الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للعنف سلمية...سلمية

صادق البلادي

2011 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ثورة الياسمين في تونس و كنسها لعلي بن زيد العابسين إتضح أن شراراتها قد أوقدت نارا ستنتقل لتلتهم هشيم الأنظمة العربية ، الإستبدادية الخاضعة للإمبريالية سياسيا، وإقتصاديا ، وكل الأنظمة الغارقة في الفساد، وستعيد تشكيل العالم العربي. وما هي إلا أيام حتى إندلعت ثورة 24 يناير في القاهرة، لكنها كانت من الثورات ذات الطراز الجديد، ثورة سلمية، يطغى عليها الغناء و التصفيق ، و النكات الساخرة، والهتافات المؤكدة على طابعها :
سِلمِيَّة .... سِلمِيَّة. كانت تجربة الثورات لحد عقود قد بَيَّنَت أن رغبة الجماهير في التغيير السلمي تخمدها الأنظمة بالحديد والنار، فما كان على الثوار سوى إمتشاق السلاح للدفاع عن أنفسهم، ولتحقيق أهدافهم. وكانت الأنظمة في كثير من الحالات تستفز المتظاهرين ، وحتى تدس مخربين بين صفوفهم ، لإفتعال ذريعة تبرر بها إستخدام العنف. وكان الدرس الذي إستخلصه الثوار: أن الخصم هو الذي يحدد طابع المعركة. وقد طبقت الحكومة المصرية، الدولة "العلمانية " المرتبطة بالغرب، هذا النهج فأطلقت شرطتها العلنية لتفرق المتظاهرين،,اضطرت على سحب الشرطة بعدما فتحت أبواب السجون للمجرمين و البلطجية. ثم أرسلت "جنجويـد "ها، بخيولهم وبِعْرانِهم، لكن الثائرين قاوموهم دون أن ينجروا للعنف، وأثبتوا أن قانون الفعل ورد الفعل الفيزياوي لا ينطبق تماما على الصراع الإجتماعي، وهو صراع طبقي ، ما إنتهى ، ولن ينتهي حتى تتحقق العدالة الإجتماعية، وفوكوياما نفسه أدرك بعد حين قصير خطأ فرضيته عن "نهاية التاريخ" ، والتي ورفضها غربيون، غير ماركسيين، بل بينهم حتى معادين للشيوعية، كما رفضوا فكرة هننغتون عن صراع الحضارات ، وتحدثوا عن حوار الحضارات.

إن إنتصار الشعب التونسي وبعده إنتصار الشعب المصري تأكيد جديد على
أن الناس إن استيقظوا من غفلتهم، التي أوقعهم و يوقعهم فيها وعاظ السلاطين و مثقفو السلطة بالتضليل، وإن بِصَمتِهم فقط عن الظلم والعسف، إن استيقظ الناس، أَحَرَّكهم النُزُوع الى الحرية أو تفاقم الحاجة ، أو تنامي الوعي أنهم على حق وعازمون على إستعادة كرامتهم المسلوبة تتفجر آنذاك قوتهم برا كينا وسيلا يجرف الطغاة إن رفضوا ، أويتركهم يذوون في مزابل مع خَضراوات الدِمن.
ففعل النزوع الى الحرية، كأي فكرة، إن جرى إدراكه ، واستحوذ على عقول وقلوب الناس يتحول الى قوة مادية، الى تسونامي يجرف قوى الرجعية والاستبداد، الى سقر وبئس المصير. و النزوع الى الحرية إن نجح يعدي و يغري بالمزيد من الحرية.
والعالم العربي ، الذي عمل الغرب على تقسيمه وتجزئته باتفاقية سايكس –
بيكو، وبإقامة الدولة العنصرية إسرائيل - لترتفع البسمة على شفاه الذين يسخرون من " نظرية المؤامرة"، فهم على عقولهم يضحكون – أصبح بعد
تونس و مصر يغلي في كل بقاعه، من الجزائر الى ليبيا، الى اليمن والخليج، حيث يتحرك أهل البحرين مطالبين بملكية دستورية ، وشبيبتنا في العراق تستعد ليوم الغضب في الخامس و العشرين من الشهر، الجميع يريدون مواصلة العملية السلمية للتغيير، مؤملين ألّا يرتكب الحكام جرائم جديدة، فأنظار العالم مسفتوحة على ما يحدث في أقصى بقاع الأرض ، ومن الضروري ألسعي لتقديم مرتكبي جرائم العنف ضد المتظاهرين الى المحاكمة ، وألّا يفلت أحد منهم من العقاب ليكونوا عبرة للذين سيحل أوان الإطاحة بهم، ويقتضي هذا إلتقاط الصور لمن يستخدم العنف من الشرطة ورجال الأمن، فعليهم الألتزام بشرعة حقوق الإنسان، والعراق وقع على الكثير من الأتفاقيات الدولية، المتعلقة بحقوق الإنسان .

إن فلول البعث ، المتجمعة في "حزب العودة "، تستعد لتخريب هذه التظاهرات واستغلالها بالأندساس في صفوفها ، ومحاولة إستفزازها وجرها الى العنف، مما يتطلب المزيد من الحرص، وتشديد الرقابة.

إن مسيرة التغييرات السلمية ، ونتيجة لتزايد الإهتمام العالمي بلائحة حقوق الإنسان باتت هي الغالبة منذ اواخر السبعينات، فكانت الثورة في إيران ، وإجبار الشاه على الرحيل، والبحث عن مكان يأويه، كما حصل مع أبن علي زين الفاسدين،وكذلك كان التغيير في بلدان المعسكر الأشتراكي بانهيار جدار برلين،والتغيير في شيلي ، وفي إندونسيا، و في غواتيمالا، وكما سعى البعض الى تحقيق التغيير السلمي في العراق عبر إجراء إنتخابات بإشراف الأمم المتحدة، وبالإعتماد على صدور قرار مجلس الأمن رقم 688 ، والذي استفادت منه االجبهة الكردستانية لإقامة إدارة الإقليم بعد إعلان منقطة الملاذ الآمن وإضطرار الجيش العراقي على الإنسحاب من كردستان العراق ، وتوقيع الحكومة العراقية مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة وافقت فيها على دخول بوليس دولي الى إقليم كردستان.


وماذا نستطيع فعله نحن عراقيي المنافي لإسناد تظاهرات الغضب يوم 25
شباط.؟ الإتصال بأهالينا و معارفنا في الوطن وحضهم على المشاركة السلمية
في المظاهرات، والتأكيد على شعار سِلمِيَّة ....سِلْمِيِّة كما فعل شباب 24 يناير
في مصر، والدعوة الى التجمع صباح يوم الجمعة أمام السفارات و القنصليات العراقية ، وإرسال الرسائل الإليكترونية الى رؤساء الجمهورية و مجلس النواب ومجلس الوزراء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ..هل يستجيب نتنياهو لدعوة غانتس تحديد رؤية واضحة للحرب و


.. وزارة الدفاع الروسية: الجيش يواصل تقدمه ويسيطر على بلدة ستار




.. -الناس جعانة-.. وسط الدمار وتحت وابل القصف.. فلسطيني يصنع ال


.. لقاء أميركي إيراني غير مباشر لتجنب التصعيد.. فهل يمكن إقناع




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - نحو 40 شهيدا في قصف إسرائيلي على غ