الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما يتأسلم القضاء

محمد عادل زكى

2011 / 2 / 24
دراسات وابحاث قانونية


حقا يقف المرء مندهشاًً أمام تلك الإبتكارات غير المسبوقـــة التى تجلت وأحد الأحكام القضائية التى صدرت عن أحد دوائر محكمة مدينة نصر للأحوال الشخصية (فى مصر) إذ لم يكتف الحكم بالقضاء بما لم يطلبه المدعى، بل تمادى كى يقضى بعكس طلباته تماماًً، بل وذهب إلى ضفاف إضافة صياغة جديدة للأحكام القضائية !! فى سابقة قضائية فى منتهى الخطورة ، إذ لم يتوقف الحكم كذلك عند حدود مخالفـة القانون بل لم يجد أدنى غضاضة فى مفارقة النصوص الدستوريــة وتحديها ، فى سابقة كما أسلفنا جد خطيرة تشى بأن هناك أمورا جد خطيرة تحدث فى الغرفات والطرقات والردهات !!"باسم الله الرحمن الرحيم ثم بإسم الشعب" تلك هى الصيغة التى إبتكرها الحكم منشأ من عندياته ما هو من الإختصاص الأصيل للمشرع،ولم يكتف الحكم بالإفتئات على إختصاصات وسلطات المشرع البرلماني العادى، بل أنه لم يجد حرجا فى المضى خطوات وخطوات أبعد كى يصيغ نصا دستــوريا جديدا ؛ فالنص كما هو وارد بالدستـور القائم يقـول: أن الأحكام تصدر وتنفذ بإسم الشعب، وبالحرف الواحد يقول الدستور المصرى القائم فى نص المادة رقم (72) :" تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب "، بيد ان الحكم وعلى ما يبدو شاء أن يدخل تعديلاًً دستوريا خفياًً مفعماًً بمسحة دينية تبارك الأحكام القضائية إذ فطن الحكم عن سائر الأحكام والدوائر والمحاكم فى طول البلاد وعرضها لتلك المخالفة الشرعية واضعاًً صيغة أقرب ما تكون إلى رد فعل ناقم على تلك الأحكام الشركية الكفرية التى تصدر بإسم الشعب !! ربما يقول قائل أن تلك الأمور شكلانية، ولا تؤثر فى الحكم . إن رأيا كهذا بالهجر أولى بل يتعين التنزه عن الرد عليه، إذ أنه متجاوز حدود النقد إلى ساحة النقض . إذ ان الصيغة التى صدرت بالحكم إنما صدرت عن أيدلوجية معروفة ومفهومة ولا يجوز بحال أو بأخر أن تتسرب إلى القضاء ، القضاء الذى يعد الأمل الأوحد الباقى لهذا الشعب الذى شرع فاقدا لكل جميل ومغتربا عن كل أصيل، حتى صار كل ما حولنا غير مألوف حتى ضحكات الأطفال ووجوه الأصدقاء صارت غير مألوفة . . . إن القضاء (والله، وبعد الثورة العفوية) هو الأمل الوحيد الباقى لهذا الشعب الذى أصابه اليأس . . . ولا ينبغى أن تتسلل أيدلوجيات سلفية رجعية لمحرابه الاقدس . . . ويتعين أن يتم التصدى وبكل قوة لأى محاولة لإقتحام حصونه وتخريب محاريبه . . . فها هى إرهاصات جلية لقدوم، بمحراب القضاء، العبارات ذات التأثير العاطفى الهائل على الجماهير، ونتيجة لهذا التأثير العاطفى تمر هذه العبارات دون أن يتوقف أحد لمناقشتها، وتتناقلها الألسن محتفظة بمحتواها الهلامى حتى تشيع بين الناس وكأنها حقائق ثابتة نهائية، مع أنها فى ضوء التحليل العقلى عبارات مليئة بالخلط والغموض .إن المشرع لم يرم، مطلقا من وراء تقريره صدور الأحكام بإسم الشعب، إلى إقرار الزندقةأو الهرطقة كما لم يهدف إلى مفارقة الشرع أو مخالفة الشارع ، بل على العكس قدس الشرع كما يجب ، ولم يرد إقحامه فى أحكام دنيوية بشرية تخطىء وتصيب والأخطاء لها من النصيب الوافر، وبالتوازى إحتراما للضمير الجمعى القاطن تلك الرقعة من العالم على ظهر هذا الكوكب ، ولم يقصد لا من قريب أو من بعيد تحييد أو تهميش الشرع أو الشريعـــة كما يحاول البعض جاهدا تلبيس المسألـــة على نحو معكوس ومغلوط ، معيدا طرح الدين بالصدور عن منظومة فكرية تعتنق مفاهيم الأزمة الكارثية التى ينتظرها الشعب طالما صدرت الأحكام بإسمه !! فلئن أراد الحكم إكساب أحرفه القداسة والعلو وكلماته البركــــة والسمو إستفتاحا بإسم الله سبحانه وتعالى فليس عليـــــه سوى أن ينتوى ذلك ســـــــرا أو حتى جهرا بينه وبين نفسه بلا أن يضعه كتابــــــة على رأس حكم قضائى له من القداسة ما هو غنى عن البيان والتبيان ، مشركا إيانا فى تلك البركة ، فلسنا بحاجة لها طالما تقلب أوضاعنا القانونية والدستورية رأسا على عقب مطيحة بقواعدنا الأصولية التى تعلمناها من الأباء العظام فى القانون وفى الفقه وفى القضاء . . . بل نحن نرفضها ولن نسمح بتسللها بليل أدهم إلى مضاجع أولادنا الصغار !!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مـقـال مـحـزن
أحـمـد بـسـمـار ( 2011 / 2 / 24 - 19:09 )
ولمتى أسلمة جهاز الأمن والتعليم والصحة والإطفائية ووزارة الزراعة والإعلام والسياحة..الخ..الخ..وبالتالي تعيين وزير الأوقاف رئيسا للوزارة, وفرض شيخ ديني فقيه رئيسا للجمهورية..إلى الأبد. بدون انتخابات وبلا دستور. يحكم الفقيه وتطبق الشريعة ولا شيء آخر سوى الشريعة, بكل حذافيرها كما كانت تطبق منذ خمسة عشر قرنا, كاملة وبدون أي تحريف.
فنلغي الأنترنيت والفيسبوك والسينما والمسرح والغناء والرقص, ومن ثم نغلق المتاحف ونفصل الأرصفة, رصيف للرجال وآخر للنساء. أو حتى بلا رصيف للنساء حيث أنهن سوف تقبع في بيوتهن من المولد حتى الممات.
ألهذا ثار الشباب في تونس ومصر وليبيا؟؟؟... أتــســاءل.
هذا المقال أحزنني هذا المساء...
تحيتي لكاتبه...
أحمد بسمار مواطن عادي بلاد الحرية الواسعة


2 - تحياتى
محمد عادل زكى ( 2011 / 2 / 24 - 20:48 )
سيدى الفاضل الأستاذ/ أحمد بسمار، سعدت كثيراًً بتعليق حضرتك، وكانت عباراته الخفيفة المتزنة المرتبة، على ضألة الحجم، مصدر سعادة أخر. تحياتى وعظيم تقديرى

اخر الافلام

.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - الأونروا: الاحتلال قصف مدرسة الجا


.. رشوا السياح بالمياه.. سكان برشلونة يتظاهرون ضد السياحة المفر




.. لحظة اعتقال الشرطة الإسرائيلية لمتظاهر في تل أبيب


.. رئيس وزراء بريطانيا الجديد ينهي خطة لترحيل اللاجئين لرواندا




.. شهيدان بينهما موظف أونروا جراء قصف إسرائيلي قرب مخزن مساعدات