الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضرورة الحرية...

محمد طالب الأديب

2011 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


"لا أحد يحب قيوده ولو كانت من ذهب"، فالقيود ثقيلة والحرية حلم الإنسان ومناه، فهي الوجود والحياة والوطن وبها تتجلى إنسانية الإنسان وإبداعاته، والحرية قيمة إنسانية سامقة لا تتجزأ فأما أن تكون أو لا تكون. ولا مساومة على الحرية ولا مداهنة، فإذا ما تحكم الاستبداد سياسياً كان أم دينياً أم اجتماعياً بفرد أو شعب أو أمة، فإنه لن يتمادى عن سفك الدماء، واستباحة الحقوق والحريات والكرامات، فالقلق داهم من تركز السلطة فضلاً عن استبدادها، ولابد من كبح جماح أي سلطة، فـ"السلطة المطلقة تفسد بصورة مطلقة"، والذين يتخلون عن الحرية من أجل الحصول على الأمن لن يكون لهم الأمن ولن يحصلوا على الحياة، وإن الحرية قضية الإنسان منذ أن أن وهبه الله الحياة، فمن طبيعة الإنسان بحثه عن حريته ليضمن بها حياته وكرامته واعتقاده بما يؤمن به لا بما يُكره عليه، والحرية طريق التنمية والنجاح والتقدم والإبداع، فالإنسان المقموع كالمقبور لا يستطيع أن يصنع حياة، وسيظل يشهد – كل يوم – احتفالات سحق إرادته وإنسانيته، وبالرغم من ضرورة الحرية التي لا تختص بشعب أو أمة دون غيرها، فإن الإنسان في بلدان العرب والمسلمين - اليوم - ما بين مستلب بسلطة استبداد أو أسير حكم وراثي أو مقهور ببطش سياسة أو مخدوع بفقه دين ليس من الدين أو ملوثة أدمغتهم بجراثيم التسلط والتكفير أو ضحية دموية فقهاء المال والجاه والسلطان.
إن أحداث تونس ومصر واليمن وليبيا والبحرين وإيران ومن قبلها سقوط الديكتاتور صدام، وتحرر جنوب السودان بعدها ما بعدها، فقد انكسر حاجز الخوف، وأدركت الشعوب أن كل الخوف من بقاء الطغيان والاستبداد، وإن الأنظمة المستبدة قد أكلت نفسها، وإن الواقعية الجديدة التي رسمها شباب وشابات (الفيسبوك وتويتر ويوتيوب) تترسخ يوماً بعد آخر، وأبرز معالم هذه الواقعية الجديدة: أن الحرية لابد منها، وإن أنظمة الاستبداد والفساد ضعيفة وواهية. وإن التفاؤل بتنامي الحرية في بلدان العالم العربي ليس محض أمنيات، وإنما الواقع يتحدث عن غد جديد بدأ يشرق على بلدان الشرق الأوسط لينتشر الى ما حوله، وما هذه الأيام إلا مخاضات الخلاص من حقبة الاستبداد والظلامية والفساد، وحتى إذا كان طريق الديمقراطية طريقاً طويلاً ومكلفاً، يبقى حجم التكاليف متبايناً بحسب عوامل داخلية وخارجية، فلو كان (جميع) العراقيين يفكرون بمنطق الحياة لما حدث كثير مما حدث، ولو كان العراق مجاوراً لدول كالسويد أو هولندا أو ألمانيا أو كندا أو سويسرا لما كان هناك إرهاب قطعان التكفيريين الانتحاريين، ولا كان هناك رعاع "مقاومة المحتل" الذين يجيدون الانصياع الأعمى لعمائم خارجين على القانون، وما كان الهدف من كل هذا الدعم لشبكات الفساد والتخريب وعمليات التقتيل الوحشي في العراق التي بدأت مع تحريره من ديكتاتورية صدام وحتى يومنا هذا إلا لتشويه الديمقراطية وتخويف الشعوب منها.
إن أحداث تونس ومصر أحيت ضرورة الحرية في العالم العربي وعموم الشرق الأوسط، وإن عملية الإحياء لم تنطلق بدوافع مشتركات دينية أو عرقية وإنما بدوافع إنسانية تنشد العدل والحرية والسلام والرفاه، وهي أهداف عظيمة لا يمكن أن ترى النور في ظل أنظمة استبداد وفساد، كما أن من العبث تصنيف حركة الغضب المتدفقة في ربوع الشرق الأوسط بدوافع الجوع بقدر ما هي حركة الحرية التي تدب في وعي الشعوب المنكوبة والمخدوعة والمحرومة، ويبدو – جلياً – أن رياح التغيير لن تتوقف بترحيل الأنظمة السياسية الفاسدة، فالحرية قيمة إنسانية عليا لا يمكن تجزأتها وبالتالي فإن رياحها ستهز الاستبداد بكل أنواعه السياسي والديني والاجتماعي، وفي أي مكان كان، فـ"تهديد الحرية في مكان تهديد للحرية في كل مكان".
23/2/2011












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب