الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 2 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في كل مرة يتحدث إعلام السلطة ، أو فقهاء السلطة الدستوريين ، عن الدستور ، و تعديلاته ، أزداد تشبثاً بفكرة ضرورة دستور جديد لمصر ، يكون معبرا عن إستيقاظ الشعب المصري ، و كأداة لدخول الحقبة التي حلمنا بها ، و عملنا من أجلها ، لسنوات ، و كجدار منيع يحمي ما سنبنيه .
إنها الفكرة التي نادى بها حزب كل مصر ، و لازال يصر عليها .
بالأمس طالعنا إعلام النظام الحاكم - الذي و إن سقط رأسه ، إلا إنه لم يسقط بعد - نقلا عن أعضاء لجنة التعديلات الدستورية ، بما لا يسر ، و لا يبشر بأي خير على الإطلاق .
ستة أعوام مدة الفترة الرئاسية الواحدة .
و يجوز فترتين لنفس الشخص كحد أقصى .
أليس هذا هو دستور عام 1971 - أو الدستور الدائم كما أسماه السادات - في صيغته الأولى ؟؟؟
لا يمكن أن أعلق على فكرة مدتين - أو فترتين - كحد أقصى لنفس الشخص ، فهذا معقول ، و مقبول أيضا ، و مسألة إحترام ذلك النص الدستوري ، من عدمها ، ستتوقف على مدى يقظة الشعب المصري ، و بالتالي قدرته على الرقابة ، أي مدى قدرة الشعب على ممارسة دور الرقيب على السلطة ، و كذلك الحارس على الديمقراطية .
لكني أعترض بشدة على فكرة أن تكون المدة الرئاسية في الفترة الواحدة هي ستة أعوام .
أين هي الديمقراطية ، المعاصرة ، و المحترمة ، في العالم ، التي فيها مدة الفترة الرئاسية الواحدة ، و في دولة يتمتع فيها الرئيس بسلطات ضخمة ، ستة أعوام ؟؟؟
حتى فرنسا التي طالما تشدق بها إعلام السلطة المرتزق ، و سدنة السلطة من الفقهاء الدستوريين ، و ترزيتها القانونيين ، لسنوات ، خفضت مدة الفترة الرئاسية الواحدة إلى خمسة أعوام فقط .
الديمقراطيات الناضجة تدرك أن شعوبها لم تعقم عن إنجاب الإكفاء لأي منصب رسمي .
و في الديمقراطيات الحقيقية الوليدة ، و تلك التي يفترض إنها على وشك الولادة ، مثل الديمقراطية المصرية الثانية - حيث أن الديمقراطية المصرية الأولى كانت بين عامي 1923 و 1952 - من الخطر جداً على وجودها إطالة مدة الفترة الرئاسية الواحدة .
مصر ، و في ظروفها الحالية ، من الخطر على ديمقراطيتها - التي لم تولد بعد - أن تطيل مدة الفترة الرئاسية الواحدة .
من أهم الأشياء التي تحمي الديمقراطية الوليدة ، و بخاصة في ظروفنا الحالية - حيث الحكام منذ عام 1954 عملوا على توسيع سلطاتهم ، و تشبثوا بعروشهم الجمهورية - هو التداول الفعلي للسلطة ، و هذا لن يتحقق إلا عندما يرى الشعب المصري شخص الرئيس يتغير في أقصر فترة ممكنة - أي في مدة معقولة - و أؤمن بأن أربعة أعوام تكفي جدا كمدة للفترة الرئاسية الواحدة ، و هي مدة ليست بالإعجوبة ، فقديما طبقتها بعض الديمقراطيات الإغريقية ، و تطبقها العديد من الديمقراطيات المعاصرة ، على إختلاف درجة عراقتها في الممارسة الديمقراطية الحقيقية .
مصر ، و في ظروفها الحالية ، حيث الثقافة الديمقراطية غير راسخة الأقدام ، و في ظل إصرار السلطة ، و بمعونة من سدنتها من الفقهاء الدستوريين ، على إستمرار النظام الجمهوري الرئاسي الواسع الصلاحيات ، بحجة الحاجة للإصلاح ، في أحوج ما تكون لتخفيض مدة الفترة الرئاسية الواحدة إلى أقصى حد معقول ، و هو أربع سنوات للفترة الواحدة .
البرازيل هي المثال المفضل لدي للرد على هؤلاء ، فبجانب حداثة التجربة الديمقراطية ، و المشاكل الإقتصادية ، و الإجتماعية ، التي تواجه أي رئيس منتخب ، إلا أن البرازيل أثبتت أن أربعة أعوام للفترة الرئاسية الواحدة ، و فترتين رئاسيتين فقط كحد أقصى للشخص الواحد ، تكفي لإنجاز الكثير ، فالإنجازات الجيدة للرئيس البرازيلي السابق ، الذي إنتهت فترته الرئاسية الثانية مؤخرا ، هي أكبر دليل على ذلك .
أن أخطر شيء على أي ديمقراطية وليدة ، في ظروف كظروف مصر الحالية ، هو الجمع بين نظام جمهوري رئاسي واسع الصلاحيات ، و مدة حكم طويلة للرئيس ، مع حداثة التجربة الديمقراطية ، أو البعد الزمني الكبير عن أخر ممارسة للديمقراطية .
إنهم في لجنة تعديل الدستور يبذرون بذرة ديكتاتورية جديدة ، أو يحافظون على قديمة ، لازالت قائمة .
التعديلات الدستورية لا تبشر بخير .
مصر بحاجة لدستور جديد تماما ، و فقهاء دستوريين ديمقراطيين .

22-02-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يصوت الناخبون يوما لذكاء اصطناعي؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. ما تداعيات إلغاء إسرائيل -المحتمل- للإعفاءات المقدمة للمصارف




.. الانتخابات الأوروبية.. صعود اليمين | #الظهيرة


.. مارين لوبان تعلن استعداد حزبها لتولي السلطة إذا منحه الفرنسي




.. استقالة غانتس.. مطالبه وشروطه | #الظهيرة