الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المكنسة شعار الثورة العراقية

جمال علي الحلاق

2011 / 2 / 21
حقوق الانسان




المكنسة شعار هائل ، وأعتقد أنّها شعار صرفٌ للثورة العراقية ، لذا أتمنّى أن تكون المكنسة حاضرة دائماً في كلّ تظاهرة تنزل الى الشارع .

***

المكنسة كشعار ، يمكن ان تُقرأ دلالاتها بمستويات عديدة ، أسوةً بأيّ نصٍّ أدبي مكثّفٍ ومنفتح ، ستكون أبسط دلالات المكنسة كنس الشارع من كلّ القمامة المتراكمة ، وأعلى دلالات المكنسة كنس الثقافة التي أنتجت كلّ هذا الفساد .

وعليه ستكون للمكنسة قراءة خاصّة عند كلّ فرد ، وعند كلّ جماعة ، وسوف يعمل كلّ فرد منطلقاً من فهمه وعمق قراءته لها كرمز .

***

المكنسة الآن تحوم حول كلّ مسؤول في الدولة ، بكلّ تدرجاتهم الوظيفية ، من الرأس الى أخمص القدم . الكلّ جاهز للكنس ، وأوّلهم المسؤولون عن الخدمات الإجتماعية ، والمنبريّون الذين يعتاشون بالإحتيال على وجدان الشارع العراقي .

***

القمامة التي تتراكم على وجوه المدن ، إبتداءً من العاصمة الى أصغر قرى العراق ، إشارة الى الفقر والتخلّف الذين يحطّان على أكتاف المجتمع ، ( أكثر من مليون مواطن يعيش تحت مستوى خط الفقر في بغداد وحدها ) ، القمامة تمنح المكنسة شرعيّتها ، فهي كشعار للثورة شرعي جداً ، ولا يخرج على القانون ، على العكس تماماً ، فإنّها تخدم القانون المدني ، وتعمل على تفعيله .

القمامة المتراكمة في الشوارع ، التي تحيط بالمستشفيات وبالمدارس ، والتي تغلق على الفرد العراقي شبابيك الإحساس بإنسانيته تجعل المسؤولين خُرساً إزاء هذا الشعار ، لن يجرؤ أحدٌ منهم على رفضه ، الكلّ يتقبّله ويغضّ الطرف عن دلالاته الأخرى .

***

لنتوقّف عن ترديد : " لقد أسمعت لو ناديت حيّاً " ، لأنّ الجميع أدرك الآن ، أو سوف يُدرك رُغماً ، دلالة المكنسة التي تحوم حوله . لقد مضى زمن التغليس ، المسؤول موظّف إداري مطالب بإداء واجابات محدّدة ، فإن لم يقم بها فالمكنسة هي الحلّ .

المكنسة شعار تأسيسي ، يتجاوز المرحلية ، يضع اللبنات الحقيقية للبدء بإنشاء ثقافة تدوينية وليست شفاهية . المكنسة بداية لا تُدحض ، بداية قائمة ، لأنّها خبرة جاءت نتيجة ممارسة تجريبية حيّة . كم أتمنى لو يصار الى وضع المكنسة كهويّة عراقية ، إي وضعها كإحدى ثيمات العلم العراقي .

يجب أن يُدرك المسؤول المقصّر في إداء واجبه أنّ وجوده في المنصب تماماً مثل وجود القمامة على الأرصفة .

***

تكثيف نزول المكنسة كشعار الى الشارع سيعمل على توضيح الدلالات الأخرى ، وهو المطلب الأكثر عمقاً في التظاهرات كلّها ، وأقصد تحديداً كنس الثقافات التي أنتجت كلّ هذا الفساد .

***

لا يزال ( المالكي ) يردّد بشرعية الحكومة لأنّها – بحسب رأيّه -منتخبة ، وينسى أنّ الشارع هو الذي إنتخب الحكومة ، وأنّ خروج الشارع الآن إشارة الى نقض هذا الإنتخاب في حالة استمرار الفساد . ينبغي على الحكومة أن تُدرك أيضاً أنّ بقاءها مرهون برضا الشعب عنها .

***

التظاهرات السلمية دلالة اعتراض على سوء الإداء الوظيفي للحكومة بكلّ تدرّجاتها الهرميّة ، فإذا بلغت التظاهرات حدّ العنف فإنّها إشارة الى رفض الجماهير للحكومة رفضاً كاملاً ، وهنا يُرفع شعار إسقاط الحكومة .

الشارع الآن يعترض فقط ، وعلى الحكومة أن تتدارك نفسها .

***

على الحكومة إن تحاسب المسؤول الذي يستخدم العنف ضدّ المتظاهرين بشكلٍ سلمي ، لقد تمّ التحدّث كثيراً عن عمليات إحراق بناية محافظة واسط ، وتمّ السكوت عن القتلى الذين راحوا ضحيّة إجراءات همجية المحافظ ، ينبغي إقالة المحافظ وإحالته الى المحاكمة . الشارع الآن لا يتحمّل إهانات أخرى ، لقد مات زمن الخضوع والتذلّل ، الشارع العراقي يغلي أسوةً بالشارع العربي ، لقد انتقلت عدوى الإعتراض والإحتجاج ، إنتقلت عدوى المطالبة بالحقوق ، أحجار الدومينو تتساقط ، والحسّ الإنساني ينهض بعد أن تمّ دفنه لعقود طويلة وثقيلة .

***

من في السلطة الآن هم الصفوة المنتخبة لكافّة الأحزاب المشتركة فيها ، وعليه ، فإنّ سكوت هذه الأحزاب عن كلّ هذا الفساد إشارة صارخة الى فساد الأحزاب ذاتها ، وخلوّها من أيّ حسٍّ وطني يمكن أن يقود الوطن الى رفاهيّة تمنح الفرد إحساساً أعمق بإنسانيّته .

الفساد الموجود إدانة لكلّ الأحزاب المشاركة في السلطة ، إدانة للآلية التي تتحرّك بها هذه الأحزاب ، صعود الأميّين على أكتاف أصحاب الشهادات والخبرة كلّ ضمن تخصّصه ، الحسّ العشائري والولاءات الشخصية أو الطائفية أو القومية البغيضة .

***

المساكتة هي بيت الداء ، وهي مرض عربي قديم ، إبتدأ بين مثقّفي السلطة بأمر من الولاة ، واستشرى حتى أصبح حياة يومية ، فنحن نسكت عن ذكر الأسماء ، ونسب ونلعن الفساد الذي يعمّ البلد من أعلاه الى أدناه ، وبكلّ تدرجاته الطبقية ، مساكتة حزب عن حزب ، ومساكتة دين عن دين ، ومساكتة طبقة إجتماعية عن أخرى .

مساكتة متبادلة في حال توازن القوى ، لكنّها ليست كذلك في حال الإنفراد بالسلطة من قبل فئة أو حزب أو طائفة أو طبقة إجتماعية . فأوّل وظائف المكنسة هي كنس هذه المساكتة القائمة على سرقة أموال الشعب وسرقة حريّاته أيضا .

***

المساكتة تجعل العلماني والتقدّمي والمُنْفَتِح أكثر إنتهازيةً وتخلّفاً ورجعيةً ، وعليه لا وجود لعلمانيين والتقدّميين والمنفتحين في حكومة قائمة على المساكتة .

***

( المالكي ) خائف من تسييس التظاهرات الجماهيرية ، وخوفه هذا يعني أنّ الحكومة إمّا أنّها لا تمثّل كافة شرائح الشعب ، أو أنّ البعض فيها مشارك برغم إرادته .

وبالتأكيد فإنّ المشارك لا يحق له الإعتراض لأنّه جزء من السلطة ، وإذن فعلى الشارع الخارج للتظاهر ، باعتباره هو الذي إنتخب السلطة ، أن لا يدين الكتل السياسية ، بل يدين الفساد ، أي جعل الفساد مسألة فردية ، وأنّها يمكن تداركها ، سواء عن طريق الفرد المسؤول ذاته أو عن طريق غيره .

( المالكي ) هنا يحاول إضفاء الصفة الوطنية على الكتل والأحزاب المشاركة في السلطة ، يحاول إضفاء الوطنية على السلطة ، وهذا شيء لا يشعر به المواطن العراقي ، المالكي الآن يناقض الشارع ، لأنّه هو الآخر واقع في فخّ المساكتة ، فقوله بأنّه يعرف بعض الذين يحاولون تسييس التظاهرات ، وأنّه لا يريد أن يُدفع دفعاً الى الإعلان عنهم ، إشارة صارخة لهذا النظام الذي لا يمكن ان يخطو خطوة حقيقية لأنّ الجميع فيه ساكت عن الجميع .

***

على ( المالكي ) باعتباره رأس السلطة الآن أن لا يقف بالتضاد مع الشارع ، وأن يتابع حركة المكنسة الجماهيرية ، وأن يبادر هو من موقعه الرئاسي الى كنس المسؤولين الذين يتمّ تشخيصهم من قِبل الشارع ، كخطوة أولى في تعجيل عملية التغيير ، الشارع يطالب بالإصلاح ، إصلاح النظام أوّلاً ، ويطالب بالخدمات الإجتماعية ، بعيداً عن ثقافة القناعة والصبر وهلمّ جرا .

الشارع يريد كنس ثقافة الفساد التي تعيق أيّ عملية بناء حقيقية .

كنس ثقافة الإحتكار التي تجعل أرقام الفقر تتعالى ( أكثر من 7 ملايين من الشعب العراقي يعيشون تحت مستوى خط الفقر ) .

كنس ثقافة المحاصصة التي تجعل الكتل والأحزاب تتطاحن على الكراسي وليس على إداء الواجبات .

كنس الثقافة المنبرية القائمة على النفاق واللعب بعواطف الشارع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألحكومة خانت ألأمانة و فقدت شرعيتها
طلال ألربيعي ( 2011 / 2 / 21 - 14:14 )
ألشعب أنتخب ألحكومة لتخدمه وتحقق مطالبه, ولكنها بدلا من ذلك أمعنت في ألفساد وسرقة ألشعب وأستعباده, وبذلك قد خانت ألأمانة و فقدت شرعيتها, وينبغي تقديم كل ألفاسدين و مستعبدي ألشعب فورا ألى ألقضاء لينالوا حسابهم ألعادل


2 - اذا كانت المكنسة خائنة؟؟
ذياب آل غلآم ( 2011 / 2 / 21 - 17:07 )
التناص معك جميل...المكنسه خائنة والذي يقودها ليس المالكي ؟ المالكي خوصة في هذه المكنسه ؟هو سينكنس اذا تماها معها؟ الاحتلال بيده مكنسة تسمى فضله بالتحرير... جمال لا اعتقد ان الثقافة بمفهومها المطلق تنتج هكذا فساد ؟ شيء متضاد مع شيء اخر؟ ولا يلتقي الندان مهما امتدى؟ ربما انتاج هكذا فساد من تغوط بعض منتجي ثقافة الفساد وربما من حمالة المكنسه بمفهوم كناس بلدية شهربان مثلا؟ المكنسه دلالة لفعل الساحرة في افلام الكارتون (للزعاطيط) وهؤلاء من ريحها النتنه ؟ فالزبد يذهب جفاءا والمكنسه تمكث بالأرض! دم صديقي بالمنفتح الأدبي والشافطة الكهربائيه فالتسقط المكنسه مع الحداثة ولا نكوص لسعف النخيل والمكنسه؟؟؟ من اجل شفط اهل الفساد وتغليفهم بدون انتشار رذاذ ثقافتهم!؟


3 - عفونة الحكومة المالكية الجلالية
حميد كركوكي ( 2011 / 2 / 21 - 21:47 )
أنضر إلى حال الكهرباء ؟؟!! يا مامه جلال ليش ماتجيب شركات الكهرباء الأمريكية التي تخلق المعجزات الكهربائية في مدة شهور وأيام في كل مكان ؟؟؟ ماشاالله النفط كثير و غالي جدا بالبازار العالمي ؟؟!!! لماذا لاع ؟؟؟؟ مو أنت و مالكي وغيرك أصدقاء{ چاي چي }ية حرامية للعم سام -أمريكا- فقط سوعال بسيط و وتحتاج جواب هاخوية من بطن خالتي الكوردية؟؟ مو عيب ؟؟ فگست عيون العراگين من الضلمة يا دولة القانون من الفانوس النفطي


4 - جمال الحلاق، مبدعا
قاسم هادي ( 2011 / 2 / 22 - 09:56 )
قرأت لك الكثير وكنت أعجب بما تكتب إذ كان إبداعا أدبيا، أما الآن فاني اسجل ان ابداعك صار إجتماعيا وسياسيا بالرغم من انك لم تسمي نفسك سياسيا.


5 - فعلا
حيدر علي ( 2011 / 2 / 23 - 13:31 )
نعم جمال وهناك صوره اخرى للمكنسه او دلاله مغمه بعض الشيء,,انها الطهاره فالمكنسه تؤدي بلا شك الى الطهاره ان تكنس كل رهذا الركام المعرفي او ما اصطلح عليه ثقافي ,,شيء بديع حقا ...وتطهر كل ما علق بالانسان من ادران الفساد والتدجين ,,اللحظه اتيه بلا شك ,,لكن؟؟؟؟

اخر الافلام

.. مجلس الحرب الإسرائيلي يجتمع لدراسة رد حماس على مقترح صفقة تب


.. حرب غزة: لا تقدّم في مفاوضات الهدنة.. حماس تتمسك بشروطها ونت




.. مظاهرات في تونس لإجلاء الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين


.. مصدر مصري رفيع المستوى: أحد بنود مقترح الاتفاق يتضمن عودة ال




.. الاحتجاجات تتصاعد.. الاعتقالات في أميركا تتجاوز ألفي طالب