الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية

أحمد حسنين الحسنية

2011 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


الثورة المصرية بماذا يمكن وصفها ؟
لا يمكن أن توصف بالضاحكة ، و هو الوصف الذي حاولت هيئة البي بي سي العربية - التي فقدت خلال تغطيتها للثورتين : المصرية ، و التونسية ، أخر إحترام كنت أكنه لها - أن تلصقه بها .
بخمسة و ستين و ثلاثمائة شهيد ، على الأقل ، فضلا عن المفقودين ، و من أصيب ، لا يمكن أبداً وصف ثورة الشعب المصري في 2011 بالضاحكة ، و إلا كان في ذلك إستهانة بشهدائنا ، و مفقودينا ، و جرحانا ، و عدم إحترام لمشاعر لذوي ، و أصدقاء ، الشهداء ، و المفقودين ، و الجرحى .
هل يجرؤ هؤلاء الذين يصفونها بالضاحكة على مواجهة أسر الشهداء ، و أصدقائهم ، و زملائهم ، و رفاقهم في النضال الذين رأوا رأي العين مصارعهم النبيلة ؟؟؟
هل يجرؤ هؤلاء الذين وصفوها بالضاحكة على مواجهة من روعتهم عصابات نظام مبارك في بيوتهم ، و من حرقت تلك العصابات بيوتهم ، أو نهبت محال رزقهم ؟؟؟
دامية ، دامية ، هذا أحد أوصافها ، و لم يكن ذلك عن رغبة من الشعب الذي كان يهتف : سلمية ، سلمية .
لقد كانت في فصلها الأول دامية ، و بالتالي دامعة أيضا ، فكم من الدموع قد سالت في العديد من البيوت المصرية ، و لازالت تسيل ، على شهداء الحرية ، و الوطن ، الذين إستشهدوا في الثمانية عشر يوما الأولى من عمر ثورتنا .
منتهى الصفاقة أن يدعي أي شخص ، أو هيئة ، إنها ثورة ضاحكة .
عزائي لأسر ، و أصدقاء ، و زملاء ، و رفاق ، الشهداء ، أرسله ثانية ، و أتمنى ألا يكون هناك مزيد من الشهداء في المستقبل ، و أتمنى أن يُكشف بسرعة عن مصير المفقودين ، و أن يعاقب ، بالعقاب الرادع العادل ، المجرمين ، الذين أراقوا ، عن عمد ، دماء بني وطنهم ، و أزهقوا نفوساً برئية .
لكن وصف ثورة 2011 بالدامية ، لا أعتقد إنه التوصيف الوحيد لها ، الذي يجمل كل شيء .
الثورة مسألة معقدة ، و لا يمكن إختصارها في وصف واحد ، فقط يمكن التعرض لبعض وجوهها بالتوصيف المحدد ، خاصة عندما تطول .
الثورة المصرية التي شبت في الخامس و العشرين من يناير 2011 لم تُكتب نهايتها ، و إنما كُتب فقط الفصل الأول فيها ، و الذي إنتهى في الحادي عشر من فبراير 2011 ، فما حدث في الثمانية عشر يوما الأولى ، ليس إلا الفصل الأول في كتابها ، أما البقية فلم تأت بعد ، و نحن الأن في الصفحات الأولى من الفصل الثاني ، نسطره ، و هذا ما يجب أن نفعله ، أن نسطر ، لا أن نتابع من الخارج .
إن لم نكتب الفصل الثاني ، و بقية الفصول ، إلى أن نكتب الخاتمة ، بأنفسنا ، و نغلق الكتاب ، فسيأخذ أعداء ثورتنا القلم من أيدينا ، ليكتبوا هم بقية الفصول .
أعداء ثورتنا ، يزاحموننا منذ ما قبل سقوط مبارك ، ليكتبوا التاريخ بأنفسهم ، و هم أنشط ما يكونون منذ أعلنوا عن حل البرلمان ، و تعديل الدستور ، خاصة بعد أن رأوا فتور بعض الهمم ، و محدودية آمال البعض ، و أعني هؤلاء الذين أحسنوا النية في ذلك المجلس العسكري الحاكم ، و صدقوا إنه مخلص فعلا في تأسيس عهد جديد ، فضلا عن هؤلاء من محدودي الطموحات ، و التصورات ، الذين يرضون بالقليل ، دون أن أطعن في إخلاصهم ، وصدق نواياهم .
أعداؤنا يحاولون إبقاء نظامهم تحت لافتة أخرى ، كما ذكرت في مقال سابق .
و بما أن أعداؤنا ، في هذه الآونة نشطاء ، بعد أن إمتصوا الصدمة الأولى ، و عاودهم الأمل في البقاء ، و بما أن هناك على الطرف الأخر من المواجهة ، من لن يستسلم من الشعب المصري ، و سيعمل على الإستمرار في أخذ زمام المبادرة ، لكتابة بقية فصول ثورة 2011 ، و إلى الخاتمة ، بإذن الله ، و منهم حزب كل مصر ، إذا فالنضال سيطول .
ثورتنا ، مثل ثورات شعبية أخرى مريرة ، غيرت وجه مجتمعاتها ، و أوجه مجتمعات أخرى تأثرت بها ، و لعل أشهر مثال على ذلك الثورة الفرنسية ، التي لم يكن سقوط الباستيل نهايتها ، و لم يكن في إحضار لويس السادس عشر من فرساي إلى باريس نهايتها أيضا ، و لا كان حتى إعدام الطاغية أخر فصل في فصولها .
ثورتنا ، ثورة 2011 ، لم تكن ، و لن تكون ، ضربة صاعقة ، أو خاطفة ، كما تصور البعض في الحادي عشر من فبراير 2011 ، و كما أرادت بعض الهيئات الإعلامية الصديقة لنظام مبارك ، مثل البي بي سي العربية ، أن تصور ، لتوحي بأن الثورة إنتهت ، ليدعونا نفرح بنصر ، هو في الحقيقة غير مكتمل على الإطلاق ، ليستكمل النظام الذي اسسه حسني مبارك وجوده بإسم أخر .
الثورة المصرية أيضا ستطول ، و ستطور ، و ستشهد مراحل متعددة ، إلى أن ينتصر طرف على أخر ، الشعب المصري ، أو النظام الذي أسسه حسني .
لا يمكن أن يبقى الإثنان معا ، و كما ذكرت في مقال سابق : مصر لا تتسع لكلانا .
إنها معركة النفس الطويل ، كما قلت في الأيام الأولى للثورة ، و الشعب المصري صاحب النفس الأطول .
إما نحن ، شعب مصر ، و إما النظام الذي أسسه مبارك .
لن ندع أعداء الشعب يأخذون القلم من أيدينا ليسطروا هم بقية فصول كتاب الثورة .
لن نسمح بأن يكتب التاريخ مصنفاً ثورة 2011 المصرية : ثورة غير مكتملة .
لن نسمح بأن تقول عنا الأجيال المصرية القادمة : ضحك عليهم في النهاية نظام مبارك .
فليعيد البعض الحسابات ، و لنفكر جميعاً في المستقبل ، و لنحسب الخطوات القادمة ، و لنوقظ الهمم ، و لنرتب الصفوف ، و لنحد الإرادات ، فالثورة ستطول .

24-02-2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً