الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نريد حكومات تحترم إنسانية المواطن

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2011 / 2 / 19
حقوق الانسان


بعد نشرنا مقالاً تحت عنوان : ( نعم للتظاهرات والمطالبة بحق الحياة والكرامة ) ، وردتنا رسائل مختلفة تصب كلها في حب الوطن وحقوق المواطن وجدوى التظاهرات بصفتها حقاً كفله الدستور .
وتضمنت الرسائل ملاحظات من عدد من الزملاء ، من بينها إن لكل حزب مريديه ومؤيديه ومواطنيه، فمن الذي يتظاهر ؟ بقي الإنسان المستقل الذي إذا خرج في تظاهرة سيتهم بأنه بعثي او إرهابي !!
وكان هناك رأي مفاده أن مطالب المتظاهرين في العراق تتمثل بالكهرباء والغذاء والخدمات والقضاء على الفساد .. الخ ، وأن الحكومة ستبرر الإخفاق في هذه الجوانب بثقل التركة والتحديات الخطيرة وأنها لاتمتلك عصا سحرية لتنفيذ تلك المطالب .
فضلاً عن آراء أخرى ومقترحات بأهمية أن تخصص أمكنة محصنة أمنياً في المدن لإقامة التظاهرات ، وتشكيل لجان في كل محافظة تتخصص في سماع شكاوى المواطنين ، وتبني المثقفين آلية معينة لتوحيد المطالب وإيصالها الى الحكومة ، لضمان عدم التشتت والفوضى .

*****

إزاء ذلك ، لابد من القول إن معاناة الإنسان العراقي منذ عقود تكمن في عدم احترام إنسانيته وحقوقه ، وهو حين يحصل على القليل يشعر بالمّنة والذل مفتقداً الشعور بأنه إنسان يحق له الحياة ، بل يشعر بأنه غريب عن هذا البلد وليس من أبنائه .
إن الحصول على مستوى لائق من العيش والسكن والخدمات هو حق مشروع ، ولكن ماذا يفعل المواطن حين يجد الحكومة والمسؤولين لايوفرون له ذلك الحق ؟ من المؤكد لايجد أمامه سوى التظاهر ، ولكم أن تتصوروا الى أي درجة بؤس وصلت اليها معيشة المواطن حتى يخرج للتظاهر من أجل الضغط على السلطة . فإن بررت تقصيرها بعدم امتلاكها العصا السحرية جاء رد المواطن حاسماً بأنها تملك العصا السحرية حين يتعلق الأمر بإتخام جيوب المسؤولين وزيادة الوزارات والمناصب الرئاسية لإرضاء هذه الكتلة وتلك وحين تفكر بأن تخصص للوزراء السابقين مناصب معينة في وزارتهم وتمنحهم رواتبهم نفسها حين كانوا في مناصبهم !! ولكن ياسبحان الله ، العصا السحرية تتحول الى عصا بلاستيكية حين يتعلق الأمر بجيب المواطن ومستوى معيشته !!
إن المواطن طال صبره وسكت طويلاً ولابد أن يكسر حاجز الصمت ، ليقوم بتعويد الحكومات على إنه سلطة . هذا هو مقصدنا ممما كتبنا سابقاً ، لكي تتعلم الحكومات والسلطات في أي زمن معنى احترام المواطن وحقوقه وإنسانيته ، فلا تفكر بالضحك منه بفسادها وطغيانها وتكبرها متناسية أنها ليست أعلى او أفضل منه لتتمتع هي بالثروة بينما يُحرم هو منها .
ولكي لاتذهب التظاهرات الى دهاليز تتيه فيها أهدافها وتتعرض الغايات النبيلة الى التحريف والانحراف والاستغلال من قبل المتطفلين والطارئين ، لابد أن يعي المواطن أهمية أن يكون ولاؤه للعراق قبل أي جهة او حزب او طائفة ، فإن آمن المواطن العراقي بأن العراق هو حزبه الأوحد ، عرف الطريق السليم الى بر الأمان والعيش الكريم وعرف كيف يحمي إنسانيته .
والى جانب الدور المطلوب من المواطن ، هناك دور ملقى على وسائل الإعلام والجهات الثقافية المستقلة يتمثل بالتوعية بثقافة المواطنة وترسيخ حقوق المواطن وإنسانيته وأهمية المطالبة بها من غير خوف من هذه السلطة او تلك ، وضرورة أن يرفع المواطن صوته عالياً بدلاً عن الصمت السلبي .
لقد دعونا في وقت مضى وفي هذا العمود نفسه الى حكومة خدمات ، والآن ندعو الى حكومة تحترم المواطن وإنسانيته ، فإن وعت وتعلمت هذا الاحترام ، سارت على طريق توفير الخدمات أولاً ـ لأن المطلب الأساس للإنسان هو العيش الكريم ـ ومن ثم الحقوق والمطالب الأخرى المتمثلة بصون الكرامة والحريات العامة وعلاج البطالة ومنع التدخل في شؤون الناس الخاصة وتوجهاتهم الفكرية والدينية وعدم استخدام أساليب القسر والإكراه والترهيب في توجيه الناس الى هذا الطريق او ذاك ، وبالمختصر المفيد الإصلاحات في كل مجال وشأن .
من أجل ذلك كله دعونا الى أن يكون للمواطن صوته ليس من خلال الصحافة فقط وإنما من خلال استثماره حقه في التظاهر ، ليعود الحكومات على أهمية صوته وأنه ترك الصمت وراءه الى غير رجعة ، وليكن الصوت هادراً هذه المرة ، والأهداف موحدة تحت عنوان كبير مفاده الإصلاحات واحترام إنسانية المواطن وضمان حقوقه ، وأن ثقافة الخوف والصمت ذهبت الى غير رجعة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أردنيون يتظاهرون وسط العاصمة عمان ضد الحرب الإسرائيلية على ق


.. كيف يمكن وصف الوضع الإنساني في غزة؟




.. الصحة العالمية: المجاعة تطارد الملايين في السودان وسط قتال ع


.. الموظفون الحكوميون يتظاهرون في بيرو ضد رئيس البلاد




.. مؤيدو ترامب يطالبون بإعدام القاضي وبحرب أهلية