الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الموديل الهلوجرامي: الوعي واللاوعي

طريف سردست

2011 / 2 / 19
الطب , والعلوم



الكون والوعي كأنعكاس هلوجرامي
اشرنا في السابق الى التجربة التي اجراها دافيد بوهم حول نقطة الحبر في الجليسيرين. عندما عمل بوهم مع زميله الفيزيائي David Peat في فترة عمل ليلي مرهق كانوا في حاجة الى استراحة لشرب الشاي، وخلالها كانوا يمزحون على نظرية بوهم عندما كانوا يضعون السكر في الشاي. السكر يذوب في الشاي، ولكن لو تركنا الشاي يتبخر فإن بللورات السكر ستعود للظهور.

من هذا المثال يخبرنا بوهم ان العالم في ظاهره وهم في الواقع وبالتالي يشبه الصورة الهلوجرامية. تحت سطح عالم الوهم يوجد نظام اعمق مطوي للداخل، شامل، المستوى الاساسي للواقع (المستوى الاول) implicit ، الذي يخلق الشئ والانطباع في العالم الفيزيائي، تماما كما ان اللازر هو الذي يخلق انطباع الصورة كحقيقة منفصلة. هذا الانطباع يستعرض ذاته في حيزنا الوجودي (المستوى الثاني) كشئ يبدو مستقل في ذاته من خلال إظهار المظهر المقلوب للخارج explicit.

(مثال اخر لفهم العالم المنظور يمكن ان يكون النقشة النافرة على سطح سجادة. ان الذي يترسخ في الوعي هو البروز وهو الذي يشكل النقشة في وعينا في حين ان الخيوط الغير بارزة هي التي تشكل الخلفية العامة. ومع ان الصورة الكاملة مؤلفة من كلا الخيوط الا ان النقشة هي التي يتعامل معها النظر لتصور الصورة. في هذا المثال يكون العالم المرئي هو الخيوط البارزة وهي وحدها التي نعايشها)


بوهم يعتبر جميع الاشكال الكونية كنتيجة لعدد كبير من تتداخلات الطوي والقلب بين هاذين المستويين (التراتيب). انه يعتقد، مثلا، ان الالكترون ليس "شئ متفرد" وانما " كلية" منتشرة في الكون. عندما يقوم جهاز قياس بإلتقاط وجود الالكترون فإنه يكون قد التقط احدى مستوياته التي تقوم الكلية" بقلبها للخارج واستعرضتها. وعندما نرى اليكترون يتحرك يكون السبب تواتر مستمر من الانفتاحات للخارج قادمة من المستوى الاساسي تخلق انطباع وجود حركة غير منقطعة. (تماما مثل "ايحاء وجود حركة موجية" تترائ لنا عند قيام مشجعي كرة القدم بالوقوف والجلوس المتناسق". ايضا يمكن مقارنته بالصور الثابتة في الفيلم الذي يصبح متحرك من تحريك صور ثابتة بسرعة. غير ان بوهم اختار تعبير holo movement (الحركة الهلوجرامية) وليس هلوجرام من اجل التأكيد على الديناميكية في المنظومة.

في كتابه Wholeness and the Implicit Order الذي صدر في عام 1980 اشار الى انه لامعنى لتصنيفات الكون من اجزاء بذات القدر الذي لامعنى لتصنيف الماء الخارج من مجموعة مختلفة من النافورات الا الى ماء. تماما كما ان الرسمة على سجادة ليست الا طيف من اطياف السجادة. ذلك لايعني ان الكون يتألف من مادة ذات نسق واحد. الاشياء يمكن ان تكون جزء من كلية غير خاضعة للتجزيئ ومع ذلك تملك خصوصيتها. بوهم يقدم لنا مثال الدوارات التي تتشكل في مجرى النهر. للوهلة الاولى تبدو هذه الدوارات وكأنها مستقلة بذاتها وتتحرك ذاتيا، ولكن عند التدقيق نرى انه من المستحيل القول اين تبدأ الدوارة واين تنتهي. بذلك تصبح الدوارة منفردة تجريدياً على الرغم من انها في ذاتها غير مستقلة.

الحركة الهلوجرامية: الكون نهر من الطاقة
إنطلاقا من نظرية النسبية وفيزياء الكم ينظر David Bohm الى الفراغ الكوني على انه خلفية طاقوية هائلة. المادة، كما نفهمها، عبارة عن موجات كفانتية تطل لنا من هذه الخلفية كموجات على سطح بحر عظيم. بذلك يكون الفراغ الكوني ممتلئ حتى اقصاه وليس فارغ، وهذا المحيط يلعب دورا كبيرا في فهم الكلية الكونية كوحدة واحدة يتضمن كل شئ. هذا الامر لايتشابه مع النظريات القديمة حول موجات الاثير، او الوسط الثلاثي الابعاد (tree-dimensional medium) القادر على ايصال الحركة والموجات. المحيط الطاقوي يجب فهمه متعدد الابعاد ، مطوي للداخل، او حركة هلوجرامية والمادة هي انقلابات للخارج صغيرة تعطيها تمييز قادر للملاحظة. هذه الجيوب من الانقلابات يمكن النظر اليها على انها بقع " قلاقل" في الطاقة الكونية تستدعى كحقن (لاعادة الاستقرار)، بالمستوى الثلاثي الابعاد، تأخذ شكل "المادة" (المرئية) .

غير ان دافيد بوهم لايتكلم عن حركة هلوجرامية واحدة وانما حركات، كل واحدة منهم يمكن ان تكون جزء من الاخرى. لو نظرنا الى مثال السكر في الشاي نرى ان السكر انطوى في السائل. ولكن ايضا المواد من ورق الشاي ايضا " تنطوي" في السائل وتعود للظهور عند تبخر السائل. ولكن السائل ايضا يتبخر وينطوي في الهواء، ويمكن إعادته بالتكثيف.

الانفجار العظيم، الزمان والمكان
إعتمادا على اعلاه، ينطلق دافيد بوهم من ان الحركة الهلوجرامية تنشأ عن حركة هلوجرامية. بذلك ينظر الى الانفجار العظيم على انه مرحلة خاصة في العلاقة بين الحركات الهلوجرامية، حيث تنقسم الحركات الهلوجرامية الى اجزاء اصغر مما ينتج عنها نشوء كون. هذه الظاهرة يمكن ان تتكون مرات وبالتالي ينتج عنها اكوان. في الهلوجرام الكوني لايوجد زمان او مكان، وانما مانعرفه من زمان او مكان هو ناتج دماغي للتسهيل من خلال التصنيف، تماما كرؤية الالوان. هذا بالذات هو الاطار المقياسي الذي خلق مفاهيمنا عن العالم من خلال انطباعاتنا الذهنية.

ماطرحه الموضوع اعلاه يمكن إعادة عرض ملخص له مقتبس من كتاب Ken Wilber: The Holographic Paradigm and Other Paradoxes;
1- الكون لايتألف من شئ او لاشئ وانما من بصمات طاقوية
2- كل طيف من اطياف الكون هو نظام خاص في ذاته، انطباع خاص، وكلية.
3-كل طيف من الاطياف جزء من الكل الاكبر، من النظام الاشمل.
4- كل طيف من الاطياف يعبر عن نفسه من خلال موجة و تردد، وتختلط مع بعضها في الهلوجرام الرئيسي، لتمتلئ بكل الاطياف التي تشكل كلية الوجود.
الكلية تحتوي على جميع المعلومات عن الجزء، والجزء يحتوي جميع المعلومات عن الكل.
5- الزمن ليس موجود كلحظات متتابعة وانما ابعاد متعددة ولذلك يمكن له ان يتحرك في اتجاهات متعددة في ذات الوقت.

يتبع: الوعي واللاوعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب أردوغان يلوم وسائل التواصل الاجتماعي بعد نتائج الانتخابا


.. يمكن رؤية أحدها من السعودية ومصر.. 4 ظواهر فلكية ينتظرها الع




.. دون ألم الـ-كيماوي-.. طبيبة سورية تبتكر علاجا ضد سرطان الرحم


.. جريمة نزع أعضاء -طفل شبرا- تكشف حقائق مفزعة عن مواقع بالإنتر




.. زيارة مركز لعلاج السرطان.. أول نشاط الملك تشارلز بعد عودته ل