطة بهم، وبطانة السوء من المأفونين والراغبين في الحصول على أية مكاسب سياسية واجتماعية.
وبسبب من هذه الاستماتة فإن هؤلاء الحكام لا يهمهم أي شيئ يمكن أن يصيب شعوبهم، فما يهمهم الاستمرار والارتباط بالكرسي والتحكم في مصائر العباد. من هنا فإنهم لا يتخلون عن سلطاتهم إلا تحت ضغط الثوار وتكاتفهم، وبعد أن يكونوا قد أنهكوا شعوبهم بشكل كبير. ومن أبرز ما كشفت عنه الثورات العربية الحالية هو لجوء هؤلاء الحكام إلى إثار الفتنة بين أبناء الشعب الواحد وضربهم بعضهم ببعض. فبقاء الشعب لا يهم الحاكم، والخسائر الناجمة عن الثورات لا تهمه، المهم أن يبقى لأطول فترة ممكنة. فتارة يجند الحاكم كتيبة من المأجورين للتظاهر باسمه، وتارة ثانية يجند كتيبة أخرى من البلطجية للنيل من المتظاهرين الأبرياء الذين يواجهونه، وتارة ثالثة يستعين بطائفته الدينية ليواجه بها الطائفة الأخرى المختلفة عنه، وهكذا يلعب الحكام بأية ورقة مهما كانت دنائتها وحطتها، المهم الاستمرار في الحكم والبقاء فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24


.. بلينكن يلتقي من جديد مع نتنياهو.. ما أهداف اللقاء المعلنة؟




.. وسط إصرار نتنياهوعلى اقتحام رفح.. هل فشل بلينكن في إقناع إس


.. نتنياهو والإصرار على اجتياح رفح.. ما التداعيات؟




.. فيديوهات توثق المشاهد الكاذبة لمناصري إسرائيل في الجامعات ال