الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورات الشعبية توقظ الحماس في النفوس

سالم قبيلات

2011 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


مثلت الاعوام العشرة الماضية كابوسا حقيقيا ثقيلا جثم على ضمير المواطن العربي،تعرض خلالها الى افظع المصائب والمؤامرات التي احيكت ضده بدقة وعناية لشرذمته ومسحه عن خريطة الحضارة الانسانية ، فلا نبالغ ان قلنا ان تاريخنا الحديث لم يعرف ما هو اسوأ من هذه الحقبة،التي تعرض خلالها المواطن الى اقصى انواع الظلم والاستبداد وشتى صنوف القهر والتهميش، من انظمة تسلطية وحكام ادمنوا الفساد وامتهنوا السمسرة وتفننوا في اهدار المقدرات الوطنية، تحت حجج براقة خادعة، مارسوا افعالهم السوداء بطمأنينة مريحة في ظل التأمر الدولي المرعب الذي لم يشهد له العالم مثيلا، كان الهدف الحقيقي له تحطيم كرامة وارادة الانسان العربي.
خلال هذه السنوات العجاف عملت انظمة الحكم العربية على خنق الحريات العامة وعمقت من تبعيتها لمشاريع التفكيك الاستعمارية الى ابعد الحدود. فلم يكن بمقدور المواطن ان يستوعب ويصدق حالة الذل والاستلاب التي وصلت اليها الاوطان بفضل سياسة حكامها ، حيث لم تكتف بالتنازل عن الحق بتحرير الاراضي العربية المحتلة فحسب، وانما اخذت بالانتقال الى مستويات اخرى من الانحدار الاخلاقي حتى وصلت الى ممارسة التأمر العلني تجاه بعضها البعض، وعملت جهارا نهارا على تسهيل سقوط اراض عربية جديدة تحت الاحتلال عبر مشاركة فاعلة في التدمير وتفتيت المكونات الوطنية لصالح تأمين ضمان بقاء مشروع الكيان الصهيوني، وسيطرته على المنطقة الى الابد.
لقد توالت احداث التآمر بوتائر سريعة غير مسبوقة، لدرجة اصيب معها المواطن بالذهول مما يرى، شاهد فظاعة اجتياح العراق الشقيق، وفصول تدميره، وكيف تمت بمشاركة نشطة وفاعلة من انظمة الفساد والخنوع . لم يقف الامر عند هذا الحد، فبعد ثلاث سنوات جاءت الصدمة الثانية والتي تمثلت بالهجوم البربري الصهيوني على لبنان ، لتدمير المقاومة اللبنانية التي دحرت الاحتلال عام 2000، وخلالها شاهد بشكل واضح كيف تبنى الحكام العرب موقفا داعما ومؤيدا للعدوان الصهيوني الغاشم على لبنان الشقيق، ودون ادنى وازع من ضمير باتوا يتخطون الثوابت والقيم، واصبحوا في حالة من فقدان التوازن الاخلاقي وكأنهم لم يعرفوا الخجل في ثقافتهم. ولكن أرادة المقاومين وصمودهم افشلت العدوان وانتصرت المقاومة وانتصرت معها مشاعر المواطن المقهور، وخاب ظن انظمة الفساد التي لم ترتدع ولم تتعظ، فقد عادوا وكرروا ممارسة الشيء نفسه بعد عامين عندما هاجم الصهاينة المعتدون غزة الابية للقضاء على بقايا المقاومة الفلسطينية، بعد ان غرقت قيادة السلطة الفلسطينية في فضلات الفساد الصهيوني، وتنازلت عن ثوابت قضية الشعب الفلسطيني المقدسة لصالح المشروع الصهيوني. وايضا من جديد خابت رهاناتهم وفشل العدوان الصهيوني في طمس الحقوق الفلسطينية، والمستغرب انهم مع كل خيبة وفشل جديد للمشروع الامريكي الصهيوني يضاعفون من ارتهانهم للمشاريع المشبوهة، فقد كان لتضامنهم صراحة مع الكيان الصهيوني في عدوانه على غزة ان تسابقوا في طلب الثأر له من اهل غزة الابطال الذي انتصروا على العدوان بصمودهم البطولي، حيث لا زلنا الى اليوم نشهد فصولا من حصار غزة، بالاضافة الى شتى انواع التآمر على المقاومة اللبنانية الباسلة.
والان بعد ان طفح الكيل لدى المواطن العربي وبدأ يثأر لكرامته وحقق انتصارات عظيمة اعادت الروح والحياة اليه، اخذ الطغاة يتلمسون رؤوسهم، فمنهم من تذكر ان في خزائنه مال وان لشعبه حقا فيه، فبادر الى الاعلان عن برنامج لتوزيعه على المحرومين من شعبه، واخرين تذكروا ان عملية اجراء الاصلاحات السياسية والاجتماعية ممكنة بالحوار الوطني، واعتبروا عملية احداث تغييرات ديمقراطية حقيقية من الامور المقبولة لديهم، بعد ان كانوا قد اذاقوا الامرين مطالبي الاصلاح السياسي والديمقراطية وكدسوهم لسنوات طوال في غياهب سجونهم الكثيرة.
لكن يبقى الشكر والتحية لشعبي تونس ومصر لانتصار ثورتيهما على الطغاة، فقد ايقظا الحماس في نفوس الشعوب المقهورة، بعد ان اطاحا بأثنين من اكثر الدكتاتوريين العرب بطشا بالشعب وارتهانا لاعداء الامة.
فهذه المبادرة التاريخية التي جاءت بالتغيير الحقيقي تشكل اساسا لانطلاقة جديدة من شأنها ان تعيد للعرب موقعهم ودورهم، ليس في دولهم فحسب، بل في العالم.
بعد هذه الانتصارات العظيمة لم يعد مقبولا التعاطي مع الهيمنة الامريكية والصهيونية وكأن شيئا لم يحدث، فعلى الجميع ان يدرك جيدا ان مشروع التفكيك الامريكي الصهيوني وادواته انظمة الاستبداد والفساد في المنطقة قد ولت الى غير رجعة واصبح الباب مفتوحا امام ارادة التغيير الديمقراطي في البلدان العربية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الوعي المنحرف
محمود سلامه ( 2011 / 2 / 24 - 05:48 )
وعيك منحرف يا سالم. كل المسائل القومية التي تثير حماسك لا علاقة لها بما حدث في تونس وفي مصر. ما يؤكد انحراف الوعي لدى القومجيين هو أن الأمريكان حرروا العراق من أبشع نظام عرفته البشرية والقومجيون يرفضون هذه الحقيقة وهو ما يثير الهزؤ
إصحَ يا سالم !


2 - مزحة لطيفة
عبدالامير احمد حسن ( 2011 / 2 / 24 - 21:05 )
اكيد انت تمزح،انصحك بمتابعة اخبار العراق والاستماع الى مطالب المسيرات الحاشدة يوم غدا الجمعة للشكر على توفر الخدمات والكهرباء وفرص العمل ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وحتى تتأكد من الديمقراطية التي جاء بها الامريكان يتطلب عقد مقارنه بين الحالة التي وصل اليها المتحف العراقي في بغداد 2003مع حالة المتحف المصري في القاهرة ايام تحرير مصر من الطاغية،هذا مع العلم ان الذي جاء بالطاغية صدام هم اصدقائك الامريكان وما حصل 2003 انهم استبدلوه بأخرين، كان ردهم على المسيرات السلمية في الكوت والسليمانية لايختلف عن تصرف اي نظام لطاغية

اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة