الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام العراقي بين الحرية المنفلتة والتنظيم المقيد

نجاح العلي

2011 / 2 / 23
الصحافة والاعلام


نجاح العلي*
هناك جدل كبير بين الاعلاميين والمسؤولين الحكوميين وتخوف بين الحرية المطلقة والفوضى والتجاوز على الاخرين والتشهير بهم عبر وسائل الاعلام وبين التقييد الحكومي عبر اجراءات وتعليمات تقيد الحريات وتحد من حرية العمل الاعلامي. لكن بالامكان مسك العصى من الوسط للوصول الى حل وسط يجمع بين حرية التعبير وتنظيم العمل الاعلامي الذي له فائدة للصحفي وللمؤسسات الاعلامية اكثر من فائدته للمؤسسات الرسمية وبين تنظيم العمل ووضع ضوابط وتعليمات تتناسب وقواعد ومدونات واخلاقيات العمل الصحفي المعمول بها عالميا للوصول الى اعلام عراقي مسؤول وملتزم وفق نظرية المسؤولية الاجتماعية التي يتحملها الاعلام العراقي تجاه المجتمع الذي يمر بظروف صعبة وفق تنافس واحتدام سياسي وعرقي وقومي ومذهبي من اهم ادواته وسائل الاعلام التي بامكانها ان تكون معولا للبناء او معولا للهدم في آن معا.
وفي ظل الحراك الديمقراطي يعد الاعلام الحجر الاساس في بلد مثل العراق لم تزل التقاليد الديمقراطية تواجه مشكلات عند نخبه.
ومن هذا المنطلق وبعد الغاء وزارة الاعلام العراقية في نيسان 2003 تم تأسيس الهيئة الوطنية العراقية للاتصالات والاعلام (تم تغيير اسمها في الدستور العراقي الى هيئة الاعلام والاتصالات)، عن طريق الحاكم المدني بول بريمر بالامر الاداري المرقم 65 في 20 نيسان 2004 والذي جاء بـ22 صفحة حددت قواعد للسلوك الاعلامي بالاعتماد على المعايير العالمية في مجال الحريات وحقوق الانسان، على الرغم من بعض نقاط الضعف نتيجة الترجمة غير الحرفية لنصوص اجنبية جاهزة لم تاخذ خصوصية المجتمع العراقي بالحسبان.
وقد اكد الدستور العراقي الدائم الذي تم اقراره عام 2005 اهمية استقلال هيئة الاعلام والاتصالات في الفصل الرابع المادة (100) ما نصه:” اولاً:ـ يُعد كل من البنك المركزي العراقي، وديوان الرقابة المالية، وهيئة الاعلام والاتصالات، ودواوين الاوقاف، هيئاتٌ مستقلة مالياً وادارياً، وينظم القانون عمل كل هيئةٍ منها.. ثانياً :ـ يكون البنك المركزي العراقي مسؤولاً امام مجلس النواب، ويرتبط ديوان الرقابة المالية، وهيئة الاعلام والاتصالات بمجلس النواب.”.. لكنه لم يصدر قانون ينظم عمل هيئة الاعلام والاتصالات من قبل البرلمان العراقي وبقي الامر الاداري رقم 65 الذي اصدره بول بريمر ساري المفعول على الرغم من الجدل السياسي والقانوني بشأنه.
ويشير القسم الثالث من الامر الاداري 65 الى:”انشاء المفوضية العراقية للاتصالات والاعلام.. 1/ يتم انشاء هيئة ادارية مستقلة لاتسعى لتحقيق الربح يطلق عليها المفوضية العراقية للاتصالات والاعلام، تتحمل وحدها دون غيرها مسؤولية ترخيص وتنظيم خدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية والبث والارسال وخدمات المعلومات وغير ذلك من خدمات اجهزة الاعلام في العراق.”
وهذا النص يحدد مسؤولية الهيئة تجاه شركات الاتصال العاملة في العراق ومن ضمنها شركات (زين واسيا سيل وكورك) بوصفها المخول حصريا بتوقيع العقود معها او محاسبتها على سوء ادائها ولا يحق لاية جهة اخرى اعطاء تراخيص لشركات الهاتف النقال، ومن هنا جاء الجدل القانوني بشأن مشروعية طلب وزارة الاتصالات من مجلس الوزارء تخويلها بتأسيس شركة هاتف نقال رابعة، مما يعد مخالفة للعقود والالتزامات التي وقعتها هيئة الاعلام والاتصالات مع شركات الهاتف النقال والتي ما زالت سارية المفعول.
اما القسم الرابع من الامر 65 فيشير الى الهيكل التنظيمي للمفوضية بما نصه:”تتألف المفوضية من مجلس مفوضين يتم تعيين احد اعضائه رئيسا للمجلس، وتتألف المفوضية من مدير عام ولجنة استماع ومجلس طعن في الاحكام ومفتش عام وعدد من المجالس الاستشارية التي يرى مجلس المفوضين او المدير العام ضرورة لها.... ويتكون مجلس المفوضين من تسعة اعضاء يقومون بتعيين احدهم رئيسا للمجلس... تتخذ جميع قراراته باغلبية اصوات الاعضاء شرط وجود ما لايقل عن ستة من اعضاء المجلس... وفي حال تساوى عدد اصوات اعضاء المجلس في اية مسألة معروضة على المجلس يستخدم صوت الرئيس للبت في الامر... ويتم تعيين اعضاء المجلس من قبل رئيس الوزراء لفترات مدتها اربع سنوات ويخضع هذا التعيين لاقراره بواسطة اغلبية اصوات اعضاء الهيئة الوطنية المخولة بسلطة التشريع.”
اما مجلس المفوضين (يطلق عليه حاليا مجلس الامناء) فتم تعيينهم من قبل رئيس الوزارء لتمشية عمل هيئة الاعلام والاتصالات ولم يصادق عليهم من قبل مجلس النواب حتى الوقت الحاضر.
ومن ضمن هيكلية هيئة الاعلام لجنة الاستماع التي تتألف حسب الامر 65 القسم الرابع ثالثا:” تتالف لجنة الاستماع من خمسة اعضاء ممن لهم خلفية في مهنة القانون او في الحقول الوثيقة الصلة بهذه المهنة يستمع اعضاء اللجنة لحالات تنطوي على خرق خطير وفادح لمدونات الممارسات المهنية والسلوك الاخلاقي وللتراخيص ويتخذون قرارات بشانها.... يعين مجلس المفوضين اعضاء لجنة الاستماع.... تكون جلسات لجنة الاستماع الاثباتية علنية، ما لم يقرر المدير العام خلاف ذلك، وتعلن قراراتها على الجمهور...”
وما حصل مع قناة البغدادية ان المدير التنفيذي لهيئة الاعلام والاتصالات قدم طلبا الى لجنة الاستماع بمحاسبة القناة نتيجة تغطيتها غير الموضوعية لحادثة كنيسة النجاة في 1/11/2010 والتي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح وقد وافقت لجنة الاستماع على طلب المدير التنفيذي بغلق القناة التي قدمت طعنا في الحكم امام مجلس الطعن المكون بحسب الامر 65 القسم الرابع فقرة (4):”يستمع مجلس الطعن المستقل والمكون من ثلاثة اشخاص الى ما يتلقاه من طعن في قرارات المفوضية سواء كانت تلك القرارات اتخذها المدير العام ام صدرت عن لجنة الاستماع.. ويتألف مجلس الطعن من قاض ومحام له خبرة في مجال تنظيم الاتصالات ومن عضو له خبرة مهنية او تجارية في مهنة القانون او في احد المجالات وثيقة الصلة بهذه المهنة.. ويقوم وزير العدل بتعيين اعضاء المجلس... ويتلقى اعضاء مجلس الطعن تعويضاتهم ومكافآتهم من وزارة العدل وذلك لضمان استقلال المجلس عن هيئة الاعلام والاتصالات..”
ومن المهم هنا ذكر انه في آب من عام 2010 طلب المدير التنفيذي بايقاف برنامج (خلي نبوكه) الذي عرضته قناة البغدادية لانه يحتوي مضامين توجه اساءة للذوق العام واساءة لقواتنا الامنية لكن لجنة الاستماع اكتفت بتوجيه قناة البغدادية بتقديم اعتذار رسمي عبر صحيفتين يوميتين لكن القناة لم تلتزم بهذا القرار على الرغم من ان قراراتها ملزمة اذ نص القسم الثامن من الامر الاداري 65 الفقرة (6) ما نصه:”تكون قرارات المدير العام ولجنة الاستماع ملزمة وتبقى نافذة وسارية المفعول الى حين البت في اي طعن بشأنها ينظر فيه مجلس الطعن، بعد الاستماع لحجج الاطراف المعروضة عليه في حينه ان يؤيد قرار المدير العام او لجنة الاستماع او يسقطه كما يجوز لمجلس الطعن احالة القرارات او الاوامر المعروضة عليه الى المدير العام او لجنة الاستماع. وتكون القرارات التي يؤيدها مجلس الطعن قرارات نهائية.”
اما الاعتراض على قيام القوات الامنية في تنفيذ حكم القضاء بشان انتهاكات الفضائيات للمدونات والتعهدات التي وقعت على الالتزام بها عند تقديم طلب العمل في العراق عبر هيئة الاعلام والاتصالات فقد وضحها الامر الاداري 65في القسم التاسع الفقة (2) بما نصه:”يجوز لهيئة المفوضية ــ هيئة الاعلام والاتصالات ــ ان تطلب من السلطات العراقية التي تتولى تطبيق القانون تقديم الدعم والمساعدة لها، وعلى هذه السلطات الاستجابة لطلب تقديم المساعدة بدون تأخير وعليها تقديم المساعدة بصورة مهنية مسؤولة..”
ورغم مرور السنة السابعة على اصدار الامر 65 لم تقم البرلمانات العراقية التي تعاقبت منذ 2004 حتى هذه اللحظة بتشريع قانون لهيئة الاعلام والاتصالات يأخذ خصوصية المجتمع العراقي بالحسبان ويتناسب مع مواد الدستور التي تؤكد حرية الصحافة والاعلام، ومازال الوضع القانوني للهيئة غير مستقر من ناحية تعيين رئيس الهيئة ومجلس الامناء والشروط الواجب توفرها فيهم، اما ملاك الهيئة الذي يقارب عدده 300 موظف فما زالوا يعملون بصفة عقود مما ادى الى ان تخسر الهيئة ملاكات قانونية وتقنية وهندسية واعلامية متميزة دخلوا العديد من الدورات داخل العراق وخارجه لكنهم آثروا ان يتركوا العمل بحثا عن عقود عمل اعلى اجرا بصفتهم خبراء في هذا المجال الحيوي والذي يزداد الطلب عليه من قبل شركات الاتصال العالمية، او توجه البعض منهم الى ملاك دائم في مؤسسات ووزارات الدولة الاخرى، ومازالت الهيئة تخسر بشكل متواصل ملاكاتها الكفوءة ما لم يتم تحويل موظفيها واغلبهم من حملة الشهادات العليا والاوائل في الجامعات الى الملاك الدائم الذي سيعطي زخما عاليا من حيث التمسك في العمل ومن حيث الاداء المهني العالي وعدم التخوف من فسخ العقد، هذا التخوف الذي قد يدفع بالكثيرين الى مسايرة ومواءمة الضغوطات التي قد تفرض من الادارة حفظا على لقمة العيش.
*اعلامي واكاديمي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السياسة الفرنسية تدخل على خط الاحتجاجات الطلابية


.. روسيا تزيد تسليح قواتها ردا على الدعم الغربي لكييف | #غرفة_ا




.. طهران.. مفاوضات سرية لشراء 300 طن من اليورانيوم | #غرفة_الأخ


.. الرياض تسعى للفصل بين التطبيع والاتفاق مع واشنطن | #غرفة_الأ




.. قراءة عسكرية.. صور خاصة للجزيرة تظهر رصد حزب الله مواقع الجي