الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زهدي السكير

هناء شوقي

2011 / 2 / 20
الادب والفن


زهدي السـِّكير
وأنا أجوب أزقة ذهني، تسلل حيث الإدراك اسم "زهدي"...
برق أمام ناظري: شاب رفيع القامة، بلحيته المشذبة، كأن للاسم طباق. أخذ زهدي يشدني إلى داخلي لأكتب ما قد يبوح به. عند التوغل أخذت أصوات الكتابة تصدني عن الإغفاء في المسير، صارت ملامح زهدي أقرب إليّ من مشهد الإدراك، قمتُ متحمسة أخط حروفي بحقيقة زهدي الغير متزهد.
زهدي رجل سكّير، يترنح في سُكره ما بين النوم العميق المميت، وعويل زوجته الهاربة من تحت الضرب المفتعل، ليتجنب صراخ المكان من حوله. لزهدي شعر أجعد، وبشرة سمراء قاتمة، تعطّنت أنفاسه بسبب الخمر الراكد في معدته، نودي بالأبخر....
"أنعام"... كنز الصبر، بيضاء الوجه، طويلة القامة ،بمنديل مقصب لا ينفك عن رأسها وكأنه ولد وعاش ليموت معها.
أنجبت أنعام من زهدي السكير ولدًا بكرًا وثلاث بنات، توفي ابنهما نتيجة سعاله المستمر، بقي يسعل حتى نزف وفارق الحياة. زهدي غارق في سكره...أنعام تنوح
البكر على الفراق.

ســلاف ... نـشـوة ... زيـنـة
سلاف..البنت الأولى، من ولع زهدي بالخمر، اقتصرت تسميته على أول ما يُعصر
منه، فكانت سلاف سمراء بلون الخمر المعتق. لا جُرم في أن يولد الطفل شبيه
أحد الوالدين! لكن الجرم في أنها بنت أنثى شبيهة والدها الأشعث، فأي ظلم سيقع عليك يا سلاف؟
نشـوة.. البنت الوسطى، أنجبتها أنعام حين كان زهدي يترنح في أول سكره، فناداها
"نشـوة".
زهدي يخصب الأرض، يترنح في سكره، ويسجل بناته وفق سَكرته. أنعام أرض
خصبة، مهما تألمت في زيجتها فهي كنز الصبر، تُخصب أرضها وتحصد زرعها،
تبلع همها فلربما....
زينة.. آخر العنقود، مَليحة الملامح كأمها، لم يفلح زهدي بإلصاق هوية السكر في تسميتها، يوم ولادتها كان مستيقظًـًا، فكان الخيار لأنعام.
..النهار..
لا مدينة تحتوي هكذا عنوان، البيت بارد، البطون تتضور جوعًا، البنات! يفتقدن
الأمل، يحتجن الأمان، وزهدي راكدٌ في سكره، أنعام تلطم صدرها وتندب حظها
راجية ربها بأن تبتلعها الأرض، فيخمد صخبها.
سلاف ابنة العشرين، طيبة القلب قبيحة المظهر، من سيتقدم لخطبتها فترتاح من جهنم أبيها؟ وأي جهنم ستفتح ذراعيها لتحضن شبيهة أبيها؟
في ظهيرة يوم وسط أيام الأسبوع المماثلة لبعضها، راقصت جسد زهدي رغبة السكر حتى الصخب، تحسس جيبه الفارغ، طرق ذهنه انتشال ما يختبئ في صدر أنعام، لم يفلح، صدرها خاوٍ من كل شيء. صال وجال حتى اتسعت الرقعة المشوهة، طرق الباب من خلفه وولىّ إلى غير معلوم، تاركًا وراءه مجهولاً ينتظرنه بناته في بيته.
يرتجف جسد السكير وعقله، لا يفكر سوى بمبتغاه، دفع باب حانة الخمر، علق شجار بينه وبين صاحب الحانة فطرده، التقى في الخارج بسائح مخنث، رجاه أن يشتري ابنته سلاف مقابل المال، فيرتاح من هموم إطعامها ويفسق أكثر في سكره. رفض المخنث شراء سلاف لبشاعتها، فاقتنص فرصة شراء الاثنتين معا بسعر معقول. ناحت أنعام حتى فقدت عقلها، رحلت المخدوعتان إلى المجهول، غرقت زينة في معلوم معقد، وانتعش زهدي في خمره وسكره.

...الليل...
داعبت زهدي فكرة بيع ابنته زينة، لكن! عليه اغتنام فرصة تعوضه عما مضى من فقر، زينة ابنة الخامسة عشر مليحة الملامح، وحيدة تجهل القادم، وأنعام خفّ نظرها من فرط دموعها.
البرد أسقط أطراف البيت، والجدران نخرها سوس الغدر، وعجوزُ في السبعين يدقّ الباب ليدفع ثمن زينة مالاً باهظًا، فترحل إلى اللا رجوع.
رحيل زينة حرك النار بعصا جافة، ثار بركان أنعام، تركت البيت راكضة لاهثة صرعى، تبحث في المجهول، وزهدي غارق في السكر والضحك ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب