الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الي المربع الأول المصالحة شأن وطني فلسطيني داخلي أولا

وجيه أبو ظريفة

2011 / 2 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


عودة إلى المربع الأول – المصالحة شأن وطني فلسطيني داخلي أولا

احد أهم التأثيرات للثورة المصرية على الوضع الفلسطيني المرتبط بشكل كبير سياسيا وجغرافيا وتاريخيا مع مصر هو مدى تأثير انتصار الثورة وانهيار النظام السابق في مصر على ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية، والتي كانت الحكومة المصرية السابقة وحدها تمسك بمكونات هذا الملف وتديره منذ أن بدأت الحوارات الفلسطينية - الفلسطينية في القاهرة والتي أدت للوصول إلى اتفاق القاهرة في مارس 2005 والذي نص أساسا على تثبيت الهدنة مع إسرائيل وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية وإشراك القوي التي كانت خارجها في المنظمة وتشكيل مرجعية سياسية عليا للشعب الفلسطيني تتكون من الأمناء العامين لجميع الفصائل تمهيدا لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية كممثل جامع لكل القوي السياسية الفلسطينية وممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني.
إن التطورات التي تبعت اتفاق مارس 2005 وأهمها فوز حركة حماس بالأغلبية النيابية في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وتشكيلها للحكومة الفلسطينية العاشرة وما تبعها من حصار دولي على الشعب الفلسطيني وبدء التنازع على السلطات بين مؤسسه الرئاسة التي يرأسها الرئيس أبو مازن زعيم حركة فتح المهيمنة على مؤسسات السلطة الفلسطينية، ومؤسسة الحكومة التي شكلتها حركة حماس وبدء الصراع بين الحركتين على مستويات مختلفة وصولا إلى حد الاقتتال الفلسطيني الداخلي أعاد الحوار مرة أخرى إلى القاهرة التي بذلت جهودا كبيره في محاولة الوصول إلى اتفاق فلسطيني يحدد تنظيم العلاقة بين الرئاسة والحكومة، ولكن كل هذه المحاولات لم تنجح مما دعا إلى تدخل أطراف عربية أخري في ملف الحوار والذي اختتم في المملكة العربية السعودية بما بات يعرف باتفاق مكة، والذي لم يصمد طويلا كونه اتفاقا للمحاصصة بين فتح وحماس وتقاسم السلطة بينهما مما أدى إلى انهياره واندلاع مواجهات مسلحة بين الطرفين.
حاولت القاهرة ومنذ اندلاع المواجهات العسكرية بين فتح وحماس في أيار 2007 احتواء الأزمة وبذلت جهودا حثيثة لوقف القتال بإرسال وفد امني رفيع المستوى إلى غزه، ولكن كل هذه المحاولات لم تمنع من حسم حركة حماس للصراع عسكريا والسيطرة على قطاع غزة وكافة مؤسسات السلطة العسكرية والمدنية وانهيار سلطة حركة فتح في 14 حزيران، مما أدى إلى انسحاب الوفد الأمني المصري وإغلاق السفارة المصرية بغزة وإغلاق معبر رفح على خلفية اجتياح المواطنين الفلسطينيين للحدود بين قطاع غزة ومصر، واستمر الحال حتى بدأت من جديد الحوارات المباشرة بين حماس وفتح وباقي الفصائل في نهاية العام 2008، والتي استمرت في جولات متعاقبة أفرزت فيما بعد ما يسمي بالورقة المصرية والتي كان من المفترض التوقيع عليها في أكتوبر 2009، ولكن رفض حركة حماس للتوقيع على هذه الورقة التي وقعتها حركة فتح وأعربت باقي أطراف الحوار عن استعدادها لتوقيعها، وتجمدت الأمور عند هذا الحد مع الأخذ بالاعتبار أن كل اللقاءات التي جمعت طرفي الأزمة فتح وحماس بعد ذلك في دمشق وغزة كانت لذر الرماد في العيون ليس إلا.
إن انهيار النظام المصري السابق، والحالة التي عليها مصر الآن وفي الأشهر وربما السنوات القادمة من تفرغ لإعادة بناء نظام مصري جديد ليتماشى مع متطلبات الشعب والثورة، يجعل ملف المصالحة التي ترعاه مصر على مدار السنوات الماضية يدخل في غيبوبة اجباريه إن لم ندرك كفلسطينيين - كل الفلسطينيين - أن المصالحة مصلحة فلسطينية وطنية عليا وأنها شان فلسطيني داخلي أولا، مما يلزم الجميع وخاصة طرفي الأزمة فتح وحماس إلى التعبير عن هذا الإدراك بالاستعداد للعودة إلى حوار سواء حوارا ثنائيا بينهما أو في إطار حوار وطني شامل يضم الجميع على قاعدة الوثائق التي تم الاتفاق عليها وأهمها وثيقة الوفاق الوطني واتفاق القاهرة وورقة المصالحة المصرية وما تبعها من تفاهمات في لقاءت دمشق.
إن الرئيس محمود عباس كرئيس للسلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وزعيما لحركة فتح احد أطراف الأزمة مطالبا بأكثر من مجرد الدعوات المتكررة للمصالحة وعليه أن يكون عاملا أساسيا في تغيير الإدراك الجمعي لدى حركة فتح تحديدا للمضي قدما في ملف المصالحة على قاعدة الشراكة الحقيقية وليس علي قاعدة التقاسم بنسب والتي غالبا ما شكلت الخلاف الرئيسي مع حماس، وعلي فتح أن تقدر أن الواقع السياسي الإقليمي يتغير باستمرار وبشدة وفي اتجاهات قد لا تخدم المشروع الوطني الفلسطيني الذي تمثله منظمة التحرير، وان إبقاء الانقسام سيكون بالضرورة مهربا للجميع وفي مقدمتهم العرب للتهرب من واجباتهم القومية تجاه القضية الفلسطينية خاصة وان جميع أنظمة الحكم العربية في مأزق أمام شعوبها التي تهددها بالثورة احتذاء بتونس ومصر مما يجعلها تنأى بنفسها عن أي قضية خارجية هذا كله، إضافة لاستمرار العدوان والاستيطان الإسرائيلي وفشل عملية التسوية وعدم وجود أي أفق لإحداث اختراق حقيقي في الموقف الإسرائيلي أو الأمريكي، ولهذا فالرئيس عباس مطالبا بان يبادر إلى الاستجابة للملاحظات التي يمكن التفاهم حولها للتوقيع على الورقة المصرية والالتزام بتنفيذها وعدم انتظار تراجع حماس طواعية عن هذه الملاحظات.
على الجانب الآخر اعتبرت حركة حماس أن سيطرتها بالقوة على قطاع غزة ورقة مساومة للحصول على تنازلات اكبر من السلطة الفلسطينية لتقاسم السلطة، وبالتالي عمدت إلى عدم التوقيع على الورقة المصرية مرتهنة شعبنا ومشروعه الوطني لاعتبارات حزبيه خاصة أثبتت السنوات الماضية أنها لا يمكن أن تتحقق، وبالتالي فعليها أولا أن تعرب عن استعدادها للتوقيع على مصالحة حقيقية وان ملاحظاتها على الورقة المصرية تهدف إلى تقوية الشراكة القادمة وليس لاعتبارات حزبية، وعليها أن تدرك إن الشرعية التي نالتها بالانتخابات قد انتهت بانتهاء مدة ولاية المجلس التشريعي، وإذا كانت لا تزال تثق بالشعب الفلسطيني وتثق ببرنامجها فعليها أن تقبل بالمصالحة التي ستؤدي حتما إلى انتخابات هي التي ستعطي المعيار الحقيقي لقوة الأطراف وشرعيتها، وبالتالي فعليها أن تستجيب لدعوات الحوار وان لا تراهن كثيرا على الوقت متوهمة أن الوقت سيكون ضد السلطة الوطنية وفتح.
إن كل ما سبق يوحي بان الجميع خارجيا في طريقة إلى نفض الأيدي من ملف المصالحة الفلسطينية هذا إذا لم يكن هناك جزء أصيل إقليميا يعنيه استمرار هذا الانقسام البغيض، وبالتالي فان القادم يعني أننا عدنا إلى المربع الأول بان المصالحة الفلسطينية شأن داخلي فلسطيني أولا ومصلحة فلسطينية دائما، ولهذا لا يجب أن تستمر المحاولات العبثية بالدعوة لحل السلطة أو العمل على انهيارها أو عدم شرعيتها، كما لا يجب أن تستمر الدعوات لانتخابات بالجملة نحن نعرف مسبقا أنها لن تتم دون مصالحة ولا نقبل أن تتم بدون غزة أو بدون القدس ولا يمكننا المراهنة بالقضية الوطنية على رياح التغيير التي تعصف بالمنطقة، فربما وغالبا كل الرياح التي تعبر المنطقة كانت تعصف بسفينة المشروع الوطني الفلسطيني ولكن في هذه المرة الرياح عاتية والسفينة اضعف من أي وقت مضي بفعل الانقسام، فهل نتحلى بالجرأة لنقول كما قيل لنا سابقا أن أشواكنا يجب أن نخلعها بأيدينا ؟
د. وجيه أبو ظريفة
الكاتب والمحلل السياسي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ?? حكومة اخنوش: فشل سياسة التشغيل وتراجع القدرة الشرائية ونق


.. ?? حكومة اخنوش: إخفاقات التغطية الاجتماعية والدعم المباشر وس




.. لليوم الثامن على التوالي.. غضب المتظاهرين الألبان يشتعل أمام


.. كلمة الأمين العام




.. الرسالة المفتوحة رقم 02 من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشت