الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أيها البرلمانيون لا تخدعوا الجماهير الغاضبة

جاسم المطير

2011 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



نشاهد ، هذه الأيام، في شوارع معظم المدن العراقية، مظاهرات جماهيرية سلمية ومدنية، ما زالت تبدو في حالة جنينية لم تبلغ ، بعدُ، مستوى النضج والتطور والسعة والاكتمال ، إذ هي تعتمد على ممارسة خطابية تحمل صوت المتظاهرين تحت السماء المكشوفة على شكل هوسات وأهازيج شعبية ، هدفها الأساسي رفع كل ما يحجب الرؤية التي تكشف حقيقة وعمق معاناة الجماهير الفقيرة التي تعرف كل المعرفة أن ضرع دجلة درّارُ، كما قال شاعرها محمد مهدي الجواهري.
لكن السلطات المحلية والمركزية تحاول بمختلف الوسائل الإعلامية إجهاض النهوض السلمي في عمليات إعلامية لتخدير الجماهير ولإبقاء دورها المدني في حالة انحباس تام ، كما كانت طيلة السنوات الماضية منذ سقوط النظام الدكتاتوري في نيسان 2003.. إن أزمة الصلة بين المجتمع المدني وحقوقه ودوره الديمقراطي، مع الحكومة المركزية والسلطات المحلية ، ما زالت قائمة بل أنها تتعمق يوما بعد يوم حتى غدا الزمان الديمقراطي يجري بلا صفاء إذ تعوم شوائب الفساد المالي والإداري لتغطي كل مرفق من مرافق الدولة الجديدة ورجالها الذين يستطيب لهم بعوائهم الذئبي على شاشات التلفزيون معتبرين أصوات الجماهير الغاضبة كأنها، بنظرهم الأعمى، نعيب غربان في ليل العراق المظلم..!
تحاول جهات حكومية كثيرة أن تقفز فوق مطالب الجماهير المتظاهرة بطريقة سلمية – حضارية. تريد وضع مظاهرات الشباب والفئات الاجتماعية الكادحة داخل (دائرة مغلقة).. تريد بث صور فاقعة حول أهدافها لتضييق الخناق عليها وعلى حركتها السلمية – الدستورية المتصاعدة بهدف تطويقها وإفراغها من محتواها النبيل، بمختلف السبل القامعة بوليسيا، وبمختلف وسائل التضليل الإعلامي، لتشويه الخطاب العادل للمتظاهرين.
كل الناس الواعين يعرفون أن موقف الحكومات غير الديمقراطية، كلها وفي كل مكان، هو موقف متشابه عبر التاريخ الإنساني الحديث في بلدان العالم العربي كله:
كان نوري السعيد يتهم المظاهرات بالشغب وأعمال التخريب.
مثله فعل جميع القادة في ستينات القرن الماضي وسبعيناته حتى يوم التاسع من نيسان 2003.
حين نهض الشعب التونسي في الشهر الماضي وصف الدكتاتور زين العابدين بن علي الجماهير التونسية المتظاهرة بـ(التخريب والشغب) ومثله فعل حسني مبارك لكن دعواهما آلت بهما إلى السقوط في مزبلة التاريخ . نفس المزبلة تنتظر سقوط حكام عرب كثيرين خلال الفترة القادمة . أنا مؤمن أن نزيف الشعب الليبي سيلقي قريبا جدا بالسفاك المستكلب معمر القذافي إلى مرير المحاكمة والموت وليس إلى مرير التنحي وذلته حسب. أجل أن فلك هذا الزمان عاصف بكل مستبد.
ما يعنينا من هذه التجارب هو انعكاس مفردات (الشغب والتخريب) في تصريحات بعض الحكام العراقيين، المحليين منهم والمركزيين ، هذه الأيام أيضا، بأساليب المناورة والالتفاف لفرض شبح القمع والإرهاب والتمهيد لأساليب الخداع والتسويف والمماطلة بحقوق المتظاهرين ومطالبهم .
الغريب والطارئ أن البرلمان العراقي ما زال واقفا كالبهيم إزاء عذاب الناس العراقيين، بل انه تحول من أداة رقابية ضاغطة على الحكومة الهشة، المليئة بالفساد والمفسدين، للاستجابة فورا لمطالب المتظاهرين وأبناء الشعب الفقراء، إلى أداة ضاغطة على المتظاهرين أنفسهم في محاولة لتخديرهم بالوعود التي تكررت على لسان جميع المسئولين الحكوميين منذ ثمانٍ من السنين، من دون جدوى، من دون وفاء. بدلا من قيام البرلمان فورا بمساءلة الحكومة والوزراء والمحافظين ومجالس المحافظات عن جوهر أعمالهم ووظائفهم وتنفيذ وعودهم السابقة التي استهانت بعلاقتهم مع الشعب وتزييفهم لمبادئ الديمقراطية ، بدلاً من كل ذلك فأننا نرى البرلمان يسعى إلى إنقاذ المسئولين الحكوميين، الجناة، الذين لا يريدون أن تشرق الشمس على وجوه أعداء الحق والعدل والديمقراطية .
مطلوب من المتظاهرين في الشوارع العراقية أن يكونوا يقظين لمواقف البرلمانيين المخادعين الذين كانوا في مقدمة المسئولين عن الانحطاط بكل أنواعه الممتدة في سياسة الدولة وتقصيرها الواقعي عن تحسين الوضع الاجتماعي البائس المحيط بوسط وجوانب كل المدن العراقية حيث يعيش الفقراء بمستنقعات وحيث تزاوجت حياتهم مع البؤس والعدم..
زخم الحركة الجماهيرية إنْ لم يرتفع ويتسع فأن البؤس باق.
انتهى زمان الصمت وحل زمان الصوت البليغ.. حل زمان توقفت فيه جماهير الشعب عن السير في طريق مستكين بالصبر بلا حدود.
كل شريف في البرلمان العراقي يجب أن يبدل مساراته نحو الانتماء لمظاهرات الشوارع ليس كمخدر بل عليه أن يرتدي قميصا جماهيريا ناصع البياض يوم 25 يناير تحت نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد الصابرة على قهر طويل .
أيها البرلماني الشريف تحرر من الصمت والمجاهل.
أيتها البرلمانية الغيورة ليزدهر صوتك وليصدح قوياً في بغداد الظامئة إلى الراحة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بصرة لاهاي في 23 – 2 - 2011

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يخيب آمال الديمقراطيين خلال المناظرة الأولى أمام ترامب


.. تهديدات إسرائيل للبنان: حرب نفسية أو مغامرة غير محسوبة العوا




.. إيران: أكثر من 60 مليون ناخب يتوجهون لصناديق الاقتراع لاختيا


.. السعودية.. طبيب بيطري يُصدم بما وجده في بطن ناقة!




.. ميلوني -غاضبة- من توزيع المناصب العليا في الاتحاد الأوروبي