الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة فهم الأزمة

محمد عادل زكى

2011 / 2 / 21
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية


فى أكثر الكتابات نضجاًً (وللعجب ربما أكثرها إبتذالاًً) والتى تتناول ثورة 25 يناير، حاضرها، وكذلك مستقبلها، نجد مجموعة من التحليلات التى يجمع فيما بينهما ثلاثة أمور، لا رابع لهم، أولاًً: الإعتراف بعدم تحقيق الثورة لأهدافها، فلم تزل أذناب النظام تتحرك بفاعلية، وبوعى، ربما يفوق وعى الشباب الثائر. ثانياًً: التخوف من ركوب التيارات الدينية (الإخوان، السلف، الجهاد، . . . إلخ) للثورة وقيادتها نحو دولة الخلافة؛ فالساحة الآن تسع الجميع، وتلك الجماعات الدينية لا تعرف سوى السمع والطاعة، وأفضل تصوراتهم عن المجتمع: حكومة كافرة وشعب تائه. ثالثاًً: الإتفاق على عدم وجود ثمة تصورات محددة عن إتجاه الثورة، ومن ثم عدم إمكانية معرفة مستقبلها على المدى البعيد بوجه عام، إذ أن أفضل الإجابات عن مستقبل الثورة ترمى بنا مباشرة فى أحضان جنة الخُُلد!! تلك الأمور الثلاثة التى تتوقف عندها أكثر الكتابات نضجاًً، وربما بلادة، ولا تتمكن، فى ظل إرتباك شديد، من تجاوز مناقشة تلك الأمور كمشاكل نهائية، إلى فهم المشكلة المركزية التى يتعين التعامل معها بوعى ثورى حقيقى، لا يكتفى بفهم الأزمة، وإنما يتمكن من الوصول وبثقة ثورية حقيقية، راغبة فى تغيير حقيقى، إلى أزمة فهم الأزمة. تلك الأمور الثلاثة تقدم نفسها كجدار من ظلام، يسعى البعض إلى هدمه، والبعض الآخر أقصى أمانيه إحداث ثقباًً فيه كى يمر منه شعاع نور يحيى الأمل، وهنا تكمن الأزمة. إذ المشكلة ليست فى الجدار، فإنه لا يسد من الطريق سوى الأمتار المعدودة. إنما فى ذهنية من يقف أمام الجدار، ولا يجد أمامه سوى التعامل المادى معه، على الرغم من أن ترك هذا الجدار وظلامه، وتجاوزه إلى ما خلفه هو فى ذاته النفاذ إلى المشكلة، وبما يعنى، فى مرحلة تالية، بلوغ الشروط الموضوعية للتغيير الثورى، الذى لا يرفض النظام الفاسد؛ وإنما الرفض هو للنظام الذى نما فى ظله هذا النظام الفاسد. إنه الرفض لتقديمنا قرابين لنظام رأسمالى إنتهازى جبان، كان خير عوناًً لأقذر نظام قمعى. دعونا الآن نفعل ما لم يفعله آخرون، ولنتخيل المستقبل، إبتداءًً من المعطيات المتوافرة تحت أيدينا، فماذا تحت أيدينا؟ تحت أيدينا الآن: القوات المسلحة الباسلة، ووزارة تسيير الأعمال، وشباب ثائر، بلا هوية فى معظمه، وجماعات دينية (متربصة) منها ما يبدو ظاهرياًًً دون سلطة مركزية، ومنها ما ينظم وفق سلطة بطريركية، كذلك لدينا: مجموعات متفرقة من اليساريين، منهم من كان أحد مظاهر وجود ديموقراطى للنظام الفاسد نفسه، والتى يضاف إليها مجموعة من الأحزاب مقراتها الرئيسية بداخل مباحث أمن الدولة. ومنهم من كان صداعاًً مزمنا فى رأس النظام. ولننتقل خطوة إلى الأمام فى سبيل تخيلنا للمستقبل، فلقد أجريت الإنتخابات الرئاسية النزيهة، وجاء بموجبها الملاك ميخائيل رئيساًً للجمهورية!! كما أسفرت الإنتخابات، النزيهة كذلك، عن برلمان حقيقى يعكس إرادة الشعب، ويمثل إتجاهاته السائدة، أياًً ما كانت، السؤال الآن، وهو مهم جداًً أكثر من إجابته!! إبتداءًً من أن المهم الطريق الذى يسلكه الذهن فى سبيله لتقديم إجابة؛ لا الإجابة نفسها. السؤال هو: ما هو النظام الإقتصادى الذى سوف يطبقه الملاك ميخائيل؟ وليس بإرادته، وإنما إذعاناًً، دون مبرر، لقانون حركة مهيمن، ونظام حاكم لجميع أجزاء العالم المتقدم منها والمتخلف، إنه النظام الرأسمالى. وفى ظل هذا النظام الرأسمالى الفاسد الذى تشكل فى ركابه النظام السياسى الفاسد، كان القهر، والقمع، والسحل، والجشع، والجوع، والفقر، والمرض. فهل سيطبق النظام الجديد نظاماًً مختلفاًً؟ لا يمكن أن يحدث ذلك إطلاقاًً. وما تصور ذلك سوى الوهم. إذ فات ثوار 25 يناير إن يوجهوا ضربتهم الغاضبة الكارهة والباغضة الرافضة للنظام الإقتصادى الذى إمتطاه، وبمنتهى السفالة، النظام الفاسد حال حكمه لهم لأعوام ثقيلة بطيئة، إنه النظام الإقتصادى الذى يحيا على دماء الجماهير الغفيرة. فهل نشعلها ثورة ضد نظام إسترق أرواحنا على ظهر كوكب ينتحر بعد أن قاد المخبولون العميان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا


.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة




.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا


.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار




.. اللغة والشعرعند هايدجر - د. دعاء خليل علي.