الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليكن 20 فبراير إعلان لشرارة ثورة 68 المغربية

حسن طويل

2011 / 2 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


إن ما ميز ثورة ماي 68 هي أنها كانت إعلان عن وفاة مرحلة بما تحمله من ثقافة على مستوى القيم و الأخلاق و السلوك و بداية مرحلة جديدة ؛ فالشباب الفرنسي في تلك المرحلة أحس بعقم و عجز النخب السائدة عن الإجابة على أسئلته و حاجياته و إشكالياته الجديدة. كان هناك تطور في البنية الإجتماعية على جميع المستويات لم تصاحبه آليات و ميكانيزمات الإنتاج الثقافي السائدة,فكان نوع من الفجوة بين جيل بطموحاته و حاجياته و مفهومه للحياة و نخب تكلست وأصبحت عاجزة عن مسايرته . فتطور قوى الحياة الدي يمثله الشباب وصل إلى درجة من التحولات ,أصبحت معها العلاقات المنظمة للمجتمع عوائق و أغلال لها مما إستدعى لكسرها و المطالبة بنمودج حياة جديد يلائم المرحلة الجديدة. هذا التطور جاء عبر مسار تاريخي تراكمي من التحولات في المجتمع الفرنسي نقلته من باراديغم ثقافي إلى باراديغم ثقافي آخر .
الشباب الذي دعا إلى الإحتجاج يوم 20 فبراير ,يعيش واقعا مغربيا يطبعه الإنتظار و تطغى فيه مقولات الإنتقال نحو التغيير الدي غابت ملامحه و أصبح سرابا يذكرنا بغودو صموئيل بيكيت .العشرية الأخيرة من الحياة السياسية و الإجتماعية و الثقافية للمغرب عرفت تطورات مهمة على مستوى ثورة الأتصال و الإعلام -كأي بلد يعيش هذا العصر-التي أصبحت تنافس الأجهزة التقليدية المنتجة لوسائل إنتاج المعرفة التي تؤثر بشكل كبير على طرق التفكير و نمادج الحياة . فالشباب المغربي أصبح يعيش واقعين بإيقاعين مختلفين : الأول واقع ذاتي يتميز بإ ستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تفرض عليه أسئلة و جودية جديدة , وواقع موضوعي يتمثل في ثقافة و علاقات سائدة بعيدة عن همومه و غير قادرة على إستعاب التغيرات التي فرضتها المرحلة وطغت عليها لغة الإنتظار و عقم الخطاب السياسي المحدد للمستويات الأخرى للبنية الإجتماعية.
عولمة العلاقات الدولية و نهاية الجغرافيا و ثورة الإتصلات و الإعلام فرضت مجموعة من التحولات غيرت في حياة الشباب و طريقة تفكيرهم تخالف ما يميز البنية الفكرية العامة السائدة في المجتمع ؛فعصر المعلومات و الإهتمام بالتفاصيل أصبح لا يناسب الشعارات الكبرى , و برغماية و سرعة الحياة تجاوزت إستبداد الإيديولوجيا و إستلابها ,و حرية إنتقال المعلومات و الأخبار أرجع من أليات المراقبة و القمع أدوات قديمة تصلح للرمي في مزبلة التاريخ .ونتيجة لما تسهله التكنولوجيا الحديتة من فرص للإضطلاع على حيوات الشعوب المتقدمة , أصبحت ثقافة الحياة و التمتع بها تعوض لغة القناعة المزيفة و سيطرة تتانوس ,وسمح فتح الحدود الإفتراضية
بالتمرد على شيطنة الآخر و التقليل من البارونيا الجماعية و نظرية المؤامرة .كما ساهمت وسائل الإتصال المتطورة في المساعدة على التفريق بين المجال الخاص للفرد و المجال العام مما ساعد في إنتشار ثقافة الحريات الفردية و التقليل من إبتلاع الجماعة للفرد سواء كان دولة أو حزبا أو جماعة أو أسرة . وفتحت المواقع في الأنترنيت الفرص للتعبير و الحركة قضت على نخبوية الرأي و إنتظار الزعيم و البطل (ثورتي تونس و مصر هما ثورتين بدون زعماء فكل المشاركين زعماء بطريقة أو أخرى) , و فضحت و سائل الإعلام و الإتصال البروبغندا و الزيف و قلصت من الفصام الوجودي الدي يعيشوه الشباب. هذه المتغيرات مست في الشرعية المبنية على الأصنام التقليدية( المساهمة في الإستقلال -الدينية-البيعة) و أعلت من الفعالية و الخدمة العمومية , و جعلت من بعض الطقوس ليست بالية فقط بل مخجلة ( الإحساس بعد رؤية تقبيل اليد في القنوات خاصة الأجنبية).
20 فبراير هي فرصة للشباب المغربي خاصة و الشعب عامة ليبني نمودج حياة عصري , يتصالح فيه المغربي مع ذاته و رغباته ,و يكسر الطابوهات المنتجة للفصام و التخلف و يرمي بالثالوت المدنس من فقر و مرض و جهل إلى مزبلة التاريخ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل 5 أشخاص جراء ضربات روسية على عدة مناطق في أوكرانيا


.. هل يصبح السودان ساحة مواجهة غير مباشرة بين موسكو وواشنطن؟




.. تزايد عدد الجنح والجرائم الإلكترونية من خلال استنساخ الصوت •


.. من سيختار ترامب نائبا له إذا وصل إلى البيت الأبيض؟




.. متظاهرون يحتشدون بشوارع نيويورك بعد فض اعتصام جامعة كولومبيا