الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حطّموا متاريس دولة اللاقانون!

سلام عبود

2011 / 2 / 19
حقوق الانسان


أنقل اليكم وصفا دقيقا لأحداث محافظة واسط كما روتها صحيفة الصباح العراقيّة على صفحتها الأولى يوم 17 شباط:
1- مصدر أمنيّ يقول إنّ المدينة شهدت مظاهرات للمطالبة بتحسين الوضع الخدميّ. 2- حمل المتظاهرون نعشا كتب عليه "الخدمات" .3- طاف المتظاهرون بمبنى المحافظة وهم يحملون النعش. 4- رشق المتظاهرون المبنى بالحجارة والعصيّ والأحذية. 5- هشّم المتظاهرون الزّجاج. 6- أحرق المتظاهرون غرفة الاستعلامات . 7- منعوا وصول سيارة الإطفاء وأجبروا سائقها على الفرار. 8- أطلقوا شعارات تندّد بالمحافظ. 9- وقف المتظاهرون الغاضبون أكثر من ساعة ونصف الساعة دون أن يخرج لهم أيّ مسؤول لسماع مطالبهم. 10 – توجهوا بعد ذلك الى منزل المحافظ وأضرموا النار فيه. (انتهى الخبر الرسميّ)
بهذا الوصف المحايد والوطني، النزيه والمهنيّ طبعا، تدوّن صحيفة الصباح أوّل مواجهة واسعة بين قطاع من الشعب الغاضب والسلطة المحليّة. وهذا الوصف يعكس حقيقة هويّة هؤلاء الذين يحكمون وطبيعتهم الإجرامية الظلاميّة ، ويكوّن صورة نمطيّة مجسّمة لصحفيي هذا النظام الجاهل والبهيميّ وكلّ نظام فاسد وأصم وأعمى مثله.
بعد هذا الوصف التفصيلي كلـّه، الذي لم ينس الأحذية والسائق المطرود والزجاج المهشّم ونعش الخدمات وبيت المحافظ، اختتمت الصحيفة تقريرها الشريف بسطر عجيب، لا صلة له بالحدث على الإطلاق، لا من قريب أو من بعيد. يقول السطر المنحرف:" ومن جهتها أكدت مصادر صحيّة في واسط أنّ الاشتباكات جرّاء التظاهرات أودت بحياة 3 أشخاص وجرحت نحو 50 آخرين وأنّ الحصيلة قابلة للزيادة بسبب خطورة بعض الإصابات"
المصادر الصحيّة تؤكد - ليس حملة المكانس ووكلاء الأمن- قتل ثلاثة مواطنين وجرح أكثر من خمسين مواطنا! من قتل وجرح هؤلاء وكيف؟ ألا يملك هؤلاء الجرحى والقتلى أسماء وعناوين وصورا وأهلا وسجلّ مواطنة؟ هل أحرقوا أنفسهم؟ هل قتلوا بعضهم؟ هل ما توا بمفخخة إرهابيّ؟
هنا لا بدّ أن نسأل محمد عبد الجبار الشبوط - صحافيّ إسلاميّ ّشريف الى حدّ اللـّعنة - وهو محرّر الخبر نيابة عن ما يعرف بشبكة الإعلام العراقيّ،عن سرّ شفافية إعلامه الأخلاقيّة، وعن سرّ إعادة تعيينه قائدا جديدا للاعلام الحكوميّ بعد إبعاده المؤقت.
الشبوط لا يجيب. الشبوط يلبط ثقافيّا فقط. صحيفة الشبوط غير معنية بهذه الأسئلة غير الشريفة، لأنه كما قال أحد كتـّاب الصحيفة قبل يومين: "لا آبه بما يقوله الآخرون"، أي لا يأبه بما يقوله الشعب، أو كما قال قمّام ثان: "لماذا نخجل مما نفعل؟" أي لماذا نخجل من الانحطاط الأخلاقيّ ومن الوقوف في صفّ القتلة.
عودة الشبوط، رافقتها عودة لمجمل الرعيل الطليعيّ الذي واكب الاحتلال "التحرير"، وهذا يعني أنّ السلطة والاحتلال يعدّان العدّة لعملية تحرير جديدة للشعب العراقيّ، يعدّانّ لمرحلة أسماها صحفيو السلطة "التحرير الثاني".
إذاً، لم يتمّ اختيار الشبوط ورهطه عبثا، ولم يتمّ استدعاء فريق الاحتلال عبثا أيضا. فالتحرير الثاني ليس شعارا، بل هو خطّة محكمة ومحاولة دنيئة لقتل آخر ما يملكه هذا الشعب من إحساس بالكرامة، وليس هناك من هو أجدر من الإعلام المأجور للقيام بهذا الدور. موت الضمير، كره العراق، كره الشعب، الإتجار بالدين وبالطائفيّة السياسيّة، وانمساخ الإرادة الشخصيّة. تلك هي خصائص قمّامي الثقافة من إعلاميي مرحلة التحرير الثاني.
وإذا كان التحرير الأوّل دفع أكثر من ثلاثة ملايين عراقيّ الى الخارج، وهدم بنية المؤسسات المدنيّة، وسحق الكرامة والهويّة الوطنيّة سحقا لا رحمة فيه، فماذا سيفعل التحرير الثاني؟ من أيّ شيء سيحرر ما تبقى من العراقيين؟ وهل تبقى شيء لم يتمّ تحرير المواطن منه، بعد أن حرّروه من أرضه، وحقوقه، وكرامته، وصبره؟
عودة جهاز الإعلام الذي رافق الاحتلال الأوّل دفع الى واجهة الحدث وجوها مستهلكة وأفكارا أكثر استهلاكا ورخصا.
فجأة عاد الى الواجهة المزيج العفلقيّ الأميركي الطائفيّ العرقيّ التجاريّ: ابراهيم الزبيدي واسماعيل زاير، ألمع شرطة الاحتلال.
فجأة يكتشف أحد أولاد الحكومة الفاسدة المدللين، الذي يعمل مأجورا منذ سبع سنوات في ثقافة الاحتلال الطائفيّ والعرقيّ والأميركيّ، يكتشف وجود بركة ماء آسنة أمام مقر صحيفته، ويعلن أمام الشعب الثائر عن سرّه الخطير بشجاعة وثوريّة ملهمتين.
حصيف كاكه مسعود! يقول أحد زبّالي الاحتلال والنظام الطائفيّ العرقيّ إنّه نصح إحدى العوائل بإنزال صورة ابنها المعتقل ، لكي لا يُساء استخدام "طهارة التغيير" و"تحريف أهداف الاحتجاج!". وطلب من الأهل أن يرفعوا مكنسة بدلا من صورة ابنهم العراقيّ المعتقل في سجون النظام! لأنّ الشعب - في نظره - يقدّس المكانس عاليا، ولا يقدّر شهداءه أو معتقليه جيّدا!
مستعجل ملا عليوي! أحد "فروخ السلطة" بدأ بكتابة ونشر مذكراته، التي تسجل مشاركته البطوليّة في تفجير وقيادته الثورة ضد الفساد "الخدميّ"، ولكن قبل بدء الثورة! هؤلاء لم يعبثوا بحياتنا فحسب، بل يريدون العبث حتـّى بموتنا وغضبنا وآلامنا.
لقد بدأت أجهزة المخابرات تزرع وسط المنتفضين أوقح صحافييها وإعلامييها وشرطتها من خدم الاحتلال والطغمة الفاسدة - كما زرع حسني بلطجيته- لكي يقودوا المنتفضين الى فخاخ منصوبة سلفا من قبل جهاز الشرطة السريّة. سيتحمل هؤلاء، اسما اسما، مسؤولية شخصيّة مباشرة عن كلّ صدام دمويّ وتخريبيّ يهدف الى "تحريف أهداف الاحتجاج!".
فجأة ظهر سيار الجميل وراح يفتش في دفاتره العتيقة المهلهلة مكتشفا أن : العراق " بأمسّ الحاجة الى كلّ من المسؤولين والمواطنين معا"، من دون أن يخبرنا أيّ مسؤول وأيّ مواطن يعني!
وصحا فجأة، بالعبقريّة ذاتها، القضاء العراقيّ النزيه، مكتشفا جريمة جهاد الجابري، مدير مكافحة المتفجرات، التي فـُضحت منذ زمن ليس بالقصير في صحف العالم أجمع. بهذا الاستدعاء المزدوج – صحافة الاحتلال والمسيئين الصغار- يريد اللص الكبير إخفاء حلقات اللصوص والمجرمين، الذين عيّنوا وحموا ووقـّعوا على صفقة شراء أجهزة مكافحة المتفجرات الفاسدة، التي حصدت نفوس آلاف العراقيين، كما يريد لصوص البرلمان العراقيّ الكبار التضحية بلصوص المجالس المحليّة الصغار وحرقهم في أتون الغضب الشعبيّ العارم، ومثلهم يريد لصوص الإعلام سرقة وتدنيس لحظة الوعيّ المجتمعيّ التاريخيّة لدى المواطن المبتلى بالظلم على مرّ العصور.
أيها المقهورون: اكنسوا وكلاء الأمن، حملة نظرية "التحرير الثاني"، وابعثوا بهم الى أسيادهم مع مكانسهم وضمائرهم المتقيحة. لا تسمحوا لهم بتدنيس براءة الغضب العراقيّ وطهارة الألم الذي عشناها جراء فساد رؤسائهم!
هذه اللعبة المنحطـّة لن تنطلي على أحد. عقود النفط أعلى وأغلى من عقود تبليط الشوارع، وتخطيط سياسة الدولة العليا مسؤوليّة أعلى جهاز حكوميّ، وليست مسؤوليّة الزبّالين والمنظفين البلديين. اتفاقيّات بيع الوطن، أمنيّا وسياسيّا واقتصاديّا وثقافيّا، مسؤوليّة الجهاز الحزبيّ الحاكم وليست مسؤوليّة حرّاس مبنى المحافظ.
المعركة التي يريد اللص الكبير نقلها الى ساحة اللصوص الصغار لن توقف أو "تحرف" إرادة الشعب، لأنها معركة مغشوشة ومكشوفة، معركة لا تجيب عن أسئلة الوطن، وعن حقوق المواطنة، وعن الكرامة المنتهكة.
ربّما ستجيب عن سبب فساد تبليط الشوارع في بعض أزقـّة قضاء عفك؛ هذا ممكن إذا تمّ التضحية مؤقتا ببعض "الحرامية" الصغار، لكنّها لن تجيب عن فساد الحكم وضحالة النظام السياسيّ وتعفـّنه.
هذا الشعب الغاضب لن يخدعه صحافيّ ميّت الضمير أو سياسيّ ميّت الأخلاق. هذا الشعب الذي صبر طويلا لن يقع في لعبة اللصوص الكبار، لصوص المنطقة الخضراء، المسؤولين الرئيسيين عن الفساد والمشرّعين الرئيسيين له.
أيّها السياسيّون الفاسدون: حصّنوا حدود المنطقة الخضراء جيّدا بالمتاريس والألغام الأرضيّة! لأنـّها ستكون حدود دولتكم الأخيرة. وإذا واصلتم دوس كرامة الشعب ربّما ستكون حدود مقبرتكم الأخيرة.
حصّنوا حدود دولة اللاقانون بالأسلاك الشائكة، فقد كفر الآباء والأمهات بذلك اليوم التعيس الذي ولدتهم فيه أمهاتهم وجعلتهم يرون قانونكم الفاسد.
أيّها السياسيّون الفاسدون: خذوا أقوالي على محمل الجدّ. ما أقوله هو أصدق أنواع النصح، لأنـّه نصح كاره غاضب، وليس نصح واش أو نمّام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لك قلبي يا عراق
سرسبيندار السندي ( 2011 / 2 / 19 - 17:50 )
نعم لك قلبي ياعراق
ألايكفي ما فعله بالأمس الرفاق
حتي تزداد الموتى في كل بيت أو زقاق
فلن تضحكو بعد ألأن على شعب
فاليوم يكسر القيد وغدا الوثاق
فإنهض يا شعب الرافدين من مذلة
أرادها لك دعاة البغي وتجار الدين والسراق
***
وتحياتي لك يا عزيزي سلام
ولكل عشاق الحرية والإنسانية والعراق


2 - الجك من البك
جاسم الزيرجاوي-مهندس أستشاري ( 2011 / 2 / 20 - 04:59 )
الاستاذ سلام تحية عطرة
((أيّها السياسيّون ....))..لا يا سلام ..انت مشيت صح بمقالتك التي احرقت وجوه الانكشارية الجدد.....لكن من هم (السياسيّون)؟؟ لا احد من منهم سياسي ..السياسي هو اللي يشتغل سياسة ..ممكن ان يكون قذرا مثل بلير و برلسكوني لكن هؤلاء على الاقل يعرفون هوبز و لوك وغوتة وديكنز وجيمس جويس ..لكن ربعنا وحياة ال آزيرج ما يعرفون((الجك من البك))...يقال ان هتلر لم يكن هتلريا لولا حاشية شبوط والزبيدي و زاير..في قفزة نوعية من دروس الثورة الشبابية المصرية بدأت بمحاسبة الصحفيين والاعلاميين ( الصفر- من آصفر)الذين زمروا وهلهلوا ورقصوا لمبارك
مع مودتي


3 - تحية
سلوان ساكو ( 2011 / 2 / 20 - 07:27 )
تحية الى الاستاذ سلام عبود
قرأت كتابك القيم ( من يصنع الديكتاتور)، حيث وجته في احدى المكتبات في استراليا (مالبورن) ، واستوقفني فيه سلاسة اللغة ووضوح الفكرة والوصول المباشرالى المعنة المراد وذلك ينطبق ايضاً على مقلاتك الرائعة التي أقرأها بهتمام .

تحياتي القلبية لك سيد سلام .


4 - تخفيضات مسخرة
salam hadi ( 2011 / 2 / 20 - 15:29 )
الاخ سلام المحترم
مامن سلطة فى تاريخ العراق قد سخرت من عقول العراقيين مثل هذه السلطة تصور اجتمع البرلمان العراقى وقرر تخفيض رواتب الرئاسات 4%فقط وطبعا رواتب الدرجات الخاصة مشمولة بهذا التخفيض المهزلة وهذا لايشكل الا نسبة قليلة من رواتب ومخصصات الرئاسات الثلاث والنواب والدرجات الخاصة هل هو ضحك على ذقون الناس هل تنطلى هذه الكذبة المفضوحة والاستهتار بعقول الناس يجب ان تنكشف الاعيب السلطة الطائفية وفضحها على الملأ وشكرا

اخر الافلام

.. ما هو المطلوب لحل أزمة النازحين السوريين في لبنان؟


.. حماس تعلن عن فقدها الاتصال بمسلحين يحرسون 4 من الأسرى الإسر




.. الأونروا ترد على الاحتلال بخصوص المناطق الآمنة في غزة


.. الجورجيون يتظاهرون ضد -العملاء الأجانب-




.. Lawyer arrested on LIVE TV