الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلتكن ثورة مصرية سينمائية أيضاً!

عصام سحمراني
(Essam Sahmarani)

2011 / 2 / 22
الادب والفن


بداية العام 2008 كنت أشاهد الشريط السينمائي الأخير للمخرج الراحل يوسف شاهين "هي فوضى" الذي أخرجه بالشراكة مع المخرج الشاب خالد يوسف. كانت قاعة عرض الساعة الثالثة في سينما "أريسكو بالاس" خالية بالكامل إلاّ منّي. تركّز كلّ اهتمامي يومها على الفيلم المميّز، الذي يحاكي الثورة الشعبية على رأس النظام المتمثّل في "أمين الشرطة حاتم" الذي يجسّد دوره الممثل خالد صالح، وينجح الفيلم تماماً في إخراج الصورة كما يجب إسقاطاً لنظام، تمّ إسقاطه بعد ما يزيد على ثلاثة أعوام فقط.

أفلام السلطة

قاعة سينمائية خالية جعلتها ظروف كثيرة كذلك، قد يكون أبرزها انتشار الأفلام الهابطة في قضاياها التي استقطبت الجماهير إليها طوال السنوات الأخيرة ممّا يسمّى بالصحوة السينمائية المصرية. سنوات شهدنا خلالها مدّاً كبيراً من الأفلام ذات الطابع الكوميدي التجاري الغارق في إبراز صور منتقِصة للشعب المصري وخاصة لجيل الشباب من بينهم، حتى بدا النظام منزّهاً بالكامل أمامها، لا توجّه له انتقادات أبداً. فالفساد -كلّ الفساد- يصنعه الشعب "ثقيل الهمّة"! ويتولّى مسؤوليته بعض رجال الأعمال المحيطين بالرئيس والنظام، وبعض الوزراء والمسؤولين الذين لا علم للرئيس بنشاطهم!

تلك النظرة شاهدناها في الكثير من أفلام الألفية الجديدة، كمثل أفلام الممثلين عادل إمام، المدافع الأول عن النظام؛ "التجربة الدنماركية"، و"مرجان أحمد مرجان"، و"السفارة في العمارة"، و"حسن ومرقص"، ومحمد هنيدي "وش إجرام"، والراحل أحمد زكي "معالي الوزير"، وتامر حسني "سيّد العاطفي"، وأشرف عبد الباقي "على جنب يا اسطى"... وصولاً إلى الطامة السينمائية الكبرى المتمثلة في فيلم الممثل طلعت زكريّا "طبّاخ الريّس" الذي سعى إلى روتشة صورة الرئيس المصري حسني مبارك بالكامل رامياً بمسؤولية الفساد والتسلّط وانتهاك الحرّيات العامة إلى حفنة من المحيطين بمبارك الذين يسعون إلى عدم كشف الحقائق أمامه. ما يجعل المشاهد حائراً في النهاية في كيفية تقبّله لمبارك، الذي إن كان كما يقول الفيلم لا يعرف شيئاً، فعلامَ إذاً يبقى رئيساً، وهو يسكن خلف ذلك السور العالي، بعيداً عن شعبه، ولو قرّر فجأة النزول إلى الشارع عبثاً!!؟

أفلام "ما لناش دعوة"

أفلام أخرى لم تتطرّق إلى انتقاد النظام وأزمة الحكم، وأمعنت في الوقت نفسه في إبراز الشاب المصري متبطلاً ذاتياً، حشاشاً، غير ذي مسؤولية، يهتمّ بالكرة والفتيات وكلّ وسائل اللهو بعيداً عن تحقيق "ما يمكن له أن يحققه". وتعرض تلك الأفلام لانتقاد الشباب على وجه الخصوص بغرابة شديدة تضع كلّ اللوم عليه وحده، فمصر "زيّ الفلّ" لكنّ المشكلة في شعبها فحسب!

أفلام كهذه كانت الأكثر رواجاً خلال الفترة الماضية، نذكر منها على سبيل المثال أفلام "اللمبي"، و"اللي بالي بالك"، و"شيكامارا"، و"كلّم ماما"، و"خلّيك في حالك"، و"عجميستا"، و"دبّور"، و"البيه رومانسي" وكذلك الفيلم الذي مثّل انطلاقة بعض الممثلين الشباب "فيلم ثقافي". تلك الأفلام وغيرها الكثير أبرزت نوم الشباب المصري عن تأدية دوره، من دون أن تبرز الأسباب الحقيقية لهذا النوم، ولم تنجح إلاّ في اجتذاب ضحكات سطحية للغاية، وأحياناً عميقة، لكنّها لم تؤدّ الدور السينمائي المطلوب في الإشتغال على نبض الشارع المصري.

وعلى النمط نفسه تمّ تقديم بعض الأفلام البعيدة كلّ البعد عن هموم أكثرية الشباب، وهي الأفلام التي تحاكي المسلسلات المكسيكية والتركية وسواها، والسينما الهندية، وسينما الباشاوات المصرية البائدة، في عرضها لمشاهد خيالية –بالنسبة للمواطن- عن حياة الأسر الغنية وأفرادها ومشاكلهم بهدف إبهاره وتعليقه في فضاءات من الخيالات الممنوعة عليه! من هذه الأفلام يبرز لدينا "الباشا تلميذ" و"عمر وسلمى" بجزئيه، و"جنينة الأسماك"، و"الحبّ كده"، و"آخر الدنيا" و"عن العشق والهوى" وغيرها.

وأفلام الثورة

لا شكّ بأنّ الرقابة كانت كبيرة للغاية على الأعمال السينمائية المصرية وهو ما شاهدناه في أزمة فيلم الممثل أحمد حلمي "عسل اسود" الذي اقتطعت مشاهد منه، لكنّ بعض الأفلام رغم شبهها بالأفلام التي سبق ذكرها من نواحٍ عديدة، قد تمكنت من اختراق تلك الرقابة عبر انتقاد لاذع للنظام القائم بأكمله لا بل إنّ أحد الأفلام تمكّن من طرح رؤية -مهما كان شكلها ومصيرها- لمصر من دون الرئيس حسني مبارك، وهو فيلم الممثل هاني رمزي "ظاظا" من إخراج علي عبد الخالق، الذي يتحدث عن فوز أحد المواطنين بالرئاسة بعد ترشّحه على سبيل النكتة أمام الرئيس المتيبّس في الحكم، ومساعدة الأميركيين له في الوصول وانقلابه عليهم بعدها، ما أدّى إلى اغتياله.

هاني رمزي بالذات قدّم فيلماً مميزاً آخر بعنوان "عايز حقّي" من إخراج أحمد جلال، يتحدّث عن إعادة توزيع الثروات وقدرة المواطنين حين يتحركون على التغيير. وهو الأمر نفسه الذي قدّمه فيلم أحمد عيد "رامي الإعتصامي" من إخراج سامي رافع، الذي كان أول فيلم يتطرق إلى قدرة شباب الإنترنت والفيس بوك على التغيير ولو أنّ قصة الفيلم تتحدث عن قضية تغيير علم البلاد والنشيد فحسب. كذلك كان الأمر بالنسبة لفيلم الممثل أحمد آدم "معلش احنا بنتبهدل" من إخراج شريف مندور، الذي قدّم بالإضافة إلى غناه على صعيد قضية ما يسمّى بالحرب على الإرهاب، مشهداً جيّداً لتأسيس حزب جديد للعاطلين عن العمل، وتحدّث بطل الفيلم "القرموطي" في خطاب التأسيس عن أفراد الحزب كأكثرية تصل إلى "ثلاثة ملايين عاطل عن العمل".

جاءت الثورة الشعبية المصرية بعد سنوات طويلة من حبس الحريات بمختلف النواحي لا سيّما السينمائية، ما يضع أمامنا نقطة انطلاق جديدة للسينما المصريّة تثور على نمطيتها وتعد بالتماشي مع نبض الشارع كما يجب أن يكون. فترة لا بدّ ستشهد علوّ كعب بعض المخرجين الواعدين كخالد يوسف، وبعض الممثلين القادرين على تقديم الرؤية المختلفة كاملة كهاني رمزي وأحمد آدم وأحمد حلمي وأحمد عيد وعمر واكد وخالد الصاوي وخالد صالح وأحمد مكي وآخرين، كي ننجو هذه المرّة من عمل سينمائي يعيد تقديم شخصية حسني مبارك كنبي صاحب عصمة، كما فعل الممثل الراحل أحمد زكي والمخرج محمد خان في فيلم "أيّام السادات".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب


.. عاجل.. الفنان محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان في رسالة صو




.. انتظرونا غداً..في كلمة أخيرة والفنانة ياسمين علي والفنان صدق