الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفرق اللغوي بين سعدي يوسف والمدعو جورج المصري

الياس المدني

2004 / 10 / 11
اراء في عمل وتوجهات مؤسسة الحوار المتمدن


لا لست احلم. ولست اجلس في احد ملاهي القاهرة ولا في سوق شعبي من اسواق بغداد. لا ليس هذا ما كنت اريد ان اقرأه على لسان انسان يدعي العلم والثقافة.
عندما كنت امر باحد الشوارع الشعبية في مدن الشرق كنت اسمع احيانا بعض المذمات وبعض الكلمات البذيئة التي تصدر عن اناس متخلفين اجتماعيا وثقافيا وحضاريا. ولكن رغم ذلك كان في المسبات التي يطلقونها عذوبة خاصة. المسبات اللبنانية التي تقوم مبنية على على عدد من الجمل وتلاعب الكلمات تجعل معظم الصحفيين والكتاب العرب يحسدونهم عليها لما فيها من سهولة بالتلاعب بالكلمات. كانت كلمات رغم بذائتها عذبة لأنها تخرج من افواه اناس اجادوا في صياغتها واستعمالها في المكان والزمان المناسب.
غير انني لست في سوق الهال الدمشقي، حيث تأتي اللعنة او المسبة لتمس الاساس الاخلاقي والديني للشخص المسبوب فتثير فيه ما اراد الفاعل من ردة الفعل. انني على صفحات الحوار المتمدن!
ولكن يبدو ان مفهوم الحوار ومفهوم التمدن عند جورج المصري غير المفهوم الذي اعتنقه واؤمن فيه والذي تربيت عليه في بيت كان يضم اجمل ما وجد في الدينين الاسلامي والمسيحي أي التسامح الديني والاحترام المتبادل ما بين معتنقي هذه الاديان.
لا ادري اين تربى جورج المصري وهل هو فعلا جورج او مصري ولما يكن كل هذا الحقد وكل هذا الغباء في النظر الى الاديان. هل نريد ان نذم الاسلام؟ لا مشكلة فلدي من الاسباب والدوافع والحجج ما يفوق قاموس الالفاظ البذيئة التي يصف فيها الاسلام والمسلمين. هل نريد ان نذم المسيحية؟ ايضا لا مشكلة فلدي من العلم والقدرة على المجادلة والنقاش ما يفوق ما يتصوره فانا لست اكثر من انسان تربى في كنف الكنيسة ليكون راهبا في يوم من الايام ولكنه تمرد. ام اننا نريد النظر الى الامور بعقلانية ومناقشة السيئ والمفيد في كل منهما وما يمكن ان نستفيد منه اليوم في صراعنا الحضاري مع قوى التخلف التي تتخذ من الاديان الحنيفة ستارا لها؟
لكنني اعتقد ان هذا سيكون حوارا وهو ما لا يؤمن به جورج المصري فالانسان الذي يتخطى حدود الادب في النقاش لا يمارس حوارا بل ارهابا فكريا هو اقرب ما يكون الى عصابة بن لادن بكل ما تحمله هذه العصابة من مساوئ اخلاقية وتخلف حضاري وديني.
فالحوار يحتاج الى تمدن والتمدن يعني التغلب على النزعات القبيلة والنزعات الدينية والعصبية وتقبل اراء الآخرين التي تطرح بشكل منطقي وبشكل حضاري وتكون قابلة للنقد والنقاش وايضا يتحمل الشخص الذي يطرحها مسؤولية ادبية واخلاقية عن طروحاته وينتقي فيها الالفاظ والكلمات التي تكون قادرة على ايصال الفكرة. أي بمعنى اخر استعمال قوة المنطق وليس منطق القوة. اما الكلمات البذيئة فهي تعبر عن شيئين اساسيين:
1. فقدان المنطق وبالتالي القدرة إلى نقاش المسائل بشكل عقلاني.
2. فقدان الدلائل فيحاول المحاور توجيه اهتمام الآخرين الى اشياء سطحية تافه مثل الكلمات المستعملة او طريقة الحديث برفع الصوت او الاثارة او غيره.
ان الحوار المتمدن يختلف كثيرا عن لغة اهل السوق يأخذ اولا وقبل كل شيء بالحقائق والحجج. اما صراخ بياعي السوق وشتائمهم العذبة فهي عذبة لأنها تأتي من شفاه اناس بسيطين لا يدعون الثقافة والعلوم وحمل الشهادات التي تخزي الجامعات التي منحتها. اما الذين يدعون الثقافة ويقومون بالشتم والردح فهم بذلك ينفون انتمائهم لهذه الفئة المثقفة من البشر.
ان الدين كما اعتقد نظرية طوباوية سواء كان الاسلام ام المسيحية ام اليهودية ام الاديان الهندوسية ام غيرها. لكل منها ايجابيات وسلبيات واذا كنت تنظر الى تأثير الاسلام على الحياة اليومية للعرب فانظر الى تأثير المسيحية والتخلف الذي تبثه في اوروبا ولا تنظر الى المدن اذا اردت مقارعتي بالحوار بل انظر الى القرى والمدن الصغيرة حيث يكون الراهب هو خليفة الرب على الارض. فهل تريد بعد ذلك نقاش بيزنطي حول من: الاهم عيد الفصح ام عيد الميلاد؟
ان النقاش حق. والتعبير عن الرأي لا يمكن ان يسلبه احد، ولكن الانسان الواعي المثقف يجب عليه ان يحترم عقول الآخرين واذا كانت لاحد الرغبة بامتحان قوة لغته البذيئة فاعتقد انه من الافضل له ان يقوم بزيارة لسوق شعبي في كل يوم جمعة بدل ان يحاول تعويض النقص بشخصيته من خلال ادعاء الثقافة على صفحات الحوار المتمدن. فالفرق شاسع ما بين لغة سعدي يوسف (والمعذرة منك يا استاذي الكريم سعدي يوسف على هذه المقارنة) وبين ما يحاول ان يطليه علينا هنا جورج المصري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا: ماذا وراء لقاء رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني


.. صفاقس التونسية: ما المسكوت عنه في أزمة الهجرة غير النظامية؟




.. تونس: ما رد فعل الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي بعد فتح تحقيق


.. تبون: -لاتنازل ولا مساومة- في ملف الذاكرة مع فرنسا




.. ما حقيقة فيديو لنزوح هائل من رفح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24