الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جولة صغيرة في البنية الإيديولوجية العامة للمجتمع المغربي

حسن طويل

2011 / 2 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


العدوى الصحية للإنتفاضات التي إكتسحت بعض البلدان العربية للمطالبة بالتغيير هي من الإيجابيات الفليلة لمنطق التقليد السائد في المجتمعات المتخلفة .هذا الحراك هو إعلان عن القطع مع مرحلة و الدخول إلى مرحلة أخرى جديدة تتميز بإنتقال من باراديغم ثقافي و سياسي و إجتماعي إلى بارايغم جديد يستفز و يخلخل إسنبدادية جل البداهات التي سيطرت على البنية الفكرية العامة للمجتمعات العربية .نتيجة تفاعل المجتمعات مع التطورات التي تعيشها ,تعرف كل مرحلة تاريخية عدة مميزات على مستوى البنية الفكرية العامة التي تهيمن على مستويات البنية الإجتماعية المختلفة ؛ فتفرض تساؤلات معينة و تجذ ب إليها مختلف الصراعات و الإختلافات و تهيكل المشهد الثقافي و السياسي و الإقتصادي للمجتمعات .فحتى إن إستمرت بعض الإيديولوجيات أو طرق التفكير التي لا تعبر بالضرورة عن المرحلة ,فهي تحول مواضيعها بطريقة و اعية أو غير و اعية للبنية الفكرية العامة المؤطرة لهذه المرحلة ؛فالأصوليين و رغم ليهم العنيف للتاريخ بما يتبعه من تخلف فكري ,مضطرون للتفكير في الإشكاليات التي تميز المرحلة عبر بنيتها الفكرية العامة من ديمقراطية و حقوق الإنسان و علمانية و مبادرة حرة وليبرالية ...فتفكيرهم رغم قروسطيته يخضع -أرادوا أم لم يريدوا-لمنطق و تساؤلات العصر التي تمحور شبه تفكيرهم هذا. التناقض بين هذا التفكيرالذي ينتمي إلى بنية فكرية عامة عتيقة-التوحيد,الكفر,الإيمان,اهل الذمة,الرق..-وبنية فكرية عامة عصرية إشكالياتها مختلفة ,يجعل من الحركة الأصولية منفعلة و مفعول بها تاريخيا رغم ما يمكن أن يكون لها من قوة بشرية و مادية.
المتأمل لتطور المجتمع المغربي الحديث يمكن أن يحدد ثلاثة مراحل طبعت البنية الفكرية العامة المسيطرة على ثقافته السياسية (الإكتفاء بالمغرب كمثال مع ملاحظة أن هناك تشابه بينه و مختلف البلدان العربية ) و هي بشكل مختصر:
1-من الإستقلال المشوه إلى السبعينات:تتميز هده المرحلة بسيادة صراع مختلف الفرقاء السياسيين حول نمودج الحكم والمشروعية إنطلاقا من مدى المساهمة في م
مقاومة المستعمر,والتخندق في محوري الشرق بقيادة الإتحاد السوفياتي و الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ,فكانت النقاشات و الصراعات تتمحور حول مجموعة من المفاهيم و التساؤلات التي تشكل النواة الصلبة لهذه المرحلة و يمكن إجمالها في النقط التالية:
-هيمنة الثنائيات: الإستعمار/الإستقلال-التبعية /التحرر-الإشتراكية /الرأسمالية-التخطيط./السوق...
-الشعارات الكبرى:كان الصراع حول مشروعية الحكم إنطلاقا من التنائيات السابقة مما جعله يحمل صبغة شعارات كبرى ترتبط بإيديولوجية كل فريق من المتصارعين
-تنافر إيديولوجي:لعبت الإيديولوجيا دورا مركزيا في هذا الصراع و أبتلعت فاعليه ,فكل شيء يخضع للفلترة و التصفية عبرها .إستبداد الإيديولوجيا كان شديدا لدرجة مسخت معتنقيها فأ عجزتهم عن إعمال العقل بعيدا عنها و لو في الأمور التافهة.
-هيمنة البعد القومجي: المواجهة المباشرة مع المستعمر و ظهور التيار القومي بقوة ساهم بشكل كبير في "قومجية"الخطاب السياسي العربي كرد فعل عن بحث لهوية و لو بشكل مشوه و عنصري للإختلاف عن الآخر.فهيمنت إشكاليات مثل الوحدة-العروبة-القومية-التعريب...على النقاشات السائدة في تلك المرحلة.
2-من أواخر السبعينات إلى أواخر الثمانينات : تتميز هذه المرحلة من نوع من إرجاع المستعمر الخارجي إلى الخط الثاني في المواجهة و إستحضاره عبر الوكيل المحلي و الدخول في مرحلة الصراع دو طابع إجتماعي و سياسي شيء ما واضح المعالم ,تحث ثأثير تطبيق برنامج التقويم الهيكلي دات الثأتير السيء على الأوضاع الإجتماعية للمواطنين و ظهور اليسار ويمكن إجمال ملامح البنية الفكرية العامة لهذه المرحلة في النقط التالية :
-هيمنة تنائيات من نوع آخر:الكادحين /البرجوازية-البرجوازية الوطنية/البرجوازيةالطفيلية-الإشتراكية/الرأسمالية الكمبرادورية-الرجعية/التقدمية..
-التركيز على "مفهوم النخب" في التغيير:أصبح مفهوم النخبة-الطليعة-الصفوة-المثقف العضوي..من ضمن المفاهيم المسيطرة على الساحة السياسية في المجتمعات العربية . هذا المفهوم جاء بتأثير من المد الدي عرفه العالم لليسا ر الجديد ,
-بروز البعد الإقتصادي للإيديولوجيا في الخطاب السياسي:سيادة هدا البعد هو جواب عن الوضع الإجتماعي الدي عرفه المغرب بتطبيقه المواصفات التفقيرية للبنك الدولي و سياسة الخوصصة و بروز النضال النقابي ,
3-من أواخر الثمانينات إلى أواخر التسعينات: لقد عرف العالم في هده المرحلة عدة تغيرات تمثلت أساسا في سقوط المعسكر الشرقي و هيمنة الخطاب النيوليبرالي .وفي المغرب كان يعيش إنتقال للسلطة من الملك الحسن الثاني إلى إبنه محمد السادس و حكومة التوافق المخزني التي ضمنت هدا الإنتقال و يمكن و صف هذه المرحلة بالتوافق و الإنتظار .حيث تتميز بمايلي:
-إستبداد مفهومي التوافق و التراضي على الخطاب السياسي المغربي,
-سيادة لغة إنتظارية كمفهوم الإنتقال : الديمقراطية الإنتقالية-العدالة الإنتقالية ..
-ضعف الطابع الإيديولوجي للصراع
-ظهور مفاهيم الليبرالية مثل المقاولة المواطنة-الملكية المواطنة-الحكامة-الشراكة...
-البدأ بالحديث عن شرعيات أخرى تتجاوز الشرعية التقليدية المثمثلة في الدور الدي لعبه الفرقاء في الإستقلال .
وللإشارة فإن هناك تفاعل بين هذه المراحل و ليست هناك قطيعة ميكانيكية ترمي المرحلة السابقة لتعوضها المرحلة الجديدة.
منذ أواخر التسعينات عرف العالم تحولات عميقة مست جميع الجوانب السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية من عولمة وثورة الإتصالات و الإعلام و تداخل مصالح الدول و نهاية الجغرافية .المغرب بدوره تاثر بهدا المناخ ,فأصبح يعرف بنية فكرية عامة تلائم هده التطورات التي يمكن إستعراضها في النقط التالية:
-الثنائيات التالية: العولمة /الخصوصية-الإنفتاح/الإنغلاق-الحداثة /التقليدانية-الكونية/المحلية- التشريعات الدولية/الخصوصيات المحلية-الدولة الدينية/المدنية
-المفاهيم الليبرالية : المواطنة-حقوق الإنسان -الحريات الفردية -العقد الإجتماعي...
-قيم العلمانية و القيم الأصولية
-المجال الخاص و المجال العام
_
-








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا