الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا ضدّ الإصلاحات السعودية !

علي فردان

2004 / 10 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


كل يوم نسمع أخباراً سيئة وأسوء، لكن الأيام القليلة الماضية كانت الأكثر سوءاً، فأخبار حريق في مدارس بمكة أدىّ إلى إصابة 22 طالبة، انهيار سقف في مدرسة بنات بمدينة سيهات بمحافظة القطيف بالمنطقة الشرقية، محاكمة سرية لقادة الإصلاح، إضراب عن الطعام للدكتور الشيخ سعيد بن زعير والذي حكمت عليه وزارة الداخلية بخمس سنين سجن بعد أن قضى 8 سنوات قبلها وسجن أولاده سعد ومبارك أيضاً، وكذلك اعتقال الشيخ مهنا بن عبدالعزيز الحبيل في الأحساء على خلفية إنشاء اللقاء الإسلامي الوطني قبل أيام، وأخيراً حجب موقع شبكة راصد، كلّها تُنبأ بأن الحكومة السعودية عادت لسياستها السابقة بعد تقلّص عدد العمليات الإرهابية، كما توقّعنا.
كان مُتوقّعاً ما حصل، ففي الفترة التي كانت تعيش فيه السعودية هاجس العمليات الإرهابية استعانت الحكومة بالعديد من الأكاديميين والباحثين والكُتّاب والمثقفين لمساندتها في "دحر" الإرهاب، وكان التبرير الحكومي بأن الحكومة لا تستطيع التحرك إلى الأمام في اتجاه الإصلاح والبلد يتهدّدها الإرهاب. وفعلاً وقف أكثرهم صفاً واحداً مع الحكومة يحلمون باليوم الذي يتقلص فيه التيار الإرهابي والمتطرف، وكان لهم ما أرادوا، فقد تم تقليص التيار الإرهابي، ولكن التيار المتطرف الذي يغذّيه لا زال يعشش في سياسة الدولة منذ البداية، ولا زال.
في الوقت الذي تنهار فيه مباني مدرسية حكومية، وهذا لا يحصل في أشد دول العلم فقراً، ترى الأمير سلطان يدفع مبلغاً بعشرات الملايين الدولارات لمخطط قصر كبير في المنطقة الشرقية، وترى قصر عبدالعزيز بن فهد والذي كلّف سبعة بلايين ريال ولازال العمل فيه منذ أكثر من سبع سنين شاخصاً أمامنا. في الوقت الذي نسمع عن حريق في مدرسة وإصابة طالبات فيها، نرى الحكومة تدفع عشرات الملايين لإنشاء مدارس ومعاهد وجامعات في دول أخرى. في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة بسجن الإصلاحيين واعتقال المثقفين وتهديد كل من ينتقد الحكومة تراها تتحدث عن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وحقوق المسلمين في دول الغرب. في الوقت الذي تتحدث عن ضرورة تمثيل كل طوائف الشعب العراقي في الحكومة تقوم الحكومة السعودية بالتمييز ضد المناطق الشيعية والشيعة في السلك التعليمي والوظيفي وتحرم مناطقهم من الخدمات الأساسية، وما يحصل الآن من غازات سامة تخّيم عل مناطقهم إلاّ دليلاً صارخاً على ما يحصل للمناطق الشيعية من تهميش. مناطق الشيعة الغنية بالنفط تستحق أكثر من ذلك، فلا مشاركة للشيعة في موارد أرضهم مثل ما يحصل في دول أخرى؛ خاصةً وأن الأخبار تتحدث عن اقتسام الموارد النفطية مع الحكومة في جنوب السودان وغربه. فهل نحتاج لكارثة حتى نصل إلى إصلاح حقيقي في الوطن؟ لقد انتقلت حكومة جنوب أفريقيا من دولة أبارتيد" دولة الفصل العنصري" إلى دولة ديمقراطية ولم تحدث بها كارثة، مما يعني إمكانية الإصلاح السلمي بسرعة إذا وُجِدت الإرادة.
"لا يمكن التحرك في الإصلاحات قبل دحر الإرهاب" هو كلام مخالف للواقع، فالحكومة لم ترغب أصلاً في الإصلاح وإلاّ ما الذي منعها من ذلك قبل ظهور العمليات الإرهابية؟ ما الذي جعل الحكومة تتحدّث عن الإصلاح الآن وكأن البلاد لم تحتاجه قبل سنوات؟ ما الذي تحقق خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد أكثر من لقاء وحوار وطني؟ ما الذي تحقق من توصيات مؤتمرات الحوار؟ ما الذي تحقق في مجال حرية التعبير والحريات الدينية وحقوق الإنسان والانتخابات والقضاء والمحاسبة؟
الإصلاحات السعودية كما قال الأمير نايف وعبدالله وسلطان وغيرهم، هي إصلاحات مستمرة منذ إنشاء هذه الدولة على يد الملك عبدالعزيز. الإصلاحات تمثّلت في إرسال الوهابيين إلى المناطق الشيعية لإجبارهم في النطق "بالشهادتين" حتى يسلموا. الإصلاحات تمثّلت في التمييز ضد الشيعة في كل مناحي الحياة وسحب النفط من أرضهم وتركهم يعانوا الفقر والمرض. الإصلاحات تمثلت في سجن الآلاف من المواطنين، العديد كان منهم أطفالاً، تم تعذيبهم، قتلهم ودفنهم في مكانٍ ما، بعضهم مفقود إلى الآن. الإصلاحات تمثّلت في منع أي نوع من حرية التعبير ومعاقبة كل من يطالب بمؤسسات المجتمع المدني واستقلال القضاء ومحاسبة من يسرق المال العام والعدالة في توزيع الثروة والتنمية. الإصلاحات تمثّلت في بنية تحتية متخلّفة، مدارس يسقط سقفها لأنها بيوت مستأجرة لا تصلح سكناً للفئران، جامعات متخلّفة وإمكانيات متواضعة لا تستطيع استقبال العدد الكبير من الطلاب. الإصلاحات تمثّلت في عدم وجود مقاعد كافية للطلاب في الجامعات ولا وظائف للخرّيجين منها. الإصلاحات تمثّلت في انخفاض دخل الفرد من فوق العشرون ألف دولار للفرد سنوياً إلى أقل من خمسة آلاف دولار سنوياً. الإصلاحات تمثّلت في نسبة عالية من البطالة زادت على 25% وارتفاع كبير في نسبة الفقراء والجريمة أيضاً. الإصلاحات تمثّلت في تفشّي ظاهرة الرشوة والواسطة والفساد الإداري.
الإصلاحات تمثّلت في قرارات طرد رؤساء تحرير صحف محلية، مثل الأستاذ قينان الغامدي، جمال خاشقجي. الإصلاحات تمثّلت في منع العديد من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات من التدريس وسجن بعضهم مثل أبطال الإصلاح والمجتمع المدني، الأستاذ متروك الفالح، الأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ علي الدميني. الإصلاحات تمثّلت في قرار وزاري بمنع أي موظف حكومي من انتقاد للحكومة من أي نوع ومنع إنشاء تجمع أو مؤسسة أو لجنة أو التحدّث للصحافة المحلية أو الأجنبية وإلاّ سيكون العقاب شديداً. الإصلاحات تمثّلت في استمرار الدعم الكبير للتيار السلفي المتطرف ورفع رواتب أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليشمّروا سواعدهم الفتية في مضايقة الناس والتضييق عليه في حياتهم اليومية. الإصلاحات تمثّلت في استمرار السياسات السابقة من "الإصلاحات" ولهذا أنا مع الحكومة في رفضها أي ضغط خارجي لإصلاح الداخل.
أنا أول من يرفض الإصلاح وأنتقد من يطالبون به جملةً وتفصيلاً. أنا مع كل من يقف بقوة ضد هذه الإصلاحات الحكومية، وأطالب كل محب لهذه الأرض الطيبة، كل محب للوطن أن يرفض التحرّكات الإصلاحية الحكومية. بل على العكس، يجب أن نطالب بعكس كل الإصلاحات المذكورة أعلاه فسقف الوطن بدأ ينهار منها، لا فقط سقف مدرسة للبنات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. محمود أحمدي نجاد يتقدم لخوض سباق الترشح لنيل ولاية ر


.. تقارير تتوقع استمرار العلاقات بين القاعدة والحوثيين على النه




.. ولي عهد الكويت الجديد الشيخ صباح خالد الحمد الصباح يؤدي اليم


.. داعمو غزة يقتحمون محل ماكدونالدر في فرنسا




.. جون كيربي: نأمل موافقة حماس على مقترح الرئيس الأمريكي جو باي