الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متلازمة الفاد والاستبداد وثنائية الفصل والوصل .. (2)

مسَلم الكساسبة

2011 / 2 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


نريد من هذا الإلحاح على الموضوع تثبيت فكرة مهمة والتوصل إلى ملخص مفاده أن الاستئثار بالسلطة واحتكارها وممارستها بعيدا عن أعين الرقباء بعد إقصاء الشركاء وتغييب الشهود ، ومنع التداول عليها وبغض النظر عن كيف مورست تلك السلطة أو كيف تـُوُصِّـل إليها - هو بحد ذاته استبداد وطغيان سواء اقترن بـ وأفضى إلى نتائجه المدمرة أو لم يفض إليها ، وهو في الغالب سيفضي إلى تلك النتائج حتى لو مورس في البداية بشكل حكيم فانه لا يلبث أن ينقلب بشكل تلقائي سواء بإرادة الممسك بالسلطة أو رغما عن تلك الإرادة .

وعلى كل حال فالاستئثار بالسلطة ليس بحاجة إلى شيء آخر معه ليكون فعل استبداد مهين لإنسانية الإنسان ومتجاوزا على حقه كفرد وكأمة .

ونحن لسنا بحاجة بعد ذلك لتقصي حالات ومظاهر أو تجليات ذلك الاستئثار في الواقع الاجتماعي والسياسي وسواء ظهرت تلك النتائج بشكل طاغ وسافر أو تقنعت ومورست بشكل ناعم ذكي أو حتى اختفت تماما في حقبة ما فلا معول على كل ذلك ، بمعنى أن القهر والتجبر وإهانة إنسانية الإنسان هو سمات كامنة في هكذا سلطة وموجودة فيها بالقوة.. ولا قيمة إذا ظلت كامنة مستترة ولم تتعد من القوة إلى الفعل .. تماما كما أن السم كامن في الأفعى بالقوة والطبع فإذا لم تلدغ ولم تتعد وجود السم بالقوة إلى ممارسته بالفعل لا نستطيع القول أنها لم تعد أفعى خطرة أو انه ليس بإمكانها أن تمارس اللدغ متى شاءت . .

ولا نمل من القول أن السلطة أشبه بمورد عام يملكه مجموعة من الناس على الشيوع وبالتساوي بحيث لا يجوز لأحدهم استغلاله دون الآخرين أو حتى الجلوس منهم بمقام من يضطلع بدور تقسيم استغلاله عليهم والحكم بينهم ما لم يفوضوه هم برضاهم تفويضا مقيدا بكيفية ومحددا بمدة وبحيث يتناوبوا جميعا على هذا الدور ولا يستأثر به احدهم دون البقية .. ولا معول على القول انه قد مارس ذلك الدور بحكمة وقسم بينهم بالعدل مثلا .. ما دام أن هذا الدور من الأساس ليس من حقه دون سواه فلن يشفع له أو يشرعن احتكاره له انه مارسه بحكمة وعدل.


وهكذا فلا نحتاج أن يتعدى الممسك بالسلطة خطيئة الاستئثار بها واحتكارها إلى أية ممارسة أخرى لكي نحكم أن ثمة حالة استبداد موجودة .


كما أن الاستبداد من حيث هو نهب واستئثار بأعظم واكبر موارد الأمة أهمية ومصدر الموارد كلها وهي السلطة فهو بذلك الفساد الأكبر وبغض النظر عن مفردات الفساد الأخرى ظهورا أو غيابا ..ولا نحتاج بعد نهب السلطة إلى تعقب خالات الفساد المادية الأخرى أو نكون مضطرين للامساك بحالة تلبس فعلية مادية لنحكم بان ثمة فساد موجود

إن الاستبداد هو الفساد الأكبر ومنبع كل فساد لأنه نهب واحتكار للسلطة التي هي مورد كل الموارد وهي المورد الأكبر.

ومن ينهب ويحتكر مورد الأمة الأكبر ويستأثر به فذلك يكفيه فسادا حتى لو لم يتعداه لسواه –بافتراض انه لم يتعد الاستئثار بالسلطة لسواها أصلا - لأن من لا يعف عن نهب السلطة فلن يعف عن موارد أخرى اقل أهمية وسيكون قادرا متمكنا من ذلك لغياب الرقباء والشركاء ولأن كل شيء تحت سيطرته ورهن إشارته.

عدا عن كل ذلك فثمة أمر مهم وهو انه لا يمكن للمستبد أن يحارب الفاسدين ما دام وجوده في السلطة بهذا الشكل وكمستبد هو بحد ذاته حالة فساد كبرى وفاقد الشيء لا يعطيه .. ثمة أمر آخر مهم هو أن الفساد بالنسبة لهكذا شكل من أشكال السلطة هو من مغذيات استمرارها وهو وقود حركتها وبقائها لذا فرعاية الفساد هي جزء من منهج الاستبداد .. فهو لا يمكن أن يبقى ما لم يفسد ويرعى الفساد بكافة أشكاله حتى وان تظاهر بمحاربة مفردات وحالات هنا وهناك لذر الرماد في العيون وكجزء من منهج الفساد ذاته ليس أكثر.

انه أشبه بماكينة وقودها الوحيد هو الفساد الذي إذا توقفت عن إنتاجه توقفت عن العمل أما كيف ولماذا فلهذا بحث آخر يتعلق بالميكانيزمات التي يحتاجها بقاء واستمرار سلطة الاستبداد واليات عملها .
نتوصل إلى أن :

• الاستئثار بالسلطة واحتكارها هو بحد ذاته استبداد بغض النظر عن نتائجه وتجلياته سواء وجدت أم لم توجد أي سواء اقترن بالطغيان والقهر أو لم يقترن .


• والاستبداد بحد ذاته فساد لأنه نهب واحتكار لأهم موارد الأمة وهو السلطة بغض النظر عن المفردات المادية الأخرى ظهرت أو لم تظهر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مين اعترف بالحب قبل.. بيسان أو محمود؟ ????


.. العراق.. اهتمام شعبي لافت بالجرحى الفلسطينيين القادمين من غز




.. الانتخابات الأوروبية: انتكاسة مريرة للخضر بعد معجزة 2019.. م


.. أغذية فاسدة أو ملوثة، سلع مستوردة مجهولة المصدر.. كيف نضمن ج




.. هنا تم احتجازهم وهكذا تم تحريرهم.. مراسل سكاي نيوز عربية من