الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 2 / 23
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


منذ إبريل 2008 أعلن حزب كل مصر عن مطالبته بتحويل النظام السياسي المصري ، في حقبة الديمقراطية الثانية - التي لم تولد آنذاك ، و لم تولد بعد للأن - إلى جمهورية برلمانية ، تكون اليد العليا في السلطة التنفيذية فيها لرئيس الوزراء ، مع صلاحيات جد محدودة لرئيس الجمهورية ، على النمط الألماني ، و الهندي ، و التركي ، و النمساوي ، و غير ذلك من الأمثلة .
بعد سقوط مبارك تعالت بعض الأصوات مطالبة بنفس المطلب ، كان منها بالطبع حزب كل مصر ، و لكن للأسف لم تجد هذه الأصوات صدى لدى النظام الذي أسسه حسني مبارك ، الذي لازال يحكم مصر لليوم في صورة المجلس العسكري الحاكم ، و حكومة شفيق ، و الأهم من هم وراء الستار .
إذا كان النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و الذي يحكم مصر لليوم ، يستحق اللوم ، فإن الفرق المختلفة من المعارضة الحقيقية ، التي سارعت بتأييد قرار المجلس العسكري الحاكم بالإكتفاء بتعديل الدستور ، تستحق اللوم أضعاف مضاعفة ، لأنها بضيق أفقها ، و محدودية طموحاتها ، إكتفت بالفتات الذي ألقاه لها ذلك المجلس العسكري الحاكم ، الذي هو إمتداد لنظام مبارك ، أو مجرد وجه أخر له ، فلم تعرف أن هناك فرصة لتغيير البنية السياسية لمصر تغييراً كبير ، و جذري ، للأفضل ، فإكتفت بالقليل ، أو الفتات ، الذي تصدق به عليها المجلس العسكري الحاكم ، و من يقف ورائه .
من مميزات حزب كل مصر إنه لا يفقد الأمل ، فقد عمل من أجل ثورة شعبية سلمية تطيح بالنظام عندما كان الجميع نيام ، أو خائفين .
لم يفقد حزب كل مصر الأمل حتى في أحلك الظروف ، و أخطرها ، فإستمر في العمل من أجل إسقاط نظام مبارك - و لازال يعمل - بينما كان الأخرين يعملون فقط في المواسم ، مثل في فترات الإنتخابات الرئاسية ، و التعديلات الدستورية ، و الإنتخابات البرلمانية ، و رفعوا عقائرهم بمطالب محدودة للغاية ، مثل : لا للتوريث ، أو المطالبة بإعادة إنتخابات برلمانية مزورة ، و أحيانا بإقالة وزير ، أو عزل محافظ ، و حتى المطالبة بحساب رئيس حي .
و لأن حزب كل مصر لن يفقد الأمل في تطبيق ما يراه الأصلح لمصر ، و من ذلك تأسيس النظام الجمهوري البرلماني ، لهذا فمن المهم تفنيد حجج أعوان النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و رجاله ، ضد الأخذ بالنظام البرلماني .
الحجة الأساسية ، و ربما الوحيدة ، هي : الإصلاح ، و البناء .
من وجهة نظر النظام الذي أسسه حسني مبارك أن المرحلة القادمة هي مرحلة إصلاح ، و بناء ، و تلك المرحلة تحتاج إلى شخص ، هو الرئيس ، ذو صلاحيات واسعة ، و يستمر لمدة طويلة نسبيا ، حددوها بستة أعوام للفترة الرئاسية الواحدة ، و يستمر بحد أقصى لفترتين .
شخص يجلس في قمة النظام ، ذو صلاحيات واسعة ، و لمدة طويلة ، لا أرى في ذلك إلا مشروع ديكتاتور أخر ، سينضم في المستقبل للقائمة التي تضم عبد الناصر ، و السادات ، و حسني مبارك .
عبد الناصر ، و السادات ، و مبارك ، كلهم طالبوا بصلاحيات واسعة ، أخذوها ، أو ورثوها عمن سبقهم ، و حافظوا عليها ، بحجة ما ، فمرة بحجة مناهضة الإستعمار ، و النهوض ، و مرة بإسم الحرب ، و السلام ، و مرة بإسم التعمير ، و البناء .
و إثنان منهما وعدا في بداية عهدهما بالبقاء فقط لفترتين رئاسيتين ، فكان أن عدل واحد منهما الدستور ، و لكن لم يسعفه القدر للتمتع بذلك التعديل ، ليستفيد منه وريثه ليبقى في الحكم قرابة ثلاثين عاماً .
فمن سيكون رابعهم ؟؟؟
برغم إن دعوى مرتزقة النظام الحاكم مفضوحة ، و مفهوم غرضها ، و قد ذكرته آنفا ، إلا أن ذلك لا يمنع من تفنيد ذلك الإدعاء ، ليس لإقناعهم ، لأنه يكاد أن يكون من المستحيل إقناع مرتزق ، و لكن لبسط كل الحقائق أمام الشعب المصري .
أعتقد أن أفضل وسيلة لإثبات زيف دعواهم تلك ، هي الأمثلة العملية التاريخية ، لتجارب مختلفة في المشارب السياسية ، و مختلفة في البيئات الثقافية ، و الإجتماعية ، التي تثبت قدرة النظام البرلماني على قيادة البلاد في المراحل الصعبة ، التي تحتاج الإصلاح ، و البناء .
من تلك الأمثلة مثالين كبيرين هما : نهرو من الهند ، و كونراد أديناور من ألمانيا .
أولهما قاد بلاده بفكر إشتراكي ، مشوب بصبغة محلية ، و الثاني بفكر محافظ ، رأسمالي ، يختلط ببعض فكر دولة الرفاه .
كلاهما نجحا سياسيا في ترسيخ قيم الديمقراطية ، لدرجة إستمرارها للأن ، برغم أن الهند لم يكن لديها أي سابق خبرة ديمقراطية ، فقد كانت مستعمرة بريطانية ، و ألمانيا كانت ذات تراث ديمقراطي ضحل ، تمثل في جمهورية وايمار - أو فايمار - الضعيفة ، و التي قامت في فترة ما بين الحربين العالميتين .
لم ينجح الإثنان ، نهرو ، و أديناور ، فقط سياسيا ، بل نجحا أيضا في البناء الإقتصادي ، و في ظروف أسوء من الوضع المصري الحالي بكثير ، فالإقتصاد الهندي بُعيد الإستقلال كان شبه منهار ، و ألمانيا الغربية شبه مهدمة بعد الحرب العالمية الثانية ، و لكن تفاوتت درجة النجاح ، فقد حقق أديناور في ألمانيا الغربية ، ما يشبه المعجزة الإقتصادية ، مع محافظته على دولة الرفاه ، لحد ما .
ليس فقط نهرو ، و أديناور ، هما ما يحضراني هنا ، فالنمسا تعافت من آثار الحرب العالمية الثانية في ظل نظام برلماني ، و هناك من تركيا مثالين : تورغوت أوزال ، و أردوغان ، فقد حقق الأول منهما إصلاحات جيدة في الميدان الإقتصادي ، و حقق الثاني إصلاحات معقولة في الميدان التشريعي ، و أخرى جيدة إقتصاديا .
الأمثلة الناجحة للأنظمة البرلمانية ، التي تثبت خواء إدعاءات النظام الذي أسسه حسني مبارك ، كثيرة ، و تمتد على فترات زمنية كبيرة ، و تغطي ثقافات متعددة ، و من مدارس سياسية متباينة .
النظام الذي أسسه حسني مبارك لا يريد الإصلاح .
هل من خرب ، و سرق ، هو من سيصلح ؟؟؟!!!
هل من إنتهك الديمقراطية ، و إغتصب الحرية ، و عذب الشعب ، هو من سيؤسس عهد ديمقراطي طاهر ، يحترم حقوق الإنسان ؟؟!!!
إنهم يريدون رئيس واسع الصلاحيات ، يستمر لأطول مدة ممكنة ، ليحمي أفراد ذلك النظام من الحساب ، و ليخفي كذلك مكتسباتهم ، أو قل ، لتكون أدق : سرقاتهم ، عن أعين الشعب المصري .
الثورة لم تحقق بعد كل أهدافها ، فقط هدف واحد هو الذي تحقق .
حسني سقط ، أما نظامه فقائم يحكم ، و يخطط للإستمرار .
إستمرار تهليل بعض فرق المعارضة الحقيقية لتلك التعديلات ، و لكل خطوات ، و تصريحات ، المجلس العسكري الحاكم ، هو ما سيمنح الشرعية لإستمرار النظام الذي أسسه حسني مبارك تحت لافتة أخرى .

حزب كل مصر
تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر

23-02-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تقارير تتوقع استمرار العلاقة بين القاعدة والحوثيين على النهج


.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطاب بايدن والمقترح الإسرائيلي




.. إيران.. الرئيس الأسبق أحمدي نجاد يُقدّم ملف ترشحه للانتخابات


.. إدانة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب توحد صف الجمهوريين




.. الصور الأولى لاندلاع النيران في هضبة #الجولان نتيجة انفجار ص