الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجلس الأعلى للقوات المسلحة، قيادة لمرحلة انتقالية .. أم لثورة مضادة ؟

عماد عطية

2011 / 2 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الثورة المضادة قرين الثورة المنتصرة، فللنظام القديم دائما أتباعه وأنصاره الذين ارتبطت مصالحهم به سواء كفئات اجتماعية أو أفراد أو كمصالح إقليمية وعالمية. في إيران عام 1951 نجحت الثورة المضادة في إعادة الشاه إلى عرشه بعد انتصار ثورة مصدق. ولكن الثورات المضادة قد تنجح في إعادة النظام القديم حتى لو أطاحت ببعض رؤوسه ورموزه، وأحيانا تنجح ثورات مضادة من نوع ثالث، فيتم الإطاحة بالنظام القديم فعلا، لكن يتأسس نظام جديد معادى لكل أهداف الثورة وطموحات الشعب الثائر، وهو ما حدث في إيران أيضا عام 1979، فبعد أن أطاحت الثورة المنتصرة بنظام الشاه والسافاك إلى الأبد، استولى على الحكم نظام الخميني والملالي والحرس الثوري، وتم إجهاض أهداف الشعب الإيراني في بناء دولة عصرية ديمقراطية تلبي طموحاته.
لقد انتصرت ثورة الشعب المصري التي أطلقها الشباب في 25 يناير 2011، وتمت الإطاحة بمبارك وعائلته، ولكن أقطاب النظام القديم والمصالح المحلية والإقليمية والعالمية التي عبر عنها النظام مازالت متمترسة في كل أركان الدولة، في حكومة أحمد شفيق وفي المجالس المحلية وفي بعض النقابات المهنية والاتحاد العام للعمال، والأهم في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي سلمته الثورة حكم البلاد، ببساطة لأنه لم يكن لديها بديل آخر، وخلف كل هؤلاء رجال الأعمال بنفوذهم وإمكانياتهم وسطوتهم وبلطجيتهم ووزارة الداخلية التي تلملم بقاياها وتسعى لاستعادة قوتها.
المجلس الأعلى يحكم البلاد ليس فقط بطريقة مبارك، أي الانفراد بسلطة مطلقة تفوق حتى سلطة مبارك، ولكن أيضا وفق خطة مبارك لما يسمى بالانتقال السلمي أو السلس للسلطة، وهذه بالضبط خطة للثورة المضادة، تستهدف إعادة إنتاج النظام القديم بدون مبارك وبالإطاحة ببعض رموز الفساد ككباش فداء وانتخاب رئيس وبرلمان جديد بعد تعديلات دستورية تقدم أقل ما يمكن من تنازلات للثورة ولو مؤقتا. هذه الخطة مدعومة ليس فقط بالمصالح الرأسمالية المهيمنة في البلاد، ولكن أيضا مدعومة بالولايات المتحدة ومعسكرها وإسرائيل، وخلف كل هؤلاء كتيبة الإعلام في التلفزيون والإذاعة والفضائيات المسماة بالمستقلة والصحافة جميعها، ليس فقط صحافة الشاكرين المهللين أبدا المسماة بالقومية ولكن أيضا تلك التي يعتبرها البعض مستقلة أو معارضة. كمثال وحيد، ضمن أمثلة كثيرة، يمكن مراجعة كم المنشور والمرئي والمذاع حول ضرورة وقف الاحتجاجات الاجتماعية وضرورة العودة للعمل بعد تهديدات المجلس العسكري، وأيضا التجاهل التام للاعتقالات والتعذيب في السجن الحربي والعنف في تصفية اعتصام التحرير.
على الجانب الآخر يوجد الإخوان وأعوانهم في بعض التيارات القومية ومن خلفهم قوى إقليمية وقنوات فضائية مثل الجزيرة. أكبر خطأ يمكن الوقوع فيه هو تصديق ما يردده الإخوان حول عدم رغبتهم في السلطة (عاد الخوميني إلى إيران عام 1979 مدعيا رغبته في عدم مغادرة قم والتفرغ للعبادة !!). التجارب التاريخية من الخوميني حتى حماس تؤكد أن الإسلاميين لا يعلنون رغبتهم في السلطة إلا بعد السيطرة عليها فعلا. الإخوان الذين طالما حاولوا البحث عن الحماية في جبهات أوسع مع قوى المعارضة، تزداد كل يوم مؤشرات الميل للتعامل بشكل منفرد بعيدا عن الجميع، وشهدت الأيام الأخيرة محاولات متزايدة منهم لإحكام قبضتهم على النقابات المهنية التي يملكون فيها نفوذا كبيرا، في نقابات الأطباء والصيادلة والمهندسين ونوادي أعضاء هيئة التدريس وغيرها، مع مؤشرات أخرى بتوسيع جبهتهم بالتنسيق مع قوى إسلامية طالما ناصبوها العداء من حزب الوسط إلى الجماعات الإسلامية مرورا ببعض جماعات السلفيين، ويبدو أن هناك نوع من توزيع الأدوار، يقضي مثلا بافتعال معركة حول المادة الثانية من الدستور يتصدرها السلفيين نيابة عنهم.
أخطر السيناريوهات على الثورة على الإطلاق، هو سيناريو التحالف بين المجلس العسكري والإخوان بمباركة أمريكية. الإخوان يكادوا يكونون القوة الوحيدة التي تتحاور مع العسكريين، ويظن العسكريين، ربما بحسن نية لا يخلوا من الغباء المدعوم بنصائح أمريكية، أنهم قادرين على استخدام الإخوان مرحليا، وسيكون في ذلك مقتل الثورة والعسكريين معا. يواصل الإخوان إطلاق التصريحات المطمئنة لإسرائيل والولايات المتحدة، ويبدو وكأنهم يساعدون العسكر على تنفيذ مخطط الانتقال السلس للسلطة، منفردين بتأييد التعديلات الدستورية، بينما تجمع قوى الثورة على دستور جديد وإعلان دستوري مؤقت، فيكافئهم العسكر برئاسة طارق البشرى للجنة التعديلات الدستورية وعضوية أحد نوابهم في لجنة العشرة. يهدد العسكر العمال والموظفين بضرورة وقف الاحتجاجات الاجتماعية، فتنطلق بيانات الإخوان وكتابات قياداتهم مطالبة الجماهير بالهدوء فتصبح هذه القيادات من الوجوه دائمة الاستضافة في وسائل الإعلام الحكومية، وهكذا.
لا أريد أن أكون مبالغا في التنبيه للمخاطر، ولكن أكبر الأخطار على الإطلاق هو أن نحسن الظن سواء بالعسكر أو بالإخوان، وكل ما أطالب به هو اليقظة، فالشهور القليلة المقبلة قد تحدد مستقبل بلادنا لسنوات طويلة قادمة، وقوى المعارضة مشتتة مفتتة مغيبة كعادتها، وقوى الثورة التي مازالت قادرة على حشد الملايين في الميادين والشوارع هي كل ما نملك، رغم أنها مازالت بعيدة عن أن تكون منظمة. وإذا جاز لى أن أنهي هذه المداخلة بصيحة فلن تكون إلا :
انتظموا!!
انتظموا، في أحزاب سياسية تبني قواعدها من أسفل وفي أسرع وقت ممكن
انتظموا، أطيحوا بالقيادات النقابية القديمة وانتخبوا قيادات جديدة
انتظموا، وأسسوا نقاباتكم المستقلة فورا
انتظموا، في المنظمات الحقوقية التي يجب أن تتحول من مكاتب للشكاوي إلى منظمات جماهيرية عضويتها بعشرات الآلاف
انتظموا، بكل السبل والأشكال
ثم انتظموا في اتحاد يجمع كل قوى الثورة ضد العسكرة وضد الدولة الدينية المستبدة
انتظموا، من أجل "التغيير والحرية والعدالة الاجتماعية"








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الحذر من الثورة المضادة في مصر
شامخ عبدالقادر ( 2011 / 2 / 20 - 11:36 )
كل ثورة منتصرة لا تلغي ما كان قبلها تتعرض إلى انقلاب عليها . وانتصار ثورة مصر معرضة لانقلاب عليها ما دام بقايا النظام القديم في داخل إطار الدولة . وإذا كان الأمل في المؤسسة العسكرية يمكن القول فيه أنه أمل ضعيف . وبالتالي الحذر ليس من الإخوان المسلمين بقدر ما هو الحذر من الأجهزة الإدارية التي تعرف بطرقها الملتوية كيف تتخلص من الثورة بكيفية سلسة وبتدريج لا تشعر به الناس . لأنها كانت ثورة شعبية انطلقت بعفوية لا تحمل مشروعا معدا من قبل . وبالتالي هي مدعوة إلى أن تؤسس لمشروع جديد يكون بديلا لكل ما قبلها بما في ذلك عقيدة الجيش التي من دون تغييرها سوف لن يتغير النظام في مصر


2 - خطورة اللاعب الأمريكي
سامي المصري ( 2011 / 2 / 20 - 17:20 )
أتفق معك في كل ما تقول . أعتقد أنك تكمل وتتفق مع مقالي تماما. ما نحتاجه اليوم هو الصمود والوقفة القوية أمام عصابة مبارك والإخوان معا لحماية مكاسب الشعب. إن اختطاف الثورات غالبا ما يسانده تدخل أجنبي وبالتحديد أمريكي كما حدث في المؤامرات ضد مصدق لتثبيت الرجعية الإيرانية لحساب الاستعمار. وكذلك ما حدث مع الخوميني فقد فرضته المخابرات الأمريكية وهنري كسنجر. أرى أن هناك دورا مخابراتيا أمريكيا خطيرا لمساندة عصابة مبارك فلا يمكن لأمريكا ألا أن تحمي مكاسبها التي تحققت للعولمة وإسرائيل على يد العميل مبارك وعصابته. إن النفوذ الأمريكي هو أخطر اللاعبين في أحداث مصر؛
مع محبتي وتقديري؛

اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا