الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختفاء رباب ماردين 2

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2011 / 2 / 24
الادب والفن


(جزء من رواية لم تنشر للكاتبة)

بعد ان أقيل من منصبه لم يعُد حسام ماردين يعمل في الشركة، فقد استقال بنفسه من الشركة بأكملها. كان ذلك هو الوقت الذي بدأت فيه علاقتي معه تتّخذ منحًى جديدا.
ذات يوم، كنت جالسة قرب بركة السباحة في النادي، أقرأ كتابا، حين فوجئت به.
"أرجو ان لا أكون أزعجك." رأيته وهو يجلس على المقعد القريب مني، وكان بلباس البحر يبدو قويّ البنية ووسيم الطلعة أكثر من اي وقت مضى، وكان من الواضح انه قضى وقتا طويلا تحت أشعة الشمس التي لوّحته اكثر واكسبته حمرة طفيفة. لم أكن قد تحدّثت اليه منذ لقائنا الأخير على الشرفة.
توجّهت اليه متعجّبة، وهو قال: "استغربت وانا أراك جالسة هنا. لم أعرف أنك تترددين الى هنا."
"بل انا التي أستغرب ان أجدك هنا. لم أرك هنا من قبل." قلت له.
ابتسم ابتسامة صغيرة وقال بيأس ساخر: "فعلا. من كان يصدّق ان نهاية حسام ماردين ستكون بأن يبقى يتشمّس في النادي طوال النهار!"
"اذن انت لم تعُد تذهب الى الشركة؟" سألت.
"لم يعُد لي عمل هناك."
"آسفة بهذا الشأن."
"ولِم الأسف؟" قال وهو يشدّ من صدره نفسا عميقا. " كان عليّ ان أعلم بأن ذلك ما سيحصل."
"لا أفهمك." قلت له باستفهام.
"ليس من واجبك ان تفهمي." كان ردّه في منتهى البساطة.
فقلت برقة: "ولكنني... أحب ان أفهمك."
أعطاني نظرة صلبة، ثم قال وعلى وجهه ابتسامة شامتة: "كم انت فضولية... يا آنسة مدنية! لا أفهم سبب اهتمامك بأن تفهميني... ولو اني فهمت سر اهتمامك برباب."
"سر؟؟ أي سر؟" تعجّبت.
"سرك... الذي تخفينه عنا منذ ان جئت إلينا."
"لا أفهم قصدك." قلت وقد انزعجت.
"بل تفهمين." ردّ وابتسامته الشامتة ما تزال تلاصقه. ثم أضاف: "ولكنني لا أفهم سبب تحفّظك. وماذا لو عرفنا انك صديقة رباب؟"
انقبض قلبي داخل صدري من وقع المفاجأة وتسارعت ضرباته. "كيف عرفت؟" قلت وانا أحاول إخفاء اضطرابي الشديد.
"بطريقتي الخاصة." أجاب. "بعد لقائنا الأخير تذكّرت شيئا، وبعد بحث قصير توصّلت الى الأمر."
"انت غامض جدا. لِم لا تريدني ان أعرف ما هو هذا الشيء؟"
شد كتفيه الى أعلى، وردّ بمكر: "ربما أخبرك به يوما ما."
"ولماذا ليس الآن؟"
"ما زلت لا أعرفك!" قال وهو يقتبس مني.
"وماذا تريد ان تعرف أكثر من الذي اكتشفته بنفسك؟" سألت بحدة.
رأيته يتلفّقني بعينيه الساحرتين، ثم قال مستغربا: "اذن، انت جئت الى بيتنا... للبحث عن رباب... صديقتك؟"
"هل ستخبر الجميع بالأمر؟" سألت بقلق.
فكّر قليلا. وبعد لحظة، أجاب: "لا."
"لماذا؟"
"لأنّه... لن يصدّقني احد... ولا أريدهم ان يصدّقوا. لم أعد أريد منهم شيئا." قال. ثم مدّ نظره اليّ وقال: "ولكن... أريد منك شيئا."
"مني أنا؟" تعجّبت. ثم استدركت نفسي. "آهه... فهمت. كان عليّ ان أعرف ان لكل شيء ثمنه."
ضحك ضحكة خفيفة. "لا أظن ان ما أريده منك يمكن اعتباره ثمنا." قال.
"وماذا تريد بالضبط؟"
"أريد ان نكون... شركاء."
"شركاء؟"
"نعم، في البحث عن رباب."
فوجئت بكلامه. نظرت اليه بارتياب.
"يبدو لي... ان كلامي لا يعجبك." قال.
"ويبدو لي... انني لا أملك بدا الا ان أوافقك."
"وانا ظننت ان ما يهمّك هو اكتشاف سر اختفاء رباب؟!"
"صحيح."
"اذن، أنت لا تثقين بي."
لم أرُد. وبعد لحظتين... قال: "لا بأس. أتفهّم الأمر. ولكنني متأسّف. فقد ظننت ان بإمكاننا ان نفعل شيئا مجديا."
ثم ترك المكان وتركني معلّقة الى حيرتي.
بقيت جالسة في مكاني وقتا طويلا أفكّر في كلامه. انه اكتشف اني جئت الى البيت بحثا عن رباب. والآن، يريدنا ان نكون شركاء في البحث عنها. لماذا؟؟
ترى، كيف اكتشف سري؟؟ ربما تكون رباب قد ذكرتني أمامه. او ربما يكون قد وجد احدى الرسائل التي بعثت بها اليها. كم سيكون سهلا عليه ان يكتشف اني كنت أعرف رباب!
ربما يكون لي عونا حقيقيا في بحثي عن رباب. انه زوجها. وقد عاش معها وعايش عن كثب ما مرّ عليها قبل اختفائها. لا بد انه يعرف شيئا. "فكّرت ان بإمكاننا ان نفعل شيئا مجديا" قال لي. سأكون مجنونة ان أفلتّ من يدي هذه الفرصة! يجب ان أجرّب، مهما كانت النتيجة.
ولكن...
لماذا عرض عليّ ان نكون شركاء في هذا الأمر؟ يبدو لي كأنه وجّه اليّ اهتمامه فجأة بعد ما كان لا يلحظ وجودي من قبل. لماذا؟؟ ماذا يريد مني؟؟
انه اكتشف سري الذي أخفيته عن الجميع منذ مجيئي الى هذا البيت، ويقول انه لن يخبر احدا به. ولكن... كيف أثق به؟ انه ماكر وخبيث. أتعجّب لماذا أخذ يتودّد اليّ في الآونة الأخيرة. لا بد انه ناوٍ على شيء. أيكون يريد التلذّذ بي قبل ان... ... يفعل بي نفس ما فعل برباب؟!
تسرّب الخوف الى جسدي أمام هذه الفكرة.
أيعقل انه قتلها؟؟؟
وسام يقول انه فعلها، رغم انه أخوه! وكلوديا تبدو مصدّقة ايضا. وشادية تؤكّد كم كان يعذّبها! والسيدة ماردين لا تثق به. فكيف لي ان أثق به أنا؟ وكيف لي ان أبحث عن رباب مع الرجل الذي ربما يكون هو قاتلها؟!!!
بقيت مضطربة طوال اليومين التاليين، تتردد في خاطري أسئلة كثيرة، وتتنازع في داخلي الأفكار والأوهام. عرفت تماما اني أخاطر بحياتي بإقدامي على مثل هذا الأمر. ولكنني كنت مستغرقة فيه الى درجة أني لم أملك التراجع عنه. كان عليّ الغوص من عميق الى أعمق، الى ان أصل الى الحقيقة. وحدها الحقيقة بإمكانها ان توقف توغّلي المستمّر في أدغال الغموض الذي يلفّ اختفاء رباب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا