الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثوار والمعارضة وآخر الدواء.. السلاح

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بعد أربعين عاماً من تربع العرش فوقه، وجد الشعب أخيراً الشجاعة الكافية واللحظة الفريدة لاغتنام فرصته وتسجيل موقفه.

- وقف بمواجهة الحاكم وقال له، بشكل نصيحة أخوية: إرحل..
فلم يسمعه.
- رفع صوته وقال: إرحل.. إرحل..
فتجاهله.

- غضب واحتبس الدم في جبينه، وتيبست عروقه وصرخ بأعلى صوت: إرحل.. إرحل.. إرحل..
فابتسم في وجهه.

- غضب أكثر.. واحتدّ وقرر الإعتصام بشكل دائم في وجهه، يلاحقه بصوته ونظراته وكلماته، ويجيّش كلّ أنواع الصحافة وجمعيات حقوق الإنسان العالمية عليه.
فأعطاه بضع فتات من زاد كي يترك ما هو فيه ويمضي في سبيله.

وما هي إلاّ أيّام حتى اقترب أكثر من العرش، وحاول أن يكسر إحدى رجليه، فما كان من الحاكم هذه المرّة إلاّ أن هبّ وانتفض وأدخل كلّ براثنه في عنقه، على مرأى من كلّ من يتأمل تغييراً أو تبديلاً أو أيّاماً مختلفة. ولسان حاله يقول بزهو من يمكنه أن يزيحني عن عريني!!؟

لكن... هنالك طريق آخر دائماً وهو ما لا يفقهه زعماء الدول العربية وحواشيهم، لكنّها لحظة فريدة حين قرر الشعب للمرة الأولى أن يقوم بفعلته. لحظة لا تكاد تتصل بمنطق معارضة أزلية لا تقدّم أو تؤخّر في معارضتها وتبقى كما هي دائماً معارضة في معارضة، تقتات الفتات وتلتذ بالعظام يرميها ذاك النظام وغيره على شكل وزراء وبرلمانيين ورؤساء وأعضاء مجالس بلدية ومحلية، ومسؤولين قطاعيين وإداريين.

تلك هي عادة المعارضة التي التزمت التسمية أبدية وصارت تساوم على المصطلح عند كلّ مفترق، وتسلك فيه، حين يركن لها، نهج الإلتزام الكلّي، فلا تسعى ولا تعمل على سلخ صفة المعارضة عنها نهائياً، والوصول إلى الحكم عسى أن تنشأ معارضة جديدة تشكلها الطبقة الحاكمة وقد غدت سابقة.

فهل هي المعارضة التقليدية من يستحق نياشين البطولة وأقواس النصر؟ لا شكّ بأنّ ذلك سيكون استغلالاً، لا غير، لجهود جبارة قام بها شباب لا يعرفون من المعارضة إلاّ ما ينتهجونه إسقاطاً لزعيم أو رئيس أو حاكم أزلي. وهم شباب لا ينتظر نياشين بطولة ولا أقواس نصر واهية، أو مناصب إدارية وسياسية، ومشاركة في عمليات بقاء الحال على ما هو عليه؛ بتبدّل الجلود التي لطالما تبدّلت.

أما المعارضات التقليدية فهي كانت خلال ثمانين عاماً في بلدين عربيين، وستين عاماً في بلد آخر، وأربعين عاماً في بلد ثالث ورابع، وثلاثين عاماً في بلدين آخرين، فماذا حققت؟ وهل انتهجت طريق الثورة الحقيقية تجاه النظام الديكتاتوري "المتأمرك العميل" كما نعلم وكما تقول هي دوماً في أدبياتها عنه؟ لم تفعل.. وإذا فعلت يوماً ما، فقد استكانت ورضخت لكلّ أشكال الديكتاتورية دون أن تهبّ مجدداً وتستمدّ قوتها وقدرتها من قضاياها الحقيقية؛ من القتلى والمفقودين والمعتقلين المرميين في سجون النظام أبد الدهر.. من قمع الحريات، وحلّ الأحزاب وإلغاء الجمعيات، والتفرّد في الحكم، والفساد الذي يضرب أوصال الدولة.. من المعاهدات مع الصهاينة والأميركيين، ومن بيع الأراضي وتصدير النفط والغاز، وتجويع المواطنين، وإفقارهم، وتهميشهم إلى أقصى الحدود.

اليوم هو للشباب الثائر في كلّ بلد عربي، حتى تلك البلاد التي لم تتحرك بعد، وستتحرك في الأيام القادمة والمواجهات الآتية. اليوم هو للشباب العربي الثائر في وجه طغاتهم وطنيين كانوا أم أجانب؛ هو يوم ثورة الشباب التونسي على زين العابدين بن علي ويجب أن يكون يوم ثورة أبناء سبتة ومليلة المغاربة على محتليهم الإسبان، وهو يوم ثورة الشباب المصري على طاغيتهم مبارك، كما هو يوم ثورة الشباب العربي داخل الخط الأخضر على محتليهم الصهاينة، كي يصنعوا من يوم أرض يتيم له من العمر أكثر من ثلاثين عاماً في الجليل أيام أرض أخرى لا تكلّ ولا تملّ إلاّ بهزيمة الفاشيستي الصهيوني في كلّ فلسطين المحتلة.

هو اليوم يوم لشباب العرب، الذين قرفوا من أنظمة الحكم، ولاكوا حتى الملل خطابات المعارضة. أما المعارضة التقليدية فعليها أن تثبت اليوم أكثر من أيّ وقت مضى أنّها معارضة حقيقية بجدّ، ولا تسعى إلى اقتناص الفرص فحسب.

فالمعارضة اليوم وفي بلدان كثيرة نجدها ساكنة ساكتة عن نصرة الشباب. وهي فرصة عزيزة للغاية أن تتمكن المعارضات، في العديد من البلدان التي لا إمكانية منطقية لتمكن الشباب من التحرك فيها بحريتهم كما حصل في تونس ومصر، من خطّ طريق مختلف يؤدي بها للوصول إلى الحكم وخلع الملوك والرؤساء.

لكنّ تحرّك المعارضة هذه المرّة لا ينبغي أبداً أن يكون سلمياً كما الشباب الثائر، بل بالسلاح، كسلاح الجنود الذين أطلقوا رصاصهم في تونس والبحرين وليبيا وستأتي أدوار دول أخرى قريباً. والمواجهة كذلك يجب أن تكون قريبة وأعدّت عدّتها تماماً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معرض -إكسبو إيران-.. شاهد ما تصنعه طهران للتغلب على العقوبات


.. مشاهد للحظة شراء سائح تركي سكينا قبل تنفيذه عملية طعن بالقدس




.. مشاهد لقصف إسرائيلي استهدف أطراف بلدات العديسة ومركبا والطيب


.. مسيرة من بلدة دير الغصون إلى مخيم نور شمس بطولكرم تأييدا للم




.. بعد فضيحة -رحلة الأشباح-.. تغريم شركة أسترالية بـ 66 مليون د