الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في العراق .. الشعب يريد الغاء الدستور

فلاح اسماعيل حاجم

2011 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لم يتبق على يوم الغضب العراقي في الخامس والعشرين من شباط الجاري سوى القليل من الوقت، حيث سيشكل ذلك اليوم المعهود حدثا مفصليا، ربما سيفوق جميع الاحداث العاصفة التي شهدها وطننا لحد الان، ذلك لان التظاهرات الاحتجاجية المرتقبة ستشمل العراق من اقصى شماله، حيث سجلت السليمانية سابقة جسورة ضد السلطات القائمة في الاقليم، والى جنوبه، حيث مدن الفرات الاوسط والجنوب ترسل يوميا رسائل فائقة البلاغة مكتوبة بجوع الناس وذلهم واحباطهم من نقص الخدمات والفساد الذي لا سابق له في تاريخ البلد وخذلان مجالسهم المنتخبة التي لم تف بابسط وعودها الانتخابية.
واذا كانت الشعارات المرفوعة والمقترحة تتمحور لحد الان حول القضايا المطلبية الراهنة، فانها ستتطور، دون شك، الى شعارات ومطاليب سياسية، ذلك ان تحقيق تلك الاهداف المطلبية لا يمكن ان يتم دون توفر الاليات السياسية القادرة على تحقيق ما يطرحه المحتجون. ذلك ان ما متوفر من آليات اليوم لا يتمتلك الاهلية، بحكم مستواه المتدني المعروف في ادارة الدولة والمجتمع.
ان تطور الشعارات المطلبية الى شعارات ومطاليب سياسية يكاد يكون ملازما لجميع الانتفاضات والثورات الاجتماعية على مر التأريخ. وربما شكلت التجارب الاخيرة في كل من تونس ومصر، وما يجري حاليا في ليبيا واليمن والبحرين مثالا ساطعا على ذلك.
ان واحدا من الشعارات المطلبية التي ستكون حاضرة في يوم الغضب العراقي هو شعار الغاء الدستور العراقي الساري منذ عام 2005، والذي اصبح الحاضنة القانونية لكل ما اصاب ويصيب الشعب العراقي من آلام ومصائب وهدر وسرقة للمال العام، وحتى للدماء التي اريقت، وما زالت تراق، على مذبح المصالح الفئوية والشخصية للقائمين على السلطة في العراق.
لقد ولد الدستور نتيجة مساومة غير شريفة بين الاحزاب الطائفية الساعية الى استلام السلطة، باي ثمن، وبين القوى القومية الكردية التي وجدت فرصتها في توسيع الرقعة الجغرافية لدويلتها المرتقبة، وهو الامر الذي يوضحه بجلاء تضمين المادة 140 من الدستور ورسم آليات (قانونية) لضم كركوك الى كردستان، بشتى السبل، بما في ذلك عن طريق السعي الحثيث للاسراع في تغيير واقعها الديموغرافي، تماما مثلما كان يفعل الدكتاتور المقبور صدام حسين، بالاضافة الى اختلاق وتاجيج موضوعة المناطق المتنازع عليها واثارتها بين الحين والاخر. وليس مصادفة ان يقوم الحزب الحاكم في اربيل على اجراء استفتاء حول انفصال الاقليم في يوم الاستفتاء على الدستور الاتحادي، وهو اليوم الذي كان فيه الشعب العراقي احوج ما يكون الى الوحدة الوطنية. ولا اعتقد بان هنالك ضرورة للتذكير بالتصريحات النارية التي كان يطلقها رئيس الاقليم حول اشعال الحرب في حال عدم (اعادة) كركوك الى الاقليم. وهنا تجدر الاشارة الى ان حق تقرير المصير لاي بلد لا يمكن ان يفعل في ظل الظروف الاستثنائية، مثل حالات الحرب والحرب الاهلية وغياب السلم الاجتماعي ....الخ باعتبار ان تلك الظروف يمكن ان تؤثر على ارادة المواطن وتتيح المجال لتعسف السلطات بمقدرات شعوبها.
لقد اوجد الدستور العراقي الساري شكلا غريبا للدولة، فلا هي كونفيدرالية واضحة يجمع اطرافها عقد دولي للوصول الى اهداف مشتركة، ولا هي دولة فيدرالية يتم فيها تقاسم السلطات بين المركز والاطراف بالشكل الذي يؤمن وحدة منظومة الدولة في المواضيع المفصلية (السيادية) مثل الجيش والاقتصاد والامن الخارجي ...وغيره الكثير مما هو متعارف عليه في البلدان الفيدرالية المعاصرة.
فاي فيدرالية هذه التي لا يتمكن فيها الجيش الاتحادي من الوصول الى حدود الدولة؟ واي فيدرالية يقوم فيها الطرف الفيدرالي بانشاء جيش، مستنكرا على الجيش الاتحادي عزمه على تسليح وحداته بالطائرات والدبابات ، تحت ذريعة مضحكة مفادها ان تلك الاسلحة ستستخدم ضد الاقليم؟ . وفي مجال الاقتصاد وثروات الدولة الطبيعية التي ينبغي ان تكون ملكا حصريا للدولة الفيدرالية، الم يضعنا هذا الدستور امام اشكالية تحديد الاطراف التي يحق لها التصرف بتلمك الثروة (المادة 112- أولا)، فاسحا المجال لاستقدام الشركات الاجنبية من قبل الاقليم وتوقيع عقود مشاركة، اثارت وما زالت تثير الكثير من الاسئلة حول مصير الثروة الوطنية؟... علما بان الامثلة الواردة هي غيض من فيض فيما يخص الشكل المشوه للفيدرالية العراقية.
وفي الجانب الاخر اتاحت تلك المساومة للاحزاب الطائفية الشيعية وضع المقدمات الاساسية اللازمة لبناء الدولة الدينية من خلال تثبيت المادة ( 2 ) التي تنص على:
ً :ـ الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ اساس للتشريع:اولا
أ ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.
ان الفقرات الاولى من هذه المادة تلغي، من حيث المبدأ، كافة الفقرات التي تليها، ليس فقط لوضعها في المقدمة من قبل المشرع، بل ولأن القواعد الدينية تمتلك قوة قانونية اكبر بالمقارنة مع قواعد الحق الوضعي، وهو الامر الذي يبدو واضحا الان في الهجوم على الحريات العامة، حيث تستخدم هذه الفقرات الدستورية ابشع استخدام، فيما تبدو تصريحات المسؤولين عن الدولة المدنية عديمة الروح والمعنى.
ان العودة الى الظروف التي تم في ظلها الاستفتاء على دستور البلاد الدائم ستذكرنا بالاستغلال المفرط لعواطف الناس الدينية الصادقة من قبل الساسة المتسيدين الان على المسرح السياسي لتمرير الدستور، تماما مثلما استثمرت تلك العواطف في ايصال الاغلبية الساحقة من المزورين والفاسدين الى برلمان الدولة وحكومة العراق، الحالية والسابقة، التي يحلو لرئيسها وصفها بحكومة الشراكة الوطنية، وهي النكتة التي ستجد صداها في ساحة التحرير يوم الجمعة القادم.
ان الغاء الدستور العراقي، او على الاقل ادخال تعديلات جذرية عليه، سيكون امرا لا مناص منه اذا ما اريد حقا تعديل مسار العملية السياسية في العراق. واعتقد ان الشبيبة في ساحة التحرير جديرة بالقيام بهذه المهمة.
www.alshami.ru








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قانون الاحوال الشخصية
ندى الرشود ( 2011 / 2 / 23 - 23:54 )
الكاتب المحترم
ان من ضمن تلك القوانين المهمة ايضا هي قانون الاحوال الشخصية فقد الغي القانون القديم الذي كان يعمل به منذ ثورة الرابع عشر من تموز المجيدة والذي حصلت عليه النساء بعد كفاح طويل وتضحية لفترة طويلة والذي يحمي المرأة ويضمن لها حقوقها وحريتها و كرامتها وانسانيتها وحل محله قانون رجعي مستبد يعتبرالمرأة ناقصة عقل ودين وليس للمرأة اي حقوق يمكنها المطالبة بها لتبقى تابعة للرجل يتحكم فيها وقت مايشاء ولتبقى المرأة جليسة البيت يخيم عليها الجهل والامية مهمتها فقط الانجاب وتكثير الغنم.


2 - هوســة عراقية على الدستور
كنعـــان شماس ( 2011 / 2 / 24 - 01:04 )
تحية للاستاذ فلاح الواقع لايوجد شي مضحك ومنافـــــق مثل الدساتير العربية لابل مقرف وخبيث وقد اجاد مولف الهوسة العراقية التالية وللاسف لاعرف اسمه : ابشـــرج جبتلج لجيمــة للتنــــور
قنـــدرتي العتيجـــة ونســـــخة الدســــــتـور
عفنـــا المطايــــــا وانتخبنا الثــــور
كام ينطحنا ويكرب لامريــــكا طبعا مع تكرار المقطع الاخير ولاننســى ان هناك فقرة خبيثة اخرى في الدستور تقول جميع العراقيين متساوين في الحقوق والواجبات والاخبث منها تقول ان العراق بلد ديمقراطي واسلا مي ... واخر حلاوة في البصرة قتلوا اكثر من مئة امراءة عراقية شريفة لانها لاترتدي فوطــة فوق راسها هل هناك ديمقراطية احسن من هذه الدستور العراقي فقره تقتل فقرة فقيمته في الهوسة اعلاه


3 - الدستور العراقي سيدخل غرفة التشريح هذا من ضمن
علي احمد الرصافي ( 2011 / 2 / 24 - 13:53 )
االدستور العراقي الملغوم ستدخلة الاصوات الغاضبة الى غرفة التشريح وتعلن للملاء لحظات موتة


4 - النضام الداخلي لمجلس النواب
احسان ( 2012 / 5 / 7 - 09:53 )
فاتني ان اقراء في السنوات لاخيرة النضام الداخلي لمجلس النواب الغير عراقي لانشغالي جدا بامور الحياةوحينما تصفحت النضام اصعق بفقرة الحصانة الدبلوماسية لاعضاء مجلس النواب من (القانون المدني والجنائي ) وبحثت في كل برلمانات العالم لم اجد فقرة كهذة فمن اين اتو هائولاء بهذة البدعة هل هذا العضو نبي ام مرسل كي يمنح الحصانة في كل دول العالم فقرة اساسية احترام العضو للقانونون ولماذا الحصانة هل هو متهم مسبقا ام يريد ان يرتكب جرما ما في المستقبل حتى يعطى هذا الحق الاهي ما معناة اصبحت كل الجرائم مباحة امام هذا الكائن الغير مسؤل كي يستبيح الحرمات بحجة العصمة الاهيةوهناك مسالة اخرى لا يجوز ان يضع الانسان قانون النفسة كي يحكم بة البلد ألا اذا كان طاغية ؟اين القضاء ورجال القانون وكيف للاعضاء ان يضعوا نضاما فيما بينهم اذاكنت برلماني واضع قانوني بمزاجي ساقر اعلى راتب ومخصصات لاتعد ولاتحصى (والعب بكيفي النضام بيدي) ايعقل هذا ولم ارى اي دور بالعراق لهذا البرلمان الخائببببببببببببببببب ؟؟؟؟؟وشكرا

اخر الافلام

.. مصر تعلن طرح وحدات سكنية في -رفح الجديدة-| #مراسلو_سكاي


.. طلاب جامعة نورث إيسترن الأمريكية يبدأون اعتصاما مفتوحا تضامن




.. وقفة لتأبين الصحفيين الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل


.. رجل في إسبانيا تنمو رموشه بطريقة غريبة




.. البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمقا