الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النخب السعودية: تخبط ونشاز في إيقاع العصر

نضال شاكر البيابي

2011 / 2 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


"النخب الثقافية السعودية" ما هي أفكارها ومشاريعها ، ونماذجها ودورها ، وفعاليتها ، والأهم من ذلك كله، مقدار مصداقيتها ، ومدى التناغم بين الأفكار والممارسات؟
للنخب السعودية وجهان ، أو اتجاهان:
1-وجه ليبرالي مشوه ، وأكاد أقول مسخا هجينا، تنحصر مهماته "الليبرالية " في التسلق على قضايا المرأة ، لكنه بمنأى عن مشكلات المرأة التي يختبئ وراءها، سنجده يعاني العماء والفصام والكساح عندما يتعلق الأمر بالشأن الحقوقي والسياسي الداخلي، لأن تلك القضايا
كما يبدو سفاسف لا تليق بـ"ليبراليته" العريقة.
2-والوجه الآخر، ديني إيديولوجي، تنحصر مهماته" الإسلامية" في اجتثاث جذور "الرذيلة " ومحاربة "الشيطان"(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)وتحويل الدين إلى متلصص على نوايا وعقول البشر" الضالين".
الأول ليبرالي بامتياز عندما يتعلق الأمر بـ"المرأة" ، وتقليدي حد النخاع خارج تخوم تاء التأنيث، ونصرته للمرأة غالبا مشروطة ، بمعنى أن تكون هذه المرأة المغلوب على أمرها والتي أثارت زفراتها "حفيظته الليبرالية "خارج أسوار قبيلته ، عشيرته، أسرته..
والثاني لا يرى شيئا في الحياة اليومية خارج إطار الدين .
الأول يزيف المفاهيم بقناع ليبرالي مزدوج ، والثاني يحرس المفاهيم ويعتّقها بأمر سماوي.
الأول انتقائي، يستعير بعض مبادئ عصر النهضة الأوربية ويسعودّها قسرا.
والثاني انتقائي أيضا، ولكن باجترار مظاهر وقيم عصر " السلف الصالح".
الأول يحيل كل الأفكار والمفاهيم (العقل ، الحرية، الديموقراطية، المجتمع المدني ..إلخ) إلى مجرد معلومات يرددها على شكل محفوظات ، دون أن يبتكر علاقة نقدية مع ذاته وفكره ومع حقل الأفكار التي يتبناها اعتباطيا.
والثاني يردد بشكل آلي الآيات القرآنية والأحاديث النبوية دون محاولة التأمل والكشف والتقصي ، بحيث يبدو أنه يرواح مكانه وسط ثبات متجذرعلى مستوى القراءة للنص ، ولا يوجد ثمة فارق جوهري بينه وقارئ من القرن السابع الهجري.
الأول عجز عجزا فاضحا عن تجديد القيم العقلانية التي "يجعجع" بها عند كل مناسبة ، فهو لم يقدم نقدا تفكيكيا للأفكار التنويرية المستعارة ، وإنما أكتفى بالجعجعة والرغاء .أي أنه " تعامل مع فكرة التنوير بصورة غير تنويرية" حسب تعبير علي حرب، وفي الوقت ذاته يطالب الماضويين الإسلاميين بالتجديد في الفكر الديني وعصرنته.
والثاني أعمته نرجسيته الدينية، فهو يحيا على هامش التاريخ الحديث ، وعلى الرغم من عقمه الفكري ، وهزال وقصور أدواته " التغيرية" إلا أنه ظن عبثا أن مهمته الرسالية تقتضي قيادة المجتمع إلى الجنة "المجتمع الطهراني المثالي"وإن اقتضى ذلك الجبر والإكراه.
الأول يعاني استلابا " تقدميا" إزاء الأفكار التنويرية المستعارة، وثمة ازدواجية فاقعة بين أقواله التنويرية وممارسته الاستبداية.
والثاني يعاني استلابا إزاء القيم الاجتماعية الكامنة في بطون التراث العربي، وقد يحاكم الآخرين من خلالها، ولا تخلو أيضا معاييره من ازدواجية ، وذلك يبدو واضحا في أدبياته الطافحة بدعاوى الإصلاح والتقوى والزهد ، بينما ممارساته تفند كل تلك الإدعاءات الزائفة.
الأول يظن أن الديموقراطية مجرد شعار أو وصفة سحرية يمكن تطبيقها بسهولة بمعزل عن التجربة التاريخية والمحركات الاجتماعية والوعي الذاتي ، وكأنما الواقع السياسي طاريء ودخيل على النسق الاجتماعي ، ناسيا أو بالأحرى متناسيا أن الأنظمة السياسية بصرف النظر عن كنهها هي نتاج للنسق الاجتماعي .
والثاني من خلال اختطافه للمعرفة الإسلامية، يزعم أنه ممثل الحقيقة، والحق، والعدالة ، والوصي على الحريات والحقوق والهوية والأمة، والمؤتمن على القضايا والمصالح.
ولعمري إن تلك المزاعم والممارسات هي حجب للحقيقة التي يدعونها ، والحقيقة التي لا لبس فيها ، أنهم مجندون لكي يحافظوا على ديمومة التخلف .
ينتج من هذا الحراك الثقافي في السعودية وأعني على وجه التحديد الديني الايديولوجي ، والهجين الليبرالي ، أقول ينتج كما هائلا من التناقضات والتشوهات.. تطعن في صلاحية ومصداقية شعاراتهم المجوفة ، فلم يستطع أحدهما إنتاج مفاهيم ومناهج تحمل طابع الابتكارحيث يمكن التعويل عليها بشكل جدي على المدى البعيد على الرغم من غرفهما من تركة معرفية ثرة ،لأن أدواتهم قاصرة عن فهم وتشخيص الواقع ومشكلاته ، فالعائق ليس في ذات الفكرة أو الشعار بقدر ما هو في حامل الفكرة ، وفي منهجه ووسائله وتقليديته الصنمية.
بعبارة أخرى.. قد تكون الفكرة خلاقة في ذاتها ، لكنها قد تتهافت وتتحول إلى عقيم إذا لم تجد تربة خصبة تحتضنها . وما يحدث هنا هو استنزاف للوقت والجهد هباء على أفكار منجزة ، بينما الأرض جدباء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - القمع كفيل بخلق كل التشوهات
عاتق الحجازي ( 2011 / 2 / 22 - 11:12 )
انا اعتقد ان عدم استقلال كل من يريد ان يقدم طرح فكري معين في اتجاه هو عنصر كفيل بخلق تشوهات كثيرة
غياب الاستقلال هو امر حتمي في ضل سلطة تتعامل بشكل بوليسي لكل من اراد ان يخرج من تحت عبائتها
المأساه لدينا ليست في ضعف او تشوة او قلة الخبرة لدى نخب ما ولكن الروح التسلطية للسلطة هي اساس كل
معضلة لك ان تتخيل في حادثة اعتقال الناشطين الاخيرة الذين ارادو تأسيس حزب مدى وقوة القمع اعتقد ان كل
مهتم بالشأن السعودي هنالك قضية جوهرية ولايمكن تغافلها كما يحاول الجميع وهي القمع والتسلط والكل ناله نصيب
منها سواء اسلامي او ليبرالي او غيرهم لذلك ما نراه يطفوا على السطح من افكار لاي تيار بها من الحماقة
والتخلف ك قضايا المرأة بالنسبة لليبرال او قضايا الاسلاميين الكاشيرات وغيرها هي افكار السلطة لاتمانع
من ظهورها وان يتداولها الناس ويلوكوا السنتهم بها ياعزيزي نحن في دولة بمكالمة هاتفية يوقف صحفي عن الكتابة
ازيحوا القمع وسيتنفس الفكر .

اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي