الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوكر

محمد البدري

2011 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


قديما قالوا ان اللدغ من جحر مرتين امر مستحيل، كانوا يطلقون علي مكمن الخطر "الجحر" ولم يلتفت احد ان امر السياسة ليس كمن يهيم في البادية متحاشيا الجحور لان عالم السياسة ملئ بالاوكار. فشباب اللوتس بميدان التحرير لازالوا يواجهون اوكارا عديدة تكمن فيها وحوشا ضارية من نظام مبارك واذرعه الخفية والمعلنة من الامن المصري و الاخوان المسلمين علي الترتيب.


ادوات الامن واضحة من تلفيق للتهم الي الاغتيال الجهري او السري معنويا وجسديا، اما ادوات الاخوان المسلمين فهي ناعمة ملساء كجلد الحية. فالانتهازية وركوب الموجة والنفاق السياسي والتحالف السري مع السلطة مع الظهور بمظهر المظلوم كباقي شعب مصر هي اخطر ما تتسلح به هذه الجماعة.
كان سطح البحيرة المصرية هادئا قبل 25 يناير الماضي لكن قاعها كان يتفجر ببراكين وحمم من تراكمات كثيرة اهمها تقفيل مجلس شعب لحساب ابن مبارك شخصيا. وسخر الابن وابيه من المعارضة التي شكلت برلمانا موازيا، وحتي تهبط سخونة الموقف قام الامن بمذبحة ارهابية في كنيسة القديسين بالاسكندرية تبعها قتل احد الاصوليين داخل قسم الشرطة استبعادا لشبهة قيام الامن بها ولاحداث مزيد من الفتنة، وعندما لم تنجح اللدغات قام بعمل جريمة قطار سمالوط باغتيال اقباط داخل القطار. الثلاث حوادث الاخيرة جرت في نفس الشهر الذي خرجت فيه ثورة اللوتس لتقول ان الكيل قد فاض ومصر ليست ساحة للقذارة الامنية والعاب العروبة واسلامها الاصولي وكراهيتهما لباقي الاديان وللشعوب علي السواء.


إمتنع الاخوان عن المشاركة في اليوم الاول للثورة، بل لم تشارك ايضا قيادات حزب التجمع وعلي راسهم رفعت السعيد اليساري الذي كان العدو الظاهري الاول للاخوان المسلمين. وتلك هي المفارقة المدهشة حين نجد ان وكر السلطة يحوي وحوشا تتصارع علنا تمويها لتحالفاتها مع السلطة ثم تبدأ في لدغ شعب مصر وشبابها اذا ما ازفت لحظة المطالبة بتغيير السلطة واسترداد الحقوق.

فكما اصبح موقف الاخوان ملتبسا اصبح موقف قيادات الحزب اليساري العروبي الوحدوي اكثر التباسا. فالاخوان تعرضوا ظاهريا للاعتقال والمحاكمة والحبس واحكام القضاء لا لسبب سوي انهم اكثر القوي التي يجب تمويه دورها وعدم فضح حقيقتها لانها الطابور الذي سينقذ النظام به نفسه عندما لا تجد سفينة تيتانك من ينقذها. فاليسار لم يعد مقبولا تحت اي مسمي للاحتماء به اذا ما ازفت الازفة فهو كحزب فاشل منذ التطبيق الاشتراكي زمن الناصرية يجعله لا محل له في معادلة انقاذ السلطة انما السير بالسلطة إذا ما كانت الانواء غير عاتية.

لم يشارك الاخوان في بداية الثورة لكنهم انتظروا فوجدوا ان الامور جرت علي غير ما يهوي الاسلام السياسي وسلطة مبارك في وقت واحد. فقرروا الانضمام بكل انتهازية الي الشباب. فاذا كانت الثورة مستعصية علي اختزالها في حزب واحد ومطلب ايديولوجي محدد فقد صب في مجري نهرها اصوليون وسلفيون واخوان لدرجة انهم رفعوا فوق الاكتاف اكثر الدعاة الاسلاميين كراهية للمصريين ليهتفوا ضد مبارك، رغم ان مبارك كان يمولهم ويترك لهم ساحة الاعلام مفتوحة دون ضوابط. خرج احدهم المعممين المصريين بالدشداشة الوهابية ليعلن منذ اليوم الاول ان التظاهر ليس من شريعة الاسلام وعند تخلي مبارك عن الرئاسة عاد فقال ان ان شباب مصر علي حق ومطالبهم مشروعة.


وكان المشهد الاكثر غرابة هو وصول القرضاوي ليخطب في الميدان في ذكري الجمعة الاولي من نجاح الثورة في اسقاط راس النظام. قال البعض انه خميني مصر لكن الحقيقة تقول بان القرضاوي أتي بتاييد ان لم تكن بمبادرة من جهاز النظام الذي لازال يتحكم في إدارات الدولة ولم يتعرض بعد المجلس العسكري لأهم شخوصه. وهو ما يؤيد فكرة ان الاخوان لازالوا يلعبون دور طوق النجاه بعد ان فقدت الحية اكبر رؤوسها واطيح بها الي شرم الشيخ كمرفا آمن بعيدا عن امكانية الوصول اليه بقوة مسلحة تمنعها اتفاقية كامب ديفيد. هكذا وفر الشق العسكري في اتفاقية السلام الامن والامان لرأس الفساد مثلما أمن ايضا ارض اسرائيل من الاقتراب منها ولو بفوضوية ورعونة لا يتحقق منها الا هزيمة ساحقة كالتي وقعت في العام 67.


فمنذ ذلك العام المذل والمهين لم يتبدل امر السلطة في شئ رغم ان كل شئ كان قد تبدل. فكما اصدر عبد الناصر اوامره بضرب المتظاهرين بعد محاكمات الطيران في فبراير 1968 امر مبارك بفتح النار علي المتظاهرين بل وخرجت الطائرات الفانتوم لتحوم علي ارتفاعات منخفضة جدا فوق رؤوس المتظاهرين. فاستخدام العنف في اقصاه عند كلاهما لا يعني سوي ان السلطة قد فشلت في كل الحلول السياسية مع الشعب وهو القاسم المشترك في الجمهوريات الثلاث الناصرية والساداتية والمباركية.
والقاسم المشترك الثاني بينهما يكمن في استخدام الاخوان كل علي طريقته بدءا من تركهم كوحيدين في الساحة في بداية حكم يوليو ثم اطلاقهم مرة اخري مع حكم السادات ثم التعاون الكامل مع شقهم العسكري العنيف زمن مبارك خارجيا وداخليا متعاونين من أجهزة الامن بما يعطي صورة – أو يرسل رسالة مفاداها - ان لولا تحجيم مبارك للاخوان وللاسلام السياسي لاصبحت اوروبا والشرق الاوسط غارقا في بحور من الدماء والارهاب. فبعد ان كانت قضية فلسطين واحتلال الارض عصا غليظة للتهديد بقطع النفط اصبح الارهاب الديني هو العصا التي يحتمي بها النظام العربي من مطالب شعوب المنطقة ومطالب الغرب بالاصلاح والديموقراطية.
ولان النظام في مصر لم يسقط بعد فان استدعاء الاخوان للاجتماع بالمجلس العسكري ثم مشاركة اهم رموزه التي تحولت من الفكر الماركسي الي الاسلام السياسي لتعديل دستور هو في اساساه ورقة تواليت مستعملة اكثر من مرة منذ العام 1971 حين قام السادات بتحريفاته لتجعله دستورا ضد مصر وضد العالم المتحضر في آن واحد. كانت تحريفات السادات للدستور تصب في ديمومة راس النظام وتخدم الارهاب الديني وتغازل الحركة الوهابية الصاعدة علي المسرح استعدادا للافساد لحوالي اربعة قرون توقفت فيها الحياه والتنمية في الشرق الاوسط لصالح الارهاب والفتن الطائفية والحروب القومية الفاشلة والثورات الدينية البائسة. اربعة عقود ثلاثة منها من نصيب حكم مبارك وحده ومعه جوقة من مشايخ الخليج وفضلات القومية العربية في سوريا واليمن وليبيا بعد أن استعادوه الي حظيرتهم بمدخليها العنصري والديني في جامعة نظمهم العربية.


مجئ القرضاوي ليؤم صلاة استهلك المصريون مثيلاتها طويلا دون جدوي ليست سوي اعادة للتهديد بان خميني سني سيضاف الي نظيره الشيعي. انه تهديد اسلامي للغرب علي نمط التهديد الامني للمواطن من جهاز الامن الداخلي. وهو ذاته ما ردده القذافي منذ ثلاثة ايام بان القاعدة في شرق ليبيا وراء الثورة، ثم ما لبس ان استبدل اقواله بان المتظاهرون من متعاطي حبوب الهلوسة !!!. لم تفلح فكرة التهديد بالاصولية في ليبيا ومصر لان ثورة اللوتس لم تردد منذ قيامها شعارا من الارث الديني للمصريين لان مطالبها كانت الحرية وليس العبودية او الطاعة. فهل سيكون الغاطس الفقهي الثقيل المحمول عند القرضاوي والذي حكم المنطقة قبل تعرضها لرياح التغير الي الحرية والليبرالية بقادر علي ان يكون عونا لشباب اللوتس ام انه ثقل جديد لاغراق الثورة في بحور الفوضي والعنف الديني والطائفي. أم انه حصان طرواده الاخواني ليستعيد نظام الفساد المباركي اصوله بجذوره وجذوعه ورأسه التي لن يصعب علي الاخوان او فضلات النظام صعوبة من ايجادها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2011 / 2 / 26 - 08:39 )
أخي محمد المحترم تحية لك أتفق معك ، الثورة حتى الأن لم تحقق أهدافها بعد ، بل هناك محاولات سرقة لها وتغيير أهدافها . هذه أنظمة لا يمكن ترقيع عيوبها بإجراء ما ، بل بتغيير جذري للدستور والرموز من أجل مجتمع مصري آمن على قاعدة المساواة الحقوقية بين الجميع ، وإعتبار أن الدستور هو مصدر التشريع . أخي محمد تحية لك


2 - التخلف والتأخير
عدلي جندي ( 2011 / 2 / 26 - 11:13 )
لن يتمكن التخلف من مصر علي ايدي المعممين فمصر اليوم تعيش عصر ثورة النت ولكنهم سيتمكنون من تأخيرها عن موقعها الحضاري الريادي والثقافي


3 - قرأت ما يدور برؤسنا
طلال عبدالله الخوري ( 2011 / 2 / 26 - 18:29 )
الصديق العزيز محمد البدري
مخاوفك هي مخاوفنا, وآلامك هي آلامنا, .............انت قرأت ما يدور برؤسنا من افكار وخططتها بيراعك المتألق..!!
انا اتصور بأن مبارك يجلس بمنتجعه ويبتسم ويقول للشباب شامتا: عيال ..لم ينقصني الا انتم..وانا فرعونكم.. وانتم رفضتوني... حسنا سابعث لكم بخدمي ليحكموكم؟؟ فما هو الافضل لكم ان يحكمكم الفرعون مباشرة ام خدم الفرعون؟؟؟

تحياتي للجميع


4 - الحذر الحذر
صباح ابراهيم ( 2011 / 2 / 26 - 20:01 )
ان ركوب القرضاوي موجة ثورة شباب مصر واضفاء الصبغة الدينية على ميدان التحرير واقامة الصلاة الجماعية بدل التضاهرة لهي اخطر الظواهر على مستقبل مصر ، حيث يكون الاخوان المسلمون في مقدمة صورة الثورة ومركزها واللون الطاغي على الصورة العامة لثورة الشباب . هنا يقع الخطر الذي يجب ان يحذر منه اصحاب الثورة الحقيقيون . فالحذر الحذر من سرقة ثورتكم وتحول مصر الى ايران ثانية وكتاتورية دينية متخلفة ، تعود بحضارة مصر الى قرون التخلف والبداوة واعادة الحكم بشريعة قطع الرؤوس والايدي والجلد والرجم كما يحصل في ايران اليوم ..

اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام