الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا تسكت الدول الكبرى عن دكتاتورياتنا !

مهند البراك

2011 / 2 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تثير موجات الغضب و الهيجان الشعبي في دول منطقتنا التي ادّت الى ازاحة دكتاتوري تونس و مصر و عوائلهما عن الحكم و الى الكشف عن الأموال الفلكية التي بحوزتهما كعمولات و غيرها، و الى قيام انظمة عربية و اقليمية بالبدء باصلاحات جادة على طريق التقدم السياسي و الإجتماعي وفق ظروف و ملموسيات بلداننا . . ويعزو قسم تتالي ذلك، الى النموذج الملهم لأنتفاضة الشعب التونسي و نجاحها، حين واجه الشباب و الجماهير العزلاء اجهزة القمع المدججة السلاح، بقوة الكلمة و بالتضامن، اثر الشرارة التي اطلقها البو عزيزي فداءً لبديل افضل و لكرامة الإنسان . .
على ارضية معاناة متزايدة و مهددة في بلداننا التي يشكّل الشباب الفاعل فيها اكثر من نصف سكّانها، تعاني غالبيتهم الكبرى الفقر و البطالة و الإهانة، رغم تشكيل المؤهلين ـ شابات و شبان ـ لنسب عالية منهم تختلف عمّا مضى، في زمان صارت الأنترنت فيه تلعب دور المثقّف و المعبئ السريع الفعّال، حتى صارت تتفوق على دور الأحزاب في سرعة نشر الوعي . . بعد ان عاشت شعوبنا و شبابنا جهلاً مطلقاً بحقائق ما كان يجري، و ما لايزال يجري . .
و تنتشر اخبار المأساة الليبية اليوم لشعب ينتفض بمدنه و قبائله، على حكم طغى استبداده و عنفه و وصل الى حد قصف المظاهرات الشعبية المنادية بسقوطه، بالطائرات الحربية، غير مبالي باعداد القتلى و الجرحى و بكونهم مدنيين عزّل، و لاباماكن سكناهم و محال اعمالهم . . بل هدد بها منذ بداية احداث بنغازي و قدّرها علناً بانها ستتسبب بسقوط مئات الآلاف من الضحايا ان لم تتوقف !
و فيما تتابع وكالات الأنباء العالمية و الإقليمية و الداخلية اخبار تلك المأساة، و تتساءل عن معنى تباطئ الدول الكبرى في لعب دورها المنتظر وفق سياساتها المعلنة في حقوق الإنسان و الديمقراطية ـ عدا ادوارها الخجولة مؤخراً ـ. تتكشف اسباب هامة عن دور نوعية عقود الشركات النفطية المتعددة الجنسيات لإستثمار النفط الليبي العالي الجودة الذي لايبعد سوى بضع عشرات من الكيلومترات عن اوروبا الصناعية، كونها عقود عقدت مباشرة مع القذافي شخصياً و مع ابنائه و افراد عائلته، و وفق تسميات رسمية لوظائف مسجلة بكونهم يشغلوها في اجهزة و دوائر الدولة الليبية القذافية.
ان خوف الشركات تلك من خساراتها جرّاء فقدان استثماراتها التي صارت تبلغ المليارات يجعل بعضها يسكت و ينتظر، و بعضها الأكبر استثماراً يمدّ العقيد الحاكم بالدعم المتنوع غير المعلن للحفاظ على استثماراتها الى انتهاء فترة تلك العقود . فيما تشجع احتكارات متعددة الجنسية نفطية اخرى تسعى للنفط الليبي، تغيير نظام القذافي لإبرام عقود بشروط احدث (*) .
و فيما تلعب تلك الإحتكارات و مصالحها دوراً مهيمناً في صنع القرار في الدول الصناعية حيال ما يجري في ليبيا، فإن الصراعات بين منابر ممثلي تلك الإحتكارات في بلدانها ذاتها، التي تظهر للعلن كمواقف سياسية في برلماناتها المنتخبة . .
تكشّف ان ثلث صادرات النفط الليبي تذهب الى ايطاليا، و تجهّز احتكارات متعددة الجنسية قائمة على ارضها، و ان احتكارات صنع اسلحة و وسائل قمع (الشغب) البريطانية ابرمت عقوداً بمليارات الدولارات مع دول الخليج ـ في مقدمتها البحرين ـ ، مصر مبارك، تونس بن علي، ليبيا القذافي، وبدأت حكومات تلك البلدان استلامها منذ ثلاثة شهور . .
و ان المبالغ الهائلة لتلك العقود، تجلب انتباه المراقبين الدوليين، لتناقضها الشديد مع السياسة المعلنة للحكومة البريطانية الداعية الى التمدن و الى بناء دول المؤسسات الديمقراطية في منطقتنا، و الى الحق في ابداء الرأي المعارض ـ راجع نشرة بي بي سي العربية ليوم امس ـ .
و يشير خبراء في رأسمال و الأعمال و بناء الدولة الحديثة، الى مخاطر العقود العائلية في الزمن الحاضر، كالتي كانت تتبعها الشركات الصناعية في مراحل تأريخية سابقة بنجاح لضمان ارباحها، لأنها صارت تشكّل خطراً اكبر على المجتمعات النامية لتسويغها و تشجيعها قيام الدكتاتوريات الفردية من جهة، و خطراً على الأطراف المتعاقدة ذاتها في زمان تجري الأحداث سريعاً فيه حيث ينمو الرأسمال و يعاد تشكيله و ينتقل بصورة اسرع، غير عابئ بالحدود . . زمان العولمة و الإنترنت و الموبايل !
واخيراً و لقرب الحدث . .
تحية ليوم الغضب العراقي السلمي في 25 شباط القادم . . . من اجل الخبز و العمل و الكرامة، من اجل حق الشابات و الشباب العراقي باطيافه القومية و الدينية و المذهبية بحياة افضل يستحقونها، و من اجل مكافحة الفساد و الكف عن المحاصصة المعيقة للديمقراطية !

23 / 2 / 2011 ، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) مذكّراً بمواقف الإحتكارات المتعددة الجنسيات من نظام صدام التي استمرت حتى بعد احتلال الكويت و تحريرها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -انفجار داخلي ضد حزب الله-.. هذا ما يخطط له نتنياهو


.. مغاربة يشاركون في مسيرة تنديدا باستمرار العدوان الإسرائيلي ع




.. كم بلغت تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة خلال عام؟


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك في مخيم جباليا وسرايا القدس تق




.. الدكتور أحمد المخللاتي يروي للجزيرة شهادته خلال الحرب الإسرا