الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليمن من بين اسواء عشر دول غير امنة غذائياً

عارف علي العمري

2011 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لو كان الفقر رجلاً لقتلته ) كلمة تاريخية, ومأثور ديني, قالها الإمام
علي بن أبي طالب – رضي الله عنه -, وكأنه ينظر إلى ماتمر به الأمة اليوم,
من جوع وبطالة وفقر, بعد أن ازدادت الثروات فازداد معها الفقراء, وتفشت
ظاهرة البطالة, لتصبح شعوب الأمة العربية من أفقر الشعوب وأتعسها وأسواها
حظاً في حياة أمنة مستقرة, ينعم أفرادها بالاستقرار المعيشي, بعيداً عن
ذل السؤال, ومرارة الاستدانة.
الحكومة اليمنية أعدت مؤخراً مشروع الإستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي
بالتعاون مع المعهد الدولي لأبحاث سياسات الغذاء "IFPRI" بواشنطن، والذي
كشف عن أن ما نسبته 32.1% من سكان اليمن غير آمنين غذائياً، وذلك يعني
أن حوالي ثلث اليمنيين أو 7.5 مليون شخص يعانون من الجوع ولا يوجد لديهم
أغذية كافية، كما أن 57.9% من جميع الأطفال يعانون من سوء التغذية وهو ما
يعيق التطوّر المستقبلي للمجتمع والاقتصاد اليمني.
وأكّدت إستراتيجية الأمن الغذائي المعروضة حالياً على مجلس الوزراء أن
هذه النتائج تضع اليمن "في السياق الدولي" بين أسوأ عشر دول غير آمنة
غذائياً في العالم.
وذكرت الإستراتيجية أن التباين بين الريف والحضر يزداد حيث يزيد عدد
الأشخاص غير الآمنين غذائياً الذين يعيشون في المناطق الريفية بأكثر من
خمس مرات، ضعف الذين يعيشون في المناطق الحضرية حيث تبلغ نسبة انعدام
الأمن الغذائي 37.3% في الريف مقابل 17.7% في الحضر، كما ينتشر انخفاض
وزن الأطفال والهزال في المناطق الريفية أكثر من المناطق الحضرية، فبينما
يعتبر 45.4% من أطفال الحضر يعانون من سوء التغذية ترتفع هذه النسبة في
الريف لتصل إلى 62.1% وهم الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الريف.
كما أن هناك ضعف في توازن الوجبات الغذائية في الريف وهناك نقص كبير في
المغذّيات الدقيقة في المناطق الريفية، وكذلك تزداد حالات انعدام الأمن
الغذائي بين الأسر الفقيرة غير الزراعية والمزارعين الذين يعتمدون على
المواشي.
واعتبرت الإستراتيجية أن النمو الاقتصادي الذي يحسّن من دخل السكان هو
أهم المحرّكات لتحقيق الأمن الغذائي ولذلك سيكون النمو الاقتصادي السريع
في القطاعات الواعدة والتحوّلات في الاقتصادات الريفية والحضرية أموراً
ضرورية من أجل تحقيق الأمن الغذائي المستدام في اليمن، ومع ذلك هناك
العديد من التحدّيات التي تقف أمام تسريع النمو في اليمن حيث يعاق
الاستقرار الاقتصادي الكلي بانخفاض صادرات النفط ويتوقّع أن تصبح اليمن
دولة مستوردة صافية للنفط بحلول العام 2015، وسيكون لذلك أثراً كبيراً
على الموازنة الحكومية حيث يشكّل النفط حوالي 70% من الإيرادات الحكومية،
كما أن دعم المشتقّات النفطية يشكّل عبء كبير على الحكومة وهناك بطء في
التنويع الاقتصادي بعيداً عن قطاعات النفط إلى القطاعات كثيفة العمالة
وترتفع معدّلات البطالة ولا تستهدف التحويلات الاجتماعية الحالية بشكل
مناسب الأشخاص غير الآمنين غذائياً.
وشدّدت الإستراتيجية على أن "هناك ضرورة للنمو المتسارع الذي يفيد
الفقراء والأشخاص غير الآمنين غذائياً إلا أن ذلك لا زال غير كافي حيث
ستكون اليمن بحاجة لسياسات واستثمارات إضافية وسيعتمد البلد بشكل متزايد
على السوق الدولية لاستيراد الأغذية وعليه أن يجد آليات فاعلة وكفؤة
لضمان استمرارية الواردات وعلى الأخص في أوقات الأزمات العالمية، كما على
اليمن في السوق المحلية أن تعالج عدم كفاءة سلاسل الإمداد وتكاليف
التعاملات العالية. وتظهر النتائج أيضاً أن الوصول إلى الأسواق المحلية
والمراكز الحضرية والحصول على الائتمان تعتبر أمور صعبة للأسر الريفية
والأسر غير الآمنة غذائياً".
وقالت إستراتيجية الأمن الغذائي إن الإنتاج الزراعي يستهلك 93% من المياه
في اليمن ويتم استخدام المياه الجوفية لري أكثر من 75% من الأراضي
المروية وهو ما يساهم بشكل كبير في التناقص السريع لمستويات المياه
الجوفية، ويعني هذا الاستخدام غير المستدام للمياه مع تزايد الطلب على
المياه في المناطق الحضرية أن النمو الزراعي ينبغي أن يبنى على زيادة
إنتاجية المياه وإحداث تغييرات هيكلية. ويعاني أكثر من ثلث السكان وحوالي
نصف الأشخاص غير الآمنين غذائياً من شحّة المياه ويتدنّى حصول السكان غير
الآمنين غذائياً على عناصر الإنتاج الزراعي بما في ذلك الأراضي والقروض
والمدخلات والخدمات الإرشادية.
كما يلعب قطاع الاصطياد دوراً هاماً في اقتصادات المناطق الساحلية ويمثّل
ثاني أهم القطاعات التصديرية في مجال تصدير السلع وبالرغم من ذلك انخفضت
الإنتاجية في قطاع الأسماك بشكل حادّ بين العامين 2006 و2008 وتعتبر
عمليات تسويق ومعالجة الأسماك غير كفؤة.
ولفتت الإستراتيجية إلى أن النمو السكاني في اليمن يعتبر أحد أعلى
المعدّلات في العالم حيث وصل معدّل النمو السكاني إلى 3% خلال السنوات
الأخيرة وترتفع معدّلات الخصوبة في الريف بأكثر من طفلين اثنين عنه في
المناطق الحضرية حيث تضع المرأة اليمنية في المتوسّط 6 أطفال في المناطق
الريفية "إجمالي معدّل الخصوبة 6.7" وحوالي 4 أطفال في المناطق الحضرية
"إجمالي معدّل الخصوبة 4.5" وفي العادة فإن الأسر التي يكون متّخذو
القرار فيها امرأة تعتبر أكثر أمناً غذائياً ويكون وضع تغذية الأطفال
أفضل.
كما يعتبر التعليم ذو أهمية من أجل الأمن الغذائي وتغذية الأطفال ومع ذلك
تنخفض معدّلات التعليم الرسمي في اليمن وهناك فوارق كبيرة بين المناطق
الحضرية والريفية وفجوة هائلة بين الجنسين، ولم يحصل ثلاثة أخماس السكان
البالغين في البلد على أي نوع من التعليم الرسمي ولم يحصل 45% من سكان
الحضر وحوالي 70% من سكان الريف في سن 18 وأكبر على أي شكل من أشكال
التعليم أو أنهم لم يكملوا المرحلة الابتدائية، كما يؤدّي استهلاك القات
والتدخين إلى تحويل موارد الأسرة بعيداً عن الاحتياجات الغذائية والصحية
والتعليمية ولذلك فهو يضر بنمو الأطفال.
مسار الإصلاحات الحكومية
تبنّت الحكومة اليمنية مسار سريع لتحقيق أهداف التنمية الألفية، وذلك
نظراً لبقاء اليمن خارج المسار للوصول لتحقيق أهداف التنمية الألفية
بحلول عام 2015 في ضوء مستويات الإنجاز الحالية، وضخامة حجم الاحتياجات
المطلوبة "39 مليار دولار" ومحدودية الإمكانات المتاحة، ومعالجة
الاختناقات والتحديات ذات الأولوية، والالتزام بتحقيق تقدّم محرز في
أهداف التنمية الألفية.
وأكّدت وثيقة حكومية بعنوان "المسار السريع لتحقيق أهداف التنمية الألفية
2015""- أن المسار السريع هو برنامج متكامل وخطة عمل تنفيذية لمدة خمس
سنوات يتكوّن من أولويات مختارة في إطار أهداف الألفية الإنمائية، وتساهم
مجتمعة في التخفيف من الفقر البشري وتحسين مستوى معيشة السكان والفئات
الاجتماعية خاصةً في المناطق الأكثر حرماناً.
ولفتت الوثيقة إلى استفادة اليمن من التجارب الدولية في تبنّي مسار سريع
للاقتراب من تحقيق أهداف التنمية الألفية.
وأشارت إلى علاقة المسار السريع بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية
الرابعة للتخفيف من الفقر 2011- 2015، حيث يندرج المسار كمكوّن في إطار
الخطة الخمسية الرابعة ويضمّن في برامجها كما يتطابق معها في المدى
الزمني، ويمثّل المسار السريع المقاربة الأكثر فعّالية لتحقيق توجّه
الخطة في تحقيق تقدّم ملموس في أهداف التنمية الألفية، ويساهم المسار
السريع في تكييف وتوطين أهداف الألفية بما يتوافق مع استهدافات الخطة
الخمسية، ويوجد ترابط بين الخطة وأهداف الألفية على صعيد المضمون المحوري
"خفض الفقر".
واعتمدت منهجية إعداد مصفوفة المسار السريع "تحديد آليات الرقابة
والتقييم، وتصميم خطة التنفيذ الزمنية واحتساب التكاليف، واقتراح الحلول
والمعالجات المقابلة، وتحديد الأهداف ذات الأولوية، وتحديد الاختناقات
الرئيسية".
وأكّدت الوثيقة الرسمية أن هناك اعتبارات متوخّاه عند انتقاء الأهداف
المتضمّنة في المسار السريع وهي "تضمّن المسار معظم أهداف الألفية لأنها
صنّفت بأنها خارج مسار التحقيق بحلول عام 2015، ويوجد ارتباط قوي وتكاملي
بين هذه الأهداف مما يضعف من جدوى تحقيق أحدها بمعزل عن بقية الأهداف،
وتتّسم الاختناقات الرئيسة لهذه الأهداف بأنها ذات طبيعة تقاطعية".
وتشمل مجالات المسار السريع ثلاثة محاور هي التخفيف من الفقر وتعزيز
الشراكة التنموية، وتعميم التعليم الأساسي للجميع وتحسين المساواة بين
الجنسين، وتحسين الأوضاع الصحية وتحقيق الاستدامة البيئية.
ويهدف المحور الأول إلى تخفيض نسبة السكان تحت خط الفقر الوطني الأعلى
بحوالي 10 نقاط مئوية إلى 32.3% عام 2015، وتخفيض نسبة السكان الذين
يعانون انعداماً للأمن الغذائي "لا يستطيعون الحصول على غذاء كاف" إلى
22.6% عام 2015، وزيادة متوسّط نصيب الفرد من المساعدات والقروض الميسّرة
إلى 44 دولار.
فيما يسعى المحور الثاني إلى تعميم التعليم الأساسي للجميع بحلول عام
2015 ليصل إلى 93% للمراحل "1-6" وإلى 79.4% للمراحل "1-9"، وتقليص فجوة
الالتحاق الصافي بين الجنسين في مراحل التعليم الأساسي لتصل إلى 87%.
ووفقاً للوثيقة الحكومية فإن أهداف المحور الثالث تتمثّل في تخفيض معدّل
النمو السكاني إلى 2.5%، وزيادة رقعة التغطية بالخدمات الصحية لتصل إلى
75% من السكان، وتخفيض وفيات الأطفال تحت سن الخامسة إلى 40 وفاة لكل
ألف، وتخفيض وفيات الأمهات إلى 88 لكل مائة ألف ولادة، وخفض الوفيات
الناتجة عن الملاريا إلى 1% من الحالات المسجّلة، ووقف انتشار فيروس نقص
المناعة المكتسبة "الإيدز" عند 0.2%، وخفض انتشار مرض السل في المجتمع،
وخفض انتشار الإصابة بالبلهارسيا.
كما يهدف المحور الثاني إلى تقليل استنزاف المياه الجوفية وتقوية القدرات
للإدارة المتكاملة للموارد المائية، وزيادة محارم أحواض المياه من 30 إلى
60% من الحوض، والاستخدام الكفء للمياه من خلال زيادة الأراضي الزراعية
المروية بالطرق الحديثة إلى 82 ألف هكتار، وتخفيض نسبة السكان الذين لا
يحصلون على مياه صالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي الآمن إلى 35% و50%
للمياه والصرف الصحي على التوالي في الحضر و30% و70% في المناطق الريفية.
تأتي مثل تبني هكذا اصلاحات في وقت يزداد اعداد المتقدمين لطالبي الوظيفة
العامة في مرافق الخدمة المدنية اذا بلغ عددهم مايقارب مئتي الف متقدم لم
يتم توظيف احداً منهم الى الان, وكان خطاب الرئيس صالح ووعده بتوظيف 84
الف طالب وطالبة من المتقدمين لشغل الوظيفة العامة بلسم لمداوة بعض
الجروح التي تنزف في قلوب الشباب العاطل عن العمل, فيما يرى البعض ان مثل
هكذا خطوة رئاسية جاءت كإجراء استباقي ضد أي ثورة قد يشعلها الشباب, على
غرار ماجرى في تونس ومصر, وكان نائب وزير الخدمة المدنية والتامينات نبيل
شمسان قد اشاد بتوجيهات الرئيس بإنشاء صندوق لدعم طالبي العمل من خريجي
الجامعات والمعاهد والكليات واستيعاب 25% من طالب العمل المقيدين لدى
وزارة الخدمة المدنية, معتبراً ان هذه التوجيهات ستوفر عشرات الآلاف من
فرص العمل للشباب وبالتالي المساهمة في التخفيف من معدلات الفقر
والبطالة, والتي تكشف احد التقارير الحكومية عن ارتفاعها بين الشباب في
الفئة العمرية 15 – 24 سنه من 52,2% للذكور و 54,6 للإناث و52,9% على
المستوى الإجمالي حسب بيانات تعداد عام 2004م الى حوالي 54,7% لكل من
الذكور والاناث في عام 2010م, وارجع التقرير الحكومي هذا التزايد الملحوظ
في نسبه البطالة الى العديد من العوامل منها التطورات التكنولوجية
المتسارعة ولاسيما في تقنية المعلومات والاتصالات, بالإضافة إلى ارتفاع
معدل النمو السكان الذي يقدر ب 3% سنوياً, بالإضافة إلى استمرار الكثير
من موظفي الدولة في العمل بعد سن التقاعد .
لم تكن هذه وحدها هي الحلول التي اتخذتها الحكومة خوفاً من القادم
المجهول الذي ينبيء عن إعصار تغيير قادم قد ربما يغير المنطقة العربية
بأسرها, فقد سارع رئيس الجمهورية بتوجيهات رئاسية باعتماد 500 ألف حالة
ضمان اجتماعي جديدة, اعتبرها العديد من أساتذة ودكاترة الاقتصاد في
الجامعات اليمنية خطوة ايجابية من شانها الحد من ارتفاع معدلات البطالة
والفقر, ولكن اكد خبراء اقتصاديون ان نتائجها ستكون محدودة لضالة المبالغ
المحتسبة لكل حالة , والتي لاتتجاوز في المتوسط 2500 ريال يمني, مع العلم
أن هناك مستفيدين ليسوا فقراء, يستغلون مثل هكذا حالات لصالحهم الشخصي
وهم فئات المتسلطين وقيادات الحزب الحاكم, ومشائخ القبائل وأعضاء من
السلطة المحلية, الحالات الجديدة تبلغ تكلفتها 22 مليار ريال حسب ما
أفاد به المدير التنفيذي لصندوق الرعاية الاجتماعية منصور الفياضي, والذي
قال أن عدد الحالات بلغت 1,5 مليون حالة بمبلغ يتجاوز 60 مليار ريال,
فيما تجاوز عدد المستفيدين 8 ملايين شخص .
حلول قد تبدوا لامتصاص الغضب الشعبي المتزايد ضد حكومة المؤتمر الشعبي
العام, إلا أن هناك تفاؤل بشان تطبيقها إذا ما أرادت الحكومة الاحتفاظ
بهيبتها, بعيداً عن ماجرى في تونس ويجري حالياً في مصر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران: ما الترتيبات المقررة في حال شغور منصب الرئيس؟


.. نبض فرنسا: كاليدونيا الجديدة، موقع استراتيجي يثير اهتمام الق




.. إيران: كيف تجري عمليات البحث عن مروحية الرئيس وكم يصمد الإنس


.. نبض أوروبا: كيف تؤثر الحرب في أوكرانيا وغزة على حملة الانتخا




.. WSJ: عدد قتلى الرهائن الإسرائيليين لدى حماس أعلى بكثير مما ه